لا تبدو الحرب الروسية الأوكرانية مقبلة على النهاية في ظل عجز طرفي النزاع عن حسم المعارك لصالحه وانحسارها في المناطق التي سيطرت عليها موسكو خلال الأسابيع الأولى والتي تحاول أوكرانيا استعادتها دون جدوى، كما يقول خبراء.

فبعد نحو عامين من القتال، تراجعت الأهداف الروسية من إسقاط نظام كييف برمته إلى مجرد الحفاظ على مقاطعتي خيرسون وزاباروجيا اللتين سيطرت عليهما خلال الأيام الأولى للحرب، والتمسك بمنقطتي لوغانسك ودونيتسك اللتين انفصلتا عن أوكرانيا وانضمتا إلى روسيا الاتحادية خلال الحرب، في حين ما تزال القوات الأوكرانية عاجزة عن استرداد هذه المناطق.

وفي حين أكدت الولايات المتحدة التزامها بمواصلة دعم أوكرانيا من أجل استعادة أراضيها "المحتلة" واستعدادها لزيادة هذا الدعم كمًّا ونوعا إذا لزم الأمر، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه سيدافع عن الأراضي التي ضمتها بلاده في الشرق الأوكراني.

عجز عن تحقيق الأهداف

وفقا للخبير العسكري اللواء المتقاعد فايز الدويري، فإن الحرب الروسية الأوكرانية تعيش حاليا حالة مراوحة في ظل عجز طرفي القتال عن تحقيق أهدافه عسكريا بسبب إجهاد القوات الروسية من جهة وتباطؤ الهجوم الأوكراني المضاد من جهة أخرى.

وفي حلقة ما وراء الخبر (2023/9/30)، قال الدويري إن أهداف موسكو التي أعلنتها أول الحرب لم تتحقق وخصوصا فيما يتعلق بإسقاط النظام السياسي الأوكراني، مشيرا إلى أن كلا الجانبين يتبنى الدفاع والهجوم في مناطق معينة حسب مقتضيات الوضع على الأرض، فبينما يهاجم الأوكران زاباروجيا ودونيتسك، يشن الروس هجمات على شرقي ليمان.

بالتالي، يضيف الدويري، فإن العمليات العسكرية لم تحقق المطلوب لكلا الجانبين لأن الهجوم الأوكراني المضاد بطيء جدا، والهجوم الروسي في خاركيف أيضا يبدو متعثرا؛ لأن القدرات العسكرية للطرفين أصبحت متواضعة، وهو ما دفعهما لمسار موازٍ هو استخدام الطائرات المسيرة لشن هجمات متقطعة.

وحتى لو تمكنت أوكرانيا من استعادة زاباروجيا فإن هذا لن يؤثر في الوضع الراهن على الأرض بشكل كبير، لأن إطار العمليات أوسع من ذلك في ظل الإجهاد الواضح على الطرفين، كما يقول الدويري.

مع ذلك، فإن القيادة السياسية في موسكو تبدو مصممة على تحقيق أهدافها من الحرب بدليل أنها دعت لتجنيد 350 ألف متطوع جديد من قوات فاغنر ووجهت بتجنيد 277 ألفا من المواطنين هذا العام، بحسب الدويري.

في المقابل، يقول الدبلوماسي الأميركي السابق في موسكو دونالد جنسن، إن روسيا لا تملك خيارات سوى الرحيل عن الأراضي الأوكرانية التي احتلتها لأن كييف تتقدم ولو ببطء نحو الجنوب والجنوب الشرقي.

وبغض النظر عن الوقت الذي تحتاجه أوكرانيا لاستعادة أراضيها، فإن الولايات المتحدة ستواصل دعمها ماليا وعسكريا حتى تتمكن من ذلك، وفق جنسن.

وبصورة أوضح، يعتقد جنسن أن الحرب ستتواصل حتى نهاية 2024، وربما أبعد من ذلك؛ بسبب الألغام التي زرعها الروس والخنادق التي حفروها والتي لولاها لما تمكنوا من الدفاع عن أنفسهم في الوقت الراهن.

