صديق الزيلعي

فتح الرد المختصر الذي اجبت فيه على سؤال الأستاذ زين العابدين صالح حول نشاط الزملاء في النقابات مقارنة بنشاطهم الحزبي الباب لنقاش مثمر. عقدت في الرد مقاربة بين الإطار المؤسسي للعمل النقابي ومنظمات المجتمع المدني من جهة والمركزية الديمقراطية التي تنظم العمل الحزبي من جانب آخر. وخلصت لان الإطار التنظيمي يمكنه ان يقيد مساهمة نفس الشخص في موقعين مختلفين.

تلخصت المساهمات في التأييد من البعض، والرفض المطلق من البعض الآخر. وفي نفس الوقت طالبت مجموعة بشرح أكثر لان المسألة هامة ولا يمكن معالجتها بمثل هذا الاختصار. نزولا على هذه الرغبة أعيد نشر مقال سابق كتبته قبل سنوات حول المركزية الديمقراطية. أتمنى ان يكون مفيدا للمهتمين بالموضوع.

” النظام الداخلي يمثل الحد الأدنى الملزم والضروري لمقومات حياة الحزب الثوري. لكن الممارسة والتجربة الجماعية الواسعة والمتجددة لمئات والالاف الأعضاء والكادر في فروع الحزب، أغنى وأكثر تنوعا وعمقا، وابعد مدي من الحد الأدنى، وتتجاوزه نحو إرساء تقاليد وتراث ونمط حياة المناضلين والنضال الثوري 0 او ما يوصف بروح اللائحة، وليس نصها. ولهذا السبب – تخضع اللائحة دوريا في المؤتمرات للتطور والارتقاء – تعديلا وتدقيقا، حذفا واضافة، إعادة صياغة وتجديدا، حتى في البنود الثوابت مثل المركزية الديمقراطية، شروط العضوية، حقوق وواجبات الأعضاء… ومع تطور الحزب وارتقاء قدراته على استخلاص المبادئ وتجريد المفاهيم وصياغة نظريته الخاصة، تميل اللائحة في شكلها ومحتواها نحو الايجاز والتركيز والوضوح ” محمد ابراهيم نقد

مدخل:
هذه قراءة نقدية للمركزية الديمقراطية من ناحية تطورها التاريخي واسس بنائها النظري وأسلوب تطبيقها العملي وعرض مظاهر قوتها حسب اراء المدافعين عنها ونواحي ضعفها كما يوردها الفادحون فيها ثم نحلل أثرها على البناء التنظيمي للأحزاب الشيوعية ثم نحاول الاجتهاد لطرح بديل أكثر تقدما منها.
طبقت الأحزاب الشيوعية، على نطاق العالم، مفهوم المركزية الديمقراطية، حسب الأسس التي وضعها لينين، لضبط نظامها التنظيمي وتحديد العلاقات بين هيئات التنظيم المختلفة ومهام وسلطات الهيئات المركزية القائدة والدور الهام للكادر المتفرغ للحزب وشروط العضوية واسس الصراع الفكري وواجبات وحقوق الأعضاء داخل الحزب. بمعنى اخر هي الهيكل الذي تنبى عليه كل الممارسات التنظيمية والأداء الحزبي.

وأوضح تفصيل للمركزية الديمقراطية ما نص عليه دستور الحزب الشيوعي السوفيتي حسب ما جاء في الفقرة التالية:
” According to Article 19 of the Statue of the Communist Party of the Soviet Union (CPSU) in 1986, democratic centralism within the party entailed the following:

1. election of all leading Party bodies, from the lowest to the highest.
2. periodical reports of Party bodies to their Party organizations and the higher bodies.

3. strict Party discipline and the subordination of the minority to the majority.

4. the binding nature of the decisions of higher bodies for lower bodies.
5. collective spirit in the work of all organizations and leading Party bodies and the personal responsibility of every Communist for the fulfilment of his/her duties and Party
assignments.”

خلفية تاريخية:
لم يورد ماركس وانجلز في كتاباتهما مصطلح المركزية الديمقراطية. ولكن من الملاحظ، خلال قيادتهما لرابطة الشيوعيين وجود قواعد تنظيمية تشمل جوهر المركزية كما تشمل اسس الديمقراطية. وفكرا في عامي 1871-72 اثناء قيادة الأممية الاولي في زيادة سلطات المجلس العام ومركزة قواه. ولكن في نفس الوقت نقدا النظام المتشدد والصارم الذي فرضه شوتزير في منظمة العمال الالمان والذي وصف نظامه الصارم بالمركزية الديمقراطية، ويعتقد انها اول مرة يظهر فيها ويستخدم التعبير (المركزية الديمقراطية). ومن المعروف ان انجلز، خلال أيامه الأخيرة، قد أرسل عدة رسائل يطالب فيها بالمزيد من حرية التعبير لكافة التيارات التي كانت تضمها الحركة العمالية المتزايدة النشاط آنذاك.
شكل مصطلح المركزية الديمقراطية، لأول مرة، كإطار للتنظيم الحزبي من قبل جناحي حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي (البلاشفة والمناشفة) من خلال المؤتمر الذي انعقد في 1905 (كلٍ على حدة). ومن الملاحظ ان الحريات التي تم نيلها كنتاج لثورة 1905 وسعت من دائرة الممارسة الديمقراطية على النطاق العام وداخل حزب العمال. وذلك الهامش من الحريات يختلف عن الواقع في 1902 عندما كتب لينين كتابه الشهير (ما العمل؟) في ظل الحكم الأوتوقراطي المطلق بمنعه لأي نشاط وقمعه بشدة لكل المعارضين والنشطاء السياسيين. وقد انعكس ذلك الواقع المفرط في قمعه على الكتاب وعلى اطروحاته التي دعمت المقولات الأساسية للكتاب.

