يمانيون:
2025-03-19@20:43:32 GMT

«التغيير الجذري» ثورة اصلاحات ادارية ..!

تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT

«التغيير الجذري» ثورة اصلاحات ادارية ..!

يمانيون – متابعات
توقيت إعلان التغيير الجذري في مناسبة المولد النبوي لم يكن صدفة.

في مرحلة تحوّل جديدة، أعلن قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، في خطابه بمناسبة المولد النبوي يوم 27 أيلول/سبتمبر، المرحلة الأولى من التغيير الجذري بتشكيل حكومة كفاءات مبنية على الشراكة الوطنية، وإنهاء حالة التضخّم والترهّل في مؤسسات الدولة، وإصلاح منظومة القضاء وتصحيح الاختلالات.

وقد جاء الإعلان بعد قرابة عام من تقييم شامل نفّذته لجان متخصصة، لمعرفة التحديات ومواطن الاختلالات وأسبابها، ومكامن الضعف في الجهاز الإداري للدولة وقدّمت توصيات للمعالجة.

ويشمل التغيير الجذري في مرحلته الأولى -بحسب ما أعلنه قائد الثورة -تشكيل حكومة كفاءات تجسّد الشراكة الوطنية (تكنوقراط)، وتحديث الهيكل المتضخم وتصحيح السياسات، وتغيير الآليات والإجراءات وأساليب العمل المعيقة والعقيمة، إضافة إلى العمل على تصحيح وضع القضاء ومعالجة اختلالاته وفتح مسار فعّال لإنجاز القضايا العالقة.

كما أن التغيير يستند إلى 4 مبادئ أساسية، وهي: الشراكة الوطنية والشورى، والوحدة، وتحمّل المسؤولية وفقاً لتكامل الأدوار، في الحكومة والقضاء.

لم يعلن بعد من سيرأس الحكومة الجديدة، وكم عدد الحقائب التي ستتشكّل منها، لكن من المتوقّع أن تكون حكومة مصغّرة، مبنية على الشراكة الوطنية في تحمّل المسؤولية بعيداً عن الترضيات والمحسوبيات، ويجري العمل فيها على تقليص التضخّم الحاصل، بدمج بعض الوزارات، وإلغاء بعض المؤسسات والتفريعات، بما يساعد في ترشيد الإيرادات المتواضعة جداً، وتسخيرها بما يصبّ في خدمة الوطن والمواطن.

ومن المعوّل أن تقدّم جديداً للمواطنين، لأن المواطن تهمه النتيجة في النهاية، ولا يهمّه الشكل وهل ستكون حكومة محاصصة أو حكومة تكنوقراط.

وإزاء هذا الإعلان تباينت المواقف، ففيما حظي بتأييد شعبي وحزبي واسع، وشكّل بارقة أمل للكتلة السكانية الأكبر في أكثر من 15 محافظة يمنية، فإن حزب المؤتمر في الداخل لم يبدِ موقفاً رسمياً حياله، أما طابور العدوان فلم يخفِ انزعاجه من الخطوة رغم أن ملامحها لم تتشكّل بعد.

ومن ناحية التوقيت جاء إعلان المرحلة الأولى من التغيير الجذري أو ما يصفه البعض بثورة الإصلاح للهيكل الإداري للدولة، في الذكرى التاسعة لثورة سبتمبر، بعد قرابة أسبوع فقط من عرض عسكري هو الأضخم في تاريخ اليمن، كشف فيه عن أسلحة كاسرة للتوازن في ظل ظروف استثنائية صعبة.

وهو ما يعطي أملاً بأنّ من وصل إلى هذا النجاح المبهر عسكرياً قادرٌ على تحقيق نجاح مبهر أيضاً في بناء الدولة وتصحيح واقعها، ومعالجة اختلالاتها الإدارية، وعلى أن يقدّم رسالة واضحة بأن اليمنيين رغم كلّ ما نالهم ماضون في مسار تصحيح وبناء الدولة القوية، واليمن الجمهوري الجديد، يمنٌ سيّد في شبه الجزيرة العربية، وليس تابعاً لأي دولة إقليمية أو دولية.

