دراسة تكتشف دليلا على دوران أول ثقب أسود صوره البشر
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
تمكن علماء الفلك أخيرا من رصد نفاثتين ضخمتين انطلقتا من الثقب الأسود «الوحش» (إم 87)، وهما تتأرجحان في دورة مدتها 11 عاما، مما يثبت لأول مرة أن الثقوب السوداء تدور.
ويعد الثقب الأسود المسمى «إم 87»، هو أفضل ثقب أسود تمت دراسته حتى الآن، كما يعتبر أول ثقب أسود يتم تصويره مباشرة على الإطلاق في عام 2019.
ونشر الباحثون النتائج التي توصلوا إليها في 27 سبتمبر في مجلة «نيتشر» العلمية.
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة كوي يوزهو، وهو عالم فلك في مختبر تشجيانغ في هانغتشو في الصين: «نحن سعداء بهذا الاكتشاف المهم، ويعد تجميع بيانات عالية الدقة لتتبع هيكل (إم 87) على مدار عقدين من الزمن وإجراء التحليل الشامل، هو أمر ضروري للحصول على هذا الاكتشاف».
وتوصل العلماء لهذا الاكتشاف الضخم، باستخدامهم شبكة عالمية تضم أكثر من 20 تلسكوبا، فحصوا من خلالها وبدقة 170 ملاحظة بشأن الثقب الأسود «إم 87» تم جمعها بين عامي 2000 و2022.
وعلى الرغم من أن قوى الجاذبية الشديدة داخل أفق حدث الثقب الأسود، تجعل الجزء الداخلي غير مرئي، إلا أن الباحثين حولوا انتباههم إلى التدفق المذهل المنبعث من الثقب الأسود، الممتد على مسافة مذهلة تبلغ 4900 سنة ضوئية.
ويبدو أن هذه التدفقات، التي تم رصدها لأول مرة في عام 1918، وتم التقاطها لاحقا بواسطة تلسكوب «هابل» الفضائي، تتحرك أسرع بخمس مرات تقريبا من سرعة الضوء، نتيجة الوهم البصري المعروف باسم الحركة الفائقة للضوء.
ولاحظ الباحثون أن الثقب الأسود الموجود في مركز مجرة «إم 87» كان يغير تدريجيا زاوية نفثه بمقدار 10 درجات تقريبا قبل أن يعود إلى اتجاهه الأصلي، وهي دورة تستغرق نحو 11 عاما لتكتمل، وقد قدم هذا الاختلاف المثير للاهتمام في ميل الدفقة، دليلا قاطعا على وجود ثقب أسود دوار.
وأكد العلماء أن الدراسة الجديدة «سوف تساعد في تسليط الضوء على كيفية تشكل الثقوب السوداء وتطورها إلى الوحوش التي نراها في جميع أنحاء الكون».
وتعتبر مجرة «إم 87» كائنا ذو أهمية كبيرة نظرا لقربها نسبيا، إذ تقع على بعد 54 مليون سنة ضوئية فقط، مما يجعلها أكثر سهولة للدراسة مقارنة بالمجرات البعيدة الأخرى، وقد فتنت هذه المجرة علماء الفلك منذ اكتشافها في عام 1781 من قبل تشارلز ميسييه، الذي أطلق عليها تسمية «ميسييه 87».
المصدر: الراي
كلمات دلالية: الثقب الأسود ثقب أسود
إقرأ أيضاً:
تأملات قرآنية
#تأملات_قرآنية
د. #هاشم_غرايبه
يقول تعالى في الآية 11 من سورة الرعد: “..إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ..”.
ذهب المفسرون الى أن التغيير في حال قوم يوقعه الله بهم يحتمل أن يكون من سيء الى حسن أو العكس، لكن السياق يفيد التغير من الحال السيء الى حال أفضل، ويعزز ذلك الآية المتشابهة مع هذه الآية: “ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ” [الأنفال:53].
لذلك تعتبر هاتان الآيتان من السنن الكونية التي يجري الله الأحداث بموجبها، وتقطعان بأن أحوال الأمم والأقوام ليست أقدارا مكتوبة عليها، بل متغيرة يبدلها الله من حال الى حال، والتغيير مرتبط بتغير نواياها وسلوكاتها.