ونلاحظ تطور أفكار اينين التنظيمية مع تلك التحولات السياسية التي حدثت في روسيا. فقد كتب لينين في 1906 مؤيدا حق الكتل والتيارات والاجنحة في التواجد في الحزب وان تتم الانتخابات في الحزب بديمقراطية على كافة المستويات وفى نفس الوقت حق الأعضاء في محاسبة من يتم انتخابهم، بل وعزلهم. وكان يشترط، فوق ذلك، بتنشيط الصراع الأيديولوجي في الحزب والتمسك بوحدة تنظيمية حديدية وقبول الجميع بقرارات مؤتمر الوحدة. ومن اقوال لينين الشهيرة في وصف المركزية الديمقراطية هي” حرية المناقشة ووحدة الفعل (العمل)”. ومما يجدر التركيز عليه هنا ان لينين، خلال تلك السنوات، كان يقبل بوجود التيارات داخل الحزب. وعندما انفصل البلاشفة بحزبهم بشكل كامل في 1912 قللوا من فعاليات ووجود كافة التيارات وان لم يمنعوها نهائيا حتى ذلك الحين.

الوسومصديق الزيلعي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: صديق الزيلعي المرکزیة الدیمقراطیة

إقرأ أيضاً:

مفاوضات الدوحة تُمهِّد الطريق لوقف إطلاق النار بالكونغو الديمقراطية

في خطوة قد تمثل تحركًا نحو إنهاء سنوات من النزاع المسلح في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، توصلت حكومة الكونغو الديمقراطية وحركة "إم-23" إلى اتفاق مبدئي خلال مفاوضات استضافتها العاصمة القطرية الدوحة.

وقد أعلنت الرئاسة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، في بيان مشترك مع تحالف نهر الكونغو وحركة إم-23، عن التوصل إلى اتفاق فوري لوقف القتال.

وأكد البيان التزام الطرفين بوقف الأعمال العدائية والرفض القاطع لخطاب الكراهية، مع التزامهما الكامل بهذه المخرجات طوال فترة المحادثات.

كما أعرب الجانبان عن شكرهما لدولة قطر على جهودها المستمرة والتزامها الثابت بتيسير محادثات السلام.

بيان رئاسة جمهورية الكونغو الديمقراطية للإعلان عن التوصل للاتفاق إثر مفاوضات الدوحة (مواقع التواصل الاجتماعي)

من جهة أخرى، ذكرت وكالة الأناضول أن الطرفين اتفقا على مبدأ هدنة ووقف القتال فور الانتهاء من التفاصيل التقنية المتعلقة بالاتفاق.

ويُعتبر هذا الاتفاق المبدئي خطوة نحو تطبيق وقف إطلاق النار بين حكومة كينشاسا وحركة إم-23، بهدف حماية المدنيين وتقليل التوترات العسكرية في المنطقة.

كما يعكس رغبة الطرفين في التوصل إلى حلول سياسية تسهم في استقرار المنطقة التي عانت لسنوات من الصراع المستمر.

واتفق الطرفان على العمل معا لوضع خطة واضحة تضمن الاستقرار العسكري في المناطق المتنازع عليها.

إعلان

ويعد هذا التفاهم إشارة قوية إلى إمكانية الوصول إلى اتفاق شامل في المستقبل، إذا تمت معالجة القضايا العالقة مثل إدارة المنطقة وتنظيم العودة الطوعية للنازحين.

كما أكد الطرفان التزامهما بتكثيف الجهود من أجل التوصل إلى حلول مستدامة تهدف إلى إنهاء التوترات الأمنية التي تؤثر على حياة ملايين المدنيين.

بيان المتمردين للإعلان عن التوصل لاتفاق مع الحكومة الكونغولية (مواقع التواصل الاجتماعي)

ومن المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة مزيدًا من المفاوضات لتحديد التفاصيل الدقيقة بشأن كيفية تنفيذ الهدنة وإيجاد حلول مستدامة لعدد من القضايا التي لا تزال تؤثر على الوضع الأمني في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • في ذكراه الـ 155 كيف كان دور لينين في الثورة الروسية؟
  • اقتصادية الشيوخ: مصر تضع في مقدمة أولوياتها العمل على رفع معدلات النمو الاقتصادي
  • مفاوضات الدوحة تُمهِّد الطريق لوقف إطلاق النار بالكونغو الديمقراطية
  • في ذكراه ال ١٥٥ كيف كان دور لينين في الثورة الروسية؟
  • الجبهة الديمقراطية تعلن الانسحاب من جلسة المجلس المركزي الـ32
  • نائب أمير منطقة مكة المكرمة في مقدمة مستقبليه.. ملك الأردن يصل إلى جدة
  • مقدمة إذاعة مدرسية جديدة عن عيد تحرير سيناء.. أفضل تعبير عن البطولة المصرية
  • الكونغو الديمقراطية: تسجيل 8 إصابات بمرض الجمرة الخبيثة وحالة وفاة في "كيفو الشمالية"
  • عبد المحسن سلامة: الحريات والصحفيون في مقدمة أولوياتي.. وأنا مرشح لكل المؤسسات
  • عبد المحسن سلامة: الحريات والصحفيون في مقدمة أولوياتي.. وأنا مرشح لكل المؤسسات بلا استثناء