ونعتقد أن هذا الإعلان هو بمثابة نقطة تحوّل إدارية تضاف إلى سلسلة التحوّلات السياسية والعسكرية التي حقّقتها الثورة، يزيد من فرص نجاحها الدعم الشعبي الكبير، وإن كان لا يزال هناك كثير من التحديات، أبرزها العدوان والحصار وما فرضه من واقع معيشي واقتصادي صعب، يحاول الخصوم استغلاله بتثوير المواطنين على أنصار الله تحديداً، فكان الردّ بأن خرج أكبر حشد مليوني في تاريخ اليمن، ليعلن تفويض قيادة الثورة وتأييد خياراتها فيما يشبه الاستفتاء الشعبي.

إن الملايين التي شاهدها العالم في السبعين وفي معظم المحافظات اليمنية، يثقون كل الثقة بخيارات القيادة، بل يرونها “السر” في صناعة اليمن الجديد الحرّ المستقل القوي، ويرون فيها صانع التحوّلات، من الثورة إلى الدولة إلى المواجهة والتصدّي للحرب الكونية، والحفاظ على مؤسسات الدولة وصولاً إلى مرحلة التغيير الجذري للدولة ومؤسساتها نحو الأصلح والأقوى، وبما يجعل من اليمن الدولة النموذج، وليس الدولة الفاشلة كما أراد أهل العدوان والحصار.

وهذا الأمر لن يتحقّق بين عشية وضحاها، فمسار التغيير يتطلب إرادة وهي متوفرة، ووعياً شعبياً يقاوم كل حملات التشوية والتضليل والتسخيف من هذه الخطوة، وبالمعادلة الذهبية اليمنية المتمثلة في: القيادة، والمنهج، والجيش، والشعب يستطيع اليمنيون تجاوز كل التحديات في مسار بناء الدولة ومسار التصدّي للعدوان الخارجي.

مولد التغيير

توقيت إعلان التغيير الجذري في مناسبة المولد النبوي لم يكن صدفة بل كان مقصوداً، باعتبار المولد نفسه نقطة تحوّل للتغيير في واقع معيّن كان قبل البعثة، وانطلاقاً من ذلك يرى اليمنيون أن المولد يمثّل فرصة لإعلان مواقفهم تجاه مختلف القضايا، ورسم خريطة طريق لعام كامل، وهذا يفرض علينا النظر إلى المناسبة كنقطة تحوّل تاريخي بالمعنى السياسي والاجتماعي، وليس كمجرد طقس سنوي ديني ينتهي بانفضاض الجماهير من الساحات.

كما أن اجتماع الملايين في أكثر من 15 محافظة يمنية بينها العاصمة – وبما يفوق سكان بعض دول الخليج – يمثّل خياراً سياسياً، وبالتالي يتحتم على المجتمع الدولي احترام إرادة هؤلاء الملايين في خياراتهم وقراراتهم وحقوقهم، وعليه أن يدرك بأنه لا يمكنه تجاوز هذه الحقيقة، أو مواجهتها وفرملتها من خلال مجاميع وجماعات صنعت على أيدي المخابرات، لأنّ مثل هذه الخدع لا يمكن أن تنطلي على شعب، وإن تدثّرت تلك المجاميع من حين إلى آخر بلباس الوطنية وتلطّت بالعلم الجمهوري، لأن ممارساتها وسلوكياتها خلال 9 سنوات تتعارض كلياً مع مفهوم الجمهورية، والوطنية وكلّ الشعارات البرّاقة التي تتشدّق بها.

فيما أثبتت السنوات الماضية بالتجربة الملموسة صدق القيادة في صنعاء وعلى رأسهم قائد الثورة، وأنهم من أعادوا للجمهورية اليمنية هيبتها وحضورها ومكانتها، وفرضوا للعلم الجمهوري مكانته، وسط زحمة الأعلام والرايات التي جاءت من خارج الحدود والجغرافيا اليمنية، كأعلام السعودية والإمارات والقاعدة وغيرها، التي لا تزال ترفرف إلى اليوم في المحافظات المحتلة.

