ثورة طبية حققها مجموعة من الأطباء في الولايات المتحدة الأمريكية، وتمكنوا من زراعة قلب خنزير مُعدل وراثيا في جسم إنسان، وكرروها مرتين خلال أقل من عامين، الأولى في يناير 2022، نجحت وعاش المريض بقلب خنزير ينبض في جسمه أكثر من شهرين، لكن مات فجأة بسبب سوء حالته الصحية، والثانية أجريت الشهر الجاري ومعها أمل أكبر في أن تُكلل بنجاح مُطلق.

باكستاني يقود فريق طبي لزراعة قلب خنزير لمريض أمريكي

الدكتور محمد منصور محيي الدين، مدير برنامج زراعة الأعضاء من الحيوانات في كلية الطب بجامعة ميريلاند الأمريكية حيث أجيرت الجراحة، وقائد فريق الجراحين الذين أجروا الجراحة في كلا المرتين، تحدث لـ«الوطن» عن كواليس ومستجدات الجراحة الأخيرة، والأسباب التي ربما تكللها بنجاح مطلق، بالإضافة إلى بعض الأسرار عن العملية المعقدة والسنوات الـ30 التي قضاها من حياته يدرس هذه المسألة.

كواليس العملية الأخيرة التي خضع لها «لورانس» وآخر تطورات حالته الصحية يوضحها «محي الدين» قائلا: «من السابق لأوانه التعليق بشكل مؤكد، ولكن الجراحة كانت جيدة وأجريت كما كان مخطط لها تماما دون أي مفاجآت غير متوقعة أو غير سارة، وفي اليوم التالي كان لورانس واعيا تماما وبخير، وسنواصل مراقبته ونأمل في تحقيق الأفضل خلال الفترة القادمة، ولم نواجه أي عقبات أو مشاكل على الإطلاق، ولم نلحظ أي مضاعفات جراحية».

تطوير مثبطات المناعة لتسهيل تناغم القلب مع الجسم

وعن الخطوات الجديدة التي سوف تُتخذ في الفترة القادمة، يقول الدكتور محيي الدين إنه وفريقه يعملون حاليا على تطوير مثبطات المناعة لديهم، وهي نوع من الأدوية تقلل قدرة الجهاز المناعي على محاربة الأجسام الدخيلة، وذلك من أجل إعطاء فرصة لقلب الخنزيز للتناغم مع باقي الأعضاء دون أن يفرز الجسم أجسام مضادات، وتشاركهم في ذلك جميع كليات الطب، ويضيف: «لم تكن هناك أي تجربة أخرى غير عملية الزراعة الأولى لدينا، لذلك كل يوم هو تجربة تعليمية جديدة».

الحالة الأولى التي أجريت لها زراعة قلب الخنزير في 2022 رجل خمسيني اسمه ديفيد بينيت، والحالة الثانية التي خضعت لنفس الجراحة الشهر الجاري رجل خمسيني أيضا يدعى لورانس فوسيت، كلاهما واجه مرضًا خطيرًا في القلب وغير مؤهلان لزرع قلب بشري، لذلك زراعة قلب خنزير كانت «الخيار الوحيد»، لكن بين الحالتين اختلافات جوهرية، تجعل فرص لورانس في النجاة لفترة أطول أكبر بكثير.

وأوضح الدكتور محمد منصور، أن «لورانس لم يكن طريح الفراش في المستشفى ولم يكن أيضًا على آلة الأكسجين الغشائي (ECMO)، ولديه نظام مناعة طبيعي ولا يوجد أي إصابات أو أمراض في أي عضو آخر، لذلك فإن فرصته في النجاة أكبر من بينيت الذي كان طريح الفراش ويعاني مشاكل صحية ومناعية كبيرة جدا قبل الجراحة».

محيي الدين يعتبر من أمهر الخبراء في العالم بمجال زراعة الأعضاء الحيوانية في جسم الإنسان «xenotransplantation»، منذ عام 1991 يجري دراسات وأبحاث في هذا الصدد، ولم ولن يتوقف كما يصف نفسه، وعلى مدار أكثر من 30 سنة من العمل في هذا الشأن، وجد أن فرص نجاح عمل قلب الخنازير تحديدا في أسام البشر أكبر بكثير من أي حيوان آخر ويوضح «أجريت تجارب سابقة على القرود أولاً ولكن بسبب انتقال الأمراض مثل فيروس نقص المناعة البشرية فشل الأمر».

