25 حزبا إسلاميا من 16 دولة: بنية النظام العالمي تتصدع وخطط الغرب فشلت
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
أجمع ممثلو 25 حزبا إسلاميا من 16 دولة مختلفة حول العالم على أن بنية النظام العالمي أحادي القطب بدأت بالتصدع وسط أحداث متسارعة تهز العالم بأسره، تنذر بحدوث متغيرات كبيرة على المشهد العالمي في ظل مساع حثيثة من بعض الدول لفرض تعددية الأقطاب.
وشدد المشاركون في مؤتمر الهيئة العامة لملتقى "العدالة والديمقراطية" الذي أقيم السبت في مدينة إسطنبول التركية، على أهمية الاستناد إلى الشرعية المستمدة من الشعوب في عمل الأحزاب الإسلامية لتنجب الارتهان للقوى الأجنبية.
وقال رئيس البرلمان التركي السابق، مصطفى شنطوب، خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الملتقى، إن بلاده تتضامن مع المحن والأزمات الإنسانية التي تمر بها العديد من دول الجوار التركي والمنطقة العربية، مشيرا إلى أهمية التواصل وتبادل التجارب بين الأحزاب السياسية ذات الرؤى المشتركة لتجسد أصوات شعوب المنطقة وتطلعاتها في عالم يرزح تحت وطأة العديد من الحروب والمآسي.
وأضاف شنطوب خلال كلمته التي غطتها "عربي21" أن "حضارات عديدة برزت بعد قيام النظام العالمي خلال القرن الماضي، تنافست فيما بينها على الصعد العسكرية والسياسية والثقافية، لكنها لم تتمكن عبر النظام الجديد الذي أرسته من إحلال السلم والأمن في العالم.
وذكر السياسي التركي أن شعوب عدة تضررت بسبب سياسيات النظام العالمي التي أدت طوال نحو قرن من الزمان إلى حروب وأزمات اقتصادية خانقة. كما ذكر أن الدول الغربية اعتقدت أنها ابتكرت أفكار مثالية لصالح البلدان التي تقع خارج حدودها المشتركة، لكن فشل تلك الأفكار أصبح واضحا؛ لاسيما بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.
وعن الملتقى الذي شهد حضور شخصيات سياسية من نحو 16 دولة مختلفة، شدد شنطوب على أن بلاده تولي اهتماما بمثل هذه الملتقيات التي تهتم ببحث أزمات العالم الإسلامي وتبادل الرؤى والتواصل فيما بينها.
وأشار خلال كلمته أمام ممثلي الأحزاب إلى ضرورة بناء نشاطهم السياسي الهادف للوصول إلى سدة الحكم في بلدانهم عبر استمداد الشرعية من شعوبهم بشكل أساسي، موضحا أن الذين لا يبنون نشاطهم على الإرادة الشعبية ينتهي بهم الحال إلى الوقوف أمام أبواب الاستخبارات الأجنبية.
من جهته، تحدث الأمين العام لملتقى العدالة والديمقراطية، عزام الأيوبي، عن مساعي الدول اللاعبة على الساحة العالمية إلى إنشاء نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب بعد أحادية القطب التي سادت عقب انهيار الاتحاد السوفييتي، في وقت تسعى فيه الشعوب التي تعاني من الظلم والجور نتيجة ازدواجية المعايير العالمية إلى الانعتاق والتحرر واستعادة مستقبلها وثرواتها المنهوبة.
ومن أبرز الأحزاب السياسية التي شاركت في مؤتمر الهيئة العامة للملتقى: حزب العدالة والرفاهية من إندونيسيا، وحزب الجماعة الإسلامية من باكستان، وحزب أمانة من ماليزيا، بالإضافة إلى حزب الحرية والعدالة من مصر، وحزب العدالة والتنمية من تركيا، وحزب جبهة العمل الإسلامي من الأردن، والحزب الإسلامي من العراق، وغيرها من دول عربية وإسلامية عديدة.
ويهدف الملتقى إلى مناقشة ورقتين أساسيتين خلال أعماله؛ أولهما تطورات النزاع الدائر في السودان، إضافة إلى ملف التعدد المذهبي في العراق وآثاره على المشهد السياسي الراهن.
وقال العضو في الاتحاد الإسلامي الكردستاني، مثنى أمين، ردا على سؤال طرحته "عربي21" حول أهمية تجربة الحزب الحاكم في تركيا بالنسبة للمشاركين بالمؤتمر؛ إن التجربة التركية ملهمة ومميزة عن تجارب عديد من دول المنطقة بسبب "تقاليدها الديمقراطية عريقة"، مستدركا أنها رغم ذلك لا تشكل سوى تجربة واحدة تسعى الأحزاب المشاركة إلى الاستفادة منها بجانب استلهامها من تجاربها الخاصة.
