كيف تحوّل انتصار أكتوبر لهزيمة سياسية عربية شاملة؟

خلل جسيم أصاب مركز قيادة العالم العربي، في مصر، حين تصوّر السادات أن بمقدوره توظيف ما تحقّق من إنجاز عسكري لخدمة مصالحه الشخصية.

النظام العربي مصابٌ بنفس أمراض وعقد النظام المصري، الاستبداد والفساد، فمن الطبيعي أن يواصل تدهوره حتى وصل العالم العربي لوضعه المأساوي حاليا.

لأن النظام السياسي في مصر منذ ثورة 52 شديد المركزية والفردية، بمقدور أي صانع قرار، إن أراد، أن يتبنّى توجّهات مناقضة لما يطمح إليه الشعب المصري.

النهج الذي اختاره السادات أوصله لمأزق كبير، جسّده اغتياله في أحد أكثر مشاهد العنف حدّة في التاريخ المصري، إلا أنه نهج قابل لإعادة الإنتاج في أي دولة عربية.

لن يكون بمقدور النظام العربي التعامل بكفاءة مع أيٍّ تحدّيات، إلا إذا تمكّن من إصلاح الخلل البنيوي الذي تجسّده علاقة الخضوع والهيمنة الكاملة القائمة بين الحاكم والمحكوم.

استطاع النظام العربي أن يخطّط ويدير معركة عسكرية وسياسية كبرى مبهرة عام 1973، وفشل في البناء على منجزات تحقّقت، ما حوّل النصر العسكري تدريجيا لهزيمة سياسية شاملة.

* * *

تطلّ علينا، بعد أيام، ذكرى خمسين عاما على الحرب التي اندلعت في 6 أكتوبر/ تشرين الأول من عام 1973، وهي ذكرى تستحقّ التوقف عندها طويلا، لعلنا نستطيع أن نستخلص مما جرى في ذلك اليوم وبعده دروسا قد تفيد في استكشاف معالم الطريق نحو مستقبلٍ أفضل.

ففي الساعة الثانية والربع من بعد ظهر ذلك اليوم، شقّ الجيش المصري طريقه لعبور قناة السويس في اللحظة التي كان فيها الجيش السوري يشقّ طريقه نحو اجتياح هضبة الجولان.

وبعد ساعات قليلة، كان الجيش المصري قد نجح في وضع قدمه راسخةً على أرض سيناء المحتلة، كما كان الجيش السوري قد تمكن من السيطرة بالفعل على معظم هضبة الجولان المحتلة، وبات واضحا، بما لا يدع مجالا لأي شك، أن الجيش الإسرائيلي يواجه مأزقا عصيبا، وفي طريقه لتجرّع مرارة هزيمة كبرى، ربما لأول مرة في تاريخه.

ولا جدال في أن ما تحقق على صعيد العمليات الميدانية خلال الأيام الأولى من تلك الحرب كان كافيا لغسل عار الهزيمة التي سبق للعرب أن تجرّعوها عام 1967، واستبداله بشعور طاغ بنشوة نصرٍ لم تكن قد اكتملت أركانه بعد.

بالتوازي مع هذا المشهد العسكري البديع، كانت كواليس السياسة تزيح الستار عن مشهد عربي تضامني لا يقلّ روعة، سواء من الشعوب أو من النظم الحاكمة، خصوصا بعد قرار حكومات الدول العربية المصدّرة للنفط قطع إمدادات النفط أو تخفيضها عن الدول المنحازة لإسرائيل.

غير أن هذا الإحساس الطاغي بالفرح والانتشاء لم يدُم طويلا، خصوصا بعد اضطرار الأطراف المتحاربة لوقف القتال والقبول بقرار مجلس الأمن رقم 338، مفسحة بذلك المجال أمام الجهود الرامية إلى تسويةٍ سياسيةٍ للأزمة، والتي قادها وزير الخارجية الأميركي في ذلك الوقت هنري كيسنجر، والذي جاء إلى المنطقة على عجل، وبدأ على الفور جولاته المكوكية التي تمكّن خلالها من تغيير المعطيات الجيوسياسية للصراع العربي الإسرائيلي.

