المشاركة السياسية هى نشاط سياسى يتمثل فى قيام المواطنين بالتأثير فى عملية صنع القرار بالدولة، ويتم هذا بشكل فردى أو جماعى، وقد يكون منظماً أو عفوياً، وهذه المشاركة السياسية قد تكون فعالة أو غير فعالة، هذا لا يؤثر على كينونتها وكيانها ووجودها، فنتيجة المشاركة لا علاقة لها بجوهر فكرتها، وهى فى حاجة دائمة لأن تعيش وتستمر وتتجدد عبر تكرار التجربة لمرات عديدة متتالية.
ليس من تقنيات المشاركة السياسية أن يقوم المواطن بعملية «المباركة» كبديل عن «المشاركة»، وقد تتم هذه المباركة قبل بدء الإجراءات الانتخابية الفعلية عبر الاقتناع بجدوى العملية كلها دون أن تكون هناك أية تحركات، وكأن صاحب هذا التوجه يعطى للعملية مباركته دون مشاركته! وقد يكتفى بمشاركة غير فعالة تنقله لخانة «الاهتمام»، ولهذا صور متعددة مثل: «هاشتاجات» وسائل التواصل الاجتماعى، التى يظن مطلقوها أن الهيئة الوطنية للانتخابات سوف تجمع «اللايكات» وتحصر «التعليقات» وترصد كل «التريندات» ثم تُعلن الفائز بالانتخابات بناء على توجهات بعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعى.
المباركة قد تأتى كذلك بعد نهاية العملية الانتخابية، مباركة بشكلها التقليدى، حيث يتم تقديم التهانى للفائز دون أية مشاركات أو اشتباكات مسبقة على المستوى العملياتى! وكأنها كانت مجرد مباراة للملاكمة نشاهدها ونستمتع بها، ثم نبارك للفائز ونغادر إلى منازلنا! شارك ولا تبارك لأنه حين يتعلق الأمر بحتمية دفع وطن إلى الأمام عبر مشاركات متتالية تصبح المشاركة فى ذاتها غاية وليست وسيلة فحسب، وتشمل هذه المشاركة حتى فكرة إبطال الأصوات، لا مشكلة، لكن المشكلة الحقيقية ألا يكون لك وجود، وأن تظل خانة اسمك فى الكشوف الانتخابية فارغة دون توقيعك. مرة أخرى: المشاركة الآن غاية وليست وسيلة فحسب. للأمانة فإن المشاركة فى الاستحقاقات الانتخابية هى حق، وأى حق يكون من الجائز لصاحبه أن يتخلى عنه طواعية، هذا فى ذاته من حقوقه، ولكن حين يتعلق الأمر بمصير وطن يحتاج بشدة إلى تكرار هذه الاستحقاقات والتعلم بالممارسة والخطأ يصبح ما يفعله كل متقاعس عن المشاركة الإيجابية ضرباً من ضروب الطفولة السياسية!
الطفولة السياسية المبكرة هى عكس المراهقة السياسية المتأخرة، فهى حالة تصيب الشاب الذى لم يبلغ سياسياً بعد، ولم تتوفر عنده القدرة على الوقوف على الحقائق والاحتكاك الصحيح بالواقع وإنتاج أفكار صالحة للحياة. الطفل السياسى، كأى طفل، لا ينظر إلى الأمور إلا بنظرة كلية، ولا يقدر على متاعب التفكير المركب، لا يمكنه تفكيك الأشياء وإعادة تركيبها، فيلجأ إلى كراهية كل شىء والغضب من كل موضوع.
