التوتر في كوسوفو يعيد التذكير بالهوة الفاصلة بين الصرب والألبان
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
بريشتينا "أ ف ب": أعاد التوتر في كوسوفو بعد اشتباكات بين الشرطة ومجموعة مسلّحة هي الأشد عنفًا منذ سنوات، تسليط الضوء على الهوة الساحقة التي تفصل بين الألبان والصرب وصعوبة تحقيق مصالحة في الإقليم الصربي السابق بعد أعوام على توقف المعارك.
الأحد الماضي، قتل أحد عناصر شرطة كوسوفو في كمين نفّذته مجموعة من الصرب، أعقبه إطلاق نار بين القوات الخاصة للشرطة والمجموعة المسلحة أودى بحياة ثلاثة من المسلحين الذين لجأوا إلى دير أرثوذكسي في قرية بانجسكا القريبة من الحدود.
وذكر التلفزيون الرسمي الصربي ان جثث الصرب الثلاثة الذين قتلوا في هذه المواجهة سلمت لعائلاتهم اليوم في بريشتينا.
في راسكا، البلدة الواقعة في جنوب صربيا والحدودية مع كوسوفو، أشار مراسل وكالة فرانس برس اليوم إلى عدم تسجيل أي تحرك للقوات المسلحة الصربية أو زيادة انتشارها.
وحذرت الولايات المتحدة أمس من "انتشار صربي عسكري كبير على طول الحدود مع كوسوفو" داعية "صربيا إلى سحب قواتها".
وبعد الاشتباكات التي وقعت في شمال كوسوفو حيث تتركز الأقلية الصربية، أعلنت الشرطة توقيف ثلاثة أشخاص ضالعين في الهجوم. كما صادرت كميات من الأسلحة قالت إنها تكفي لتسليح المئات. وواصلت أمس دهم هذه المنطقة، ونفذ عناصر القوات الخاصة عمليات تفتيش لأملاك تعود الى من يشتبه بكونه العقل المدبّر للعملية.
ولقيت الخطوات إدانة بلغراد التي ما زالت ترفض الاعتراف بالاستقلال المعلن عام 2008 للإقليم الصربي السابق.
واعتبر المكتب الصربي لشؤون كوسوفو أن المداهمات والتوقيفات هي "عرض وحشي ومبالغ به للقوة" تستخدم فيه قوات خاصة "مدججة بالسلاح حتى العظم".
كما أبدى حلف شمال الأطلسي استعداده لتعزيز حضور قوة "كفور" المنتشرة في كوسوفو بهدف "مواجهة الوضع" الناشئ.
وفي مدينة ميتروفيتشا المتنوعة عرقيا بشمال كوسوفو، أبدى سكان من الصرب قلقهم من الحضور المتزايد للشرطة وخشيتهم من عمليات قمع إضافية محتملة تزيد من توتير الوضع المتشنج أساسا.
وقال أحد الصرب طالبا عدم كشف اسمه "أنا خائف من القمع الذي شهدناه سابقا. تعرض شرطي للقتل وهذا أمر رهيب... الآن لا يمكنني سوى أن أتوقع ما سيحصل بعد ذلك".
وتابع الرجل البالغ 38 عاما "ما أريده فقط هو أن أعيش حياة عادية. أعتقد أنه بعد ما حصل، سيتمّ التعامل مع كل المجتمع (الصربي بشمال كوسوفو) كما لو كانت له يد في ما جرى".
أما في العاصمة بريشتينا التي تقطنها غالبية من الألبان، فيحمّل السكان الحكومة الصربية مسؤولية الأحداث الأخيرة، مؤكدين أن السلام لن يكون متاحا ما لم تصحّح بلغراد أخطاءها.
وقالت مولودة هوكشا (64 عاما) المقيمة في بريشتينا لفرانس برس إن "صربيا تتحمّل مسؤولية ما جرى... التصالح مع الصرب في الشمال ممكن"، مشيرة الى أن الألبان لا يمانعون العيش معهم "لكنهم لن يرغبوا بذلك".
وأتت اشتباكات الأحد الماضي بعد نحو أسبوع من فشل الجولة الأخيرة من مباحثات بين مسؤولين كوسوفيين وصرب استضافتها بروكسل بتسهيل من الاتحاد الأوروبي، في تحقيق اختراق ضمن مسعى يهدف الى تحسين العلاقات بين الطرفين.
وعلى رغم تواصل المباحثات وترافقها مع دعوات الى خفض التوتر، رجح محللون أن يكون الاشتباك الأخير مسمارا في نعش فرص التوصل الى مصالحة فعلية.