رغم مرور نصف قرن على تلك الأيام المجيدة من تاريخ العرب، لا توجد رواية مصرية أو سورية عما جرى فيها أو بعدها، بعكس إسرائيل التي أفرجت عن وثائق كثيرة، ومن ثم أصبحت لديها رواية رسمية تفسّر بها أسباب الانتكاسة التي منيت بها في الأيام الأولى لتلك الحرب.

وتشرح كيف استعاد الجيش الإسرائيلي زمام المبادأة، وكاد يلحق بمصر وسورية هزيمة ساحقة جديدة، لولا براعة كيسنجر ونجاحه في التوصل إلى اتفاقياتٍ لفضّ الاشتباك، مهّدت الطريق أمام العملية السياسية التي أفضت إلى خروج مصر من حلبة الصراع العسكري، والتوقيع على معاهدة سلام منفردة مع إسرائيل.

على الصعيد العربي، كل ما نعرفه مما كان يجري وراء الكواليس في تلك الفترة مستمدّ من تقارير صحافية أو تحليلات أكاديمية، معظمها أجنبية، فنحن نعرف من هذه التقارير والتحليلات، على سبيل المثال، أن الرئيس أنور السادات فتح قناة اتصال سرّية مع الولايات المتحدة قبيل الحرب.

وأنه كشف في أثنائها عن محدودية الأهداف التي كان يسعى إلى تحقيقها في ذلك الوقت، وأنه ما أن التقى بكيسنجر عقب توقف القتال، حتى كشف له تفصيلا عن رؤيته المتكاملة للسياسات الداخلية والخارجية التي ينوي انتهاجها في مصر في مرحلة ما بعد الحرب.

وفي وسع كل متتبع لما جرى في مصر خلال تلك الحقبة أن يدرك أن رؤية السادات تلك كانت تدور حول فكرة محورية، مفادها أن الولايات المتحدة تملك 99% من أوراق الحلّ ومفاتيحه، وأنه يتطلع إلى التحالف معها، اعتقادا منه أن هذا سيؤدّي ليس إلى تسويةٍ سياسيةٍ شاملةٍ للصراع مع إسرائيل فحسب، وإنما أيضا إلى الحصول على مساعداتٍ أميركية ضخمة، تكفل لمصر تحقيق نهضة اقتصادية كبرى.

ولأن السادات اعتقد أن حرب أكتوبر حقّقت له من الإنجازات ما لم يتمكّن عبد الناصر نفسه من تحقيقه، فقد تصوّر أن لديه من الرصيد الجماهيري ما يكفي لتمكينه من إعادة صياغة السياسة المصرية وفقا لرؤيته الخاصة.

ولتأكيد جدّية رغبته في التحالف مع الولايات المتحدة، شرع السادات في تفكيك المشروع الناصري خطوة خطوة، فتبنّى سياسة "الانفتاح الاقتصادي" بدلا من سياسة التخطيط المركزي، و"التعدّدية السياسية المقيدة" بدلا من نظام الحزب الواحد.. إلخ.

وعندما لم تؤت هذه السياسات أكلها سريعا، وهو ما كشفت عنه "مظاهرات الخبز" في يناير/ كانون الثاني 1977، لم يكن أمامه من طريق آخر سوى الهرب إلى الأمام، وهو ما يفسّر قراره بزيارة القدس عام 1977، والذي يعد من أخطر القرارات التي أدّت، في النهاية، إلى استسلامه الكامل للمطالب الإسرائيلية.

لم يتمكّن السادات خلال المفاوضات في كامب ديفيد أو بعدها من انتزاع أي تنازلاتٍ من إسرائيل لصالح قضية فلسطين، وأقصى ما حصل عليه منح الفلسطينيين حكما ذاتيا في الضفة الغربية وقطاع غزة، ما أدّى إلى توقف مصر عن التحدّث باسم الفلسطينيين في أي شيءٍ يخص قضية فلسطين والاكتفاء، في النهاية، بمعاهدة "سلام" تمكّنها من استعادة سيناء منقوصة السيادة.

وهي خطوة كانت لها انعكاسات سلبية هائلة، فقد قرّرت الدول العربية مقاطعة الحكومة المصرية ونقل مقر جامعة الدول العربية إلى تونس، ما أدّى إلى عزلة مصر عن عالمها العربي فترة طالت نحو عشر سنوات.