طريقة اختيار الخنزير موضع التجربة

ضمن الأمور التي تحدث عنها «محيي الدين» هو الأسس التي يختار بناء عليها الخنزير الذي يأخذ منه القلب لتعديله وراثيا وإجراء تجاربه عليه وزراعته في أجسام البشر، في الجراحتين اختار بناءً على اختبار التركيبات الجينية المختلفة بطريقة خاصة توصل لها بفضل أكثر من 30 عامًا من الخبرة والدراسة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: زراعة الأعضاء الأعضاء الحيوانات كلية الطب محیی الدین زراعة قلب قلب خنزیر

إقرأ أيضاً:

"المارد"

 

 

أحمد الرحبي

 

طاقات الإنسان الكامنة بداخله لا تحدها حدود، وهي تشكل تناقضًا مع الهشاشة والضعف الباديين عليه من الوَهلة الأولى، حال الإنسان، فعندما يُواجه مُشكلة أو مُعضلة، وتدفعه بعض المواقف في الحياة، إلى التَّحدي وجها لوجه، وتحشره إلى الزاوية، بلا ما لا مناص منه من مواجهة مصير قد يؤدي إلى حتفه، تستيقظ عندها قوى المقاومة الشرسة الكامنة في داخله، وهي القوى التي صقلتها ودربتها تجارب صراع البقاء، وتحدي الصعوبات والمخاطر التي تُهدد حياته، المطبوعة في جيناته الوراثية عبر ملايين الأجيال، صقل ودربة نتجت عن مواجهة المخاطر والأخطار التي تحيق به، استجابة لغريزة البقاء وحفظ الحياة وصيانتها.

تكمن هذه القوة والطاقة الجبارة في الإنسان، متوارية في داخله كبركان خامد، وذلك بغض النظر عن كون هذا الإنسان هو إنسان هادئ أو إنسان مسالم، أو كونه إنساناً لا تبدو عليه من الوهلة الأولى صفات القوة والعزيمة والجلد، في سلوكه وتعامله مع الأمور ومواجهته لها.

وتحت تحفيز الخطر وبدافع من مواقف صعبة وقاسية يتعرض لها الإنسان، تتحدد ردود أفعاله التي تأتي مفاجئة وغير متوقعة، وهي ردة الفعل التي يتحول فيها الإنسان خلال ثانية واحدة وبقدرة قادر في امتلاك زمام الأمر، واستعادة المبادرة في التصرف مهما كان الخطر مُحدِّقًا، والنجاة بأعجوبة من مصير مُحقق.

هذه الثانية العجيبة من التحول التي تقلب التوازنات في اللحظات الأخيرة، يستغرق الأديب المصري يوسف إدريس- تشيخوف القصة العربية كما يُعرف- التنقيب فيها، ثماني صفحات كاملة، بما يقارب ألفي كلمة، من البحث والاستقصاء، لثانية أو برهة من الزمن تعدل عمرًا كاملًا؛ حيث يبحث في قصته "المارد" بشكل عميق -كعادته في قصصه-، في برهة الانتفاض في وجه الخطر، والدافع الغريزي، في التعامل معه ومجابهته، وهي مجابهة يكون الإنسان معد لها منذ آلاف السنين وتكون على أساسها، عبر الخبرات المتراكمة في مواجهة تقلبات الطبيعة وتطور غريزة البقاء لديه، والنجاة في صراعه مع الطبيعة ومع وحوشها الكاسرة وأخطارها الداهمة.

القصة تكشف عن قانون طبيعي يتعلق بالمنطقة اللاوعية في الإنسان، وما ينبجس منها، في لحظات الخطر وفي حالات التحدي القاسية التي قد نواجهها في حياتنا، من قوة مادية هائلة، وطاقة معنوية جبارة، طاقة وقوة المارد.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • خُصصت لاستهداف النساء.. "مسام" يكشف أسلوباً إجرامياً جديداً للحوثيين في زراعة العبوات الناسفة
  • الجيش الإسرائيلي يكشف عدد الأهداف التي ضربها في غزة
  • رامي عياش يكشف عن أسرار مشواره الفني: مصر شافتني بغرق قامت لحقاني
  • دراسة دولية تشير إلى أن 2 مليار إنسان لم يتم إحصاؤهم ضمن سكان العالم
  • أول رضيع في العالم يتعافى من مرض نادر بفضل علاج جيني رائد.. ما القصة؟
  • بعلاج «غير مسبوق».. أول رضيع في العالم يتعافى من مرض مميت
  • مستشفى ناصر في خان يونس يعلن خروج قسم الجراحة عن الخدمة بالكامل بعد قصف طيران الاحتلال
  • جو سيمز يكشف أسرار الحزب الشيوعي الأميركي
  • "المارد"
  • ماذا وراء تصريحات مبعوث ترامب للشرق الأوسط التي قال فيها إن مصر مفلسة والنظام مهدد بالسقوط؟