لجريدة عمان:
2025-01-18@23:04:56 GMT

انتخاب

تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT

نقتبس عنوان هذه المقالة من التطبيق التفاعلي الذي وضعته وزارة الداخلية؛ لأغراض التفاعل مع الناخبين والمرشحين في الموسم الانتخابي، سواء من خلال الساحات الحوارية، أو عبر «صفحتي» التي أتاحت للمرشحين استخدامها كمنصة لطرح رؤاهم والتفاعل المباشر مع مرشحيهم في الولايات. من هنا لابد من الإشادة بالجهد المحمود الذي بذلته وزارة الداخلية انطلاقًا من انتخابات أعضاء المجالس البلدية الماضية، في سبيل «رقمنة» الموسم الانتخابي - إن صحت التسمية - فهذه المنصات في تقديرنا ستتمكن مع مرور التجربة من إيجاد جسر أوثق من الاتصال والتواصل بين الناخبين والمرشحين، وفي تهيئة بيئة مواتية لتطوير وتنقيح الأفكار ورصد التطلعات، وفي ملامسة شرائح أكبر من المجتمع، كل ذلك توازيًا مع الحراك الميداني للمرشحين في حملاتهم.

شاركت في أحد الحوارات المرئية على الساحة الحوارية المعدة لذلك وتابعت بعض الحوارات المسجلة، وفي الحقيقة هي - بالنسبة لي كمهتم برصد الموسم الانتخابي - تشكل مادة ثرية للدرس والقراءة والتحليل. ذلك أنها تمزج بين رؤى برلمانية ورؤى قانونية وقطاعية ورؤى أكاديمية وبحثية بالإضافة إلى رؤى من حقل المجالس الاستشارية الطلابية.

نحن لا نتحدث هنا عن السياق العام الذي يجري فيه الموسم الانتخابي؛ فكل فترة انتخابية تؤطرها ظروفها الاقتصادية والاجتماعية التي تلقي بظلالها على توقعات الأفراد سواء كان من المؤسسات المنتخبة، أو من مؤسسات الدولة عمومًا. ولكن نتحدث عن أن هذه الانتقالات الرقمية جسرت الكثير من التحديات في تقديرنا أمام سلوك الانتخاب؛ سواء كان فيما يتعلق بعامل التنقل إلى المراكز الانتخابية وكلفة الوقت والجهد، أو فيما يتعلق بتحييد كلفة الإجازة الرسمية وما يصحبها من تأثر بعض المؤسسات خدمات ومراجعين. كما أن فهم دوافع الأفراد نحو «الانتخاب» ومعرفة إمكانية مشاركتهم في انتخابات ما من عدمه، ومعرفة نوعية العوامل التي سيقررون على أساسها خيارهم الانتخابي تحتكم إلى عوامل كثيرة تحددها، منها الخبرات السابقة للناخب في عملية التصويت، وتواصل الأعضاء مع ناخبيهم أثناء فترة العضوية، والمكاسب الملموسة والمباشرة للعمل البرلماني التي يمكن أن يلمسها الفرد في محيط معيشه المباشر، وتأثير الإعلام البرلماني وقوته، بالإضافة إلى الحالة الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المجتمع، وتوسيع دائرة المعرفة بالمرشحين والقدرة على الوصول إلى أفكارهم، عوضًا عن وجود أسماء جديدة قادرة أن تغير الأفكار النمطية وتتبنى طرحًا تنمويًا جديدًا ورؤية جديدة للقضايا الراهنة، كما أن هناك عوامل مرتبطة بالسياق القبلي والمناطقي، كلها عوامل تتحكم في توجيه السلوك الانتخابي للناخبين. كما أن جزءا كبيرا من هذا السلوك يتأثر مسبقًا بإمكانية الوصول لمراكز الانتخاب، وعدم وجود التزامات مثل العمل الرسمي تقيده من الوصول، إضافة إلى قرب مراكز التصويت (وفي تقديرنا فإن هذه العوامل قد انتفت برقمنة التصويت). إذن إذا ما أردنا فهم وتوقع سلوك الناخبين واتجاهاتهم فلابد في تقديرنا من النظر إلى كافة العوامل السابقة، وما قد يطرأ أيضًا من عوامل إلى قرب موعد التصويت، وترجيح تلك العوامل وفق مدى قوة تأثيرها على سلوك الناخب، واختلافها من محافظة لأخرى، ومن ولاية إلى أخرى. وهو ما يجعلنا - كباحثين - أقرب إلى الصورة التي نحلل على ضوئها مواسم الانتخاب.