وعندما عادت في نهاية الثمانينيات، كان النظام العربي في حالة ضعف وإنهاك شديديْن، ومن ثم لم يتمكّن من احتواء أو معالجة الأزمة التي تسبب فيها الاحتلال العراقي للكويت عام 1990، والتي كانت لها انعكاسات سلبية هائلة على النظام العربي، وعلى تطوّر الصراع مع إسرائيل.

فلأول مرة تشعر بعض الدول العربية بأن مصادر تهديد أمنها الوطني قد تنبع من داخل النظام العربي نفسه، وليس فقط من إسرائيل، وهو ما يفسّر مشاركة جميع الدول العربية وإسرائيل في مؤتمر مدريد في بداية التسعينيات، ثم اتجاه كل الدول العربية إلى البحث عن تسوياتٍ منفردة للصراع مع إسرائيل، بدليل توقيع منظمة التحرير الفلسطينية على اتفاقية أوسلو عام 1993، ثم توقيع الأردن على اتفاقية وادي عربة عام 1994.

ولأن النظام العربي لم يكن في حالةٍ تسمح له بإعادة بناء أو ترميم نفسه، فقد عجز عن بلورة رؤية جديدة لإدارة الصراع العربي الإسرائيلي تختلف عن النهج الذي سلكه السادات.

صحيحٌ أن النظام العربي استطاع في قمّة بيروت التي انعقدت عام 2002 بلورة رؤية جماعية للتسوية، تؤكد استعداد كل الدول العربية لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل والتوصل إلى تسوية شاملة إذا وافقت إسرائيل على الانسحاب من كل الأراضي العربية المحتلة عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية في الضفة الغربية وغزّة، غير أن إسرائيل تجاهلتها على الفور ولم تعرها أي اهتمام.

ولأنه لم تكن للنظام العربي أسنان حقيقية تمكّنه من فرض رؤيته، كان من الطبيعي أن يستسلم للضغوط الأميركية والإسرائيلية التي استهدفت تصفية القضية الفلسطينية من خلال فرض نهج التسويات المنفردة، وهو ما بدا واضحا حين أقدمت كل من الإمارات والبحرين، ولاحقا المغرب والسودان، على التوقيع على اتفاقيات أبراهام.

وهو نهج ما زال مستمرّا، بدليل المفاوضات التي تجري حاليا بين السعودية والولايات المتحدة وإسرائيل، للتوصل إلى صفقة تسمح بتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، وهو حدثٌ قد يشكل نقطة تحوّل جديدة في مسار الصراع العربي الإسرائيلي وفي مصير القضية الفلسطينية.

أخلص مما تقدّم إلى أن النظام العربي، والذي استطاع أن يخطّط ويدير معركة عسكرية وسياسية كبرى مبهرة عام 1973، فشل في البناء على المنجزات التي تحقّقت، ما أدّى إلى تحوّل النصر العسكري بالتدريج إلى هزيمة سياسية شاملة، يمكن أن نرى مظاهرها، وأن نلمس آثارها في مختلف أنحاء العالم العربي.

ويعود هذا الإخفاق، في تقديري، إلى خلل جسيم أصاب مركز القيادة في العالم العربي، ممثلا في مصر، حين تصوّر السادات أن في مقدوره توظيف ما تحقّق من إنجاز عسكري لخدمة مصالحه الشخصية، وليس مصالح مصر الوطنية التي اعتقد أنها تتناقض مع مصالح مصر القومية.

ولأن النظام السياسي المطبق في مصر منذ ثورة يوليو 52 شديد المركزية والفردية، بمقدور أي صانع قرار مصري، إن أراد، أن يتبنّى توجّهات مناقضة لما يطمح إليه الشعب المصري.

صحيح أن النهج الذي اختاره السادات أوصله إلى مأزق كبير، جسّده اغتياله في واحد من أكثر مشاهد العنف حدّة في التاريخ المصري، إلا أنه نهج قابل لإعادة الإنتاج في أي دولة عربية.

ولأن النظام العربي مصابٌ بالأمراض نفسها، والعقد التي يعاني منها النظام المصري، خصوصا ما يتعلق منها بظاهرتي الاستبداد والفساد، فقد كان من الطبيعي أن يواصل تدهوره إلى أن وصل العالم العربي إلى الوضع المأساوي الذي يعيشه حاليا.

