الذكاء الاصطناعي في مواجهة التوحد
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
عندما أعلن الملياردير الأمريكي إيلون ماسك صاحب شركة «نيورلينك» المتخصصة في إنتاج الشرائح الإلكترونية شهر يوليو الفائت أن شركته ستقوم قريبًا بزراعة أول شريحة في دماغ بشري قادرة على شفاء أي تلف يصيب الدماغ ويتسبب في حدوث العمى أو الشلل، تجدد لديّ الأمل في أن تكون هذه الخطوة بداية لعلاج اعتلالات خطيرة وغامضة تُصيب الإنسان ولمّا يُعثر لها بعدُ عن علاج ومن بينها «اضطراب التوحد».
ولعل حصول الشركة على موافقة إدارة الأغذية والدواء الأمريكية وإعراب «ماسك» نفسه عن تطلعه لأن تساعد هذه التقنية في علاج أمراض أخرى كالاكتئاب والسُمنة، ضاعف من نسبة الأمل لدى كثير من أُسر المُشخصين باضطرابات ومتلازمات مختلفة أن يتمكن الذكاء الاصطناعي من تخفيف معاناتهم ومعاناة أبنائهم.
دفعني إعلان «ماسك» مباشرة للبحث في جانب آخر أُعول عليه كثيرًا لإحداث اختراق في عالم التوحد وهو «الذكاء الاصطناعي» خاصة بعد الثورة التي أحدثها في مجالات حياتية عِدة.
قادني هذا البحث لمعرفة أن دور الذكاء الاصطناعي يقتصر في الوقت الحالي على اختصار سنوات طويلة من المراقبة والتقييم للوصول إلى التشخيص الدقيق، إذ لا يتجاوز وقت إنجازه لهذه المهمة الساعات أو حتى الدقائق وهو عمل مهم جدًا كونه يُسهم في التدخل وتقديم الخطط المناسبة في وقت مبكر ومن أهمها خطط التدريب والتأهيل بمختلف أدواتها.
ويأمل الباحثون أن يتمكن الذكاء الاصطناعي قريبًا من مساعدة هذه الفئة، ليس فقط عبر التشخيص المُبكر إنما بمعرفة أسبابه والتوصل إلى طرق حاسمة لعلاجه خاصة أن ذلك بدأ فعليًا باستخدام أساليب مبتكرة يقف على رأسها «العلاج الفردي» الذي يعتمد على تطوير خطط تُحللُ تاريخ المصابين الطبي وبياناتهم الجينية وبيانات السلوك وأسلوب توظيف «النمذجة التنبؤية» بنتائج خيارات العلاج المختلفة للأطفال ومن خلال «تحليل السلوك» واعتماد طريقة «المساعدون الافتراضيون» الذي يركز على دعم الأطفال المصابين بالتوحد وعائلاتهم بهدف تحسين مهاراتهم الاجتماعية.
لقد بدأ تأثير الذكاء الاصطناعي الذي يجزم الكثيرون أنه «سيُغير وجه العالم» في سنوات قليلة قادمة يظهر بوضوح في العديد من مناحي الحياة خاصة مجالات التعليم وتحليل النُظم والبرمجة وهندسة الحاسوب والتجارة الإلكترونية وهذا الأمر يجعل حُلم العثور على مخرج لعلاج اضطراب التوحد المُحير مشروعًا.
وأنا أبحث في موضوع مستقبل الذكاء الاصطناعي قرأت بموقع «بي بي سي» عربي خبرا أورده مراسل الشؤون العلمية والطبية « جيمس غالغر» يقول: إن العلماء تمكنوا بمساعدة الذكاء الاصطناعي من اكتشاف مضاد حيوي تجريبي قوي يمكنه قتل أنواع مميتة من البكتيريا الخارقة أطلقوا عليه «أباوسين abaucin».
وجاء في تفاصيل الخبر أن الباحثين ومن أجل التوصل إلى هذا المضاد لجأوا إلى تدريب الذكاء الاصطناعي مستعينين بآلاف الأدوية المعروفة بدقة تركيبها الكيميائي واختبروها يدويًا على بكتيريا « Acinetobacter baumannii» لمعرفة أي نوع يمكنه إبطاء أو قتل هذه البكتيريا.
وقد أظهرت النتائج التي نشرتها دورية «نيتشر كميكال بيولوجي» أن الذكاء الاصطناعي استغرق وقتًا قدره ساعة ونصف فقط لتحديد قائمة مختصرة من المضادات الحيوية بعد اختبار 240 نوعًا في المختبر وتوصل إلى تسعة مضادات محتملة من بينها «أباوسين abaucin»
وبيّن العلماء أنه لم يكن لهذا المضاد الحيوي التجريبي أي تأثير على الأنواع الأخرى من البكتيريا إنما تقتصر فاعليته فقط على بكتيريا «A. baumannii» وأعربوا عن اعتقادهم بأن ذلك سيجعل من الصعب ظهور مقاومة بكتيرية للأدوية مع تراجع الآثار الجانبية وهذا بدوره يعطي أملًا قويًا في التوصل إلى علاجات طال انتظارها لكثير من الأمراض المستعصية والمتلازمات والاضطرابات كاضطراب طيف التوحد.
