موقع 24:
2025-03-17@04:13:52 GMT

كارثة ليبيا أكبر من الإعصار

تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT

كارثة ليبيا أكبر من الإعصار

الكوارث توحد الشعوب، والمآسي تجبر الإنسان على التخلي عن أنانيته ومطامعه وأحقاده، والكارثة التي تعرضت لها مدينة درنة الليبية ألغت الفوارق بين أهل الشرق والغرب، وأعادت توحيد الشعب الليبي بعد سنوات من التنابذ والاقتتال.






أهل الغرب هبّوا لمساعدة منكوبي إعصار دانيال، بالتطوع والتبرع والدعم، وهو الموقف الذي لم يشأ السياسيون الليبيون استغلاله لصالح استعادة ليبيا، بل إن بعضهم حاول استغلال الكارثة والاتّجار بها أملاً في تحقيق مكاسب وهمية من ورائها، وهو ما دفع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا عبد الله باتيلي، إلى دعوة القادة في الشرق والغرب إلى الارتقاء إلى مستوى اللحظة، وأن يعملوا يداً بيد من أجل تجاوز آثار المأساة التي ضربت البلاد، معرباً عن أسفه لأن التنسيق بين المؤسسات في الشرق والغرب لم يكن على مستوى التضامن غير المسبوق الذي أبداه الليبيون من كل المناطق تجاه إخوانهم وأخواتهم في درنة وغيرها من مدن الشرق، التي اجتاحتها الفيضانات.



باتيلي تحدث بصراحة قد يعتبرها البعض في غير وقتها، ولكنه الوقت المناسب للمكاشفة والمصارحة وخصوصاً أن هذه اللحظة في ليبيا لا تقتضي الاستغلال السياسي الذي دفع الشعب ثمنه من الفرقة والتشرذم على مدى 12 عاماً، وكارثة إعصار دانيال لم تكن سوى أحد الأثمان التي دفعها الليبيون للسنوات العجاف التي عاشوها تحت حكم من يتصارعون على اختطاف ليبيا من أهلها، وما حدث في درنة من اقتلاع للمنازل واختفاء لأحياء وجرف للبشر والحجر إلى البحر ليس نتيجة الإعصار فحسب بقدر ما هو نتيجة إهمال السلطة في ليبيا.
ورثة القذافي في الحكم مشغولون بالتصارع على الاستئثار بالدولة ومواردها حتى لو استلزم ذلك هدم المعبد على من فيه، وكانت النتيجة دولتين في دولة، حكومتين وجيشين وعدة أجهزة أمنية، والكثير من الميليشيات والمرتزقة، لحماية وتأمين كبار المختطفِين لهذه المنطقة أو تلك، وهو ما يفرض التركيز على شراء أسلحة والاستعداد لمواجهات محتملة، والانصراف عن إصلاح التالف وبناء المتهالك والقيام بأعمال الصيانة الدورية للسدود والصهاريج وشبكات الكهرباء والمياه والطرق، والنتيجة انهيار السدود ليحدث الطوفان الأعظم، رغم أن عدداً من المؤسسات البحثية والعلمية بينها جامعات ليبية حذرت خلال السنوات الماضية من خطر تعرّض حوض وادي درنة لفيضانات كارثية، حال عدم إجراء الصيانات الدورية للسدود، مطالبة أيضاً بإيجاد وسيلة لزيادة الغطاء النباتي بحيث لا يكون ضعيفاً ولا يسمح للتربة بالانجراف.
نسمع من وقت لآخر عن إعصار يضرب هذه الدولة أو تلك، ونتابع الإجراءات التي تتخذها دول مختلفة قبل وصول الإعصار إليها من خلال عمليات الإخلاء وطرق الوقاية المتنوعة، ولكننا لم نسمع ولم نتابع نتائج كارثية في أي دولة مثلما حدث في ليبيا، والسبب إهمال الطامعين والسلطويين والمتنازعين على الدولة والشعب.
غياب التنسيق بشأن درنة بين طرفي الحكم في الشرق والغرب يؤكد أن خروج ليبيا من أزماتها لن يتحقق في المستقبل المنظور، وسيظل كل طرف يناور سياسياً حتى يظل محتفظاً بما لديه من مناطق وسلطات وموارد، وهو ما يضعف الأمل في التوافق بشأن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي عقد بشأنها أكثر من مؤتمر وتحدد لها أكثر من موعد. المماطلة والفساد والمناكفات السياسية اغتالت درنة كما اغتالت أحلام الشعب الليبي في الاستقرار وفي اختيار حكامه بنفسه، ولا خروج لليبيا من أزماتها إلا بعد أن يرفع كبار الطامعين في خيراتها بالخارج الغطاء السياسي عن ممثليهم في الداخل.
القيادة في بعض دولنا العربية ناطحت بإنجازاتها السماء وحلّقت بطموحات شعوبها في الفضاء، وفي دول أخرى هوت بطموحات شعوبها في أودية سحيقة وتركتهم للأعاصير والفيضانات تجرفهم، والبحار تبتلعهم.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الشرق والغرب فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

كارثة الرسوب الجماعي: إلى أين يتجه التعليم؟

 

يعقوب الخنبشي

 

حين يرسب 12 ألف طالب في امتحانات الشهادة العامة، فالأمر لا يعدو كونه مجرد إحصائية باردة، بل هو ناقوس خطرٍ يدق أبواب المستقبل، مشيرًا إلى خللٍ جسيمٍ في جسد المنظومة التعليمية.