لذا لن يكون بمقدور هذا النظام التعامل بكفاءة مع أيٍّ من التحدّيات الكثيرة التي تواجهه، إلا إذا تمكّن من إصلاح الخلل البنيوي الذي تجسّده العلاقة القائمة حاليا بين الحاكم والمحكوم، القائمة على الخضوع والهيمنة الكاملة، ونجح في إقامة نظم حكم وطنية تقوم على القانون والفصل بين السلطات والرقابة المتبادلة والمتوازنة بينها.

وهذا هو الدرس الرئيسي الذي ينبغي أن نستوعبه من تأمّل ما جرى للعالم العربي وفيه منذ 1973.

*د. حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: مصر انتصار أكتوبر النظام العربي النظام المصري جمال عبد الناصر أنور السادات هنري كيسنجر الدول العربیة العالم العربی مع إسرائیل وهو ما ما جرى فی مصر

إقرأ أيضاً:

مبلغ هائل.. بكم دعمت واشنطن عدوان الاحتلال في غزة منذ السابع من أكتوبر؟

كشفت "واشنطن بوست" عن تقديم الولايات المتحدة مساعدات أمنية بقيمة 6.5 مليار دولار إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء العدوان الوحشي على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول /أكتوبر الماضي، مشيرة إلى أن ما يقرب من نصف هذا المبلغ تدفق خلال شهر أيار /مايو الماضي.

ولفتت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21"، إلى أن هذا الرقم غير المعلن سابقا كان جزءا من المناقشات التي جرت هذا الأسبوع خلال زيارة وزير حرب الاحتلال الإسرائيلي يوآف غالانت إلى الولايات المتحدة.

ونقلت عن مسؤول "كبير" في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، قوله إن هذا المبلغ "مؤشر على عمق وتعقيد الدعم الأمريكية لإسرائيل"، مشيرا إلى أن "هذه مهمة ضخمة جدا". 

وأشار المسؤول إلى  أن خبراء نقل الأسلحة الأميركيين استعرضوا "قوائم بمئات العناصر المنفصلة" مع نظرائهم الذين يرافقون غالانت في زيارته التي تستغرق أربعة أيام، وذلك بهدف مواجهة الاتهام الإسرائيلي بأن الأميركيين وضعوا "اختناقات" في تدفق الأسلحة، بعد تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.


وعلى الرغم من أن رحلة غالانت كانت مقررة قبل تصريحات نتنياهو، إلا أنها كانت في جزء منها محاولة لتهدئة العلاقات المتوترة بشكل متزايد وإظهار موقف إسرائيلي مختلف تجاه المساعدات الأمريكية، حسب التقرير.

وقال غالانت في مؤتمر صحفي الثلاثاء، إن "علاقاتنا مع الولايات المتحدة هي ثاني أهم عنصر لأمن إسرائيل بعد الجيش الإسرائيلي"، مشيرا إلى "الحاجة إلى الدعم الدبلوماسي والسياسي الأمريكي، وإبراز القوة، وإمدادات الذخيرة وأكثر من ذلك". 

وأضاف مدعيا حدوث "تقدم كبير"، أنه "تم إزالة العقبات ومعالجة الاختناقات من أجل دفع مجموعة متنوعة من القضايا، وبشكل أكثر تحديدا موضوع تعزيز القوة وإمدادات الذخيرة". 

ويبدو أن المسؤول الكبير في الإدارة، الذي أطلع الصحفيين على الزيارة بشرط عدم الكشف عن هويته بموجب القواعد التي وضعها البيت الأبيض، يتراجع عن رفض الإدارة السابق القاطع لاتهام نتنياهو، وفقا للصحيفة.

وقال: "فيما يتعلق بالاختناقات، فهو نظام بيروقراطي معقد لدينا لسبب وجيه. التأكد من أننا نفي بالكامل بجميع التزاماتنا تجاه الكونغرس والقوانين والإجراءات واللوائح".

لكن المسؤول أقر بأن "هناك قضايا على الجانب الإسرائيلي، فيما يتعلق بالأشياء التي قد يريدونها، والتي ربما لم تكن واضحة تماما"، وأضاف أن الزيارة كانت "بناءة ومثمرة للغاية"، وشكر غالانت على "نهجه المهني". 

ووصفت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" مديح البيت الأبيض، وادعاءات غالانت عن "تقدم كبير" في القضايا العالقة بأنها "توبيخ لنتنياهو".


