مع اقتراب الصراع العسكري بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع من شهره السادس، لم يعد السودانيون يحلمون بشيء سوى وقف هذه الحرب التي حوّلت حياتهم إلى جحيم، وطاولت آثارها جميع ولايات البلاد الـ18، وسط سقوط مئات الضحايا وتشريد الآلاف وتدهور الأوضاع الإنسانية وتدمير البنى التحتية. ومنذ اندلاع الصراع العسكري في 15 إبريل/نيسان الماضي، يعيش السودانيون حالة من الخوف والقلق والانتظار المتواصل للعودة إلى حياتهم الطبيعية، إذ تسببت الحرب في تشريدهم ونزوح 4.

2 ملايين شخص إلى 3929 موقعاً في جميع الولايات حتى 19 سبتمبر/أيلول الماضي، وفقاً لمصفوفة تتبّع النزوح الأسبوعية للمنظمة الدولية للهجرة.
ولم تفلح الهدن القصيرة التي توصل إليها الطرفان عبر مفاوضات غير مباشرة برعاية السعودية في مدينة جدة في إيقاف العمليات العسكرية، ووضع حد لمعاناة المواطنين، قبل أن يتم تعليق المفاوضات منتصف يوليو/تموز الماضي، بعدما تمسّك الجيش بضرورة التزام الدعم السريع بالخروج من منازل المواطنين والمواقع المدنية والخدمية.

دعوات لإيقاف الحرب
وتدور على مواقع التواصل الاجتماعي في السودان، حرب من نوع آخر، إذ يرفع الكثيرون شعار “لا للحرب” ويطالبون بإيقافها بأي وسيلة، بينما يدعو آخرون للاستمرار حتى القضاء على الدعم السريع. ويتهم المطالبون بإيقاف الحرب عناصر النظام السابق للرئيس المخلوع عمر البشير، بالوقوف وراء إشعال الحرب والدعوة لاستمرارها من دون الالتفات لمعاناة الناس.

أحمد الطيب: كثيرون رفضوا شراء المواد التموينية من أسواق المسروقات
وأعلنت مجموعات مدنية ونقابية سودانية عن مبادرات لإيقاف الحرب، وأطلقت شعارات مثل “لا للحرب” و”لازم تقيف” (يجب وقف الحرب) وحاولت تنظيم وقفات احتجاجية وندوات، لكنها تعرضت للمنع من قبل السلطات. وأعلنت “حركة أمهات السودان” بمدينة الدمازين بولاية النيل الأزرق، عن وقفة احتجاجية ضد الحرب تحت شعار “نحلك يا قضية بدون صوت بندقية” في 29 أغسطس/آب الماضي، لكن الشرطة منعت الوقفة واعتقلت عدداً من المشاركات.
وفي 12 أغسطس الماضي، منعت الأجهزة الأمنية في مدينة ود مدني بولاية الجزيرة وسط السودان، “مبادرة لا لقهر النساء” السودانية من عقد ندوة بعنوان “أرضاً سلاح”. وذكرت المبادرة في بيان في 20 أغسطس الماضي: “عندما نرفع صوتنا برمي سلاح الطرفين، فذلك أكبر رفض لما نحن فيه من قتل ونزوح واغتصاب ولجوء.. الحرب التي تنادون بها هي من تغتصب حيواتنا”.
بدورها، اعتبرت “الجبهة المدنية لإيقاف الحرب واستعادة الديمقراطية” (تجمع منظمات سياسية ومهنية)، في بيان في 23 مايو/أيار الماضي، أن “‎لا للحرب” ليس موقف حياد بين الطرفين المتحاربين، بل موقف ضد الابتذال السياسي الذي سمح لهما بالتمدد في طموحاتهما السلطوية حتى اشتعلت الحرب. وأضافت الجبهة، أن الموقف ضد الحرب، والسعي لإيقافها لا يعني التعامي عن تسمية الأشياء بأسمائها وتحديد وإدانة مرتكبي الجرائم والانتهاكات المتعددة. ‏وتابعت أن “مزايدات أنصار طرفي الحرب، سواء كانت مناصرة صريحة أو مستترة، لتجريم الموقف المضاد للحرب، ليست سوى ضوضاء على هامش كتاب التاريخ، ومجرد شخابيط لا قيمة لها”.
المواطن أحمد الطيب من سكان الخرطوم، يقول في حديث لـ”العربي الجديد” إن تبني شعار “لا للحرب” أو وقف الحرب أصبح أمراً لا بد منه بالنسبة للداعين لوقفها من جهة، وحتى لمن يأملون في حسمها عسكرياً من الجهة الأخرى، مؤكداً أن معاناتهم كمواطنين وصلت إلى الحد الأقصى ولم يعد بإمكانهم تحمل المزيد، لهذا يطالبون بإيقاف الحرب بأسرع ما يمكن.
ويشير إلى أن طول فترة الحرب واستمرارها إلى مشارف الشهر السادس، انعكس على المواطنين سواء كانوا من النازحين أو من الذين ظلوا متمسكين بالبقاء في منازلهم، محتملين أصوات الرصاص والمدافع بدافع حماية ممتلكاتهم، معتبراً أن الرابط المشترك بينهم هو تفاقم الأوضاع المعيشية وصعوبة الحصول على عمل يقيهم مشقة الحياة، في ظل ارتفاع الأسعار الجنوني بالذات في المناطق المتاخمة للمعارك.
ماجد محمد علي: تحالف قوى “الحرية والتغيير” وخارجها لا يملك آلية ضغط على الطرفين
ويلفت الطيب إلى أنه على الرغم مما يعانونه من سوء الأوضاع المعيشية، إلا أنهم وكثيرين رفضوا شراء المواد التموينية من أسواق المسروقات، أو ما بات يطلق عليها “أسواق دقلو” (نسبة لقائد وحدات الدعم السريع محمد حمدان دقلو ـ حميدتي)، والتي تُعد من أرخص الأسواق، بل إن بعض التجار يشترون منها السلع ويبيعونها للمواطنين بأسعار أغلى في مناطق أخرى، مؤكداً أنه كمواطن متضرر من هذا الصراع يبقى السؤال الأول بالنسبة له هو “متى تنتهي الحرب؟”.