آخر نقطة..
«إن الكلمات لا يمكنها أبدًا أن تخفف عما في قلب الإنسان وتريحه، الصمت وحده قادر على فعل ذلك».
نيكوس كازانتزاكيس
عمر العبري كاتب عماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة تدعو إلى إبطاء سباق الذكاء الاصطناعي في مجال التسلح
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
دعا خبراء نزع السلاح في الأمم المتحدة وقادة شركات "التكنولوجيا الكبرى" إلى تباطؤ سباق الذكاء الاصطناعي وتحديدا في مجال التسلح، وأكدوا أنه يجب على شركات تكنولوجيا المعلومات التركيز على الصورة الأكبر لضمان عدم إساءة استخدام هذه التكنولوجيا في ساحة المعركة.
وقالت جوسيا لوى، نائبة رئيس معهد الأمم المتحدة للأبحاث نزع السلاح (UNIDIR): "إن الانخراط مع مجتمع التكنولوجيا ليس أمرا اختياريا لصانعي السياسات الدفاعية - بل هو أمر ضروري للغاية أن يكون هذا المجتمع مشاركا منذ البداية في تصميم وتطوير واستخدام الأطر التي ستوجه سلامة وأمن أنظمة وقدرات الذكاء الاصطناعي"، بحسب الموقع الرسمي للأمم المتحدة.
وتحدثت جوسيا في مؤتمر الأمم المتحدة للأمن والأخلاقيات في جنيف، مشيرة إلى أهمية بناء الحواجز الوقائية بينما يتعامل العالم مع ما يسمى "لحظة أوبنهايمر" للذكاء الاصطناعي – في إشارة إلى روبرت أوبنهايمر، الفيزيائي النووي الأمريكي الشهير بدوره الحاسم في إنشاء القنبلة الذرية.
وأكدت مسؤولة معهد الأمم المتحدة للأبحاث نزع السلاح على الحاجة إلى الرقابة لضمان احترام تطورات الذكاء الاصطناعي لحقوق الإنسان والقانون الدولي والأخلاقيات، خصوصا في مجال الأسلحة الموجهة بالذكاء الاصطناعي، لضمان أن تتطور هذه التكنولوجيا القوية بطريقة منضبطة ومسؤولة.
ولفتت إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي خلقت بالفعل معضلة أمنية للحكومات والجيوش حول العالم.
وحسب تحذير أرنو فالّي، رئيس الشؤون العامة في شركة كوماند للذكاء الاصطناعي، أدى الطابع المزدوج لتقنيات الذكاء الاصطناعي – حيث يمكن استخدامها في بيئات مدنية وعسكرية على حد سواء – إلى تحذير المطورين من أنهم قد يفقدون الاتصال بواقعية الظروف في ساحة المعركة، حيث قد تتسبب برمجياتهم في فقدان الأرواح.
وأضاف أن الأدوات لا تزال في مراحلها الأولى لكنها أثارت مخاوف طويلة الأمد من إمكانية استخدامها في اتخاذ قرارات حياة أو موت في بيئة حرب، مما يلغي الحاجة إلى اتخاذ قرارات بشرية وتحمل المسؤولية.. ومن هنا تأتي الدعوات المتزايدة لتنظيم هذه التكنولوجيا، لتجنب الأخطاء التي قد تؤدي إلى عواقب كارثية.
وقال ديفيد سالي، الرئيس التنفيذي لشركة "أدفاي" في لندن: "نرى هذه الأنظمة تفشل طوال الوقت، وهذه التقنيات لا تزال غير موثوقة". وأضاف: "لذلك، جعلها تخطئ ليس بالأمر الصعب كما يعتقد البعض أحيانا".
في مايكروسوفت، تركز الفرق على المبادئ الأساسية للسلامة والأمن والشمولية والعدالة والمساءلة، وفقا لما قاله مايكل كريمين، مدير الدبلوماسية الرقمية.
وأوضح كريمين أن عملاق التكنولوجيا الأمريكي الذي أسسه بيل جيتس يضع قيودا على تكنولوجيا التعرف على الوجوه في الوقت الفعلي التي تستخدمها قوات إنفاذ القانون والتي قد تسبب ضررا نفسيا أو جسديا.
وأضاف أنه يجب وضع ضوابط واضحة ويجب على الشركات التعاون لكسر الحواجز، مشيرا إلى أن الابتكار ليس شيئا يحدث داخل منظمة واحدة فقط، بل هناك مسؤولية في المشاركة.
وقالت سولينا نور عبدالله، رئيسة التخطيط الاستراتيجي والمستشارة الخاصة للأمين العام في الاتحاد الدولي للاتصالات:"إن تطور الذكاء الاصطناعي يتجاوز قدرتنا على إدارة مخاطره العديدة". وأضافت: "يجب أن نعالج مفارقة حوكمة الذكاء الاصطناعي، مع الاعتراف بأن التنظيمات في بعض الأحيان تتأخر عن التكنولوجيا، مما يجعل من الضروري إجراء حوار مستمر بين الخبراء السياسيين والتقنيين لتطوير أدوات للحوكمة الفعالة".