أما في موسكو، فإن المحللة السياسية والإستراتيجية أولجا كراسينياك، ترى أن الأوضاع على الأرض ليست بهذه الصورة التي يتحدث عنها الدويري وجنسن، لأن موسكو -برأيها- تقوم حاليا بدمج المناطق التي استعادتها في الجسد الروسي وبالتالي ليس مهمًّا الوقت المطلوب لهذا الأمر.

إلى جانب ذلك، فإن كراسينياك تعتقد أن الزحف الروسي سيستمر حتى السيطرة على مدن أخرى مثل خاركيف وميكولايف وأوديسا؛ لأن كييف تعتمد على السلاح الغربي بشكل كامل، وهو ما قد يتغير في حال تغيرت الإدارة الأميركية أو توقف هذا الدعم، بينما الروس يقاتلون بأسلحتهم المحلية.

لا أحد قادر على الحسم

لكن الدويري، يعارض هذا الحديث قائلا إن الجانب الروسي اختار وضعية الدفاع لأنه يعرف أن أوكرانيا يمكنها تحقيق اختراقات قوية، وهذا يؤكد تراجع احتمالات الحسم ما لم تشهد المعارك دعما كبيرا.

وحتى دبابات إبرامز التي قدمتها واشنطن مؤخرا لكييف لن تغير في الوضع على الأرض لأن 33 دبابة ليست كافية لقلب الأوضاع، برأي الدويري، الذي لفت إلى أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أشار بصيغة مبهمة مؤخرا إلى إمكانية العودة إلى التفاوض.

الرأي نفسه ذهب إليه جنسن الذي قال إن روسيا لن يمكنها تحقيق أي تقدم دون مفاجآت أو دون سأم الغرب من مواصلة دعم أوكرانيا عسكريا، وهو ما يراهن عليه الكرملين حتى الآن، من أجل التوصل لتسوية لصالحه، وهو ما لن يحدث، مؤكدا أن روسيا سوف تخسر الحرب وسوف تتحمل مسؤولية إعادة إعمار ما دمرته، حسب قوله.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: على الأرض وهو ما

إقرأ أيضاً:

بوتين يجدد شروط إنهاء الأزمة في أوكرانيا

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الجمعة، أنه أبلغ رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الذي قام بزيارة مفاجئة إلى موسكو، شروط إنهاء الأزمة الأوكرانية الحالية.
وأشار بوتين إلى أنه أجرى محادثات "صريحة ومفيدة" مع أوربان تطرقت إلى سبل "معالجة الأزمة" في أوكرانيا.
وذكّر الرئيس الروسي أنه أعلن، في يونيو الماضي، رؤيته للسلام وهي أنه يتعين على أوكرانيا سحب قواتها من المناطق الأربعة التي تطالب بها موسكو من أجل معالجة "الأزمة" التي بدأت في فبراير 2024. 
وقال بوتين، في تصريحاته اليوم الجمعة، إن هذه الشروط هي "الانسحاب الكامل لجميع الجنود الأوكرانيين من جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين ومن منطقتي زابوريجيا وخيرسون".

أخبار ذات صلة أوربان يلتقي بوتين في موسكو بوتين: أنظر «بجدية بالغة» إلى نية ترامب «وقف الحرب في أوكرانيا» المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • خلال لقائه برئيس الوزراء المجري.. بوتين يكشف موقفه من تسوية الأزمة الأوكرانية
  • أمين عام الناتو يرفض دعوات إجبار أوكرانيا على قبول مبدأ "الأرض مقابل السلام" لإنهاء الحرب
  • بوتين يجدد شروط إنهاء الأزمة في أوكرانيا
  • بوتين: مستعدون لإنهاء النزاع مع أوكرانيا نهائيًا بشروط
  • خلال لقائه برئيس وزراء المجر.. بوتين يضع شرطا لإنهاء الحرب الأوكرانية
  • قائد البحرية الأوكرانية: روسيا تفقد السيطرة على محور شبه جزيرة القرم
  • الكرملين: بوتين ورئيس وزراء المجر سيبحثان ملف الأزمة الأوكرانية
  • زيلينسكي يطالب ترامب بالكشف عن خطتك لإنهاء الحرب في أوكرانيا
  • بعد تصريحات اليوم الواحد.. زيلينسكي يتحدى ترامب للكشف عن خطته لإنهاء الحرب
  • زيلينسكي: مستعد للقاء ترامب للاستماع إلى خطته بشأن السلام