أمضت الحكومة الصينية العقود الثلاثة الماضية في محاولة الوصول والتأثير في البحار المفتوحة وممرات الشحن الاستراتيجية والموانئ الأجنبية في آسيا وحول العالم. وتمتلك الصين أو تشترك في ملكية أو تشغيل حوالي ٩٦ موانئ أجنبية على مستوى العالم، مع توسيع نفوذها باستمرار، بما في ذلك ميناء هامبورج بألمانيا وجزر سليمان، بحسب ما ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية.


لكن عمليات الصين لها جانبان إضافيان وإشكاليان. أولا، أدخلت الصين بنية تحتية ضخمة وغير مفهومة لجمع المعلومات في الموانئ الحيوية في جميع أنحاء العالم. ثانيا، تتطلب القوانين الصينية أن تقوم جميع الشركات الصينية العاملة عبر البحار، بما في ذلك الخاصة والمملوكة للدولة، بجمع المعلومات الاستخبارية عن الكيانات الأجنبية وإبلاغ الحكومة الصينية بها.
وبالنظر إلى موقف بكين الاقتصادي والجيوسياسي العدائي المتزايد تجاه الغرب، فمن المهم فهم مخاطر ملكية البنية التحتية الصينية بالكامل والتخفيف منها. ويجب أن يبدأ هذا بفهم ما تعرفه بكين بالضبط، ما هي تدفقات البيانات التي يمكن للصين الوصول إليها، والمعلومات التي تجمعها، بالإضافة إلي كيفية استخدام الصين للموانئ في جمع المعلومات الاستخباراتية.
ومن بين ٧٥ من الموانئ الرئيسية للحاويات في العالم خارج البر الرئيسي الصيني، تستحوذ الصين علي جزء من ملكية نصف تلك الموانئ علي الأقل أو تجري عمليات من خلالها. وأكثر من نصف الأصول البحرية للصين تقع على ممرات الشحن الرئيسية التي تمر عبر المحيط الهندي (ميناء هامبانتوتا، سريلانكا)، والبحر الأحمر (ميناء جيبوتي)، والبحر الأبيض المتوسط (ميناء حيفا، إسرائيل)، و(ميناء بيرايوس، اليونان)، وطرق أخرى عبر البحار.
وهذا الوجود البحري يفتح الباب أمام جمع المعلومات والأنشطة الاستراتيجية الأخرى. كما تعد الصين الأولي في العالم فيما يتعلق بالقدرة علي الشحن، حيث تمتلك أساطيل من السفن التجارية الضخمة، بما في ذلك سفن الحاويات وناقلات النفط وناقلات الغاز الطبيعي السائل وناقلات السوائب للفحم والحبوب. وتصنع الصين أكثر من ٩٠ في المائة من جميع حاويات الشحن و ٨٠ في المائة من الرافعات من السفن إلى الشاطئ في العالم.
وتقوم الصين بمضاعفة أنشطة الشحن في الخارج لجمع البيانات والمعلومات الاستخبارية وتكثيف المراقبة على نطاق واسع. وتستخدم العديد من الموانئ حول العالم نظام البرمجة اللوجستية الصيني "LOGINK"، لتتبع مجموعة واسعة من المعلومات التجارية والسوقية والبحرية، بما في ذلك حالة السفن والبضائع، والمعلومات الجمركية، وبيانات الفواتير والدفع، وبيانات تحديد الموقع الجغرافي، ومعلومات الأسعار، والإيداعات التنظيمية، والتصاريح والتراخيص، وبيانات الركاب، وبيانات الحجز.
وتشغل الموانئ المملوكة للصين أبراج اتصالات "٥G"، وتوفر الصين أنظمة التشغيل لأجهزة كمبيوتر منشآت الموانئ. ويقوم المسئولين الأمريكيين بالتحقيق في احتمالية أن تكون رافعات الشحن الصينية أدوات للتجسس. وأنشطة بكين المنهجية لجمع المعلومات يمكن أن تساعدها في تحديد نقاط الضعف الحرجة في التجارة الغربية وسلسلة التوريد، فضلا عن تتبع شحن الإمدادات والمعدات والمكونات العسكرية.
وتستفيد البحرية الصينية، التي تعد الأكبر في العالم، من الوصول إلى شبكة عالمية من الموانئ المملوكة للدولة. وتدير بكين قاعدة بحرية أجنبية واحدة فقط في جيبوتي، مقارنة بالشبكة العالمية الواسعة للبحرية الأمريكية من الموانئ والقواعد المشتركة المخصصة.
لكن الموانئ التجارية الصينية تستضيف بشكل روتيني السفن العسكرية الصينية ويمكن أن تكون بمثابة نقاط إعادة إمداد مهمة أو منشآت إصلاح في حالة نشوب أي صراع. ولهذه الغاية، تسعى الصين بشكل متزايد إلى تحقيق قابلية التشغيل المتبادل بين الاستخدام المدني والعسكري في البنية التحتية البحرية والمجالات الأخرى.
وفي صميم المشكلة توجد سياسات الزعيم الصيني شي جين بينج المتشددة لجعل جميع الأنشطة التجارية تخدم مصالح الدولة. شركات الموانئ والشحن والخدمات اللوجستية الصينية مطالبة قانونا بجمع المعلومات للحزب الشيوعي الصيني. ويحظر القانون الصيني تدفق بيانات الشحن، مثل إشارات موقع السفن، إلى بلدان أخرى.
كما أزالت بكين التمييز بين الأنشطة التجارية والعسكرية. وتم تصميم جميع الموانئ المدنية التي تم بناؤها بمساعدة الصين في الخارج للاستخدام المحتمل من قبل السفن الحربية الصينية. بالإضافة إلى ذلك، يجبر القانون الصيني جميع الأصول والعمليات المملوكة للمدنيين علي تقديم الدعم للجيش الصيني في حالة نشوب صراع. وبالفعل، استضاف ما يقرب من ثلث الموانئ التي تستثمر فيها الشركات الصينية، سفن بحرية صينية.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الصين من الموانئ بما فی ذلک فی العالم