وأضاف أن الهدف الرئيسي للملتقى هو خلق منطقة مشتركة "في النور" تهدف لتعميق أواصر العلاقات بين هذه الأحزاب وتبادل الرؤى فيما بينها، مشيرا إلى أنها أدركت في نهاية المطاف حاجتها للتعاون والاستلهام من تجاربها بهدف تطوير ذواتها ودفعها نحو الأمام.
وشهد الملتقى حضور عديد من الشخصيات السياسية البارزة، منها الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم الجزائرية والأمين العام لمنتدى كوالالمبور عبد الرزاق مقري، والمستشار السابق لرئيس حزب العدالة والتنمية التركي، ياسين أقطاي.
يذكر أنه تم تدشين ملتقى العدالة والديمقراطية عام 2015 بمبادرة من المنتدى العالمي للبرلمانيين الإسلاميين، وقام المشاركون فيه بتسجيله كهيئة غير حكومية في مدينة جنيف بسويسرا.
ويرى القائمون عليه أنه فضاء للتنسيق والتشاور، وإطار لتبادل الرؤى والتجارب السياسية وتعزيز الحقوق والحريات والعمل الديمقراطي وإطلاق المبادرات ودعم وحدة الأوطان واستقرارها ونهضتها، بحسب تعبيرهم.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية النظام العالمي العدالة والديمقراطية الأحزاب الإسلامية الغربية تركيا تركيا الغرب النظام العالمي العدالة والديمقراطية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام العالمی
إقرأ أيضاً:
مداخل تحقيق العدالة الانتقالية في سوريا الجديدة
أصبح مطروحا بقوة موضوع "العدالة الانتقالية" في سيرورة إعادة بناء سوريا الجديدة، ولئن كان النقاش حول هذا الموضوع في أولى مراحله، ويحتاج إلى وقت وجهود من أجل إنضاج فكرة العدالة الانتقالية، وتوفير متطلبات إنجاحها، فإن الإرث السياسي والاجتماعي والمناخ النفسي العام الثقيل والمعقد في مؤسسات الدولة ونسيج المجتمع، والثقافة السياسية التي حكمت النظام السياسي السوري، وجعلته متكورا حول نفسه، بل حولته إلى سياج سميك في علاقته بالسوريين أفرادا وجماعات، وكلها اعتبارات موضوعية تجعل من العدالة الانتقالية ليس مطلبا فحسب، بل ضرورة لا مندوحة عنها، لإعادة الثقة في السياسة وممارسيها، وفي مكونات المجتمع وروافده اللغوية، والإثنية، والثقافية.
تُنبه التجارب المقارنة إلى أن ليس ثمة مقاربة واحدة لفهم العدالة الانتقالية، ومسالك تحقيقها، بل هناك تنوع في الفهم، وتعدد في طرق الإنجاز. والحال أن السياقات العامة السياسية والمجتمعية والثقافية هي المتحكمة بدرّة أساسية في صياغة رؤية فكرية لروح العدالة الانتقالية، ورسم طرق وآليات الوصول إليها. فبعض تجارب العدالة الانتقالية تحققت في ظل استمرار نفس النظام السياسي، بل إن النظام نفسه كان طرفا مشاركا في بناء خطوات إنجاز العدالة الانتقالية.
تمثل التجربة المغربية مثالا بارزا عن تحقيق العدالة الانتقالية في ظل استمرار النظام السياسي وبمشاركته، إلى جانب مكونات المجتمع السياسي والحقوقي والمدني. فهكذا، استطاع المغاربة، نظاما سياسيا ومجتمعا مدنيا، من القبض على العصى من الوسط
وتمثل التجربة المغربية مثالا بارزا عن تحقيق العدالة الانتقالية في ظل استمرار النظام السياسي وبمشاركته، إلى جانب مكونات المجتمع السياسي والحقوقي والمدني. فهكذا، استطاع المغاربة، نظاما سياسيا ومجتمعا مدنيا، من القبض على العصى من الوسط. فمن جهة، تمت المحافظة على ثوابت النظام السياسي، على الرغم من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان خلال الفترة الزمنية الفاصلة بين 1956 و1999، وفي الآن معا تضميد الجراحات الناجمة عن هذه الانتهاكات من خلال آليات التعويض المادي، وجبر الأضرار المعنوية، والالتزام بعدم تكرار التجربة موضوع المساءلة، عبر تقديم مجموعة من الإصلاحات الدستورية والسياسية والمؤسساتية، وتضمينها في الوثيقة الدستورية لعام 2011.
فإلى جانب التجربة المغربية، وهي الوحيدة والنادرة في البلاد العربية، هناك تجارب تحققت في مناطق كثيرة من العالم، نشير، على سبيل المثال، إلى حالة جنوب أفريقيا، حيث عاش هذا البلد لعقود انتهاكات جسيمة من قبل أقلية البيض، استحوذت على السلطة والثروة، وقامت بأشكال متنوعة من التنكيل من السكان الأصليين، وكادت أن تقضي عليهم واجتثاث جذورهم عنوة وبالقوة. فالمقاربة المعتمدة في جنوب أفريقيا، اعتمدت هي الأخرى حلا توافقيا وسطا بين "الحاجة الملحة على تحقيق استقرار سياسي بناء سلم مدني، وواجب الكشف عن "حقيقة" تضمن هدوء الذاكرة"، متلمسة بذلك طريقا وسطا بين "العدالة العقابية والعفو الشامل".
