الفقر الإسكاني في السودان .. السكن اللائق في زمن الحرب
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
بالرجوع لنموزج ماثلو (هرم ماثلو) لفهم دوافع السلوك البشري، تأتي حوجة الإنسان للمسكن بعد الغذاء والصحة (حوجات فيسيولوجية) مباشرة ضمن الحاجة للأمان (نناقش هنا العلاقة الطردية بين جودة ونوعية المسكن وبين الحالة الفيسيولجية للإنسان). وإذا ما كنا نعرف المسكن على أنه الحماية من عوامل الطبيعة والمخاطر بشكل عام في الأحوال العادية، ففي زمن الحرب، الفقدان المفاجئ للمسكن يعتبر الكارثة الأكبر!.
في عرف المعماريين والحقوقيين هناك معايير ومواصفات معينة يجب أن تنطبق على أي مسكن حتى يكون لائقا بالإستخدام الآدمي، فحسب اللجنة الدولية التابعة للامم المتحدة والمعنية بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية فالسكن اللائق يعني سبعة عناصر أساسية هي: 1) الضمان القانوني لحيازة وإشغال المسكن، 2) الوصول للخدمات، 3) القدرة على تحمل التكلفة الإقتصادية للمسكن، 4) سهولة الوصول والحصول على المسكن، 5) الملائمة للسكن، 6) الموقع الملائم للسكن، و7) الملائمة الثقافية. كما تصنف الأمم المتحدة الحرمان من السكن اللائق كإنتهاك لحقوق الإنسان (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مادة 25 (1)). لا تكفل التشريعات والقوانين في السودان الحق في السكن اللائق كما أن التبعات المترتبة على انتهاك هذا الحق لا ترصد أو تؤخذ في الإعتبار عند رسم الخطط والسياسات العامة للدولة لإسباب عدة مرتبطة بعدم الإستقرار السياسي والنزاع المستمر حول السلطة في السودان لأكثر من سبعة عقود.
يعرف الباحثون الفقر على أنه: الحرمان الدائم من الموارد، والإمكانيات، والخيارات، والأمان، والقدرة الضرورية للتمتع بمستوى معيشي لائق. والسودان يصنف كواحد من أفقر دول العالم إقتصادياً من حيث ضعف نصيب الفرد من الدخل القومي ومن حيث عدد المواطنين الفقراء حسب تقارير البنك الدولي، وقد بلغ عدد الاشخاص المتضررين من إنعدام الأمن الغذائي في العام 2023 نحو 15.8 مليون شخص غالبيتهم من الأطفال والنساء حسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية (أوتشا). وبالرغم من عدد سكان السودان الذي يقدر ب 45 مليون نسمة في مساحة تفوق ال 1.800.000 متر مربع إلا أن ثلث السكان فقط يسكنون في مناطق حضرية (موزعون على 25 مدينة)، بمعنى أن السودان مازال ريفياً. نسبة إشغال الأسر المعيشية للمسكن تصل إلى 5 أفراد في المتوسط، ويعتمدون في تدبير تكاليف المعيشة على الزراعة أوالرعي أوالمرتبات أوالأجور أوأرباح الأعمال أوالإستثمار العقاري أوالمساعدات أوالتعويضات، وإن 90% من الأسر التي تعتمد على الزراعة كمصدر دخل تسكن في الريف بينما تعتمد 70% من الأسر في الحضر على الأجور أو المرتبات أو أرباح الأعمال والأستثمارات (1).
السكن ما قبل الحرب
الفقر الإسكاني في السودان يمكن تجسيدة في القطيعة البائنة بين السكن ووظيفته الإجتماعية وفقدان الملايين لحقهم في العيش اللائق والتنمية والتي إزدات حدتها في الثلاثة عقود الأخيرة بسبب غياب التشريعات والقوانين من ناحية، ومن ناحية ثانية إتجاه الدولة نحو أمولة السكن المتمثلة في الاولوية والأفضلية التي تمنحها القوانين للإستثمار الخاص والأجنبي في السودان على حساب غياب الدولة كلاعب أساسي في صناعة الإسكان في السودان وإتجاهها لتسييل الأراضي البيضاء لتمويل منصرفاتها الإدارية وإتجاهها عبر صناديق الإسكان والرعاية الإجتماعية لمراكمة رأس مال بالمضاربة في العشوائيات والأحياء الفقيرة وبالتالي إرتفاع كلفة السكن و الأرض والخدمات التي يتحمل تكلفتها المواطن بنسبة تصل الى 100%، حيث أصبح السكن سلعة لمن يستطيع وليس حق من حقوق الإنسان.
