تواصلت مظاهر الألم والمرارة، بوداع مملكة البحرين شهيدها الرابع ملازم أول حمد خليفة الكبيسي، والذي التحق بركب الشهداء دفاعا عن الوطن ومكتسباته، وعن وحدة الأمة العربية وسلامة أراضيها، حيث شيعت جموع غفيرة يوم أمس شهيد الواجب المقدس ملازم أول حمد خليفة الكبيسي إلى مثواه الأخير في مقبرة الحنينية بالرفاع، يتقدمهم صاحب المعالي المشير الركن الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة القائد العام لقوة دفاع البحرين، وسمو الفريق الركن الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة مستشار الأمن الوطني قائد الحرس الملكي، وسمو العقيد الركن الشيخ خالد بن حمد آل خليفة قائد قوة الحرس الملكي الخاصة، والفريق الركن عبدالله بن حسن النعيمي وزير شؤون الدفاع، والفريق الركن ذياب بن صقر النعيمي رئيس هيئة الأركان.

وارتقى الشهيد البطل ملازم أول حمد خليفة الكبيسي إلى جوار ربه، لاحقا بركب إخوانه من شهداء الوطن الذين قدموا ارواحهم فداء للواجب الوطني المقدس، بعد إصابته بجروح خطيرة، نتيجة الهجوم العدائي الحوثي الغادر الذي جرى صباح الإثنين الماضي، وذلك خلال تأدية الشهيد لواجبه الوطني المقدس ضمن قوات التحالف «تحالف دعم الشرعية» المشاركة في عمليات إعادة الأمل والمرابطة على الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية الشقيقة للدفاع عن حدودها. وعبرت عائلة الشهيد البطل حمد خليفة الكبيسي عن فخرها واعتزازها بالبطولات والتضحيات التي قدمها رجالنا البواسل في سبيل الوطن ورفع رايته عاليا يفاخر بها أمام الأمم، وأكدت عائلة الشهيد البطل حمد خليفة الكبيسي أن ابنها البار كان فخورا بانتمائه لقوة دفاع البحرين ومواظبا ومجتهدا، مبينة أن هامة شهداء الواجب المقدس ستبقى شامخة اعتزازا بما قدموه في حياتهم من أجل الدين والوطن. «خاب وخسر من ظن أن البحرين توجعها ضربات الغدر»، بهذه الكلمات ندد عدد من المواطنين الهجوم العدائي الحوثي الغادر، والذي تعرضت له القوة البحرينية المرابطة في الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية الشقيقة، مؤكدين أن هذه الجماعة ديدنها الغدر والخيانة، وقد باعت من قبل شعبها وأمتها العربية ورهنت نفسها للخارج. وأعربوا عن فخرهم واعتزازهم أن تزف البحرين هذه الكوكبة من الشهداء الأبطال، مشيرين إلى أن المملكة ستبقى سندا أبديا لحماية وصون أمن واستقرار الشقيقة الكبرى. وقال مواطن آخر: «رجالنا البواسل منذ فجر تأسيس قوة دفاع البحرين سطروا أروع الملاحم والبطولات في التعاضد والتكاتف مع محيطهم العربي والإسلامي». وأضاف: «إن ما قدمه الشهيد البطل حمد خليفة الكبيسي، مثال مشرف لما يقدم في سبيل الوطن والدفاع عن الحق. مات شهيدا للحق وفداء للوطن، وواجب نصرة المظلوم إذ نال أعلى المراتب وأعظمها». وذكر: «عرف عن الشهيد البطل دماثة وحسن خلقه، وعلاقاته الطيبة، بالتواضع الجم والكرم والتسامح. وكان محبوبا من الجميع، ومثالا يحتذى به في الاحترام والالتزام رغم صغر سنه».

المصدر: صحيفة الأيام البحرينية

كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا الشهید البطل

إقرأ أيضاً:

عبري تودع أحد رجالها الأخيار

 

 

أحمد بن علي الناصري

 

"مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً" (الأحزاب: 23).

 

 

اقتضت حكمة الخالق جلّ وعزّ أن حكم المنية جار على خلقه جميعًا، وفي عصر الأربعاء الماضي غادرنا الوالد الفاضل التقيّ النقيّ سالم بن عبيد بن سعيد بن مسعود السكيتي- أسأل الله أن يُنزل عليه شآبيب الرحمات، وأن يُسكنه فسيح الجنات- عن عمر تجاوز المائة عام، هذا الرجل الذي فقدته حواري عبري وأسواقها ونخيلها وأزقتها، لقد كان من بقية جيل أشبه بالرعيل الأول، فلقد عرف بالتقوى والورع، طيب النفس دمث الأخلاق، فإذا صمت يتحلى بالسمت والوقار، وإذا تحدث يتحلى بالهدوء واللين، وينساب حديثه في النفس كالماء العذب الزلال.