ما نريد الوصول إليه، بأن على الدول الخارجية والمرتبطين بها من جماعات الـ (إن – جي – أوز) اليمنية أن تدرك بأن الرهان على تفجير الوضع من الداخل رهان خاسر، وأن اليمن بمعادلته الذهبية سبق أن تجاوز الكثير من المؤامرات والمحاولات، آخرها في ديسمبر من العام وهو قادر بهذه المعادلة الذهبية على أن يتجاوز كل المشاغبات المدعومة من قبل أجهزة مخابرات دول العدوان.

في الخلاصة فإننا اليوم أمام يمنٍ جديد قوي لا يزال في طور التشكّل، والمعادلة الذهبية اليمنية، قادرة بعون الله على صناعة هذا اليمن المنشود، المقتدر والمؤثّر.

فاليمن لولا ضعف من حكموه سابقاً يمتلك كل مؤهلات ومقوّمات الدولة القوية على مستوى الجزيرة العربية والخليج، بأكبر كتلة سكانية وقوة بشرية، ومخزون هائل من الثروات، وموقع استراتيجي هام، وجيش قوي، وقيادة حكيمة وصلبة.

وهذه المقومات كفيلة بأن تجعل من اليمن رقماً صعباً في المستقبل القريب إن شاء الله، يمنٌ لا شرقيّ ولا غربيّ، ولا تبعيّة فيه لا لأميركا ولا للسعودية، ولا لأيّ دولة في هذا العالم.

علي ظافر

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الشراکة الوطنیة التغییر الجذری

إقرأ أيضاً:

التقنيات النانوية .. ثورة خضراء جديدة لإنقاذ الزراعة

تعد تقنية النانو واحدة من أبرز الابتكارات العلمية في القرن الحادي والعشرين، حيث تعنى بتصميم وتطوير مواد وأجهزة على مقياس النانو، أي بحجم يتراوح بين 1 و100 نانومتر (النانومتر يساوي جزءًا من مليار جزء من المتر). تعتمد هذه التقنية على الخصائص الفريدة التي تظهرها المواد عند هذا الحجم متناهي الصغر، مثل زيادة القوة، وتحسين التوصيل الكهربائي، والتفاعلات الكيميائية الأكثر كفاءة. وتستخدم تقنية النانو اليوم في مجالات متنوعة، من الطب إلى الطاقة، ومن الصناعة إلى الزراعة، مما يجعلها ركيزة أساسية للثورة التكنولوجية الحديثة.

وتعود جذور تقنية النانو إلى القرن الرابع الميلادي، عندما استخدم الرومان جسيمات نانوية من الذهب والفضة في صناعة الزجاج الملون. ومع ذلك، فإن البداية العلمية الحديثة لهذه التقنية تعود إلى عام 1959، عندما ألقى الفيزيائي ريتشارد فاينمان محاضرة بعنوان «هناك متسع كبير في القاع»، حيث تنبّأ بإمكانية التحكم في المادة على المستوى الذري. في عام 1981، تم اختراع المجهر النفقي الماسح (STM)، الذي سمح للعلماء برؤية الذرات الفردية وتحريرها، مما فتح الباب أمام عصر جديد من الاكتشافات.

شهدت تقنية النانو تطورًا سريعًا في العقود الأخيرة. في عام 1985، تم اكتشاف الفحم النانوي (الكربون 60)، وفي عام 1991، تم اكتشاف الأنابيب النانوية الكربونية، وهي مواد تتمتع بقوة ميكانيكية فائقة وخصائص كهربائية مميزة. بحلول عام 2000، بدأت الحكومات والشركات الكبرى في استثمار مليارات الدولارات في أبحاث النانو، مما أدى إلى ظهور تطبيقات عملية في مجالات مثل الطب (مثل توصيل الأدوية المستهدفة) والطاقة (مثل الخلايا الشمسية عالية الكفاءة).

