موقع 24:
2024-12-18@17:21:36 GMT

بين المشاركة والمباركة!

تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT

بين المشاركة والمباركة!

المشاركة السياسية هى نشاط سياسى يتمثل فى قيام المواطنين بالتأثير فى عملية صنع القرار بالدولة، ويتم هذا بشكل فردى أو جماعى، وقد يكون منظماً أو عفوياً، وهذه المشاركة السياسية قد تكون فعالة أو غير فعالة، هذا لا يؤثر على كينونتها وكيانها ووجودها، فنتيجة المشاركة لا علاقة لها بجوهر فكرتها، وهى فى حاجة دائمة لأن تعيش وتستمر وتتجدد عبر تكرار التجربة لمرات عديدة متتالية.

تعنى المشاركة السياسية فى أسمى معانيها حق المواطن فى أن يكون له دور فى عملية صنع القرار السياسى. أما المشاركة السياسية فى أضيق معانيها فهى تعنى حق المواطن فى أن يُعلق على القرار السياسى بعد صدوره، دون أن يكون له أى تفاعل مسبق. وتختلف المشاركة السياسية عن فكرة الاهتمام السياسى، الذى تقف حدوده عند شعور المواطن بأن الشئون العامة والأمور السياسية مرتبطة ومؤثرة فيها. فى السياسة، الاهتمام وحده لا يكفى!
ليس من تقنيات المشاركة السياسية أن يقوم المواطن بعملية «المباركة» كبديل عن «المشاركة»، وقد تتم هذه المباركة قبل بدء الإجراءات الانتخابية الفعلية عبر الاقتناع بجدوى العملية كلها دون أن تكون هناك أية تحركات، وكأن صاحب هذا التوجه يعطى للعملية مباركته دون مشاركته! وقد يكتفى بمشاركة غير فعالة تنقله لخانة «الاهتمام»، ولهذا صور متعددة مثل: «هاشتاجات» وسائل التواصل الاجتماعى، التى يظن مطلقوها أن الهيئة الوطنية للانتخابات سوف تجمع «اللايكات» وتحصر «التعليقات» وترصد كل «التريندات» ثم تُعلن الفائز بالانتخابات بناء على توجهات بعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعى.
المباركة قد تأتى كذلك بعد نهاية العملية الانتخابية، مباركة بشكلها التقليدى، حيث يتم تقديم التهانى للفائز دون أية مشاركات أو اشتباكات مسبقة على المستوى العملياتى! وكأنها كانت مجرد مباراة للملاكمة نشاهدها ونستمتع بها، ثم نبارك للفائز ونغادر إلى منازلنا! شارك ولا تبارك لأنه حين يتعلق الأمر بحتمية دفع وطن إلى الأمام عبر مشاركات متتالية تصبح المشاركة فى ذاتها غاية وليست وسيلة فحسب، وتشمل هذه المشاركة حتى فكرة إبطال الأصوات، لا مشكلة، لكن المشكلة الحقيقية ألا يكون لك وجود، وأن تظل خانة اسمك فى الكشوف الانتخابية فارغة دون توقيعك. مرة أخرى: المشاركة الآن غاية وليست وسيلة فحسب. للأمانة فإن المشاركة فى الاستحقاقات الانتخابية هى حق، وأى حق يكون من الجائز لصاحبه أن يتخلى عنه طواعية، هذا فى ذاته من حقوقه، ولكن حين يتعلق الأمر بمصير وطن يحتاج بشدة إلى تكرار هذه الاستحقاقات والتعلم بالممارسة والخطأ يصبح ما يفعله كل متقاعس عن المشاركة الإيجابية ضرباً من ضروب الطفولة السياسية!
الطفولة السياسية المبكرة هى عكس المراهقة السياسية المتأخرة، فهى حالة تصيب الشاب الذى لم يبلغ سياسياً بعد، ولم تتوفر عنده القدرة على الوقوف على الحقائق والاحتكاك الصحيح بالواقع وإنتاج أفكار صالحة للحياة. الطفل السياسى، كأى طفل، لا ينظر إلى الأمور إلا بنظرة كلية، ولا يقدر على متاعب التفكير المركب، لا يمكنه تفكيك الأشياء وإعادة تركيبها، فيلجأ إلى كراهية كل شىء والغضب من كل موضوع.
من واقع كونى أستاذاً جامعياً، عملت لسنوات وسط الطلاب، رأيت الكثير من الممارسات السياسية التى قام بها أطفال طنوا أنفسهم كباراً لا يأتيهم الباطل من بين أيديهم ولا من خلفهم! واقعة قديمة واحده قد تُلخص بؤس أطفال الشارع السياسى فى مصر:
عندنا فى مدينة الإسكندرية، منذ عشر سنوات بالتمام والكمال، وبعد الحكم بالسجن على مجموعة من الإخوانيات ممن تمت تسميتهن بـ«الحرائر» (على أساس أن باقى السكندريات شرائر)، وكن طبعاً مذنبات، تلقين الحكم اللائق بالقانون، وقد استخدمن حقهن القانونى فى الاستئناف، فتم تخفيف الحكم بالقانون أيضاً. المهم أن الأمر تواكب مع انتخابات المدن الجامعية آنذاك، استمر أعضاء تنظيم الإخوان الإرهابى، كعادتهم، بالمتاجرة بقصة الحرائر على أكمل وجه، فقام كل أطفال الشارع السياسى الذين يظنون أنهم من كبار القادة السياسيين، وهم أعضاء الحركات التى وُصمت بلفظ «الثورية»، بمقاطعة الانتخابات، تضامناً مع «حرائر الإخوان»، فما كان من طلبة الإخوان أنفسهم إلا أن خاضوا الانتخابات وفازوا بأغلبية المقاعد بالتزكية، فى غفلة تامة من كل القوى الأخرى التى قاطعت العملية بناء على دعوات الإخوان لهم بذلك! مع العلم أن باقى المقاعد لم تذهب لغريب، لكن أخذها طلاب من الإخوة السلفيين، ليفوزا معاً بنسبة 100% فى غياب الأطفال! الثورات بطبيعتها فكرة، والأشياء تتغير عندما تتحول من أفكار إلى هتافات، والطفل الذى يبكى ويصرخ ويهتف طوال الليل بلا سبب يحتاج إلى طبيب لتشخيص الحالة وتقديم العلاج. شفى الله الجميع.
فى الوقت الذى يحاول فيه تيار اليمين الدينى المتشدد خلق مزاج عام مفاده أن صوتك لن يفرق، يقومون هم بالحشد والتصويت بكثافة لأنهم يعلمون أن الكلمة الأخيرة للصندوق، فاحذروا مرشحيهم وأتباعهم ومن يدورون فى فلكهم، وهم يعلمون كذلك أننا نمارس أعلى درجات «الصندوقراطية» بما يعنى تعاظم دور الصندوق بأكثر كثيراً مما هو مفروض، وهذا هو واقعنا وحالنا وما يجب أن نتعاطى معه ونتعامل على أساسه ونحاول أن نُحسنه وندفعه للأمام بعيداً عن تقنيات المشاركة فى انتخابات سويسرا والسويد!