المواطنون راغبون في وقف الحرب في السودان
من جهته، يقول الصحافي، ماجد محمد علي، لـ”العربي الجديد”، إن المواطنين يرغبون في وقف الحرب فوراً ومن دون أي شروط، باعتبارهم الضحية الأولى للمعارك، وبسبب تداعيات الحرب على حياتهم اليومية داخل مناطق العمليات وخارجها في مدن النزوح، لذلك من الطبيعي أن تتحرك الأجسام المعبرة عنهم من أجل المطالبة بوقف الحرب، وقد ظهرت محاولات عديدة في ولايات مختلفة وتم قمعها.
ويرى علي أن المشكلة الأساسية أن لكل الأطراف المتحاربة شروطاً مسبقة من أجل إيقاف الحرب، فالجيش لديه رؤية لوضعية الدعم السريع ودوره بعد الحرب، وهناك قطاعات واسعة تدعم ذلك، ولا يظهر الجيش تنازلات. أما الدعم السريع فتتمسك برؤيتها الخاصة حول مستقبل قواتها ووضعية قيادتها، وهي أقرب لما كانت عليه الأوضاع قبل اندلاع الحرب في 15 إبريل الماضي، وتسعى من خلال منبر جدة لتأمين ذلك.
ويضيف علي أن القوى السياسية داخل تحالف قوى “الحرية والتغيير” وخارجها لا تملك، على ما بدا، آلية ضغط على الطرفين من أجل الوصول لحل يقبله الجيش والدعم، ثم إنها تبدو متباعدة لحد بعيد تأسيساً على خلافات سابقة بشأن أجندة المرحلة الانتقالية وطريقة إدارتها. ويشير علي، إلى أن المخاطر التي تهدد وحدة البلاد وسيادتها تتطلب توحد الجميع على أرضية برنامج وطني يغلق الطريق على استمرار الحرب، وأيضاً يؤمنها من التدخلات الخارجية المتزايدة، ويفتح الطريق كذلك لعملية انتقال ديمقراطي تحظى بدعم الشعب ورضاه.