من واقع كونى أستاذاً جامعياً، عملت لسنوات وسط الطلاب، رأيت الكثير من الممارسات السياسية التى قام بها أطفال طنوا أنفسهم كباراً لا يأتيهم الباطل من بين أيديهم ولا من خلفهم! واقعة قديمة واحده قد تُلخص بؤس أطفال الشارع السياسى فى مصر:
عندنا فى مدينة الإسكندرية، منذ عشر سنوات بالتمام والكمال، وبعد الحكم بالسجن على مجموعة من الإخوانيات ممن تمت تسميتهن بـ«الحرائر» (على أساس أن باقى السكندريات شرائر)، وكن طبعاً مذنبات، تلقين الحكم اللائق بالقانون، وقد استخدمن حقهن القانونى فى الاستئناف، فتم تخفيف الحكم بالقانون أيضاً. المهم أن الأمر تواكب مع انتخابات المدن الجامعية آنذاك، استمر أعضاء تنظيم الإخوان الإرهابى، كعادتهم، بالمتاجرة بقصة الحرائر على أكمل وجه، فقام كل أطفال الشارع السياسى الذين يظنون أنهم من كبار القادة السياسيين، وهم أعضاء الحركات التى وُصمت بلفظ «الثورية»، بمقاطعة الانتخابات، تضامناً مع «حرائر الإخوان»، فما كان من طلبة الإخوان أنفسهم إلا أن خاضوا الانتخابات وفازوا بأغلبية المقاعد بالتزكية، فى غفلة تامة من كل القوى الأخرى التى قاطعت العملية بناء على دعوات الإخوان لهم بذلك! مع العلم أن باقى المقاعد لم تذهب لغريب، لكن أخذها طلاب من الإخوة السلفيين، ليفوزا معاً بنسبة 100% فى غياب الأطفال! الثورات بطبيعتها فكرة، والأشياء تتغير عندما تتحول من أفكار إلى هتافات، والطفل الذى يبكى ويصرخ ويهتف طوال الليل بلا سبب يحتاج إلى طبيب لتشخيص الحالة وتقديم العلاج. شفى الله الجميع.
فى الوقت الذى يحاول فيه تيار اليمين الدينى المتشدد خلق مزاج عام مفاده أن صوتك لن يفرق، يقومون هم بالحشد والتصويت بكثافة لأنهم يعلمون أن الكلمة الأخيرة للصندوق، فاحذروا مرشحيهم وأتباعهم ومن يدورون فى فلكهم، وهم يعلمون كذلك أننا نمارس أعلى درجات «الصندوقراطية» بما يعنى تعاظم دور الصندوق بأكثر كثيراً مما هو مفروض، وهذا هو واقعنا وحالنا وما يجب أن نتعاطى معه ونتعامل على أساسه ونحاول أن نُحسنه وندفعه للأمام بعيداً عن تقنيات المشاركة فى انتخابات سويسرا والسويد!
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة المشارکة السیاسیة
إقرأ أيضاً:
الإمارات: ضمان المشاركة الكاملة والمتساوية للمرأة في المجتمع
نيويورك (وام)
أخبار ذات صلةأكدت دولة الإمارات العربية المتحدة الالتزام بضمان المشاركة الكاملة والمتساوية والهادفة للمرأة في المجتمع، والالتزام الثابت بكسر الحواجز، وتعزيز التقدم الاقتصادي للمرأة بالقطاعات كافة.
ترأست معالي سناء بنت محمد سهيل، وزيرة الأسرة، وفد دولة الإمارات إلى الدورة الـ69 للجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة، والتي تركزت مناقشاتها حول مراجعة وتقييم تنفيذ إعلان ومنهاج عمل بكين، بالإضافة إلى نتائج الدورة الاستثنائية الـ23 للجمعية العامة بشأن التوازن والمساواة بين الجنسين والتنمية والسلام في القرن الـ21.
وضمّ وفد دولة الإمارات كلاً من نورة السويدي، الأمينة العامة للاتحاد النسائي العام، والريم الفلاسي، الأمينة العامة للمجلس الأعلى للأمومة والطفولة، والمقدم دانة حميد المرزوقي، المديرة العامة لمكتب الشؤون الدولية في وزارة الداخلية، وحنان أهلي، مديرة المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء، والدكتور محمد الكويتي، رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات.