سؤال مهم آخر حول طبيعة المداولات الراهنة في الموسم الانتخابي؛ في كل موسم انتخابي تصعد قضايا معينة، وقد تتراجع قضايا أخرى من دائرة الضوء. وذلك يرتبط أيضًا بالعوامل سالفة الذكر. في هذا الموسم - حسب سعة رصدنا - نرى هنالك تركيزًا على ثلاثة قضايا محورية: أولها التشديد على دور مجلس الشورى في دورة التشريع، وثانيها: النقاش حول حدود الاختصاصات بين المجالس البلدية وأعمال المحافظات وبين مجلس الشورى - وهو في الواقع حديث عن الممارسات أكثر من الاختصاصات. أما القضية الثالثة: فهي في الأدوار المرجوة من المجلس ما بعد صدور نظم وتشريعات الحماية الاجتماعية. في المقابل؛ هناك قضايا سادت في مواسم انتخابية سابقة ولكننا لا نجد حضورا كبيرا نسبيًا لها في مداولات هذا الموسم، ومنها قضية تمثيل المرأة في المجلس. في المجمل فإن المرحلة الراهنة تتطلب تعزيزًا للثقة بين المجلس والمجتمع. وهذه مسؤولية مشتركة أطرافها الأعضاء، وأمانة المجلس، ومنظومة مؤسسات الدولة المرتبطة بعمل المجلس.

على الجانب الآخر نعتقد أن هناك فرصًا لإجراء تحول منهجي في آلية عمل المجلس (في ضوء النص التشريعي الناظم له)، منها تطوير منهجيات علمية لقياس أثر التشريع. بحلول الفترتين القادمتين من عمر المجلس سيكون أثر الكثير من التشريعات التي صدرت هذه الفترة قد اتضح في هياكل المؤسسات والاقتصاد والمجتمع، وهو ما يمثل فرصة اشتغال حقيقي للمجلس على هذه الجزئية؛ لمساندة الحكومة في التدخلات والتحسينات ومضاعفة الآثار الإيجابية لبعض التشريعات أو المساءلة إزاء جزئيات بعضها. طورت الكثير من الدول عبر مؤسسات مختلفة منها البرلمانات مقاييس منهجية ولجانا متخصصة لهذا الغرض، تشتغل وفق إطار محكم لقياس أثر التشريعات. وهنا لا نقصد الدراسات الدورية التي يمكن أن تقوم بها المجالس، وإنما الاستناد إلى التراث المنهجي المتخصص في هذه المسألة. البعد الآخر الذي يمكن للمجلس أن يضيفه إلى منهجية عمله هو «استشراف المستقبل». في البرلمان الفنلندي على سبيل المثال هناك لجنة برلمانية تعنى بهذه المسألة. يمكن إمداد الأمانة العامة بالمختصين والخبراء في هذا المجال بما يساعد في تطوير سيناريوهات واضحة للعمل التنموي؛ وسيمكّن ذلك من اقتراح التشريعات الملاءمة للتعامل مع متغيرات المستقبل، والتحقق من التشريعات الحالية فيما إذا كانت مرنة بما يلزم للتعامل مع تلك المتغيرات. سيوفر هذا التحول المنهجي جودة في مخرجات العمل البرلماني، كما سيمكن من أن تكون الأدوات البرلمانية المعمول بها مبنية على معطيات استباقية، وإسهام في الجانب الآخر في تدعيم مسارات العمل المستقبلي لمؤسسات الدولة.

مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية في سلطنة عمان

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

تورك: انتخاب رئيس الجمهورية يفتح الباب أمام إصلاحات

عقد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك مؤتمرا صحافيا في فندق "موفنبيك"، في ختام زيارته الى لبنان. 