وكانت النزاعات المسلحة وعدم الإستقرار السياسي وسياسات التنمية غير المتوازنة ما بين الريف والحضر ومابين مدينة وأخرى السبب في إرتفاع الطلب على إيجار الوحدات السكنية في بعض المدن –أبرزها الخرطوم- خصوصا وسط الفقراء. وقد تأثرت حالة المسكن من حيث الموقع والملائمة للسكن والتكلفة، حيث نجد أن أكثر من 50% من المساكن التي يستطيع الغالبية تحمل كلفة حيازتها (تمليك/إيجار) مشيدة من مواد بناء غير دائمة وبدائية لا تصمد أمام عوامل الطبيعة ومعرضة للإنهيار مع كل خريف. كما أن 10% من متوسطي الدخل يبحثون عن مساكن دائمة منخفضة التكلفة (2)، وتحت ضغط الفقر وتراجع القدرة الشرائية لغالبية السكان، فإن البدائل المتاحة هي التشرد أو السكن في عشوائيات كالأراضي غير المشغولة أو منازل تحت التشييد على أحسن الفروض، وقد نمت العديد العشوائيات والأحياء الفقيرة التي تتمدد كالأشباح في وحول المدن كما تقول الترجمة للكلمة الفرنسية Bidonville. نشير هنا إلى، وكما مهدت هذه الورقة سابقاً، أن فقدان المأوى يعني فقدان الإحساس بالأمان وبالتالي تدهوراً في الصحة الجسدية والسلامة النفسية، وهو كذلك يقلل من الفرص والخيارات والإضطرار للتنازل عن التعليم والعلاج وجودة الغذاء…الخ، وعرضة لعوامل الطبيعة والمخاطر والأمراض والأوبئة. تجدر الإشارة هنا الى أن سكان هذه المناطق نادراً ما يحصلون على دعم أو رعاية إجتماعية من الدولة والدعم الوحيد الذي يوجه لهم يأتي عبر المنظمات الدولية والمساعدات الإنسانية. وحسب إحصائيات ومؤشرات أهداف التنمية المستدامة فإن 12 مليون شخص يسكنون في أحياء فقيرة وعشوائيات داخل المدن السودانية.
وحسب تقرير صادر عن منظمة السكن اللائق في 2023، تراوحت أسعار الإيجارات بالجنيه السوداني في العام 2011 مابين 400-600 للبيوت الشعبية، ومابين 800-1200 للشقق على أطراف المدينة وقريب من أسواق صغيرة، ومابين 2000-2500 للمساكن القريبة من مراكز النشاط التجاري ومركز المدينة. تضاعفت قيمة الإيجارات في الأعوام 2014-2017-2019، ونتيجة للإنهيار العام والأزمات الإقتصادية ما بعد وباء كوفيد-19، إرتفعت قيمة الإيجار بشكل كبير حتى وصلت ما بين 100.000 جنيهاً سودانياً للشقق على أطراف المدينة وقريب من أسواق صغيرة و350.000 جنيهاً سودانياً للمساكن القريبة من مراكز النشاط التجاري ومركز المدينة في العام 2023(3). هذه الزيادات لم تكن مصحوبة بالزيادة في دخل الأسرة المعيشية حيث بلغ الحد الأدنى للإجور 7130 جنيها سودانيا في العام حسب 2023 حسب بيانات وزارة المالية، في الوقت الذي إرتفعت فيه كل أسعار السلع والمنتجات. وقد شهدت البلاد منذ مطلع العام 2021 ومابعد إنقلاب 25 إكتوبر 2021 أزمة إقتصادية حادة متمثلة في الإرتفاع الحاد في معدلات التضخم وإنهيار الجنيه السوداني أمام العملات الإجنبية وتبعاً لذلك فاقت معدلات البطالة ثلث السكان حسب صندوق النقد الدولي.