وبحسب "واشنطن بوست"، فإن إدارة بايدن شعرت بالغضب من قبول نتنياهو للدعوة، التي قدمها المشرعون الجمهوريون لأول مرة، لإلقاء كلمة أمام جلسة مشتركة للكونغرس في أواخر تموز/ يوليو. 

وسط التدفق المستمر للأسلحة، تواصل الإدارة الأمريكية حجب شحنة من القنابل التي يبلغ وزنها 2000 رطل، بسبب ما قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إنه قلق من استخدامها في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان. 

ورفض مسؤولو الإدارة وغالانت مناقشة تفاصيل مناقشاتهم. وقال غالانت: "أعتقد أن الحلفاء يجب أن يفعلوا كل شيء لحل القضايا في غرف مغلقة. وهذا ما أحاول القيام به".

خلال زيارته، التقى غالانت بمجموعة كاملة من كبار مسؤولي الأمن القومي في إدارة بايدن، بما في ذلك وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع لويد أوستن، ومستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان. 

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمريكي، أن اللقاءات "استعرضت الدعم غير المسبوق لإسرائيل منذ هجمات حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، بما في ذلك الدفاع المباشر عن إسرائيل من قبل الجيش الأمريكي وتحالف الشركاء ضد هجوم إيراني في نيسان/ أبريل، وكذلك الاستعدادات لأي حالات طوارئ لاحقة".

وأضاف أن "ذلك يشمل الجهود الدبلوماسية لتجنب الحرب مع لبنان والتزام الولايات المتحدة بالدفاع عن إسرائيل إذا فشلت تلك الجهود".

وقال المسؤولون إنهم في كل اجتماع ناقشوا أيضا الجهود المتعثرة لإبرام اتفاق تدعمه الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار في غزة وإعادة الرهائن الإسرائيليين. وعلى الرغم من أن بايدن أعلنها قبل شهر تقريبا كمبادرة إسرائيلية، إلا أن نتنياهو شكك علنا في بعض جوانب الاقتراح.

وناقش غالانت أيضا تحول جيش الاحتلال الإسرائيلي المرتقب إلى ما أسماه "المرحلة الثالثة" في حربه ضد حماس، والانتقال إلى صراع منخفض الحدة لاجتثاث جيوب المقاتلين المتبقية في غزة و"تمكين بديل حاكم... وهذا ليس إسرائيل وليست حماس". 

وأشار التقرير إلى أنه لا تزال هيئة الحكم هذه، التي سيتم فيها تعيين فلسطينيين محليين تم فحصهم لحكم المنطقة بينما تستمر إسرائيل في توفير الأمن، غامضة. وقال غالانت: "إنها عملية طويلة ومعقدة وتعتمد على أشياء كثيرة، بما في ذلك المجتمع الدولي، الذي يجب أن يشارك وليس فقط ينتقد". 

وأوضح التقرير أن الاقتراح الإسرائيلي أقل بكثير من خطة إدارة بايدن، التي ترى تشكيل حكومة مستقبلية في غزة تديرها السلطة الفلسطينية الحالية في الضفة الغربية والانتقال في نهاية المطاف إلى دولتين فلسطينية وإسرائيلية منفصلة. 

وشملت المواضيع الأخرى التي تمت مناقشتها مع كبار المسؤولين الأمريكيين إنتاج إيران المتصاعد للوقود النووي المستخدم في صنع الأسلحة، وما أصبح نزاعا سيئا بشكل متزايد بين إسرائيل والأمم المتحدة حول توزيع المساعدات الإنسانية في غزة. 

ولفتت الصحيفة إلى أن دولة الاحتلال "وصفت التقييمات الدولية لظروف قريبة من المجاعة داخل القطاع بأنها كاذبة، ولطالما ألقت باللوم على الأمم المتحدة في عدم الكفاءة في توزيع المساعدات على المدنيين، الذين ترك الكثير منهم دون مأوى مناسب وطعام وماء ورعاية طبية"، حسب زعمها.

وتفاقمت هذه المشكلة في جنوب غزة منذ أن شنت إسرائيل الشهر الماضي هجوما عسكريا على رفح، المدينة الواقعة في أقصى الجنوب والتي فر إليها أكثر من مليون شخص بحثا عن مأوى من الهجوم الإسرائيلي في أقصى الشمال. وعلى الرغم من أن الشاحنات المحملة بالمساعدات تدخل غزة عبر معبر من جنوب إسرائيل، إلا أن الأمم المتحدة وموزعين آخرين قالوا إنهم غير قادرين على نقل المساعدات الغذائية داخل القطاع. 