وقال في مستهل المؤتمر: "عدت من سوريا بالأمس، وقد جئت إلى هذه المنطقة من بلاد الشام كي أعبر عن تضامني مع الشعبين اللبناني والسوري. وصلت وقلبي مثقل بالأحزان بسبب الأزمات المتراكمة التي امتدت لعقود طويلة في كلا البلدين، وهي أحزان شعرت بها مرارا في هذا الجزء من العالم، لكنني أرى بوادر بدايات جديدة".

اضاف: "في لبنان، وعلى الرغم من التحديات الهائلة، أشعر بأن بالأمل يلوح في الأفق. لا يزال وقف إطلاق النار البالغ الأهمية بين لبنان وإسرائيل صامدا إلى حد كبير، وإن كانت التقارير المقلقة تشير إلى استمرار القوات الإسرائيلية بالتدمير في بلدات وقرى في جنوب لبنان. وقد بدأ سكان البلاد الصامدون والشجعان في إعادة بناء حياتهم، خطوة تلو الأخرى".

وتابع: "في الأيام الأخيرة، تم وضع حد للجمود السياسي الذي استمر عامين، مع انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتكليف رئيس وزراء جديد، ما يفتح الباب أمام إصلاحات من شأنها أن تتيح مستقبلا أفضل لجميع اللبنانيين الذين عانوا سنوات من البؤس الاجتماعي والاقتصادي".

وقال: "مع انتخاب هذه القيادة الجديدة، هناك زخم يدفع نحو تحقيق الاستقرار السياسي والانتعاش الاقتصادي وتنفيذ الإصلاحات الحاسمة التي طال انتظارها، بغية معالجة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية المتعددة وأوجه عدم المساواة التي تهدد لبنان. وتوفر حقوق الإنسان أداة للحوكمة السديدة. كانت هذه رسالة قوية قمت بنقلها".

اضاف: "لقد سلط المجتمع المدني النشط والمتنوع في البلاد الضوء جهارا على أهمية الاحترام الكامل لحرية التعبير وتكوين الجمعيات، من أجل مكافحة التمييز على جميع الأسس، وتحسين مشاركة النساء وتمثيلهن، وضمان المساواة الكاملة بين الجنسين، والاعتراف بالأشخاص ذوي الإعاقة وإدماجهم، وضمان حماية حقوق الإنسان للأشخاص الأكثر تهميشا والأكثر عرضة للخطر".

وتابع: "يتطلب احترام حقوق الإنسان استثمارا محددا ومستمرا في سيادة القانون. وللبنان تاريخ عريق في مجال القانون، إذ كان في السابق موطنا لكلية حقوق علمت وثقفت طلابا أتوا من جميع أنحاء العالم. ويزعم أن ثلث القوانين الرومانية جاءت من بيروت. وقد كان رئيس الوزراء المكلف يرأس أعلى هيئة قضائية في العالم، أي محكمة العدل الدولية".

واردف: "في مناقشاتي مع الرئيس الجديد ورئيس الوزراء المكلف، عرضت مساعدة مفوضيتنا في دعم التزاماتهما في مجال الإصلاحات الرئيسية اللازمة لتعزيز سيادة القانون واستقلال القضاء وشفافية عمله. وعلى نفس القدر من الأهمية، من الضروري للغاية إصلاح نظام العدالة والسجون بغية معالجة الاكتظاظ والأوضاع المزرية في السجون بأدنى حد".

وقال تورك: "أرحب بالتزام الرئيس العلني بضمان المساواة والعدالة والحماية للجميع واحترام الحريات وحرية الصحافة والتعبير. كما انتهزت الفرصة لأدعو إلى استئناف التحقيق المستقل في الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت في آب/أغسطس 2020، وأودى بحياة أكثر من 218 شخصا وجرح 7000 آخرين، من بينهم 1000 طفل، وتسبب في تشريد مئات الآلاف. وأعيد التأكيد على أنه تجب محاسبة المسؤولين عن هذه المأساة، وأكرر دعم مفوضيتنا في هذا الصدد".