تتصدر الولايات المتحدة قائمة الدول الأكثر استثمارًا في تقنية النانو، حيث أنفقت الحكومة الفيدرالية أكثر من 1.5 مليار دولار سنويًا على أبحاث النانو منذ عام 2001. تليها الصين، التي أعلنت عن خطط طموحة لجعل نفسها مركزًا عالميًا لتقنية النانو بحلول 2030. في أوروبا، تُعد ألمانيا والمملكة المتحدة من الدول الرائدة، حيث تستخدم تقنية النانو في تطوير مواد صناعية متقدمة وعلاجات طبية مبتكرة.

وفي منطقة الشرق الأوسط، تعتبر الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية من أبرز الدول التي تبنت تقنية النانو من البحث والتطوير. ففي الإمارات، تم استخدام المواد النانوية في مشاريع تحلية المياه وتطوير مواد بناء مستدامة. أما السعودية، فقد استثمرت في أبحاث النانو لدعم رؤية 2030، خاصة في مجالات الطاقة المتجددة والزراعة.

تطبيقات تقنية النانو الشائعة

الطب: توصيل الأدوية بشكل مستهدف إلى الخلايا السرطانية دون الإضرار بالخلايا السليمة.

الطاقة: تطوير بطاريات ذات سعات تخزين أعلى وخلايا شمسية أكثر كفاءة.

الزراعة: تحسين كفاءة الأسمدة والمبيدات، وزيادة مقاومة المحاصيل للظروف المناخية القاسية.

الصناعة: تصنيع مواد أقوى وأخف وزنًا، مثل الأنابيب النانوية الكربونية المستخدمة في صناعة الطائرات.

وفي ظل التحديات المناخية والبيئية التي تواجهها سلطنة عمان، مثل ندرة المياه وملوحة التربة والتصحر، تبرز الحاجة إلى حلول مبتكرة لتعزيز الإنتاج الزراعي وتحقيق الأمن الغذائي. حيث تعد التقنيات النانوية أحدث الأدوات الواعدة التي يمكن أن تساهم في الثورة الزراعية خاصة في الدول ذات البيئات الجافة كسلطنة عمان. فكيف يمكن لهذه التكنولوجيا الدقيقة أن تحدث تحولًا في القطاع الزراعي العُماني؟

1. مواجهة شح المياه

يمكن استخدام جسيمات نانوية ماصة للرطوبة في التربة لتقليل تبخر المياه، أو تصميم أنظمة ري ذكية تعتمد على مستشعرات نانوية لمراقبة رطوبة التربة بدقة. هذا الأمر حيوي في سلطنة عمان، حيث تهدر كميات كبيرة من المياه بسبب التبخر أو سوء الإدارة.

فقد طور باحثون في دراسة نشرت بمجلة Agricultural Water Management مواد هيدروجيل نانوية قادرة على امتصاص المياه وتخزينها ثم إطلاقها تدريجيًا عند جفاف التربة. هذه المواد تزيد قدرة التربة على الاحتفاظ بالرطوبة بنسبة تصل إلى 50%، مما يقلل الحاجة إلى الري المتكرر. كذلك تشير دراسة نشرت في مجلة ACS Applied Materials & Interfaces (2021) إلى أن مواد الهيدروجيل النانوية (Nanohydrogels) المصممة لامتصاص المياه يمكن أن تخزن كميات كبيرة من الرطوبة وتطلقها تدريجيًا في التربة، مما يقلل فقدان الماء بنسبة تصل إلى 50% في المناطق الجافة. أما أنظمة الري الذكية المعتمدة على مستشعرات نانوية، ففي تجربة موثقة في مجلة Sensors (2022)، تم استخدام مستشعرات نانوية قائمة على الجرافين لمراقبة رطوبة التربة في الوقت الفعلي، مما سمح بتخفيض استهلاك المياه بنسبة 35% دون التأثير على إنتاجية المحاصيل. ووفقًا لبحث في مجلة Journal of Nanobiotechnology، تستخدم مستشعرات نانوية قائمة على الجرافين لقياس رطوبة التربة وحالة النبات في الوقت الفعلي Real Time. هذه المستشعرات توفر بيانات دقيقة تسمح بتعديل كميات الري تلقائيًا، مما يخفض استهلاك المياه بنسبة 20-30%. يمكن لهذه التقنيات أن تكون حلاً لمشكلة شح المياه في سلطنة عمان، خاصة في محافظتي ظفار والداخلية التي تعتمد على الزراعة المحدودة.