لذلك، يُنتظر من القادة السوريين الجديد ومن يدعمهم بصدق أن يُعملوا العقل، ويرجحوا الاجتهاد الخلاق في صياغة رؤيتهم الخاصة لمقاربة ممكنات تحقيق العدالة الانتقالية في بلدهم. فطريق الانتقام، والعقاب القاسي، وربما القصاص، كما يروج له البعض، ليس خيارا سالكا، بل هو، بكل المقاييس، سيفتح البلاد على آفاق غير واضحة المعالم، وربما سيدفع سوريا دفعا نحو الخراب المدني والانتكاس السياسي. ثم إن التفكير في الحلول الجاهزة من قبيل التنكيل بفلول النظام، وتقتيلهم دون محاكمات عادلة، سيعقّد إمكانيات بناء سوريا الجديدة. فالمدخل الكفيل بإنجاح سيرورة العدالة الانتقالية، لا يمكن أن يكون إلا مدخلا مبنيا على عدالة القانون، ووسطية العقل، وروح إعادة بناء الثقة، والبحث عن المشترك داخل سوريا الجديدة التي لا يمكن أن تكون إلا متعددة، متنوعة، ومتصالحة مع ذاتها، ومتسامحة مع كل مكوناتها.
الانتقال في هذه الخطوات ليس عملية سهلة، ولن تكون بالضرورة سلسة، بل هي مسار معقد بطبيعته، ينطوي على الصعود والنزول، ويحتمل النجاح كما الكبوة والإخفاق.. لكن الأساسي في هذه العملية برمتها يكمن في وعي كل مكونات الشعب السوري دقة اللحظة التاريخية التي توجد في قلبها بلادهم، والاستعداد غير المشروط من لدن الجميع على التكاتف من أجل إنجاح العدالة الانتقالية بكل مراحلها
لذلك، كما أشرنا في مقال الشهر الماضي، تحتاج سوريا الجديدة أولا وقبل كل شيء إلى الإفصاح الصريح عن هويتها، من حيث طبيعة نخبتها القائدة، ونمط تفكيرهم ونوع تصوراتهم، لإقناع السوريين في الداخل والعالم من حولهم بأنهم على الطريق السالك لإعادة بناء الثقة في السياسة والمؤسسات والمجتمع، وأن أولوية أولوياتهم استرجاع مناخ الاستقرار والسلم إلى بلدهم، وفتح المجال واسعا أمام كل السوريين للمساهمة في إنجاح عودة الحياة المدنية إلى وطنهم.
وفي هذا الاتجاه يبدو مهما وضروريا ترتيب شروط حوار وطني مفتوح في سوريا حول سبل إعادة بناء سوريا الجديدة، يكون مؤسسا على رؤية واقعية، وواضحة، وقابلة للتطبيق، يستطيع الجميع الاهتداء بها، والسير على نهجها. والحال أن لسوريا الكفاءات والطاقات الجديرة والكفيلة بصياغة مثل هذه الرؤية، التي سنضيء الطريق للبناء الجديد.
ثم إن مخرجات المؤتمر الوطني، إن توفرت شروط انعقاده ونجاحه، سترسم صورة إعادة بناء سوريا الجديدة، من حيث القوانين اللازمة، وفي مقدمتها إعداد دستور ديمقراطي، يضمن بناء دولة مدنية تحتضن الجميع على قاعدة المواطنة، وتكرس توزيعا متوازنا للسلطات، وتكفل الحقوق والحريات بكافة أجيالها، وتاليا تقود البلاد إلى تكريس قواعد ومبادئ المشاركة المواطنة الواسعة والمفتوحة، المبنية فقط على مبدأ التكافؤ في الحقوق والفرص.
غير أن ما يجب التنبيه إليه أن الانتقال في هذه الخطوات ليس عملية سهلة، ولن تكون بالضرورة سلسة، بل هي مسار معقد بطبيعته، ينطوي على الصعود والنزول، ويحتمل النجاح كما الكبوة والإخفاق.. لكن الأساسي في هذه العملية برمتها يكمن في وعي كل مكونات الشعب السوري دقة اللحظة التاريخية التي توجد في قلبها بلادهم، والاستعداد غير المشروط من لدن الجميع على التكاتف من أجل إنجاح العدالة الانتقالية بكل مراحلها، لبناء سوريا جديدة تجب الماضي وحقبة طغيانه الذي ضغط بكلكله على صدور السوريين من انقلاب عام 1963 وحتى هروب بشار الأسد في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024.