عربي21:
2024-07-03@05:38:13 GMT

أنا مع التطبيع!

تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT

في كل يوم، تصدمنا آلاف المنشورات والمقالات لرومانسيين ما يزالون يتشبثون بأوهام لا تحمل بذور بقائها، ولا يمكن لها أن تظل عالقة في الذاكرة والوجدان.

أكثرهم تأسيا أولئك الذين ما يزالون يرددون العبارة الأشهر "من النهر إلى البحر". هؤلاء بالذات، يحتاجون معالجين نفسيين كثرا، فهم لم يعرفوا حتى اللحظة ما الذي فعلته بنا سبعون عاما من الخراب والتفتيت!!

ما الذي سنجنيه إن نحن بقينا مقاومين وممانعين؟! هل سننقذ القدس من التهويد، أم المسجد الأقصى من الهدم والإزالة؟!

هل نستطيع جلب انتباه العالم الغارق في البكاء على أوكرانيا ولاجئيها وأطفالها، إلى مأساة الفلسطينيين الممتدة منذ قرن، وإلى ملايين اللاجئين الفلسطينيين الذين ماتوا في الشتات، أو أولئك الذين ما يزالون يحلمون بقبر صغير في قريتهم المحتلة.



هل نستطيع أن نشرح للعالم أهمية أن تبقى وكالة الأونروا عاملة في دول اللجوء، وأن تسهم في التشغيل والتعليم والصحة، خصوصا أن كثيرا ممن رعتهم أسهموا في نهضة العالم وتقدمه!

هل يهتمون هم في الأصل بمثل هذه الجزئيات، بينما هم منهمكون في مواجهة الصين وروسيا، وضمان تفوق الاحتلال الإسرائيلي، وترميم اقتصاداتهم من تداعيات كورونا، ومخاوف ضعف النمو الاقتصادي وخشية الوقوع في براثن الانكماش.

وقبل كل هذه الأسئلة: هل تبقت أرض يمكن للفلسطينيين إقامة دولتهم المستقبلية عليها؟ هل هناك حيز جغرافي يمتلك معقولية إقامة دولة، أو دويلة، بعدما ابتلع كيان الفصل العنصري والتطهير العرقي معظم الأراضي؟!

لذلك كله، فلنذهب إلى الأمام، حيث الأمان والطمأنينة اللذان يمثلهما التطبيع. نعم، أنا مع التطبيع، لأنه الأسهل في زمن لا يمكن الركون فيه إلى مقاومة العالم كله، بما فيه الأخوة الذين بنوا حول أنفسهم جُدرًا، وباتوا غير قادرين على سماع صرخات الفلسطينيين، ولا على رؤية دمائهم التي سالت على مدار عقود متتالية.

أنا مع التطبيع، فخلال أربعين عاما اضطررنا إلى تجرّع الخسارات والمآسي واحدة تلو أخرى من غير أن نصطدم، ولو لمرة واحدة، بما يمكن أن نسميه الأمل.

أنا مع التطبيع، لأن تواريخنا جميعها اصطبغت بالدم، ولم نعد قادرين على متابعة المجازر بحق الفلسطينيين والعرب، فكل ما نفعله هو أننا نعدّها، ونفهرسها بتواريخ في جداول منمقة لكي نتذكرها دائما، ونكتب عنها بحزن مصطنع على صفحاتنا في الفيسبوك.

أنا مع التطبيع، لأن أبي أخبرني، ومنذ زهاء نصف قرن، أن إسرائيل زائلة، لكنني أراها تتوسع وتكبر في كل يوم، ما يثبت أن أبي كان حالما مثل جميع الرومانسيين الذين تمسكوا بالشعارات، ولم يفحصوا ما خلفها من تناقضات في بنيتنا الذاتية.

أنا مع التطبيع، لأن مدرّس التاريخ في الصف الأول الثانوي حلف لنا أغلظ الأيمان بأن إسرائيل ورم سرطاني لا يمكن له أن يعيش طويلا. ومع ذلك، فقد مرت أربعة عقود على كلام المعلم، ولم يحدث شيء.