العربي الجديد

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الدعم السریع وقف الحرب لا للحرب

إقرأ أيضاً:

البرغوثي للجزيرة نت: اليوم التالي للحرب في غزة لن يكون إلا فلسطينيا

رام الله- قال أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي إن إسرائيل فشلت بعد 9 أشهر من حرب الإبادة على قطاع غزة في تحقيق أهدافها. وأضاف أن هناك مجموعة عوامل تضغط على تل أبيب للمضي قدما في اتفاق لوقف إطلاق النار، وإبرام صفقة تبادل مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وفي حوار مع الجزيرة نت، أشار القيادي الفلسطيني إلى أن غزة حركت العالم حتى أصبحت قضية فلسطين جزءا من أي سياسة داخلية في أي بلد، في وقت باتت فيه إسرائيل أكثر عزلة على المستوى الدولي.

وشدد البرغوثي على ضرورة الحفاظ على دور منظمة التحرير الفلسطينية، و"إنهاء تبعيتها للسلطة الفلسطينية"، وإدخال كافة القوى والفصائل فيها، ودعا إلى تشكيل حكومة وفاق وطني فلسطيني بشكل عاجل، تضمن وحدة غزة والضفة الغربية، وإحباط مشاريع خلق "آلية عميلة للاحتلال".

وفيما يلي نص الحوار:

مع دخول العدوان على غزة شهره العاشر، لماذا لم تحسم إسرائيل المعركة؟

بفضل صمود ومقاومة وبسالة الشعب الفلسطيني كله، فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها الأربعة الرئيسية:

الهدف الأول: كان اقتلاع المقاومة وقد فشل. الهدف الثاني: كان السيطرة العسكرية على قطاع غزة، والآن يعترفون أنهم عاجزون عن فرض سيطرتهم العسكرية، والدليل على ذلك أعمال المقاومة التي تجري في كل أنحاء القطاع، بما في ذلك مناطق دخلتها الدبابات الإسرائيلية في بداية العملية البرية، ولم تستطع فرض سيطرتها. الهدف الثالث: استعادة الأسرى بالقوة، وقد فشلت إسرائيل، باستثناء تلك الحادثة الفريدة التي تمت بمعونة أميركية كاملة، والتي استعادت فيها 4 أسرى. الهدف الرابع: وهو أهم هدف لإسرائيل والمحرك لكل الحرب على غزة، وهو التطهير العرقي لكل القطاع بالكامل، وإجبار سكانه على الرحيل تحت القصف والدمار والتدمير بإلقاء ما لا يقل عن 80 ألف طن من المتفجرات.

ويزيد ذلك عن حجم القوة التدميرية للقنبلتين النوويتين اللتين أُلقيتا في الحرب العالمية الثانية على المدينتين اليابانيتين هيروشيما وناغازاكي، مع ذلك فشل الاحتلال في إجبار أهل غزة على الرحيل، وجابه صمودا بطوليا.

وحِقد الاحتلال الآن على الشمال والقصف الذي يقوم به في مدينة غزة وأحيائها، بسبب أن أهل الشمال ومدينة غزة لعبوا دورا حاسما في كسر معادلة أو هدف التطهير العرقي عندما صمد 700 ألف إنسان فلسطيني تحت القصف والتدمير، وكذلك صمود باقي المناطق.

فكل الدمار والتدمير الذي حاولت إسرائيل من خلاله تنفيذ التطهير العرقي فشل فشلا ذريعا، وهذا ليس محصورا فقط في غزة، بل يشمل كل فلسطين.

جوهر هذا الهجوم الإسرائيلي كان استكمال تنفيذ مخطط الإبادة والتطهير العرقي لاستكمال المشروع الاستيطاني الإحلالي الإسرائيلي الصهيوني، لذلك -برأيي- السبب الرئيسي في الفشل هو الصمود البطولي رغم التضحيات الهائلة للشعب الفلسطيني بأسره.

آلاف المتظاهرين الإسرائيليين يتوجهون إلى مقر إقامة #نتنياهو في #قيسارية للمطالبة بإبرام صفقة تبادل مع الفصائل الفلسطينية وإجراء انتخابات#حرب_غزة #فيديو pic.twitter.com/WJxTJO0FJS

— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) June 27, 2024

إذن ماذا حققت إسرائيل في 9 أشهر؟

القتل والدمار والإجرام وجرائم الحرب: 86 ألف جريح وأكثر من 48 ألف شهيد، 72% منهم من النساء والأطفال وغالبيتهم الساحقة مع المدنيين، وتدمير كل مؤسسات غزة من جامعات ومدارس ومرافق صحية، هذا هو الشيء الذي حققته إسرائيل.