وألقت معالي سناء بنت محمد سهيل بيان دولة الإمارات أمام لجنة وضع المرأة في دورتها الـ69، حيث سلّطت معاليها الضوء على التقدم المحرز طوال الثلاثين عاماً الماضية في مجال النهوض بالنساء والفتيات، وتعزيز حقوقهن، وحمايتهن حول العالم.
وقالت إنّه ينبغي على المجتمع الدولي أكثر من أي وقت مضى، أن يواصل الوفاء بوعوده التي قطعها في بكين سابقاً في المستقبل.
كما شاركت معاليها في اجتماع المائدة المستديرة على المستوى الوزاري حول الآليات الوطنية المعنية بالتوازن والمساواة بين الجنسين، وتمكين النساء والفتيات، حيث انخرط الوزراء في الحوار إزاء تبادل الخبرات والدروس المستفادة وأفضل الممارسات، مع التركيز على الاستراتيجيات والأولويات الأساسية لإنجاز المزيد من العمل، ومعالجة الفجوات والتحديات.
وسلّطت معالي سهيل الضوء خلال المناقشة على جهود دولة الإمارات الرامية إلى تمكين المرأة اقتصادياً، ومشاركتها الكاملة والفعالة والهادفة في جميع القطاعات.
وفي هذا الإطار، أوضحت معاليها أنّ دولة الإمارات اعتمدت نظام الحصص الوظيفية في القطاعين العام والخاص، بما يشمل تخصيص مقعد واحد على الأقل للنساء في مجالس إدارة الشركات المساهمة العامة والخاصة لضمان التكافؤ بين الجنسين، والمشاركة الكاملة والمتساوية والهادفة للمرأة في المجتمع، وعلى المستويات كافة، مشيرة إلى أنه من الأهمية بمكان تعزيز الإدماج الاقتصادي للمرأة لدعم دورها في عمليات صنع القرار والقيادة في مختلف الجوانب.
وعلى هامش الدورة الـ69 للجنة وضع المرأة، عقدت معالي سهيل سلسلة من الاجتماعات الثنائية، حيث اجتمعت معاليها مع كل من الدكتورة ميمونة آل خليل، أمين عام مجلس شؤون الأسرة في المملكة العربية السعودية، والدكتورة كاترينا ليفتشينكو، مفوضة الحكومة لسياسة النوع الاجتماعي في أوكرانيا.
وأطلقت دولة الإمارات - ممثلة بوزارة الداخلية - على هامش الحدث في مقر الأمم المتحدة معرضاً بعنوان: «أم الإمارات» تكريماً لسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «أم الإمارات»، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، واستعراضاً لمسيرة الدولة في النهوض بالنساء والفتيات باعتبارهن ركيزة أساسية من ركائز السلام والازدهار والأمن والتنمية المستدامة.
وفي سياق متصل، استضافت وزارة الداخلية والمركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء فعالية جانبية بعنوان: «القيادة بالقدوة عبر الحدود: استراتيجيات لمكافحة العنف والعنف الرقمي ضد المرأة».
كما شهد هذا الحدث إطلاق تقرير حول «النموذج التنظيمي والوقائي لدولة الإمارات لمكافحة العنف الرقمي والعنف ضد النساء والفتيات»، والذي يعرض تفاصيل الأطر التنظيمية، والتدابير الوقائية والمبادرات الاستراتيجية التي تبنتها الدولة لمكافحة العنف الرقمي، وحماية النساء والفتيات.
من جهتها، شاركت نورة السويدي في الحدث الجانبي الذي نظمه مجلس التعاون لدول الخليج العربية تحت عنوان: «المرأة والتكنولوجيا: قصص ملهمة في دول مجلس التعاون الخليجي»، حيث سلطت الضوء على جهود دولة الإمارات من أجل تمكين النساء والفتيات في مجالات التكنولوجيا والابتكار، وعلى المبادرات الرائدة التي تيسر قيادتهن في مجالات الذكاء الاصطناعي والفضاء وريادة الأعمال.