لقد ترعرع في طفولته في حارة الرمل التي كانت حاضرة مدينة عبري في تلك الحقبة، تلك الحارة التي ضمت بين جدرانها عبق ماض جميل صنع بسواعد رجال لم يعرفوا الهزيمة أمام تحديات الحياة ورياحها العاتية.

فهذه الحارة كانت مسقط رأس الوالد سالم وعاش في مرابعها طفولته البريئة بين أقرانه، وبدأ فيها طلب العلم على يد المعلم بطي بن سيف الجساسي، فتعلم القراءة والكتابة وختم المصحف على يديه، ومن القصص الجميلة في سيرته أنه كانت من عادة أهالي الطلاب أن يكرموا المعلم بعد أن يختم الطالب ختمته بوليمة يحضرها مع بقية الطلاب، ولكن الوالد سالم كان من أسرة فقيرة ولم يكن لدى والده من المال الذي يكفي لإكرام المعلم ومن معه، وأتت فكرة للوالد سالم بأن يبيع ردة من باب بيتهم وبالفعل باعها بموافقة والده، وعندما علم المعلم بما فعله تلميذه عذره عن الوليمة، فلننظر إلى مدى تأصل الكرم في الصغار حتى يقوموا بفعل الكبار.

ومن مروياته لي متحدثا بنعمة ربه قائلا: "لقد أكرمني الله برؤية الإمام محمد بن عبد الله الخليلي والعلامة أبو زيد عبد الله بن محمد الريامي- رحمهما الله- ومن معهما من العلماء وأهل الفضل، وهم قادمون للنظر في قضية السليف، وكانت سحابة تظللهم في شدة قائلة الصيف"، وكان عمره في ذلك الحين لا يتعدى ثماني سنوات.

ودارت عجلة الأيام وبدأ يتنقل بين أصحابه من المتعلمين في تلك الفترة ومن أبرزهم الشيخ القاضي علي بن محمد بن سالم الرقيشي وعبد الله بن حمد المصلحي وحميد بن راشد الوائلي حمد بن محمد الجساسي ومحمد بن بدر المنذري وعبد الله بن سليمان الإسماعيلي وكان يمثلون كوكبة مشرقة في سماء المدينة الواعدة فلازمهم في القراءة وحلقات القرءان الكريم التي كانوا يتحلقون حولها في كل بكرة وعشية وخصوصا في شهر رمضان الكريم.

واشتغل الوالد سالم في صغره في الزراعة في ضواحي عبري التي كان تعب من فلجي المفجور والمبعوث دون ملل أو كلل ليحصل بعض المال لقوته وعياله وكان يدخر بعض المال لشراء بعض الكتب لغلاء ثمنها في تلك الفترة، وسافر في مقتبل عمره إلى قطر للعمل لفترة وجيزة ثم انتقل منها إلى وظيفة أخرى بميناء الدمام والمبلغ الذي تحصله من سفره اشتغل به في التجارة بسوق عبري يبيع الحبوب والبقوليات.

وكان يتردد على السوق لأنه عاش في مرابعه بالقرب من بيته في حارة الرمل، ومن روايته يروي لي بنفسه قائلًا: "من التجار الذين كنت أحب مجالستهم الوالد علي بن حميد الناصري وكانت فيه صفتان يمتاز بهما وهما الحلم والكرم"، وبعد وفاته رآه في رؤيا يدخل قصرًا عظيمًا وبابه من خشب كأنه من أبواب عُمان القديمة.

ومن شدة تعلقه وشغفه بالعلم وأهله أزمع على الرحيل إلى موطن أصحابه الإباضية بوادي ميزاب في القطر الجزائري بعد أن فتحت المطارات في عُمان بعد تولي السلطان قابوس مقاليد الحكم في البلاد، وكان بصحبته مهنا بن سعيد الجهضمي ومحمد بن هلال العزري وهناك اجتمعوا بعلمائهم ومن أبرزهم الشيخ بيوض والشيخ عدون والشيخ أبي اليقظان والشيخ ناصر المرموري وغيرهم.