أنا مع التطبيع، لأن مدرس اللغة الإنجليزية في الصف الخامس، ارتأى ذات يوم أن ينسى الدرس، وأن يتساءل؛ من منا تابع أخبار أمس. قال لنا: أرأيتم كيف أن المقاومة الوطنية أخرجت الجنود الصهاينة من الدبابات وهم مكبلون. أرأيتم كم هم جبناء؟! لكن منطق المدرّس كان عقيما هو الآخر، فأولئك "الجبناء" الذين كان يتحدث عنهم، كانوا يحتلون عاصمة عربية.. اسمها بيروت!!

كل ما حولنا يدفعنا إلى الترحيب بالأعداء، وأن ننبذ الأهل، خصوصا في زمن تلوّن فيه كل شيء، ولم نعد نحسن تمييز الإخوة والأصدقاء من الأعداء. كل ما حولنا يدفعنا للتخفف مما فرضته فلسطين علينا من التزامات لم نكن نريد أن نحملها. لماذا يتوجب علينا أن نعيش ونحن نرزح تحت هذا الحمل الثقيل. لنتخفف منه، ومن جميع الالتزامات الأخلاقية التي تفرضها علينا قضية تسربت إلى جميع مسام حياتنا، وفرضت إيقاعها على تفاصيل يومنا، وعشناها أساسا لحياتنا، وجدول مهام يومية!

الغد

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينيين الاحتلال التطبيع احتلال فلسطين تطبيع مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

عادل عسوم: إلى الذين أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ

في هذه الآية الكريمة التي عنونت بها مقالي تصوير فني عجيب!
(عجل) يتم (اشرابه) في قلوب قوم ليكون المآل تغير تام في أقوالهم وأفعالهم!
لكأن العجل تحول إلى سائل تغلغل في كل أجزاء أجسامهم وخلاياهم، إنها صورة ووصف بليغ يشي بماحدث في قلوب ووجدان بني إسرائيل ليتحولوا إلى النقيض بعد أن كانوا مؤمنين…
وكم من عجول أخر أشربت بها قلوب أخر يا أحباب.
ف الشيوعية عجل…
ومنهج حزب المؤتمر السوداني عجل…
ومنهج حزب البعث عجل…
وافكار محمود محمد طه عجل…
والقحطنة عجل…

كلها عجول تم اشرابها في قلوب بعض بني جلدتنا لتصبح رانا يتسبب في تغيير قناعتهم بدين الله فلايستحق عندهم أن يكون مصدرا للتشريع في وثيقتهم الدستورية الهالكة، ولافي اتفاقهم الاطاري المجلوب، وتسرب إلى وطنيتم فباعوا السودان وباعوا أنفسهم، وللأسف فإنهم أسوأ حالا من أصحاب العجل الأول الذين قالوا:

{…مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ}.
قيل: إن الله تعالى لما أغرق فرعون وقومه نبذ البحر حليهم، فأخذوها فكانت غنيمةً، ولم تكن الغنيمة حلالًا لهم في ذلك الزمان؛ فسمَّاها أوزارًا لذلك، ﴿فَقَذَفْنَاهَا﴾،

قال السدي: قال لهم هارون هذه غنيمة لا تحل فاحفروا حفيرةً، فألقوها فيها حتى يرجع موسى فيرى فيها رأيه، ففعلوا، {فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ} ما معه من الحلي فيها، وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما: أوقد هارون نارًا، وقال: اقذفوا ما معكم فيها، فألقوه فيها، ثم ألقى السامري ما كان معه من تربة حافر فرس جبريل، قال قتادة: كان قد أخذ قبضةً من ذلك التراب في عمامته، {فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي}.

أما بني جلدتنا من قحاطة ويسار؛ فلم يعتبر أحد منهم الحلي والدراهم والدولارات واليوروهات التي اخذوها (أوزارا)، وقد أشربوا عجلها منذ أول يوم لحكومة حمدوك التي سنت لأول مرة في تأريخ هذا السودان استلام (مواهي) وزرائها من السفارات الأجنبية والمنظمات الكائدة للسودان وأهله!