العاصمة الخرطوم شهدت أسوأ أزمة سكن في تاريخها خلال الخمس سنوات الأخيرة، متمثلة في إرتفاع تكلفة السكن (شراء/إيجار) وزيادة تعرفة الخدمات (كهرباء، مياه، صرف صحي،…الخ) في وقت تراجعت فيه القوة الشرائية لغالبية السكان نتيجة لتردي الأوضاع الإقتصادية والسياسية، وفي ظل غياب القوانين والتشريعات شهدت قاعات المحاكم الجزئية آلاف المنازعات وقضايا الإخلاء القسري بسبب عدم القدرة على دفع قيمة إيجار المسكن وحسب تقرير منظمة السكن اللائق 2023، فقد بلغ عدد قضايا المنازعات حول السكن التي إستقبلتها محكمة الخرطوم شرق الجزئية فقط كمثال حوالي 3603 ملف في العام 2022م(4). الأثر الإجتماعي لهذه الكارثة تمثل في إزدياد معدلات التشرد والمشاكل الإجتماعية وجرائم القتل (الضحية غالباً مالك العقار أو المؤجر) كما أن إرتفاع تكلفة السكن أثر على قدرة الكثير من الأسر المعيشية على الحصول على خدمات الصحة والعلاج وتردي مستوى التغذية وجودته باللإضافة للإرتفاع الحاد في حالات التسرب من المدرسة أوالجامعة. الأوضاع في ولايات السودان الأخرى كانت أسوأ نسبة لسياسات التنمية غير المتوازنة التي كرست التنمية لتكون حكراً على العاصمة في أغلب الأحوال، مما أدى لفقر البنى التحتية من طرق ومساحات عامة وكهرباء ومياه الشرب النقية والصرف الصحي…الخ، وركوض سوق العمل والنشاط التجاري. وبالرغم من أن نسبة ملكية السكان لمنازلهم في الولايات مرتفعة قليلاً عن الحال في العاصمة إلا هذه المساكن كانت فقيرة من ناحية الخدمات ومواد التشييد والإنشاء بالإضافة لمعدل الإشغال العالي. وتحت ضغط الفقر والصدمات الإقتصادية لم تكن هذه المدن في الولايات والقرى في الأرياف مهيأة لإستقبال مفاجئ لأعداد النازحين الضخمة التي توافدت إليها لاحقاً!
السكن ما بعد الحرب
حسب تقارير منظمة الهجرة الدولية المنشورة في الإعلام وعبر صفحتهم الرسمية نزح حوالي 4.1 مليون شخص داخلياً في السودان بينما 1.05مليون شخص عبروا الحدود نحو دول الجوار منذ 15 أبريل وحتى أغسطس 2023، شهدت ولاية نهر النيل أعلى أعداد من النازحين يقدر بحوالي 499 ألف شخص يليها جنوب دارفور التي إستقبلت 486 ألف شخص، بينما نزح حوالي 40 ألف شخص الي غرب دارفور وهناك حوالي 42 ألف شخص نزحوا داخل الخرطوم نفسها الى اماكن أقل خطورة. كما أشار نفس التقرير الى حوجة 24.7 شخص للمساعدات الإنسانية في عموم البلاد، يحتاج كل هؤلاء للغذاء والمأوى والرعاية الصحية بشكل عاجل. بعضهم لجأ الى السكن مع الأقارب والأهل والبعض الآخر لجأ لإيجار البيوت والشقق المفروشة أو الفنادق التي شهدت معدلات إشغال عالية جداً نسبة لسعة الغرف والخدمات، بينما إستطاع البعض الحصول على مأوى مؤقت عن طريق منظمات العون الإنساني والتي غالباً ما تكون في مدارس أو داخليات أو مخيمات وغيرها، مما شكل ضغطاً على الخدمات والمرافق العامة ( غالباً يؤدي لحدوث أعطال في الأنظمة)، ولأسباب إستعرضناها سابقاً، لم تكن ولايات السودان المختلفة بمدنها وأريافها قادرة على إستيعاب