2. أسمدة ومبيدات ذكية

تسمح الأسمدة النانوية بإطلاق العناصر الغذائية بشكل تدريجي، مما يزيد من امتصاصها بنسبة تصل إلى 40% مقارنة بالأسمدة التقليدية. كما تقلل المبيدات النانوية من استخدام الكيماويات الضارة، عبر استهداف الآفات مباشرةً دون الإضرار بالبيئة. أظهرت دراسة في مجلة Frontiers in Plant Science أن استخدام أسمدة نانوية مغلفة ببوليمرات نانوية يحسن امتصاص العناصر الغذائية (مثل النيتروجين والفوسفور) بنسبة 40%، مما يعزز نمو المحاصيل ويقلل التلوث البيئي.

ونشر في مجلة Journal of Arid Environments (2022) أن استخدام مستشعرات نانوية لمراقبة جودة التربة في مشروع «نيوم» بالمملكة العربية السعودية قلل من استخدام الأسمدة الكيماوية بنسبة 50%. ووفقا لبحث في مجلة Journal of Agricultural and Food Chemistry (2020)، فإن الأسمدة النانوية المغلفة (Nanoencapsulated fertilizers) تزيد من امتصاص العناصر الغذائية بنسبة 40% مقارنة بالأسمدة التقليدية؛ لأنها تحمي المغذيات من التبخر أو التسرب. أما من ناحية المبيدات النانوية، فقد أظهرت دراسة في مجلة International Nano Letters (2021) أن جسيمات النحاس النانوية (CuNPs) تثبط نمو الفطريات المسببة لأمراض النباتات بكفاءة أعلى وبجرعات أقل. ويشير بحث منشور في Pest Management Science إلى أن جسيمات النانو الفضة تُثبّط نمو الميكروبات الضارة دون الإضرار بالكائنات النافعة، مما يخفض استخدام الكيماويات بنسبة 70%.

ويمكن تطبيق استخدام هذه التقنيات في زراعة النخيل، خاصة تلك التي تعاني من أمراض مثل «التفحم الكاذب» (المعروف أيضا باسم التبقع الأسود الكاذب) وهو مرض فطري يصيب أشجار النخيل، مع تقليل التلوث الكيميائي في التربة.

3. إحياء الأراضي المتدهورة

طور العلماء مواد نانوية (كالجسيمات الكربونية) تحسن خصوبة التربة عبر امتصاص الأملاح الزائدة وإطلاق العناصر الدقيقة، مما ينعكس إيجابا على نمو المحاصيل في المناطق المتأثرة بالتملح.

ووفقا لبحث في مجلة Arabian Journal of Chemistry (2023)، أدى استخدام الأسمدة النانوية في مزارع أبوظبي إلى زيادة إنتاج الطماطم بنسبة 30% مع توفير 40% من مياه الري تحت ظروف الري المالح. وتوضح دراسة بمجلة Science of the Total Environment أن إضافة جسيمات نانوية مشتقة من الكربون (مثل البيوشار النانوي) إلى التربة المالحة يقلل تركيز الأملاح بنسبة 35% ويعيد توازن العناصر الدقيقة مثل الحديد والزنك. وفي تجربة نشرت بمجلة Environmental Science: Nano (2022)، تم استخدام جسيمات نانوية من البايوتشار (Biochar nanoparticles) لامتصاص الأملاح الزائدة في التربة، مما أدى إلى خفض ملوحة التربة بنسبة 25% وتحسين إنبات البذور بنسبة 40%. وتستخدم الأغشية النانوية من أكسيد الجرافين في تصفية الأملاح من مياه الري، مما يحسن جودتها ويجعلها صالحة للزراعة. كما أشارت دراسة في مجلة Scientific Reports (2023) إلى أن الجسيمات النانوية الكربونية تعزز نشاط الكائنات الحية الدقيقة المفيدة في التربة، مما يسهم في استصلاح الأراضي المتدهورة. هذه التقنيات قد تنعش الزراعة في محافظات شمال وجنوب الباطنة والظاهرة والشرقية، حيث تتفاقم مشكلة تملح الأراضي بسبب الاستخدام المتزايد للمياه المالحة وسوء الصرف.