ومافتئوا من يومها ركعا سجدا للسفراء والسفارات، فأصبحت -ومافتئت- الخيانة والتفاهة لهم طبعا وجبلة…

كيف لا وهم الذين استغلوا الصبية حصان طروادة للوصول إلى كراسي حكم يعلمون يقينا بأنهم ليسوا ببالغية بانتخابات؟!، يملون على الصبية هتافاتهم التافهة (كنداكة جات بوليس جرا) و (معليش معليش ماعندنا جيش)، ولاء آتهم الثلاثة التي كانوا يلقنونها للصبية نهارا، وعندما تغيب الشمس يتسللون لوذا إلى بيوت العسكر لحوارهم استجداء ومناصفة!، وعندما تأبى عليهم الجيش ليصبح لهم رافعة؛ نقموا عليه فسعوا إلى تفكيكه، ثم تسببوا في أشعال نار حرب مافتئوا يذكون أوارها مناصرين للمتمردين الأوباش…

ولست مغاليا إن قلت بأن كل الذي حدث ومافتئ يحدث في هذا السودان منذ عام 2019 كان -ولم يزل- خلفه الحزب الشيوعي، ومن بعده أذياله من حزب البعث وبقية ذؤابات وحراشف اليسار، بالله عليكم كم كان عدد وزراء الحزب الشيوعي في حكومتي حمدوك سيئة الذكر؟!
وكم كان عدد كوادرهم التي نصبوها وكلاء وزارات وقيادات للعمل التنفيذي منذ عام 2019؟!
راجعوا اسماء من كانوا مستشارين لحمدوك ثم فولكر لتتبينوا من كان خلف ثورة (السمبر) التي جعلت من شعارها تسقط بس؟!

راجعوا اسماء رؤساء اللجان العديدة التي خططت وأحالت المهندسين للصالح العام، ثم اختارت (الكفوات) من منخنقة وموقوذة ومتردية ونطيحة ليعجزوا عن تشغيل الكهرباء وتشغيل المصفى وتشغيل خط الأنابيب؟!

وليقرأ أهل السودان كيف كاد الشيوعيون من قبل لرائد الاستقلال السيد اسماعيل الأزهري الذي حرموه -حتى- من اذاعة خبر وفاة يليق به بإعتباره رئيسا لوزراء سابق وهو أول رئيس لوزراء السودان من بعد الاستقلال!

لقد أذاعوا بيانا هزيلا في أخبار الخامسة مساء ضمن أخبار الأموات حيث قال المذيع:
(توفي إسماعيل الأزهري المعلم السابق)!…
وتجاهلوه في النشرة الرئيسة في الساعة الثالثة عصرا!.

حدث ذلك يوم 26 أغسطس 1969 ومايو يومها حمراء فاقع لونها تسوء الناظرين، وقد ورد عن طيب الذكر نميري رحمه الله أنه أبدى ندمه عن هذا التصرف الأرعن، وتهكم على التبرير الذي ظل الشيوعيين يرددونه عن البيان…

وتبين للناس سفه أحلامهم في ثورة اكتوبر 64 التي تداعى لها شعراءهم وتغنى المغنون:
أكتوبر واحد وعشرين
يا صحو الشعب الجبار
يا لهب الثورة العملاقة
يا ملهم غضب الثوار.
ووصل كذبهم حد أن جعلوا من ابن قرية القراصة احمد القرشي طه رحمه الله شهيدهم الأول!
فكتب شاعرهم:
وكان القرشي شهيدنا الأول
حلفنا نقاوم ليلنا وسرنا
للشمس النايره قطعنا بحور
حلفنا نموت او نلقي النور
وكان في الخطوه بنلقي شهيد.
لكنهم عندما رأوا الناس متحلقبن حول الراحل ابراهيم عبود في زنك الخضار هاتفين له ضيعناك وضعنا ياعبود تبينوا زيف أناشيدهم!

وظل ران العجول المشربة بها قلوبهم يغبش عليهم الرؤى ويفسد طواياهم، فجاءت مجزرة الجزيرة أبا، وودنوباوي، وقتلوا الامام الهادي المهدي، حيث بعث سكرتير الحزب عبد الخالق محجوب رسالة من القاهرة فى 17 ابريل 1970 يقول فيها فرحا ومهنئا:

(ان تصاعد الصراع السياسى والطبقى فى بلادنا والذى اتخذ من مسرح الجزيرة ابا وودنوباوى مسرحا لها ليس أمرا عابرا، لأننا قد استقبلنا بالفعل نقطة تحول فى تطور الحركة الثورية السودانية، وفى اشكال الصراع السياسى وانه من المهم دراسة تلك ألأحداث بدقة من قبل كل منا فى حزبنا والحركة الديموقراطية والخروج باستنتاجات موضوعية ووضع التكتيكات السليمة لحركة الثورة فى بلادنا…

ويواصل عبد الخالق رسالته الشهيرة الداعمة لضرب الأبرياء فى الجزيرة ابا وود نوباوى فيقول فيها: (نستطيع أن نقول بأنه قد وجهت ضربة قاصمة للتنظيم المسلح الرجعى فى بلادنا وانزلت بجموع قوى اليمين فى بلادنا هزيمة ساحقة واضعفت من فعاليتها وقدرتها..
ويواصل قائلا: (ومن الخطأ اعتبار ان الهزيمة مؤثرة فى حدود اقصى اليمين أى حزب الأمة وحده…).