ولكن بهذا العمل الإجرامي وبجرائم الحرب التي ارتكبتها بما فيها الإبادة والعقوبات الجماعية والتجويع حتى الموت وجريمة التطهير العرقي، حققت إسرائيل عزلة دولية لا سابق لها في تاريخ الكيان الصهيوني، ستترك أثرا هائلا.

كما أن غزة حرّكت العالم حتى أصبحت قضية فلسطين جزءا من أي سياسة داخلية في أي بلد، ورأينا ذلك في الانتخابات البريطانية والفرنسية، ونراها الآن في الانتخابات الأميركية.

حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عبر التطبيع المشين أن يهمش القضية الفلسطينية، فارتد عليه بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لأن هذه القضية أصبحت القضية المركزية الأولى في العالم بأسره.

تُجرى هذه الأيام جولة جديدة من المفاوضات لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، ما تقديركم لنهايتها؟

هناك احتمالان:

الاحتمال الأول: أن يُجبَر نتنياهو على الموافقة على الصفقة ووقف إطلاق النار، وهنا تضغط عدة عوامل من بينها العزلة الدولية والغضب العالمي على ما يقوم به نتنياهو، وعائلات الأسرى الإسرائيليين، وضغط المعارضة التي لا تختلف مع نتنياهو في أهداف الحرب، لكنها أصبحت تدرك أن الهدف الرئيسي للعملية العسكرية قد فشل ولا يمكن إصلاح ذلك.

ويبقى العامل الأكبر هو الفشل في تحقيق أهداف العدوان الإسرائيلي، ومعاناة إسرائيل من 3 أمور هي:

الأمر الأول: أن هذه أطول حرب في تاريخها وهي غير معتادة ولا تستطيع احتمال حرب طويلة الأمد، ولا تستطيع احتمال تهجير أكثر من 100 ألف الآن من مناطق مختلفة من الشمال والجنوب. الأمر الثاني: أن الاقتصاد الإسرائيلي على وشك الانهيار، وهناك تقديرات تقول إن تكلفة هذه الحرب بلغت 33 مليار دولار، وستصل إلى 70 مليارا، وبالتالي إسرائيل عاجزة عن أن تستمر. الأمر الثالث: انهيار قطاعي الزراعة والسياحة، وقطاع تكنولوجيا المعلومات، الذي يشكّل 50% من صادرات إسرائيل، بات يتعرض لأزمة عميقة بسبب تجنيد الاحتياط.

ومن العوامل التي تجبر نتنياهو على التراجع عن حربه أيضا الخسائر البشرية التي لم تعتد إسرائيل على تكبدها، خاصة بعد أن رأى العالم أنها خسرتها في مواجهة مقاومة تُعتبر صغيرة بالمقارنة مع الجيوش التي حاربتها إسرائيل في السابق، وفي مواجهة تصميم وإرادة الشعب الفلسطيني.

الاحتمال الثاني: هو تعطيل الصفقة، وهناك عوامل تدفع في هذا الاتجاه، أبرزها أن نتنياهو يعرف أن نهاية الحرب هي نهايته السياسية، وأنه سيحاسب على فشله في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفي إدارة هذه الحرب، وأن هناك 4 قضايا فساد تنتظره، كل واحدة يمكن أن تذهب به إلى السجن، لذلك يعمل بكل طاقته لمحاولة إطالة أمد هذه الحرب وتصعيدها في شمالي غزة، سعيا منه لتعطيل إمكانية حدوث صفقة.

في نهاية المطاف إسرائيل ستضطر لوقف هذه الحرب، لأنه في كل يوم تزداد الأصوات التي تقول إنها فشلت وإن الاستمرار فيها حماقة كبرى.