4. محاصيل أقوى

وتستخدم الجسيمات النانوية (مثل أكسيد الزنك) لحماية النباتات من الإجهاد الحراري والجفاف، وهي مشكلات شائعة في المناخ العماني، كما تحفز هذه المواد نمو الجذور وزيادة الإنتاجية.

أثبتت دراسة في مجلة Plant Physiology and Biochemistry (2021) أن رش نباتات القمح بجسيمات ثاني أكسيد السيليكون النانوية (ZnO NPs) يزيد من قدرتها على تحمُّل الجفاف عن طريق تعزيز نشاط الإنزيمات المضادة للأكسدة ويزيد من تحمُّلها للإجهاد الحراري بنسبة 60%. وفي بحث آخر بمجلة Frontiers in Plant Science (2022)، تم استخدام جسيمات ثاني أكسيد التيتانيوم النانوية (TiO₂ NPs) لحماية محاصيل القمح من الأشعة فوق البنفسجية في المناطق الحارة، مما رفع الإنتاجية بنسبة 20%. ويشير بحث آخر في مجلة ACS Nano إلى أن جسيمات سيريوم أوكسيد النانوية تقلل تلف الخلايا النباتية الناجم عن الأشعة فوق البنفسجية وارتفاع الحرارة، مما يزيد إنتاجية الطماطم بنسبة 25%.

وقد تدعم هذه الحلول زراعة القمح والشعير من حيث رفع الإنتاجية في محافظات ظفار (النجد) والظاهرة والداخلية، التي تعاني من ارتفاع درجات الحرارة، كذلك رفع إنتاج محصول الطماطم في محافظتَي شمال وجنوب الباطنة.

التحديات: طريق سلطنة عمان نحو الزراعة النانوية

رغم الإمكانات الكبيرة، فقد تواجه السلطنة عددا من التحديات في تبني هذه التقنيات، ومن أهمها:

البحث والتطوير:

فوفقا لتقرير البنك الدولي (2023)، تحتاج دول الخليج إلى استثمار 1.5% من الناتج المحلي في البحث العلمي لتبني تقنيات متقدمة مثل النانو، بينما لا تتجاوز النسبة في سلطنة عمان حاليا 0.2%. وبالرغم من وجود مركز أبحاث تقنية النانو الذي تأسس في عام 2017م والذي يعد امتدادا للكرسي البحثي لتقنية النانو في مجال تحلية المياه والذي أسس في أكتوبر 2011م بتمويل مشترك بين مجلس البحث العلمي وجامعة السلطان قابوس، فإن السلطنة تحتاج إلى المزيد من المراكز المتخصصة في النانو تكنولوجي مدعومة بتعاون بين الجامعات والقطاع الخاص.

التكلفة والتمويل

يتطلب تطوير المواد النانوية استثمارات مبدئية كبيرة، لكنها قد تعوض على المدى الطويل عبر زيادة الإنتاج. ففي دراسة في مجلة Nature Nanotechnology (2021) تشير إلى أن تكلفة إنتاج الأسمدة النانوية انخفضت بنسبة 60% خلال العقد الماضي بسبب التقدم التكنولوجي، مما يجعلها في متناول المزيد من الدول.