وهانحن اليوم نرى بعض ابناء وبنات قيادة حزب الأمة يوالون هذا الحزب ومافتئوا!…
إن طبع هذا الحزب الكذوب وتأريخه القبيح في القتل تفضحه حتى اشعارهم التي تتحدث عن سيف فدا مسلول يشقون به اعداءهم عرضا وطول كما كتب محجوب شريف في يافارسنا وحارسنا، وكذلك كتب كمال الجزولي محتفيا كذلك بمجزرة الجزيرة أبا:
أن نغرس في الصدر الخنجر
ان نطلق في الرأس رصاصة
أن نمسح حد السيف بحد اللحية..
أصبح أسهل من إلقاء تحية.

وبالأمس القريب كان الشعار الخاوي الذي أملاه ذات اليسار من خلال واجهاته الكذوب من تجمع مهنيين وقحت ولجان مقاومة بأن (تسقط بس)!، وعندما جقلبت الخيول نالوا (هم) الشكرة وأصبحوا الحماميد وانجعصوا في كراسي الحكم وقلبوا ظهر المجن للذين ساقوهم بالخلا فتناسوا قضاياهم بعد أن وضعوا يدهم في يد المتمرد حميدتي، وما كان فض الاعتصام إلا احداها…

ولم يقف الأمر على تبينهم لخطئ شعار ثورة السمبر، بل تبينوا خطأ مسماهم (قحت) ليبدلوه ب(تقدم)!، ومابينهم وبين التقدم بعد المشرقين!

تقدم التي انبري منها أحد قياداتها ممن كنت احسبه صاحب وعي سيجعله يوما يعتذر للناس وينأى بنفسه عن هؤلاء الطفابيع؛ إذا به ينبري ليعيب على صاحب الجنقوا مسامير الأرض انتقاده لقحط وتقزم مواقفها القبيحة وسفه أحلام قياداتها، وإذا به يجد ردا لايبقي ولايذر،
ذكر له فيه كل العبر،
وسارت به الركبان في البحر والبر،
فليت صاحبنا يدكر.
وإلا،
فسينتهي أمره في تأريخ السودان بكونه صاحب ثقافة اللساتك????
اعلموا ياهؤلاء بأن التأريخ لن يرحمكم، سيلعنكم هذا الشعب على مر التأريخ، بل سيلعنكم الأبناء والأحفاد على خيانة وصلت بكم حد الاستنكاف عن ادانة جرائم الاغتصابات والقتل والنهب الذي طال أهلكم في كل أرجاء السودان، واذا بكم بلا كرامة ولانخوة تتسابقون إلى مصافحة قائد المغتصبين والقتلة، ومنهم كثر ثبت بأنهم ليسوا سودانيين!
اختم بالقول بأن العجول التي يتم اشرابها في القلوب الجاحدة؛

لضرب من البلاغة تميزت به آي القرآن الكريم، وكم في هذا القرآن الذي لم تعترفوا ب(أهليته) ليكون مصدرا للتشريع من بلاغ.
أسأل الله أن لايحقق لكم غاية ولايرفع لكم راية.

عادل عسوم

adilassoom@gmail.com

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • طه حسين في المشاعر المقدسة 2-1
  • بعد أن يسدل الستار علي الحرب العالمية الثالثة في السودان يمكن اجراء مناظرة سياسية بين الجنرالين
  • ما بين المناظرة الأميركية والمنازلة اللبنانية
  • عوامل خطر الإصابة بـ"كوفيد طويل الأمد "
  • السيسي: أفشلنا مخطط تهجير الفلسطينيين
  • الحج و.. "الطرق الخلفية"
  • التيار الحرام
  • مسك العصا من النُص!!
  • عادل عسوم: إلى الذين أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ
  • صحيفة تتحدث عن أوضاع الفلسطينيين الذين عبروا إلى مصر خلال العدوان