قوة الحقيقة ـ الإعلام في زمن التضليل والذكاء الاصطناعي التوليدي
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
الذكاء مثلما ينشر الخوف والتضليل يمنح الأمل أيضا وفوائده أكثر من أضراره إذا تم التفكير بشكل "إنساني للغاية" لدى استخدامه
ماذا سيفعل بنا الذكاء الاصطناعي حين يكون قادرا على تحديد العواطف والمشاعر والمزاج؟ وبالتالي يمكن أن يقود إلى قرارات زائفة قد تم التلاعب بها؟ هذا التساؤل كان محور فعالية أقامتها DW في جامعة هومبولت في برلين، عند غروب الشمس في مساء يوم كان الطقس فيه جميلا
مختارات ألمانيا: وزارة الداخلية ترصد تزايدا في حملات التضليل الروسية حملة تضليل إعلامي روسية تستنسخ وسائل إعلام أوروبية "التزييف العميق".. هكذا يمكنك اكتشاف فبركة الصوت والصورة تزوير بالصوت والصورة ـ الذكاء الاصطناعي سلاح خطير في يد القراصنة الذكاء الاصطناعي.. ساحة معركة بين عمالقة الإنترنت و"الهاكرز"
فيلسوفة الإعلام كلاوديا باغانيني كانت من المتحدثين الرئيسيين، التقطت هذه الصورة الجميلة للطبيعة وتحدثت عن تأثيرها على الحضور، وقالت الذكاء الاصطناعي أيضا يمكنه أن يرسم صورة جميلة لغروب الشمس، يمكن أن تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي وتحدث تأثيرا مزيفا. ونفس الشيء بالنسبة للصوت المزيف للسياسي أو الصور المزيفة بواسطة الذكاء الاصطناعي التي يتم نشرها مرفقة بشعار وسيلة إعلام رصينة.
تم هذا خلال نقاش لخبراء إعلام بينهم أعضاء في البرلمان الألماني (بوندستاغ) تحت عنوان: قوة الحقيقة والإعلام في زمن التضليل والذكاء الاصطناعي التوليدي.
وقد أقامت مؤسسة DW هذه الفعالية في كلية الطب بجامعة هومبولت أواسط شهر سبتمبر/ أيلول الجاري في إطار برنامج احتفالها بمرور سبعين عاما على تأسيسها، وكان هناك نقاش حول محاسن ومخاطر الذكاء الاصطناعي في مجال الإعلام. في قسم الأمراض النسائية بمستشفى شاريته في برلين تظهر محاسن الذكاء الاصطناعي حيث يستخدم في التشخيص المبكر لكشف الإصابة بالسرطان. وعكس ذلك في عالم الإعلام أصبح الذكاء الاصطناعي "كابوسالكل الذين يتعاملون مع التضليل الإعلامي" كما يقول بيتر ليمبورغ مدير عام مؤسسة DW.
ليمبورغ: الذكاء الاصطناعي أصبج كابوسا لكل الذين يتعاملون مع التضليل الإعلامي
الخداع موجود قبل الذكاء الاصطناعي
"الخداع المتعدد كان موجودا دائما" تقول باغانيني التي تحاول تهدئة النقاش الحامي حول مخاطر التزييف بواسطة الذكاء الاصطناعي، وقدمت اقتراحا يقول: يجب على الصحافة ومطالبتها "بالصدق"، أي تصوير الحقيقة على أنها مطابقة للحقيقة، أن تطور المزيد من "الشفافية" وبالتالي أن تقدم مرسل المعلومة وخبرته الصحفية. "الشفافية هي الصدق" تقول كلاوديا باغانيني الأستاذة بالمعهد العالي للفلسفة في ميونيخ.
هناك حاجة "لثقافة الخطأ" المنتشرة في الولايات المتحدة بشكل أكبر بكثير مما في ألمانيا، تقول البرلمانية تابيا روسنر، من كتلة حزب الخضر والتي عملت سابقا كصحافية. وهي ترى أن مصداقية المهنة في خطر وتقول "الصحافة تحيا على الصحة والصدق". وقبل استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل عام وحتى في الصحافية يجب أن يكون هناك "تقييم للتكنولوجيا". وتأمل روسنر أن تتبنى شركات التكنولوجيا الأمريكيةأيضا بذلك مثلما فعلت قبل أعوام مع قواعد الاتحاد الأوروبي لحماية البيانات في الانترنت.
التطور السريع يشمل التضليل أيضا!
