واشنطن – صرح منسق الاتصالات الاستراتيجية بالبيت الأبيض جون كيربي، أن الدول الغربية لن تكف عن محاولتها فرض سقف لسعر النفط الروسي، على الرغم من فشل مثل هذه الجهود بالأمس.

وصرح كيربي: “لن تتخلى الدول الغربية عن محاولاتها لتحديد السقف الأعلى لأسعار المنتجات النفطية التي تصدرها روسيا إلى السوق العالمية، على الرغم من أن هذه الجهود لم تنجح مؤخرا، وفقا للمعلومات المتاحة”.

وأضاف: “ما زلنا نعتقد أن سقف الأسعار هو أداة مفيدة وقابلة للتطبيق، وإذا لزم الأمر، سيتم اتخاذ تدابير لتعديله.. لقد تحدثنا عن هذا مع الحلفاء والشركاء، ولا يوجد شعور بأن سقف السعر كأداة سيختفي، اليوم ليس لدي ما أقوله عن أي تغييرات”.

وأوضح كيربي: “تذكروا أن الفكرة برمتها لم تكن إخراج النفط الروسي من السوق.. الفكرة الهدف كانت تقليل (إيرادات الميزانية الروسية من مثل هذه الصادرات)”.

وأكدت صحيفة “فايننشال تايمز”، في وقت سابق، أن روسيا تمكنت من تجاوز سقف سعر النفط الذي حددته مجموعة السبع، كما أن الغرب الجماعي، بقيادة الولايات المتحدة، أخطأ في حساباته.

وكشفت شركة “أرغوس ميديا” لمتابعة حركة السفن أن النفط الروسي المشحون بحرا يباع بسعر أعلى من السقف الذي حدده الغرب للمشترين تحت طائلة العقوبة، ما يؤكد فشل محاولات تقييد النفط الروسي.

يذكر أنه في ديسمبر 2022، فرض الاتحاد الأوروبي ودول مجموعة السبع سقفا سعريا على برميل النفط الروسي، حيث حظر على شركات النقل والتأمين الأوروبية تقديم خدماتها إذا تم بيعه فوق مستوى 60 دولارا للبرميل.

واعتبارا من 5 فبراير 2023، تم فرض سقف سعري للمشتقات النفطية التي تباع بعلاوة مثل الديزل من روسيا عند 100 دولار للبرميل، و45 دولارا للمشتقات التي تباع بخصم.

من جهتها فرضت موسكو حظرا منذ 1 فبراير على بيع نفطها ومشتقاته، لأي جهة تحاول التقيد بسقف الأسعار الغربي.

المصدر: تاس

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: النفط الروسی

إقرأ أيضاً:

شـواطئ.. روسيا والغرب.. لمن الغلبة؟ (4)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يتابع عالم السياسة الشهير ألكسندر جليبوفيتش رار في كتاب (روسيا والغرب.. لمن الغلبة؟)، والذى نقله إلى العربية محمد نصر الدين الجبالى، بقوله: وبعد انهيار الاتحاد السوفيتى مباشرة قام يلتسين بكل ما هو ممكن للإبقاء على أوكرانيا وروسيا البيضاء في كونفدرالية تضم الدول السلافية. 

وكانت تلك الفكرة هى النواة الأولى لتأسيس رابطة الدول المستقلة لاحقًا. غير أن النموذج "السلافى" للاتحاد لم ينجح لأسباب ثلاثة: أولا، أن الجمهوريات الإسلامية لن ترغب فى الانضمام إلى تحالف كهذا. وثانيًا أن أوكرانيا كانت تسعى إلى الخروج بأى شكل من عباءة موسكو ونفوذها. وثالثا، أن الغرب الذى يؤثر بشكل كبير على تطورات الأحداث في فضاء ما بعد الاتحاد السوفيتي يرفض هو الآخر فكرة تأسيس اتحاد سلافي ويرى فيه خطرا يهدد بميلاد إمبراطورية جديدة. 

وقد أثار الاستقلال الوطني لأوكرانيا ومولدوفيا وروسيا البيضاء قلق النخبة الحاكمة فى روسيا. 

وأدت مساعي هذه الجمهوريات إلى الاندماج في المؤسسات الاقتصادية والسياسية الغربية سواء الاتحاد الأوروبي أو الناتو إلى إثارة الكثير من المشكلات بينها وبين روسيا. 

ومن ناحية أخرى كانت النخبة الحاكمة في موسكو تتفهم أن علاقات روسيا بالدول الغربية الأعضاء في رابطة الدول المستقلة لا يمكن تسويتها خارج الإطار الأوروبي. 

ووضعت الحكومة الروسية من بين أهدافها على الأقل عدم السماح بتحول هذه الدول إلى منطقة عازلة بين روسيا والغرب. 

وفى ظل تمسكها الفعلى بمسار التقارب مع حلف الأطلسي حاولت موسكو بكل قوتها إظهار أنها لا تمثل أى تهديد للغرب.وحدد يلتسين الأولوية الأهم فى السياسة الخارجية الروسية فى التسعينيات وتتمثل فى الانضمام إلى النظام الاقتصادى العالمى والتكامل السياسى مع الغرب وتأسيس منظومة للأمن الجماعى فى أوروبا. 