ولفتت صحيفة "واشنطن بوست" إلى أن الولايات المتحدة قامت لسنوات عديدة بتقديم مساعدات أمنية لإسرائيل بقيمة 3.3 مليار دولار سنويا. وفي أبريل/ نيسان، وافق الكونغرس على طلب بايدن للحصول على 26 مليار دولار إضافية من المساعدات في زمن الحرب والمساعدات الإنسانية ودعم العمليات الأمريكية في المنطقة. 

لكن حتى الآن، ظلت الإدارة مترددة في تحديد المبلغ الإجمالي للمساعدات الأمنية التي عجلت بها لإسرائيل منذ بدء الحرب، وأخبرت الصحفيين فقط أن واشنطن كانت تزود أقرب حليف لها في الشرق الأوسط بالمعدات اللازمة للدفاع عن نفسها، وفقا للصحيفة.


وفي الأسابيع الأولى من العدوان، تم تسريع شحنات الطوارئ إلى "إسرائيل" على متن طائرات عسكرية أمريكية. وفي حالات قليلة في نهاية العام الماضي، استخدمت الإدارة أيضا سلطات الطوارئ لتجاوز الكونغرس من أجل الموافقة على بيع الأسلحة والذخيرة لإسرائيل، وهي خطوة أثارت اعتراضات من بعض المشرعين الديمقراطيين بشأن الارتفاع السريع في عدد الضحايا المدنيين.

وفي شهر أيار/ مايو، اتخذت الإدارة قرارا نادرا بإيقاف شحنة من القنابل زنة 2000 و500 رطل إلى "إسرائيل"، مما يعكس القلق بشأن ارتفاع عدد القتلى بين المدنيين. وأثار هذا التوقف غضب المانحين الديمقراطيين المؤيدين لإسرائيل، بما في ذلك الملياردير حاييم سابان، ومن الجمهوريين مثل سناتور أركنساس توم كوتون الذي وصفه بأنه "حظر فعلي للأسلحة على إسرائيل، وفقا للصحيفة. 

وفي ذلك الوقت، أكدت الإدارة لأعضاء الكونغرس أن كميات هائلة من المساعدات العسكرية مستمرة في التدفق إلى "إسرائيل"، لكنها رفضت الكشف علنا عن الرقم الإجمالي. وفي مذكرة داخلية بين القيادة الديمقراطية في مجلس النواب وأعضاء عاديين في الكونغرس حصلت عليها صحيفة "واشنطن بوست"، قال القادة الديمقراطيون إن وقف بايدن للقنابل الثقيلة يمثل "أقل من 1 بالمئة من إجمالي الدعم العسكري الذي قدمته الولايات المتحدة لإسرائيل منذ بداية هذا الصراع"، في مؤشر مبكر على الكم الهائل من المساعدات الأمنية. وقال مسؤولو الإدارة إن الشحنة المحتجزة من القنابل الكبيرة لا تزال قيد المراجعة. 

مقالات مشابهة

  • فتح: انضمام إسبانيا إلى دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل انتصار لقيم الإنسانية
  • مبلغ هائل.. بكم دعمت واشنطن عدوان الاحتلال في غزة منذ السابع من أكتوبر؟
  • وزير الخارجية اللبناني يوجه رسالة لدول عربية دعت رعاياها لمغادرة لبنان
  • لبنان يوجه رسالة لدول عربية دعت رعاياها للمغادرة
  • هل تتحمل البنوك وشركات الائتمان الإسرائيلية حربا شاملة؟
  • أستاذ علوم سياسية: أحداث 7 أكتوبر هدية مؤقتة من السماء لـ نتنياهو
  • أستاذ علوم سياسية: شرخ واضح بالمجتمع الإسرائيلي لم يشهده الاحتلال من قبل
  • أستاذ علوم سياسية: المجتمع الإسرائيلي يعيش شرخًا مستمر.. و7 أكتوبر هدية السماء لنتنياهو
  • الإفراج عن قادة الإرهاب.. و«قتلة السادات» يحضرون احتفالات أكتوبر
  • صحيفة: إسرائيل تبلغ مصر بانسحاب كبير من رفح سيجرى خلال الساعات المقبلة