تغير المناخ يثير قلق قطاع صناعة القهوة
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
يضع تغير المناخ قطاع القهوة على مستوى العالم أمام مشاكل كبيرة، ويمكن أن يحوّل أحد المشروبات المفضلة لدى كثير من الناس إلى سلعة فاخرة. تقول زوفي فون لوبين من معهد بوتسدام الألماني لأبحاث تغير المناخ (PiK): "هناك دراسات تتنبأ بأنه بحلول عام 2050 ستتقلص بمقدار النصف"، مضيفة أن هذا يمس بشكل خاص دولا مثل فيتنام والبرازيل، أكبر منتجين للقهوة في العالم.
ووفقا لتقرير القهوة لعام 2023 الصادر عن سلسلة مقاهي وتجارة القهوة الألمانية "تشيبو"، يستهلك شاربو القهوة البالغين في ألمانيا ثلاثة إلى أربعة فناجين من القهوة يوميا. استطلعت "تشيبو" - بحسب بياناتها - آراء 1500 شخص من شاربي القهوة الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و75 عاما في كانون الثاني/يناير من هذا العام بالتعاون مع مزوّد الإحصائيات "شتاتيستا" ومجلة "براند آينس".
ومن المقرر أن يجتمع قطاع صناعة القهوة في مدينة مانهايم الألمانية في نهاية أيلول/سبتمبر الجاري (من 30 أيلول/سبتمبر حتى 3 تشرين الأول/أكتوبر المقبل) خلال مؤتمر القهوة الدولي (ICC)، حيث يعتزم مزارعون وخبراء تحميص، وتجار وباحثون، تبادل الأفكار حول سبل مواجهة هذه التغييرات الجذرية.
ويقول شتيفن شفارتس المشارك في تنظيم المؤتمر خلال مؤتمر صحفي مسبق: "نريد إنشاء علم لصناعة القهوة"، مشيرا إلى أن من بين القضايا الكبرى المتعلقة بالقطاع - بجانب تغير المناخ - التغير في سلوك المستهلك، وتحديث ورقمنة زراعة القهوة، والتي تُجرى في الغالب على نطاق محدود، وأيضا موضوع الاستدامة.
التحدي في القهوة نفسها
ترى فون لوبين أن سبب التحديات يكمن في نبات القهوة نفسه، حيث قالت: "إنه نبات صغير حساس تماما، فهو لا يحب أن يكون الطقس ساخنا للغاية أو جافا للغاية أو رطبا للغاية. إنه يحتاج إلى ظروف ظل محددة للغاية وتربة غنية بالمغذيات"، موضحة أن التغييرات الطفيفة لها بالفعل تأثير مباشر على إنتاجية حبوب القهوة وجودتها.
دللت فون لوبين على ذلك بمثال القهوة العربية (أرابيكا)، التي تمثل حوالي 60% من السوق العالمية. أوضحت فون لوبين أن هذا النوع من القهوة ينمو على نحو مثالي في درجة حرارة تتراوح بين 18 و22 درجة مئوية، وقالت: "درجات الحرارة المرتفعة تضع ضغطا شديدا على النبات ويمكن أن تلحق الضرر به"، مضيفة أن العواقب تتمثل في نضج محتمل لثمرة القهوة بصورة أسرع من نمو الحبة الموجودة بداخلها.
ويؤكد هولغر برايبيش، المدير التنفيذي للاتحاد الألماني للقهوة في هامبورغ، أن "القهوة منتج حسّاس للغاية، فالقهوة تنمو فقط في مناطق محددة للغاية من العالم، فيما يسمى بحزام القهوة حول خط الاستواء"، مشيرا إلى أنه من أجل تأمين المناطق الزراعية هناك، اعتمد المزارعون على الزراعة المختلطة، أي الزراعة المترافقة لأشجار القهوة مع غيرها من النباتات، موضحا أن هذا يوفر حماية أفضل من الرياح والشمس، وتابع أن هناك نهجا آخر يتمثل في تطوير أنواع جديدة أكثرمقاومة للتغيرات المناخية.