وخلال النقاش أشار البرلماني هليغه لنده من الحزب الاشتراكي، إلى التحديات التي تواجه الساسة في التعامل مع التطور السريع لبرامج الذكاء الاصطناعي الجديدة، وقال "نحن في مختبر حي، ونحاول في نفس الوقت أن نكون العاملين والمراقبين". تطوير المنتجات التي تسمح لأي شخص بنطق جمل مصطنعة لأي محتوى في مقاطع فيديوتكاد تكون مطابقة للأصل، يعزز الانطباع بوجود خطر محدق. وبالإشارة إلى مصانع التصيد الروسية أو مقدمي الخدمات من القطاع الخاص الذين يجنون الأموال من أعمال التضليل، تحدث لنده عن "عالم كبير للتضليل".
وتطبيقات الذكاء الاصطناعي المستمرة في التطور في ألمانيا أيضا تجد مناخا اجتماعيا يؤججه الشعبويون. "لقد طورنا ثقافة الغضب" تقول النائبة البرلمانية كريستيانه شيندرلاين من كتلة حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي.
وإلى جانب الحقائق والتحليلات يتم نشر معلومات مضللة عن قصد من أجل تأجيج المشاعر في الجدل السياسي، هذا ما اتفق عليه البرلمانيون الثلاثة الذين تحدثوا خلال فعالية DW.
كثيرا ما يتم نشر معلومات مضللة لتأجيج المشاعر حينما يكون هناك جدلا محتدم في المجتمع
الذكاء الاصطناعي وسيلة للبحث عن الحقيقة؟
لكن رغم كل ذلك فإن مدير "مركز الإبداع السيبراني/Cyber Innovation Hub" لدى الجيش الألماني سفن فايتسنيغر مقتنع بأن "التكنولوجيا هي أفضل رافعة لحماية ديمقراطيتنا". ويطور الجيش الألماني خوارزميات تفرق بين المعلومات الصحيحة والمزيفة "وهذا يتم الآن" يقول فايتسنيغر. مع عواقب بعيدة المدى، على سيبل المثال بالنسبة إلى القرارات الاستراتيجية المتعلقة بنشر القوات التي في حالات الشك قد تنقذ أرواحا بشرية. وحرب أوكرانيا تظهر سرعة التطورات. فمنذ الصيف الماضي يستخدم الجيش الأوكراني برامج الذكاء الاصطناعي على الجبهات ليتمكن من "خفض استخدامه من القذائف بنسبة 80 على 90 بالمائة!" حسب فايتسنيغر. في المقابل تستمر روسيافي القصف الشامل.
وفيلسوفة الإعلام كلاوديا باغنيني مقتنعة أيضا بأنه في نهاية المطاف ستكون فوائد استخدام الذكاء الاصطناعي أكبر من اضراها بالنسبة للإنسان، عندما يفكر "بشكل إنساني للغاية" لدى استخدامه للتكنولوجيا. وتعول على زيادة الوعي بالمخاطر حيث يزداد الضغط لإيجاد حلول. وعبرت عن تفاؤلها من خلال مشهد بقولها "عندما يصبح طريق طفلك إلى المدرسة خطرا" بغض النظر عن السبب، سيبذل المجتمع الديمقراطي كل ما بوسعه لدرء هذا الخطر. وهي تتوقع إجابات مرنة على التطور السريع لاستخدامات الذكاء الاصطناعي.
وبعيد انتهاء النقاش وفعالية DW انتشرت على صفحات مستخدمي انستغرام في برلين صورا لقوس قزح في سماء المدينة بعد زخات المطر قبيل الغروب والتي أضفت إشعاعا دافئا على الصالة التي أقيمت فيها الفعالية بجامعة هومبولت، ومعظم تلك الصور كانت بدون رتوش أو تغيير وبدون استخدام للذكاء الاصطناعي.
فرانك هوفمان/ ع.ج
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي نعمة أم نقمة تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي الذكاء الاصطناعي نعمة أم نقمة تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
خبراء: الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً للبشر
أكد خبراء خلال مشاركتهم في فعاليات "ملتقى دبي للذكاء الاصطناعي"، أهمية التركيز على الإنسان باعتباره محور التحول في استخدام التكنولوجيا وتبنيها، مع ضرورة إعطاء الأولوية لتعزيز التأثير الإيجابي للذكاء الاصطناعي على جودة الحياة ورفاه المجتمعات، والعمل على الارتقاء بقدرات الأفراد بدلاً من استبدالهم.