هذا الرقم المفزع لا يعكس فشل الطلبة فحسب، بل يكشف عن أزمة أعمق تتشابك فيها الأسباب التربوية، والاجتماعية، والاقتصادية، والإدارية؛ حيث لا يُمكن تفسير هذا العدد الهائل من الراسبين على أنه مجرد تقصير فردي، بل هو مؤشرٌ صارخٌ على اختلال المنظومة التعليمية.

حين يكون السقوط جماعيًا، فالمشكلة لم تعد في اجتهاد الطالب وحده، بل في المناهج، وطرق التدريس، وآليات التقييم وضعف المعلم المؤهل وضعف المسؤول والمشرف، وجميعها عوامل تؤدي إلى وأد الطموح وإضعاف الدافعية لدى المتعلمين.

ولا يمكن فصل الواقع التعليمي عن البيئة المجتمعية، إذ إن الفقر، وغياب الدعم الأسري، وضعف البنية الأساسية، جميعها أسباب تساهم في تفاقم الأزمة؛ فالطالبٌ الذي يواجه تحديات معيشية صعبة لن يجد في المدرسة مكانًا محفزًا؛ بل سيرى في التعليم عبئًا لا طائل منه، مما يدفعه إلى الهروب من الفصول، وحتى التسرب من التعليم نهائيًا.

واستمرار هذه الظاهرة يعني مستقبلًا غير إيجابي؛ حيث يتحول التعليم من أداة للنهوض إلى عائق أمام التنمية. وفي ظل هذه الأوضاع، قد نجد أنفسنا أمام أجيال فاقدة للكفاءة، غير مؤهلة لسوق العمل، وغير قادرة على الإبداع والتطوير، مما يؤدي إلى مزيدٍ من البطالة والانحدار الاقتصادي والاجتماعي.

ولا يمكن معالجة هذه الأزمة بحلول سطحية، كتعديل نسبة النجاح أو تخفيف صعوبة الامتحانات، بل يجب إعادة هيكلة المنظومة التعليمية بالكامل، بدءًا هيكلة الوزارة وتحديث المناهج، وتأهيل المعلمين، وتطوير أساليب التقييم، ودمج التكنولوجيا في التعليم، وليس انتهاءً بإصلاح البنية التحتية وإعادة النظر في السياسات التعليمية.

لا بُد من ثورة تعليمية حقيقية، تجعل من المدرسة بيئة جاذبة للطلاب، ومن المعلم قائدًا معرفيًا، ومن المناهج أدوات لبناء العقول لا مجرد تحصيل دراسي موقت.

ختامًا.. إن رسوب 12 ألف طالب ليس مجرد رقم، بل كارثة تعليمية تستوجب وقفة جادة من المسؤولين وأصحاب القرار. التعليم ليس ترفًا، بل هو أساس نهضة الأمم، وحين ينهار، ينهار معه المستقبل. فإما أن نعيد بناءه على أسس سليمة، وإما أن نستعد لمجتمعٍ تسوده الأُمِّية المُقنَّعة، والعجز عن مواكبة العالم، والتخلف عن ركب الحضارة.

مقالات مشابهة

  • أحمد موسى: ما يحدث في سوريا ولبنان كارثة.. فيديو
  • غزة تواجه كارثة إنسانية مع استمرار الحصار والتصعيد العسكري
  • القاهرة الإخبارية: غزة تواجه كارثة إنسانية مع استمرار الحصار والتصعيد العسكري
  • كارثة الرسوب الجماعي: إلى أين يتجه التعليم؟
  • زخامة: الليبيون يشكلون ‎%‎70 من المرضى الأجانب في تونس وديونهم متراكمة
  • «حكماء المسلمين» يدعو لتعزيز لغة التعايش ومواجهة خطابات التَّعصب
  • بحضور الآلاف .. مستقبل وطن ينظم أكبر مائدة إفطار جماهيري بالدقهلية
  • ملك بريطانيا يكرّم عاملة إغاثة لمساعدتها متضرري فيضانات درنة
  • تحليل لـCNN: سوريا قد تصبح أكبر مكسب استراتيجي لإسرائيل في الشرق الأوسط الجديد لنتنياهو
  • كارثة بيئية وصحية تهدد الحياة في غزة جراء تجمع المياه العادمة