أنواع الحبوب
تدور أبحاث فون لوبين حول تحسين النوع النباتي. تقول فون لوبين: "القهوة، على الرغم من كونها واحدة من المحاصيل الأكثر قيمة في العالم، فإنها أيضا واحدة من أكثر المحاصيل غير المستكشفة"، موضحة أن الجزء الأكبر من استهلاك القهوة قائم على نوعين فقط، وهما "أرابيكا" و"روبوستا". وبحسب بيانات الباحثة، فإن هناك "حوالي 130 نوعا من أنواع القهوة البرية المعروفة لنا في الطبيعة"، موضحة أن بعضها على سبيل المثال أكثر مقاومة للحرارة أو لبعض الآفات، وبالتالي يمكن زراعتها مباشرة أو استخدامها في تطوير أنواع هجينة. وفي المقابل أكدت الباحثة أن هذا ليس حلا سريعا، حيث يستغرق نبات القهوة ثلاث سنوات حتى يطرح محصوله الأول، ويمكن استغلاله لمدة ثلاثة عقود في المتوسط.
وبحسب الخبراء، فإن الطلب على القهوة يتحكم في جودة العرض. تشكك فون لوبين وبرايبيش في أن أختام الجودة لها تأثير كبير على القطاع. يقول برايبيش إن هذا يرجع إلى الحساسية الهائلة في الأسعار لدى المستهلكين هنا في هذا البلد. وأشارت فون لوبين أيضا إلى أن القهوة يزرعها صغار المزارعين في العديد من الأماكن، موضحة أن إصدار شهادات الجودة يكلف الكثير من المال، وغالبا ما لا تستطيع الشركات التعاونية تحمل تكاليفها.
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: تغیر المناخ أن هذا
إقرأ أيضاً:
صناعة المعادن قاطرة التنمية الحديثة في الإمارات والسعودية
يُساهم قطاع المعادن والصناعات المعدنية، خاصة الألمنيوم والحديد، بنحو 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي لدولة الإمارات فيما تخطط لتعزيز مساهمة هذا القطاع ضمن استراتيجيتها للصناعة “مشروع 300 مليار”، بهدف رفع مساهمة الصناعات التحويلية بما في ذلك المعادن إلى 300 مليار درهم بحلول 2031، مما يضمن تعزيز دور القطاع في الاقتصاد الوطني.
ويُساهم قطاع التعدين بنحو 64 مليار ريال سعودي في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة العربية السعودية، حيث يُركز على استغلال الموارد المعدنية مثل الذهب، الفوسفات، والبوكسيت فيما تستهدف رفع مساهمة القطاع إلى 70-80 مليار دولار سنويًا، ضمن رؤية 2030، كما تُقدَّر قيمة الموارد المعدنية غير المستغلة بنحو 5-9 تريليون ريال، ما يعكس إمكانات كبيرة للنمو.
وفي ظل تزايد الطلب العالمي على المعادن باختلاف أنواعها وارتفاع في أسعار المعادن الأرضية على نحو واسع، ووفق رؤية السعودية 2030 الرامية إلى تحقيق التنويع الاقتصادي، تسعى إلى أن تصبح مركزاً عالمياً لتقنيات التعدين المتطورة، كما تدعم التوسع في التنقيب عن المعادن.
تنويع الاقتصاد
وقال مركز ” إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية” في أبوظبي في ورقة بحثية حديثة عن قطاع التعدين: إن دولة الإمارات تركز بشكل كبير على الصناعات المعدنية المتقدمة مثل الألمنيوم وتصديره عالميًا، بينما تُركز السعودية على استغلال الثروات المعدنية غير المستغلة بشكل أكبر حيث تسعى الدولتان إلى رفع مساهمة قطاع التعدين في إجمالي الناتج الوطني بعيداً عن قطاع النفط لتنويع اقتصادهما وتعزيز الصناعات الوطنية.