هل تقبل حماس بوجود قوة عربية على أرض غزة؟#الجزيرة_مباشر #غزة pic.twitter.com/OHITmgKQlQ

— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) May 15, 2024

تنشغل الأروقة السياسية بخطط اليوم التالي في غزة وهناك من تحدث عن استقدام قوات دولية أو عربية، برأيكم كيف سيكون اليوم التالي للحرب ومَن سيحكم غزة؟

اليوم التالي في غزة لن يكون إلا فلسطينيا، ولن نسمح لأحد بأن يتدخل في شؤوننا الداخلية، لا نقبل قوات دولية ولا عربية ولا من أي مكان تأتي لتكون محل الاحتلال الإسرائيلي، ولا أن يبقى الاحتلال.. كل ذلك مرفوض، والحل لا يكون إلا بخروج القوات الإسرائيلية بالكامل من قطاع غزة، وإنهاء هذا العدوان الإجرامي.

يجب أن يوحد الفلسطينيون طاقاتهم، وأن تتشكل حكومة وفاق وطني -كما ندعو إلى ذلك منذ زمن- تضمن وحدة غزة والضفة الغربية وإحباط مشاريع الاحتلال لخلق آلية عميلة للاحتلال، وتضمن وجود إدارة فلسطينية لشؤون الناس، سواء في الضفة أو قطاع غزة بعيدا عن سيطرة الاحتلال.

لن يستطيع أحد أن يفرض على الشعب الفلسطيني أي حلول على الإطلاق، وما دام الفلسطينيون باقين في القطاع وفشل الاحتلال في ترحيلهم، فستبقى المقاومة، وإن بقيت المقاومة لن تستطيع إسرائيل البقاء في غزة. وإسرائيل جربت ذلك عام 2005، وكانت قوة المقاومة أقل من قوتها الآن بآلاف المرات، ومع ذلك لم تستطع تل أبيب احتمال إبقاء جيشها في غزة، كما لم تستطع من قبل أن تبقيه في جنوبي لبنان.

وكشفت هذه الحرب وهذا العدوان بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أمرين:

الأول: على الصعيد العالمي انكشف الطابع العدواني الإجرامي لمرتكبي جرائم الحرب الإسرائيليين. الثاني: كُشفت محدودية القوة الإسرائيلية لدرجة أن الأصوات تتعالى في الولايات المتحدة وتقول: بدل أن تكون تل أبيب قاعدة إستراتيجية للمصالح الأميركية الإمبريالية في المنطقة، تحولت إلى عبء على واشنطن وعلى كل المنظومة الغربية. ما تقييمك لدور منظمة التحرير الفلسطينية خلال الحرب؟

أحب أن أؤكد أن منظمة التحرير والطريقة التي أُديرت بها الأمور فيها، سببت حالة من الضعف الشديد لأنها لم تقم بما كان يجب أن تقوم به، خاصة دعم احتياجات الشعب الفلسطيني في مقاومته الباسلة، لذلك الآن لا يوجد سوى طريق واحد للحفاظ على دورها ولحماية حق الشعب الفلسطيني في تمثيل نفسه من محاولات أطراف عديدة أن تتحدث باسم الفلسطينيين، وتستولي على حقهم في تمثيل أنفسهم.

من يريد أن يحافظ على منظمة التحرير ودورها يجب أن يعيدها إلى دورها الوطني التحرري، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا بفتح أبوابها لدخول جميع القوى إليها بما فيها حماس والجهاد الإسلامي، وإعادة بنائها بشكل ديمقراطي كامل، بحيث تتشكل قيادة وطنية موحدة، على أسس ديمقراطية.

آن الأوان لحدوث هذا التغيير، وهذا ليس ضد أحد، بل من أجل مصلحة الشعب الفلسطيني بكامله، والمنظمة. لا أحد يريد استبدالها ولا الحلول مكانها، لكن كل الشعب الفلسطيني يريد أن يرى منظمة فاعلة وقوية ومؤثرة وقائمة بواجبها، لا أن تكون ملحقا بالسلطة الفلسطينية.