الأعداد الضخمة من النازحين الذين توافدوا إليها بعد الحرب. نشير هنا أن تمركز النشاط التجاري والإستثماري في العاصمة ومركزية الإدارة في السودان أدى الى فقدان الكثيرين في الخرطوم وخارجها لمصادر رزقهم، كما تدهور النظام المصرفي وتعطلت معظم الخدمات البنكية المقدمة من البنوك، وإرتفاع خدمات الترحيل للسلع والبضائع والمواصلات بشكل حاد. وكما أشرنا لوضع البلاد ومتوسط دخل الفرد في السودان سابقاً فإن أعداد الفقراء تتزايد نسبة لصرف الغالبية لمدخراتهم طوال شهور الحرب والتي غالباً ما كان السكن يستنزف النسبة الأكبر منها. لهذه الأسباب ولأخرى متعلقة بقدرة المجتمعات المضيفة على إستقبال النازحين من الأسر والأقارب و المعارف أضر الكثيرين للنزوح مرة أخرى أو العودة الى بيوتهم وإنتظار أي مصير قادم. بينما كان النوم في العراء أو التشرد مصير للكثيرين. مع إنعدام لأي آلية رقابة أو ضبط للأسعار في ظل الطلب العالي على السكن إرتفعت قيمة الإيجار بشكل كبير ومتزايد بإستمرار حيث تباينت الأسعار ما بين 500 دولار كأقل قيمة إيجار في الشهر وما يزيد عن 2000 دولار نسبياً لحالة المسكن (البعض عرض منازل متهالكة وبدون ابواب أو شبابيك مقابل 700 دولار للشهر!). قيمة إيجار غرفة في فندق تعادل في المتوسط لليوم الواحد 30 دولاراً، فلجوء سكان الولايات الأخرى للإستثمار العقاري لجمع أكبر قدر من المال بإستغلال حوجة النازحين العاجلة وراء هذه الزيادات. لم تكن هناك أي إستجابة لسد الحوجة للسكن اللائق سواء من الجهات الرسمية أو منظمات العون الإنساني محلية كانت أم دولية ، فقد تركزت معظم جهود الأخيرة على الغذاء والدواء وتوفير بعض الخيام بالتركيز على العالقين في المعابر غالباً بشكل غير مدروس لتحديد أولويات وحوجة النازحين. نشير هنا الى جهود للمجتمع الدولي أكبر وبالتركيز على السكن اللائق بذلت في بلدان نكبت بالحروب كأوكرانيا بينما لم توجه مثلها للسودان.
على الجانب الآخر فإن البيوت المهجورة بسبب وقوعها في مناطق الإشتباك أو لأنها أخليت قسرياً من سكانها تعرضت للنهب والسرقة أو الإحتلال في حال كونها نجت من الدمار أو الحرق. التفاوت الإجتماعي الحاد والفقر الإسكاني في العاصمة بالتحديد كان بمثابة قنبلة موقوتة، فوجود طبقة لا تملك أدوات إنتاج ولا تحصل على رعاية من الدولة، عند حدوث فوضى كالتي خلقتها الحرب، يعني أن البدائل المتوفرة هي السرقة والنهب والإستيلاء على المساكن. هل خلقت الحرب هذه الأوضاع أم أن هذه الأوضاع هي ما فتحت شهية المغامرين والحمقى للإنقلابات والحروب في توقيت إنشغل فيه غالبية السكان بتلبية إحتياجاتهم الأساسية!.
(1) تقرير رقم: AUS0001487- البنك الدولي- الفقر واللامساوة في السودان: 2009-2014
(2) Africa Housing Finance- Sudan, Yearbook 2022.
(3) Adequate Housing Organization- A place to live in dignity for all: Making housing affordable-2023
https://www.ohchr.org/…/call-inputs-place-live-dignity…
(4) المصدر السابق.