القبول المجتمعي

يجب توعية المزارعين والمستهلكين بسلامة المنتجات الزراعية النانوية وفوائدها. ووفقا لاستطلاع أجرته مجلة Agriculture & Food Security (2022)، فإن 70% من المزارعين في الشرق الأوسط يترددون في استخدام التقنيات النانوية بسبب نقص المعرفة، مما يؤكد الحاجة لحملات توعوية.ومع ذلك، تتمتع سلطنة عمان بفرص كبيرة وواعدة، خاصة مع تركيز «رؤية عُمان 2040» على الابتكار والاستدامة. فقد بدأت بعض المبادرات، مثل مشاريع تحلية المياه باستخدام أغشية نانوية، والتي يمكن توسيعها لدعم القطاع الزراعي والأمن الغذائي بالسلطنة. ولتحقيق الاستفادة القصوى يجب على سلطنة عمان إنشاء برامج بحثية بالشراكة مع مراكز دولية متخصصة مثل معهد مصدر في الإمارات (المتخصص في تقنيات النانو للزراعة المستدامة) والمركز الدولي للزراعة الملحية (ICBA). ودعم الشركات الناشئة في مجال الزراعة التكنولوجية لإنتاج مواد نانوية مفيدة للزراعة. بالإضافة إلى تطوير تشريعات واضحة لضمان الاستخدام الآمن للتقنيات النانوية.

وختاما يجب التأكيد على أن تقنية النانو ليست مجرد تطور علمي، بل هي ثورة قادرة على تغيير طريقة حياتنا. من خلال فهمنا لتاريخها وتطورها، مما يمكننا من تقدير الإمكانات الهائلة التي تقدمها لمستقبل البشرية. ومع استمرار الدول في استثمار الموارد في هذا المجال، ستظل تقنية النانو محركا رئيسيا للابتكار والتنمية في العقود القادمة. وحيث إن الدراسات العلمية الحديثة تؤكد أن التقنيات النانوية ليست خيالا علميا، بل أداة قابلة للتطبيق حتى في البيئات الصعبة مثل سلطنة عمان. وبدمج هذه الأبحاث مع السياسات الفعالة، يمكن تحويل الزراعة النانوية إلى نموذج للذكاء والاستدامة.

نستطيع القول بأن التقنيات النانوية تمثل فرصة ذهبية لسلطنة عمان لتحويل تحدياتها البيئية إلى نقاط قوة، عبر زراعة ذكية تعتمد على الموارد المتاحة بكفاءة. وبدمج هذه التكنولوجيا مع السياسات الحكومية الداعمة، يمكن لعمان أن تصبح نموذجا للزراعة المستدامة المعتمدة على التقنيات الحديثة في المنطقة، مما يعزز أمنها الغذائي ويحفز الاقتصاد المحلي. والمستقبل يبدأ بحبة نانوية!

د. سيف بن علي الخميسي مدير مركز بحوث النخيل والإنتاج النباتي - وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه

مقالات مشابهة

  • ثورة زراعية في تركيا: احتلال الصدارة أوروبياً وعالمياً
  • حميدتي غير مؤهّل لا أخلاقيّا ولا سياسيّا ولا عقليّا لقيادة التغيير
  • التقنيات النانوية .. ثورة خضراء جديدة لإنقاذ الزراعة
  • رؤى في تعدد مداخل تقاطع مع الديني والسياسي.. مشاتل التغيير (10)
  • إعلام إسباني: المغرب يشهد ثورة صناعية مذهلة
  • تقنية جديدة للإنجاب قد تمثل ثورة في تكاثر البشر
  • رئيس الدولة يستقبل عدداً من العسكريين الإماراتيين الفائزين بمسابقة القرآن الكريم التي أقيمت في السعودية
  • وزارة الإعلام : نؤكّد أنّ هذا الاعتداء يُعد انتهاكاً صارخاً للقوانين والأعراف الدولية التي تكفل حماية الصحفيين خلال أداء مهامهم، وندعو الدولة اللبنانية إلى تحمل مسؤولياتها في محاسبة الجناة
  • وسائل إعلام تكشف القواعد التي أقلعت منها الطائرات الأمريكية في عدوانها على اليمن
  • باب المندب قلبُ العاصفة ومهدُ التغيير