جاء ذلك ضمن فعاليات "ملتقى دبي للذكاء الاصطناعي" في "أسبوع دبي للذكاء الاصطناعي"، الذي ينعقد برعاية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، رئيس مجلس أمناء مؤسسة دبي للمستقبل.
وأجمع المشاركون في جلسة بعنوان "الذكاء الاصطناعي التوليدي بين النمو المتسارع والتصميم الواعي" انعقدت ضمن الملتقى في منطقة 2071 في أبراج الإمارات بدبي، على أهمية القيمة الحقيقية للذكاء الاصطناعي والتي تكمن في التكاملية، أي تحقيق التوازن بين كفاءة الآلة والقيم الإنسانية.
فمن جهته قال بانوس ماداموبولوس، المستثمر في موريس آنجل، والمدير التنفيذي والمؤسس السابق لبرامج الصناعة والشراكات، ستانفورد اتش ايه آي، إن الذكاء الاصطناعي يجب أن يستلهم من الدماغ البشري، مشيراً إلى أن التقنيات الذكية ستُعيد تشكيل الوظائف وتغيّر ملامح قطاعات المستقبل، لكن الهدف منها ليس إلغاء العنصر البشري، بل تمكينه.
وأضاف سيشهد جيلنا تحولاً حقيقياً نحو فرق العمل الهجينة التي يقودها الإنسان ويعززها الذكاء الاصطناعي، لذا يتوجب علينا الاستثمار في أدوات تعزز الإبداع والتعاطف والقرارات السليمة باعتبارها مهارات إنسانية أساسية لا يمكن للآلة تقليدها، ودعائم حقيقية لبناء عالم أفضل.
وشدد على أن التحول الحقيقي في مجال الذكاء الاصطناعي لا يبدأ بالتكنولوجيا، وإنما بالنهج القيادي القادر على إعادة تصور العمليات والأساليب والأدوات المتبعة وتحديد دورها في تشكيل حياتنا ومستقبلنا ، ولا يتطلب ذلك تبني الذكاء الاصطناعي فحسب، وإنما فهمه وتوجيهه وتشكيله وفقاً لاحتياجاتنا ، مشيرا إلى أنه مما لا شك فيه بأن المؤسسات التي ستحقق نمواً وازدهاراً في العصر الجديد لن تكون الأسرع في الأتمتة، بل الأقدر على قيادة التحول الهادف والمسؤول.
من جانبه اعتبر سيرجي لوتر، الرئيس التنفيذي للبحث العالمي، والذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الإعلانية في شركة "يانغو"، أن الذكاء الاصطناعي التوليدي ليس مجرّد تطور تقني، بل هو تغيير جذري في طريقة التفكير.
وأضاف لا نعمل على تصميم تقنيات عامة للجميع، بل نطور حلولاً ذكية تناسب كل سوق حسب لغته وثقافته واحتياجاته الخاصة، ونسعى إلى تقديم تقنيات ذكاء اصطناعي أسهل وأكثر كفاءة وتأثيراً، من خلال دمج التكنولوجيا المتقدمة مع فهمنا للأسواق المحلية.
وأكد أن الذكاء الاصطناعي لا يُلغي دور الإبداع البشري، بل يعيد تشكيله، لافتاً إلى أن دور الإنسان لم يعد يقتصر على تنفيذ المهام، بل أصبح يتعلق بالفهم والتفكير الإبداعي.
وقال لوتر إنه من يعرف كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة ذكية ومؤثرة ستكون له الريادة في المستقبل، فالأمر لا يتعلق باستبدال البشر، بل بتمكينهم من العمل بطرق أسرع وأكثر ذكاءً وابتكاراً.
ويتواصل "ملتقى دبي للذكاء الاصطناعي" ضمن فعاليات "أسبوع دبي للذكاء الاصطناعي" على مدى أربعة أيام في منطقة 2071 بأبراج الإمارات بدبي بحضور آلاف المسؤولين والخبراء وصناع القرار والمتحدثين العالميين المتخصصين في قطاع الذكاء الاصطناعي، إلى جانب مؤثرين عالميين وقادة التكنولوجيا.
ويشهد الملتقى مشاركة وفود من 25 دولة حول العالم، و25 شركة عالمية و18 جهة حكومية و60 شركة ناشئة تستعرض حلولها ومشاريعها النوعية في مختلف مجالات الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى مشاركة 20 جامعة ومؤسسة بحثية في جلسات وفعاليات الملتقى.