وأضاف المركز أن أبرز ملامح قطاع المعادن في دولة الإمارات ترتكز على: زيادة مساهمته عبر تطوير الصناعات المرتبطة مثل التعدين ومعالجة المعادن حيث تعد شركة “الإمارات العالمية للألمنيوم” من أكبر منتجي الألمنيوم عالميًا، و”إمستيل” من الأكبر في صناعة الحديد والصلب واللتان تلعبان دورًا بارزًا في نمو قطاع المعادن في الدولة.
وفيما يتعلق بالمعادن الثمينة تبرز الإمارات كواحدة من أكبر مراكز تجارة الذهب في العالم، حيث يُعتبر الذهب والمعادن الثمينة من الصادرات المهمة للدولة التي تضخ استثمارات تُقدر بعشرات المليارات لتطوير قطاع التعدين، بما في ذلك استخدام التقنيات الجديدة وإعادة تدوير المعادن ومعالجة النفايات الصناعية لتقليل التأثير البيئي.
ويمثل قطاع المعادن محركًا رئيسيًا للنمو الصناعي، ويعد جزءً من رؤية الإمارات الاقتصادية طويلة المدى لتعزيز دورها في الأسواق العالمية.
دعم الاقتصاد
وأوضح ” إنترريجونال” أن صناعة الألمنيوم في الإمارات تعد من أكبر الصناعات غير النفطية وتلعب دورًا بارزًا في دعم الاقتصاد الوطني حيث تنتج الإمارات حوالي 2.745 مليون طن متري من الألمنيوم الأولي سنويًا، ويمثل إنتاج الألمنيوم حوالي 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي للإمارات، ويُساهم بنحو 23.8 مليار درهم في الاقتصاد الوطني سنويًا، بما في ذلك من خلال الصادرات والأسواق المحلية.
وتعد صناعة الحديد والصلب في الإمارات من أهم ركائز القطاع الصناعي، إذ تساهم بشكل كبير في تنويع الاقتصاد الوطني ودعم البنية التحتية. ويصل حجم الإنتاج السنوي المحلي من منتجات الحديد إلى حوالي 7 ملايين طن، بقيمة تُقدر بأكثر من 4 مليارات دولار.
وارتفعت الاستثمارات الصناعية في قطاع التعدين في المملكة العربية السعودية إلى 81 مليار ريال مع تخصيص 682.5 مليون ريال لدعم الاستكشاف والتنقيب ويشمل القطاع حاليًا أكثر من 11500 مصنع، مع إصدار 1,379 ترخيصًا صناعيًا جديدًا خلال العام 2023.
إجراءات الاستثمار
وأشار ” إنترريجونال” إلى أن المملكة تعمل على تبسيط إجراءات الاستثمار من خلال قانون التعدين الجديد، وتقديم حوافز مالية تصل إلى 7.5 مليون ريال لكل شركة تنقيب كما يهدف القطاع إلى توفير 219 ألف وظيفة جديدة بحلول 2030 حيث يمثل القطاع أحد أعمدة النمو الاقتصادي غير النفطي للمملكة، مستفيدًا من دعم حكومي كبير وتحسينات تنظيمية لرفع كفاءته وجاذبيته للمستثمرين المحليين والدوليين.
وأوضح أن دولة الإمارات تسعى إلى لتطوير قطاع التعدين خلال السنوات القليلة المقبلة، بهدف تعزيز الاستفادة من الثروات المعدنية وعبر إطلاق استراتيجية متكاملة، الأمر الذي يفتح مجالات استثمارية وفرص عمل جديدة في هذا القطاع الحيوي، فيما تشير بعض التقارير إلى وصول حجم القطاع في الدولة إلى نحو 36.7 مليار درهم العام 2025.
وأكد “إنترريجونال” على أن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات تعملان وفق خطط وطنية لتأمين احتياجاتهما من المعادن بشكل عام ومن المعادن الاستراتيجية أو الحرجة بشكل خاص وتعزيز عمليات الاستخراج والبحث، بهدف جذب المستثمرين من جميع أنحاء العالم.