وواصل الوالد سالم دربه في الحياة ورزقه الله العديد من الأبناء الذين أنابوا عن والدهم في البحث عن لقمة العيش الذي خفف عنه العبء قليلا، وهنا بدأ يكتب الفتاوى ويصيغها وكان معه رفيقه في هذه المهمة خلفان بن عبيد الشكيلي فكانا يوجهان أسئلة الناس من الظاهرة إلى سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي- حفظه الله وأمد في عمره وأبقاه- وبعض هذه الفتاوى نشرت منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمن في الجرائد المحلية.

وانتقل للسكنى قبل أربعين عاما إلى الدبيشي من قرى عبري وأسس مع جيرانه وأقرانه مسجد الإمام جابر بن زيد رضي الله عنه وواصلوا بهذا المسجد اجتماعهم على حلقات قراءة الكريم وبعض الكتب الفقهية، وكانت صلاة التراويح معهم في تلك المرحلة لها وقع جميل على النفس؛ حيث يتناوبون على الإمامة كبار السن وقراءتهم لها طابع قديم وكانت سائدة بعُمان، وكانوا بعض الصالحين من قرى عبري يقصدون الصلاة معهم ويشنفون أسماعهم بتلاواتهم الجميلة.

ولمكانته وقربه الروحي من سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي كان إذا أتى إلى عبري لإلقاء محاضرة يحط رحله في منزله العامر، وشاركتهم مرتين في هذه المناسبة مع ثلة من أشياخنا في تلك الأيام.

وبعد كبر سن الوالد سالم وقلة تواصله مع سماحته أتى بنفسه لزيارته قبل 14 عامًا من الآن، وكانت هذه الزيارة خاصة إليه فلقد تجشم طول الطريق من مسقط على الرغم من ارتباطات سماحته وأعماله الكثيرة أبى إلّا أن يزوره وكان برفقته سائقه الوالد محمد الرشيدي، فهكذا شأن أصحاب المعالي فلا يعرف الفضل لأهله الفضل إلّا ذوو الفضل.

وكذلك الشيخ ناصر بن محمد المرموري- رحمه الله- من علماء الإباضية بالجزائر كان إذا أتى إلى عُمان يأتي إلى زيارته وزيارة مهنا بن سعيد الجهضمي ومحمد بن هلال العزري رفيقيه في الوفد الذي زارهم بالجزائر.

لقد رحل ولحق بركب أقرانه من أرض السر فلقد كان خاتمة عقد ذلك الجيل الذي يفوح منه عبق الماضي التليد، وعلى قسمات وجهه نقرأ صفحات سطرتها أقلام حارة الرمل، وعلى تمتمات أحرفه حنانا ينسكب على قلوبنا وعلى عينيه بريق أمل ينتشلنا من هزيمة حاضرنا، لقد رحلت يا شيخنا وتركت لنا غصة الفقد ومرارة الرحيل، ستبقى خالدا في قلوبنا، وفي سبحات ضراعاتنا وتحياتنا، السلام عليك وعلى عباد الله الصالحين.

سلكوا بمحياهم وبعد مماتهم // إذ وفقوا بمسالك الأبرار

درجوا وأصبحت العراص عقيبهم // من فقدهم مغبرة الآثار

يا موت أفنية الأعزة فاقتصد // إن كنت ترحم عبرة الأحرار

بأولئك الأبرار كنت معززًا // بأولئك الأبرار كنت أباري

مقالات مشابهة

  • عبري تودع أحد رجالها الأخيار
  • سياسي أنصار الله ينعى اللواء الركن خالد باراس
  • البطل العالمي مراد زاهر: فخور بنتائج الرياضيين المغاربة في بطولة “NPC Pro qualifier” +فيديو وصور
  • جولة المملكة 2024| أمسيات ثنائية وثلاثية مع نجوم الغناء العربي
  • أمين مجلس التعاون: “اقتصاد الفضاء” في دول المجلس يقدر بأكثر من 10 مليارات دولار
  • «العربية للتصنيع» لـ«الوطن»: مبادرة لتأثيث وتشطيب المنازل بالتقسيط دون فوائد
  • سفيرة البحرين تؤكد عمق ومتانة العلاقات الأخوية والتاريخية بين بلادها ومصر
  • أخطر جاسوس مصري حيّر إسرائيل.. محطات في حياة رفعت الجمال
  • منتخبنا للشباب لكرة القدم يواجه نظيره الأردني في نصف نهائي “الديار العربية”
  • ذكرى ميلاد رفعت الجمال... أخطر جاسوس مصري في إسرائيل