اضاف: "لا يزال لبنان يواجه واحدة من أسوأ حالات التدهور الاقتصادي في التاريخ الحديث، مع انخفاض حاد في قيمة العملة وتضخم من ثلاث خانات يؤثر على الاحتياجات الأساسية في جميع أنحاء البلاد. فوفقا للبنك الدولي، يعيش 44% من السكان تحت خط الفقر. ويحتاج 2,5 مليون شخص تقريبا إلى مساعدات غذائية، منهم 1,26 مليون شخص يواجهون الجوع الحاد".

وتابع: "كما توقفت العديد من خدمات القطاع العام عن العمل، وتدهورت إمكانية الحصول على الرعاية الصحية والتعليم، وانخفضت إمدادات الكهرباء بشكل بالغ. وقد أثرت أوجه الحرمان هذه على حياة المواطنين العاديين الذين لم تعد لديهم ثقة في قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها".

وقال: "هناك حاجة لتجديد العقد الاجتماعي الذي يعيد بناء النسيج الاجتماعي ويعيد الثقة بمؤسسات الدولة ويوفر مسارات لمستقبل كريم قادر على تسخير إمكانات اللبنانيين وقدراتهم وتحقيق تطلعاتهم. وقد لمست بنفسي دوما ثراء وإبداع الشعب اللبناني، ولا سيما الشابات والشبان الذين أدوا دورا حاسما في الضغط من أجل تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، وسيستمرون في لعب دور حيوي في المستقبل".

اضاف: "يجب أن تبقى حقوق جميع اللبنانيين، لا سيما الفئات الضعيفة، مترسخة في صميم السياسات الاقتصادية والضريبية والمالية. فهذا ما يعنيه الاقتصاد القائم على حقوق الإنسان. ويجب أن تمنح القرارات المتعلقة بالموازنة والاستثمار الأولوية إلى التعليم والصحة والحماية الاجتماعية".

وتابع: "أعرب عن تعاطفي العميق مع سكان لبنان لمعاناتهم بشكل مروع نتيجة النزاع الأخير. لقد تسببت العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان بخسائر فادحة في أرواح المدنيين – بما في ذلك قتل عائلات بأسرها، وتشريد واسع النطاق وتدمير البنية التحتية المدنية، ما يثير مخاوف جدية بشأن احترام مبادئ التناسب والتمييز والاحتياطات".

واردف: "لقد قتل أكثر من 4000 شخص، من بينهم أكثر من 1100 امرأة وطفل، وأكثر من 200 من العاملين في مجال الرعاية الصحية وبعض الصحافيين، فيما أصيب أكثر من 16000 شخص بجروح. كما نزح أكثر من مليون شخص في ذروة النزاع، ولا يزال أكثر من 160 ألف شخص في حالة نزوح. يجب أن يتحول وقف إطلاق النار في لبنان إلى سلام دائم، ويجب أن يتمكن المدنيون من العودة إلى ديارهم بأمان".

وختم: "تبقى مفوضيتنا على استعداد لتعزيز عمل حقوق الإنسان ومرافقة البلاد وهي تمضي قدما في هذا المجال".
 

مقالات مشابهة

  • لبنان بعد انتخاب عون رئيساً.. خريطة طريق بدون حزب الله
  • علي الدين هلال يكشف وجهة نظره تجاه النظام الانتخابي
  • صوت الشعب: دعوة لمراجعة القوانين وتحرير الوطن من أعباء التشريعات القمعية
  • ماذا تحمل زيارة ماكرون للبنان بعد انتخاب عون؟
  • ماكرون يعلن عن مؤتمر دولي حول "إعادة الإعمار" في لبنان
  • الرفاعي: انتخاب رئيس قوي للبلاد يمثل بارقة أمل
  • زيادة الاحتياطي الأجنبي وتحسن نقدي بعد انتخاب الرئيس اللبناني
  • تورك: انتخاب رئيس الجمهورية يفتح الباب أمام إصلاحات
  • افرام بعد لقائه سلام: بحثنا في أمور بنيوية لا سيما القانون الانتخابي
  • تحضيرات لمؤتمر يعالج العزوف الانتخابي في ليبيا