وعليه فان من يطمحون الى خروج أمتنا من واقعها الحالي المزري، ونهضتها وعودتها الى موقعها الحضاري المجيد الذي كانت عليه، وكانت خلاله في صدارة الأمم، حري بهم أن يتأملوا جيدا في مدلولات هاتين الآيتين.
مما يمكن استخلاصه الحقائق التالية:
1 – إن التعامل الإلهي مع البشر فردي حينما تتعلق المسؤولية عن سلوكاته بذاته، فيحاسبه عما فعل ولا يحمله عاقبة أفعال غيره لأنه ليس له عليه من سلطة، لكنه يحاسب المجتمعات جماعيا عندما تتعلق منتجات الأفراد بالمنتج العام للسلوكات فتصبغ المجتمع بصبغة ذلك السلوك، وتصبح تلك السمة العامة للمجتمع سواء كانت إيجابية أو سلبية مؤثرة على الأفراد وموجهة لسلوكاتهم، مثال على ذلك قوم لوط، اذ لا يعقل أن جميع الأفراد كان لديهم شذوذ جنسي، لكن عوقب الجميع عندما لم يعد الأمر مستنكرا في القيم المجتمعية الجمعية، بل ممارسة مقبولة، ولممارسيه حماية ورعاية من قبل الهيئة الحاكمة، بل وتعاقب من ينتقدها أو يضايق فاعليها (كما نشهده الآن في العالم)، وعندما لم يتصدّ المصلحون لوقفها ولم يستنكرها الصالحون، أصبحت سمة عامة تصبغ المجتمع كله، لذلك أخذ الله المجتمع كله، صالحه وفاسده بالعذاب.
2 – فاسدو المجتمع يحاولون تبرير أفعالهم بأن الله كتب عليهم الضلال، وفي هاتين الآيتين بيان مبطل لادعائهم، وتأكيد على أن ما يصيب الأقوام هو نتاج أعمالهم.
كما بين تعالى في مواضع كثيرة أن الله لا يضل إلا من اختار الضلالة بإرادته وعن سابق عزم وتصميم “سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ” [الأنعام:148].
كما بين أنه تعالى لا يأمر بالمنكر: “وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ” [الأعراف:28]، بل فعل المنكرات هو مما تزينه النفوس الأمارة بالسوء.
3- بناء على ما سبق نتوصل الى أنه لا ينبغي للمؤمنين في زمننا الكالح هذا القعود بانتظار المعجزات، ولا انتظار أن يأتينا الفرج بالاكتفاء بالدعاء، بل علينا الجد والعمل لتغيير هذا الحال الذي ما وصلنا إليه إلا لأن العلماء المصلحين انكفأوا عن أداء واجبهم في التنبيه الى سوء المنقلب، والمؤمنون الصالحون صمتوا عن شيوع المنكرات، وعلى رأسها تقبل أن يحكموا بغير ما أمر به الله، وسكتوا عندما تبين لهم أن قادتها يرفضون الحكم وفق منهج الله، واعترفوا صراحة أنهم ينبذونه ويعتبرونه أرهابا، ويتبعون منهج أعداء الأمة التاريخيين.
ان الحكم بما أنزل الله واجب شرعي، ولا يجوز للحاكم ان كان مؤمنا اتباع منهج غيره، ولا يقبل الله منه ادعاءه بأنه مسلم بمجرد إعلان ذلك طقوسيا على الراية، أوالتظاهر باتباعه من خلال المظاهر الخادعة كالسماح برفع الأذان، او تنفيذ احكام الاعدام بالسيف بدل المشنقة.
الحكم بموجب الشرع يظهر في اتباع ما أمر به الله، وأهمه معاداة من يعادي الدين ويحارب المسلمين، ونصرة إخوانهم في الدين وعدم موالاة من احتلوا ديار المسلمين ولا إلقاء السلم إليهم قبل أن يجلوا عنها.
هل عرفنا الآن لماذا غير الله نعمته التي أنعمها علينا بجعلنا خير أمم البشر، فغيرها الى الأمة الأضعف والتي سلط عليها أراذل البشر الذين كتب عليهم الذلة والمسكنة!؟.
وهل عرفنا أنه لن يزول ذلك، ولن يعيد الله حالنا الى ما كنا عليه من عزة وكرامة، بمجرد الصلاح الفردي وكثرة العبادات، بل بتغيير ما بأنفسنا كمجتمع، من هوان واستكانة لما فرضه الأعداء ووكلاؤهم علينا.