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة المشارکة السیاسیة

إقرأ أيضاً:

رئيسة الوزراء الإيطالية: رفع العقوبات عن سوريا قد يكون مفيدا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني اليوم الأربعاء إن رفع العقوبات عن سوريا بعد سقوط سقوط نظام بشار الأسد قد يكون فكرة جيدة، لكنها شددت على أنه قد يكون من المبكر اتخاذ قرار نهائي بهذا الشأن.

وأوضحت ميلوني، أثناء تقديمها تقريرا أمام مجلس الشيوخ الإيطالي قبيل انعقاد قمة الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع: "من المؤكد أنكم قد قرأتم أن الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي كاجا كالاس ستفتح الباب أمام احتمال رفع العقوبات عن سوريا، كأداة أخرى يمكن استخدامها للتقرب من القيادة الجديدة"، وذلك بحسب ما أوردت وكالة أنباء /انسا/ الإيطالية.

وأضافت: "ولكن من الواضح أننا نتحرك في سياق غير واضح للجميع".

مقالات مشابهة

  • رئيسة الوزراء الإيطالية: رفع العقوبات عن سوريا قد يكون مفيدا
  • ضمن مبادرة بداية.. أمانة المرأة بالحرية المصري تناقش المواطنة وتعزيز المشاركة السياسية
  • ضمن مبادرة "بداية".. "الحرية المصري" ينظم ندوة حول المواطنة وتعزيز المشاركة السياسية
  • ترامب يحصل رسميا على العدد المطلوب من الأصوات الانتخابية بعد انتهاء الفرز
  • نسرين طافش تحتفل بالكريسماس من باريس
  • هل يمكن لـ Search GPT أن يكون بديلا لجوجل؟
  • «الوطنية للانتخابات» تواصل زيارة المدارس للتوعية بالعملية الانتخابية
  • حبس البول قد يكون له مخاطر صحية خطيرة.. ما هي؟
  • تبرعوا لحملة ترامب الانتخابية فمنحهم مناصب رئيسية في إداراته.. من هؤلاء؟
  • الطبلقي: لابد أن يكون حل البعثة الأممية قابلاً للتطبيق