وفى السنوات الأولى من التسعينيات قامت روسيا بتنفيذ كافة التزاماتها الدولية، حيث قامت خلال ثلاث سنوات بسحب كل قواتها من شرق أوروبا وقامت بالتخلى عن حلفائها الشيوعيين القدامى فى العالم الثالث وحرصت على تنفيذ كل توصيات صندوق النقد الدولى والبنك الدولى. 

غير أنه سرعان ما خاب أملها فى إحداث تقارب سريع مع الغرب. وفشلت محاولات تأسيس "البيت الأوروبى المشترك"، سواء فى المجال الاقتصادى أو السياسى أو حتى فى مجال الأمن. كان هناك تباين كبير فى الرؤى والمبادئ حول النظام الأوروبى الجديد. 

كانت الدول الغربية الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ترغب فى بناء أوروبا المستقبل انطلاقًا من قيم ديمقراطية مثل دولة القانون والديمقراطية واقتصاد السوق. وهى نفس القيم التى دافع عنها الغرب على مدى النصف الثانى من القرن العشرين ضد الاتحاد السوفيتى والتهديد الشيوعى. 

أما روسيا بتقاليدها الدبلوماسية الممتدة لقرون، والقائمة على مبدأ " توازن القوى" فلم تستطيع قبول نظرية "القيم الديمقراطية المشتركة" والتى تعد أساسا لخارطة باريس حول مستقبل أوروبا. لم تكن روسيا مستعدة للعمل وفق مبدأ "التعددية الديمقراطية" فيما يتعلق بقضايا الأمن بل أرادت لعب دور مهيمن يتفق ووضعها كدولة عظمى. 

أدى هذا الاختلاف الجوهرى إلى مشكلات كبيرة بين الغرب وروسيا رأت روسيا فى نفسها دولة عظمى عالمية وسعت إلى اقتسام النظام العالمى مع الولايات المتحدة الأمريكية الدولة العظمى الأخرى، وتمثل أوروبا أهمية جيوسياسية استثنائية بالنسبة لروسيا. 

واستعصى على فهم القادة فى روسيا ما يقوم به الاتحاد الأوروبى من ضمن البلدان التى تعترف بالديمقراطية وحدها إلى عضويته. 

ولكن روسيا التى ترغب فى العودة إلى السياسة الأوروبية بوضعها ومكانتها القديمة لا تلقى القبول من الغرب، فقد شهدت فترة ما بعد الحرب قيام أوروبا الغربية بتأسيس نظام فريد يضمن الاستقرار والسلام والتعاون والأمن للحضارة الغربية. 

ويرى هؤلاء فى ضم روسيا تهديدًا، كون الأخيرة تسعى إلى الهيمنة مرة أخرى انطلاقا من تفوقها وقدراتها العسكرية فى الوقت الذى تتصرف فيه باقى دول القارة وفق مصالحها الاقتصادية. 

ومع حلول عام 1994 تكون انطباع لدى النخب الشيوعية أنه لا أحد فى أوروبا يفهمهم أو يقبل بهم. كان العالم يعيش ثورة من الاندماجات والتحالفات. قام الاتحاد الأوروبى بضم ثلاث دول جديدة وهى النمسا والسويد وفنلندا وتم توقيع معاهدة تاريخية للتعاون الاقتصادى بين دول النافتا (اتفاقية التجارة الحرة بين دول أمريكا الشمالية) وبين النمور الآسيوية. 

كما تم توسيع واستكمال أطر وهيكل منظمة التجارة العالمية وبقيت روسيا معزولة عن الأسواق الأوروبية وعن التحالفات الجارية فى منطقة آسيا والمحيط الهادى. 

وفى عام 1994 حدث تحول فى السياسة الروسية. فإذا كان هدف يلتسين المعلن فى بداية التسعينيات هو إنشاء منطقة آمنة من فلاديفوستوك إلى فانهوفر، فإن عام 1994 قد شهد توجه يلتسين إلى الابتعاد عن فكرة التعاون غير المشروط مع الغرب. 

وعكست الأولويات الجديدة فى السياسة الخارجية الروسية أزمة الهوية. وبعد الانتخابات البرلمانية فى ديسمبر1993 وفشل القوى الليبرالية وتنامى قوة الحزب اليمينى بزعامة فلاديمير جيرينوفسكى وصل يلتسين إلى نتيجة مفادها أن الاعتماد على المبادئ الغربية فى بناء روسيا الحديثة سيؤدى إلى فشل ذريع. لم يرفض يلتسين التعاون مع الغرب في المجال الاقتصادي ولم يوقف إصلاحات السوق ولكنه ابتعد عن حلفائها الليبراليين واقترب من الجناح المحافظ بحثا عن دعم إضافي. 

ومن بين أسباب هذا التحول فى سياسة يلتسين الخارجية خيبة أمله فى الغرب الذى يعارض كل خطط استعادة روسيا مكانتها كدولة عظمى وفى عام 1992 أكد وزير الخارجية الروسى أندرية كوزيريف أن روسيا يمكن أن تستعيد مكانتها كقوة عظمى فى حال التعاون مع الغرب. 

غير أن خطط روسيا لاستعادة مكانتها أدت إلى خلق جو من التنافس مع الغرب وليس التعايش المتوازن معه. ونتيجة لذلك قررت النخبة الروسية زيادة نفوذ روسيا فى الدول المجاورة والبحث عن حلفاء فى آسيا والعالم العربى والعودة إلى القاعدة التقليدية بخلق مناطق للنفوذ.

                                              وللحديث بقية

مقالات مشابهة