إسماعيل هنية: يجب استثمار التضحيات والمتغيرات الكبيرة لصالح قضيتنا والمضي قدما نحو إنجاز مشروع التحرير والعودة، ومشروع التحرير يقوم على تشكيل قيادة وطنية موحدة في إطار منظمة التحرير وحكومة وفاق وطني بالضفة والقطاع#حرب_غزة pic.twitter.com/xtAa7CdH9X

— قناة الجزيرة (@AJArabic) May 31, 2024

فيما يتعلّق بالحوار الداخلي، مَن المسؤول عن تأجيل لقاء الفصائل في القاهرة الذي كان مقررا أواخر يونيو/حزيران الماضي؟

الذي طلب التأجيل هم الإخوة في حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، وحسب ما فهمنا الآن غيّروا موقفهم، نحن نريد أن نتأكد من ذلك، وما زال الباب مفتوحا لإجراء هذا الحوار في الصين، ولكن أقول إن الهدف ليس الوصول إلى حوار فقط وإنما الوصول إلى اتفاق.

يكفينا كل هذه الجولات، فالجمهور أصبح يتندر على كثرة الحوارات دون نتائج.

المطلوب الآن اتفاق سريع على 3 أمور:

أولا: تبنّي نهج المقاومة والكفاح بديلا للنهج الذي فشل، خاصة بعد أن مزقت إسرائيل اتفاق أوسلو ودمرته ورمته في سلة المهملات. ثانيا: تشكيل قيادة وطنية موحدة للشعب الفلسطيني على أسس ديمقراطية. ثالثا: تشكيل حكومة وفاق وطني مؤقتة وبسرعة حتى تصبح الظروف مناسبة لمشاركة الشعب الفلسطيني في استعادة حقه في الانتخابات الحرة والديمقراطية.

المعركة كبيرة والخسائر هائلة والتضحيات لا توصف، ويجب أن نحول هذه التضحيات العظيمة والكبيرة إلى نتائج لمصلحة الشعب الفلسطيني، حتى نكون أمناء على أرواح كل الشهداء ومعاناة الجرحى وكل المعاناة التي عاشها شعبنا، خاصة أهل غزة البواسل الصامدين الأبطال.

هل نفهم أن هناك ترتيبات للقاء قريب؟

لم تصلنا بعد معلومات مؤكدة، الذي فهمناه أن تأجيل الاجتماع كان مجرد تأجيل هكذا يُقال. سنتأكد من ذلك، ولكن لا يجب التأجيل أكثر، ومرة أخرى أؤكد لسنا بحاجة إلى حوارات جديدة.

الحوارات استُكملت والمطلوب الآن الوصول إلى نتائج وإلى توافق وطني على برنامج وطني كفاحي، ومقاومة المشروع الصهيوني الذي يطال -ليس فقط غزة- بل القدس والضفة وكل أراضي فلسطين، فنحن في مواجهة مع المشروع الاستعماري الاستيطاني الإحلالي الإسرائيلي.

المسألة ليست فقط مواجهة إنهاء الاحتلال ولا حتى فقط إنهاء نظام الأبارتايد العنصري، بل التصدي وإسقاط كل منظومة الاستعمار الاستيطانية الإحلالية التي كانت السبب في كل النكبات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني منذ نهاية القرن التاسع عشر.

كلمة أخيرة تختم بها؟

ننحني جميعا احتراما وإجلالا لشعبنا العظيم سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية في طولكرم وجنين وكل أنحاء فلسطين على هذه البطولة والبسالة والتمسك بحقوقنا الوطنية. وآمل أن ترقى القيادات الفلسطينية جميعا إلى مستوى الوحدة النضالية التي صنعها المناضلون على الأرض.

مقالات مشابهة

  • الدعم السريع الذي وقع اتفاق جدة لم يعد موجودا.. توجد عصابات إجرامية
  • البرغوثي للجزيرة نت: اليوم التالي للحرب في غزة لن يكون إلا فلسطينيا
  • إلا إذا…إلا إذا..
  • السودان في مواجهة اختبار حروب الجيل الرابع
  • لا للحرب -لازم تقيف!!
  • رئيس الوزراء الإثيوبي يزور السودان ويبحث مع البرهان تعزيز التعاون
  • تحرك جديد من الكونغرس الأمريكي ضد الدعم السريع بالسودان
  • لحظات ما قبل الانهيار
  • قوات مجرمة من الأوباش والمرتزقة لا أحد يريد أن يرتبط بهم
  • مجزرة خلف الأبواب المغلقة.. فظائع الدعم السريع في السودان