بقلم/ أروى كمال
28 September, 2023
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: السکن اللائق فی السودان ملیون شخص فی العام من الأسر ألف شخص حوالی 4 لم تکن
إقرأ أيضاً:
انتخاب ترامب واحتمال تأثيره على الأوضاع في السودان
د. عصام محجوب الماحي
عودة ترامب للبيتِ الأبيضِ الأمريكي لا شكّ سيكون لها تأثيراً على الكثير من التطورات في العالم واهمها وقف الحروب المُشْتَعِلة في أنحائه، حيث أنّه وعدَ بذلك، وشدّد على أنّه سيعمل لتحقيق ما وعد به. هذه واحدة من الأشياء التي تجعل أطراف الصراع في السودان يحسبونها جيداً، فلا ريب إنّ الحرب في السودان واحِدة من أسوأ الحروب البغيضة، والتي يجِب وقفها حتّى لا تتمدّد في الإقليم والمنطقة ولا يصبح السودان بؤرة لتجميع الدواعش وتفريخهم ونشر إرهابهم. ومن المؤكد انّ إدارة ترامب القادمة تدرك هذا الأمر، ولن تدّخِر جهداً لمحاربته، بل قطع دابره، ولذلك حتماً ستلتفِت للسودان وما يجري فيه. على القوى المدنية التي وقفت ضد الحرب وعملت على إيقافها أنْ تكثِّف اتصالاتها من الآن لتصل لأعلى مستوى في حملة ترامب الانتخابية والمستشارين الذين يعملون معه وصولا لفريق إدارته القادِمة. وفي الانتظار أن يكون للسودانيين الأميركيين دوراً في ذلك. عليهم أن يشرحوا حقائق التطورات، لا بعد اندلاع الحرب القذرة في 15 ابريل 2023، بل مُنذ انطلاق ثورة السودان وانتصارها في 11 ابريل 2019. عليهم ان يوضِّحوا لماذا الثورة على نظام الإنقاذ البائد وعلى جماعات الإسلام السياسي التي كانت تحكُم السودان، وللأسف عادت لتحكُمه؟ ومَن هي القوى المدنية التي صنعت الثورة؟ وكيف كان انتصارها والتضحيات التي جرى تقديمها للدفاع عن الثورة، قبل وبعد انقلاب أكتوبر 2021؟ وما هو المطلوب لإنقاذ السودان من جماعات الإسلام السياسي بمسمياتهم المختلفة؟ وكيف يمكن نزع السلاح من المليشيات التي صنعها النظام السابق والحالي من جماعاته المتطرفة وتلك القَبَلية التي استعملها لزرعِ العُنصرية والكراهية بين المُجتمعات المحلية وعلى النطاق القومي؟ على "تقدُّم" التي تمثِّل، أغلب القوى المدنية، أن تصدر ورقة عن السودان تشرح وتجيب على الأسئلة أعلاه، ليحصل عليها السودانيين في أمريكا، ولا أستبعد أن يكون بينهم مَن عملوا في حملات مع أعضاء في الكونجرس أو مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري، ورُبّما ضِمن حملة ترامب نفسه على مستويات مختلفة في الولايات التي يقيمون فيها. وأعتقد أنهم يستطيعون أن يضعوا موضوع السودان ضِمن اهتمامات ممثليهم الذين انتخبوهم لتصل لإدارة ترامب بأقصر وأفضل الطُرق. إدارة ترامب القادِمة تستطيع أن تقدِّم ما يفيد لوقف الحرب في السودان وعلى القوى المدنية مساعدتها في ذلك، وأن تجهِّز نفسها لإقامة فترة انتقالية مدنية كامِلة الدسم للسير في طريق تأسيس سودان جديد، كدولة ديمقراطية مدنية مُتعدِّدة الثقافات والأعراق والديانات والأعراف. تبقّى القول، يجِب تهنئة دونالد ترامب للضربة الثانية التي وجّهها لعهد باراك أوباما، أسوأ الرؤساء الذين حكموا أمريكا واثّروا سِلباً على الأوضاع في الدول التي ينتشر فيها فكر وجماعات الإسلام السياسي، سُنية وشيعية. فبعد تسديد ترامب الضربة الأولى بهزيمة هيلاري كلنتون، ووقف تمدُّد سياسات عهد أوباما المُدمِّرة لأربعة سنوات، ها هو ترامب نفسه يسدِّد هذه المَرّة ضربة ثانية وقاضية، ليضع حدّاً ونهاية لا رجعة بعدها، لعهد أوباما القميء وآثاره المُدمِّرة للمُجتمعات في العديد من دول العالم. د. عصام محجوب الماحي صحفي سوداني مقيم في بوخارست - رومانيا 9 نوفمبر 2024
isammahgoub@gmail.com