وكتب الباحث ديميتار بيشيف في نشرة لمركز كارنيغي في أوروبا "كلما حصلت حوادث من هذا النوع، تراجع احتمال أن تكون صربيا وكوسوفو راغبتين أو قادرتين على القيام بتسوية. لن يتمكن الاتحاد الأوروبي من حل المشكلة، بل ربما يتمكن فقط من إدارتها أو احتوائها".
ويعود التوتر في شمال كوسوفو الى أشهر خلت، بعد قرار رئيس الوزراء ألبين كورتي في مايو، تعيين أربعة من الألبان على رأس مجالس محلية في أربع بلدات تقطنها غالبية من الصرب، بعدما قاطع هؤلاء الانتخابات التي أجريت في مناطقهم.
وأعقب القرار تظاهرات للأقلية الصربية، بينما قامت بلغراد بتوقيف ثلاثة من عناصر شرطة كوسوفو. ووقعت صدامات بين الأخيرة ومتظاهرين من الصرب أثاروا أعمال شغب لم يبقَ عناصر قوة "كفور" الأطلسية في منأى عنها.
والتوتر الأخير في الشمال هو الأحدث ضمن سلسلة من الأحداث التي تهزّ المنطقة منذ إعلان استقلالها في 2008.
ولا تزال صربيا، بدعم من حليفتيها روسيا والصين، ترفض الاعتراف باستقلال كوسوفو المعلن عام 2008، بعد حرب دامية خلال التسعينات بين القوات الصربية والمتمردين الألبان انتهت بتدخل من حلف شمال الأطلسي ضد بلغراد.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: شمال کوسوفو
إقرأ أيضاً:
عون: التوتر الحدودي يعوق استقرار لبنان
قال الرئيس اللبناني جوزيف عون، السبت، إن من التحديات التي يواجهها لبنان، تنفيذ القرار 1701، مؤكداً أن الوضع في لبنان لن يستقر في ظل استمرار التوتر على حدوده الجنوبية.
وقال عون - في كلمة ألقاها خلال إفطار رمضاني أقامه مفتي لبنان عبداللطيف دريان في دار الفتوى: "في خضم التحديات التي يواجهها وطننا، يبرز موضوع تنفيذ القرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار كقضية محورية تستدعي اهتمامنا وعنايتنا. فلا يمكن أن يستقر لبنان ويزدهر في ظل استمرار التوتر على حدوده الجنوبية، ولا يمكن أن تعود الحياة الطبيعية إلى المناطق المتضررة من دون تطبيق القرارات الدولية التي تضمن سيادة لبنان وأمنه واستقراره، وانسحاب المحتل من أرضنا وعودة الأسرى إلى أحضان وطنهم وأهلهم".
وأضاف: "هذا يوجب أيضاً وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته للإيفاء بضماناته وتعهداته، وتجسيد مواقفه الداعمة للدولة ووضعها موضع التنفيذ. إن إعادة إعمار ما دمرته الحرب تتطلب منا جميعا العمل بجد وإخلاص، وتستدعي تضافر جهود الدولة في الداخل والخارج، والمجتمع المدني والأشقاء والأصدقاء، والقطاع الخاص، لكي نعيد بناء ما تهدم، ونضمد جراح المتضررين، ونفتح صفحة جديدة من تاريخ لبنان".
وتابع الرئيس اللبناني "إن التحديات التي يواجهها لبنان كبيرة ومتنوعة، لكن إرادة الحياة لدى اللبنانيين أكبر وأقوى، من أجل بناء لبنان القوي بدولته ومؤسساته، المزدهر باقتصاده وموارده، المتألق بثقافته وحضارته، المتمسك بهويته وانتمائه، المنفتح على محيطه العربي والعالمي".
واعتبر أنه "إذا كان الصوم يعلمنا التضامن والوحدة، فإن رمضان يذكرنا بأهمية المشاركة والانخراط الإيجابي في قضايا وطننا. فلبنان الذي نعتز به جميعا، هو وطن الرسالة والتنوع والتعددية، وطن يتسع للجميع بمختلف انتماءاتهم ومعتقداتهم".
وأضاف: "من هنا تأتي أهمية المشاركة السياسية لجميع شرائح المجتمع اللبناني، من دون تهميش أو عزل أو إقصاء لأي مكون من مكوناته. وإن هذه المشاركة تقوم على مبدأ أساس وهو احترام الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، وتفسيرهما الحقيقي والقانوني لا التفسير السياسي أو الطائفي أو المذهبي أو المصلحي".