إقرأ أيضاً:

صور تلسكوب جيمس ويب الجديدة تكشف كيفية تشكل الكواكب

تقول وكالة ناسا إنها تمكنت من استخدام تلسكوب جيمس ويب لالتقاط صور لأقراص تشكل الكواكب حول النجوم القديمة والتي تتحدى النماذج النظرية لكيفية تشكل الكواكب. تدعم الصور النتائج السابقة من تلسكوب هابل والتي لم يكن من الممكن تأكيدها حتى الآن.

تم التقاط صور ويب التفصيلية للغاية من "سحابة ماجلان الصغيرة"، وهي مجرة ​​قزمة مجاورة لمجرتنا درب التبانة. ركز تلسكوب ويب بشكل خاص على مجموعة تسمى NGC 346، والتي تقول وكالة ناسا إنها وكيل جيد لـ "ظروف مماثلة في الكون المبكر البعيد"، والتي تفتقر إلى العناصر الثقيلة التي كانت مرتبطة تقليديًا بتكوين الكواكب. تمكن ويب من التقاط أطياف الضوء التي تشير إلى أن الأقراص الكوكبية الأولية لا تزال معلقة حول تلك النجوم، وهو ما يتعارض مع التوقعات السابقة بأنها كانت لتنفجر في غضون بضعة ملايين من السنين.


كتبت وكالة ناسا: "كشفت ملاحظات هابل لـ NGC 346 في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين عن العديد من النجوم التي يبلغ عمرها حوالي 20 إلى 30 مليون سنة والتي يبدو أنها لا تزال تحتوي على أقراص تشكل الكواكب". بدون أدلة أكثر تفصيلاً، كانت هذه الفكرة مثيرة للجدل. تمكن تلسكوب ويب من ملء هذه التفاصيل، مما يشير إلى أن الأقراص في المجرات المجاورة لدينا لديها فترة زمنية أطول بكثير لجمع الغبار والغاز الذي يشكل أساس كوكب جديد.

أما عن سبب قدرة هذه الأقراص على الاستمرار في المقام الأول، تقول وكالة ناسا إن الباحثين لديهم نظريتان محتملتان. الأولى هي أن "ضغط الإشعاع" المنبعث من النجوم في NGC 346 يستغرق وقتًا أطول لتبديد الأقراص المكونة للكواكب. والسبب الآخر هو أن السحابة الغازية الأكبر حجماً اللازمة لتكوين "نجم شبيه بالشمس" في بيئة تحتوي على عدد أقل من العناصر الثقيلة من شأنها بطبيعة الحال أن تنتج أقراصاً أكبر حجماً تستغرق وقتاً أطول لتتلاشى. وأياً كانت النظرية التي تثبت صحتها، فإن الصور الجديدة تشكل دليلاً جميلاً على أننا ما زلنا لا نملك فهماً كاملاً لكيفية تشكل الكواكب.

مقالات مشابهة

  • تدشين أول معمل افتراضي للطب الصيني بالشرق الأوسط في الجامعة المصرية الصينية
  • صور تلسكوب جيمس ويب الجديدة تكشف كيفية تشكل الكواكب
  • البحار تشارك في الاحتفال بالذكرى العاشرة لإطلاق الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين مصر والصين
  • شعبة النقل الدولي: الاهتمام بالأسطول البحري يسهم في إستراتيجية تعزيز التجارة البينية المصرية
  • رويترز: فريق «ترامب» يخطط لفرض قيود على سيارات كهربائية من الصين
  • رويترز: فريق ترامب يخطط لفرض قيود على سيارات كهربائية ومكوناتها من الصين
  • سعود بن صقر يشيد بعمق العلاقات الاستراتيجية المتنامية مع الصين
  • قمة الاستثمار الإماراتية الصينية تدعو لتعزيز الشراكات الاستراتيجية
  • كيفية استخدام Genmoji لإنشاء رموز تعبيرية مخصصة
  • نييورك تايمز: العمليات البحرية اليمنية تزيد من ضغوط قطاع الشحن الأمريكي