تسعى الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” من خلال “رادار البيانات والذكاء الاصطناعي” التفاعلي إلى وضع المستخدمين في متابعة مستمرة لأحدث تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي وحالات استخدامها التي تعمل على تطويرها أكثر من 50 شركة تقنية متقدمة في العالم، متضمنًا في نسخته الحالية 61 تقنية ينبثق منها أكثر من 200 حالة استخدام، وستحدث بشكل دوري ليسهل على المستخدمين الاطلاع على آخر التطورات في هذه التقنيات ومستوى نضوجها.

وتأتي هذه الخطوة في خضم التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم في القرن الواحد والعشرين بسبب الثورة الصناعية الرابعة التي تقودها تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي، وتطبيقاتها المختلفة المؤثرة على جوانب حياتنا كافة، بدءًا من أجهزة الاستخدام الشخصي التي ترافقنا يوميًا، ومرورًا بالصناعات الكبرى ذات التأثير العالمي، ووصولاً إلى رسم مستقبل المجتمعات البشرية في المدن الذكية، والإسهام في تعزيز التنمية المستدامة للبشرية جمعاء.

وانطلاقًا من دورها كونها مرجعًا وطنيًا للبيانات والذكاء الاصطناعي في كل ما يتعلق بهما من تنظيم وتطوير واستخدام في المملكة، استشعرت سدايا هذه التطورات ليعمل فريقها البحثي من أبناء وبنات الوطن على إطلاق رادار تفاعلي يُعرّف المستخدمين بتفاصيل هذه التقنيات المتقدمة ومستوى نضجها وحالات استخدامها قبل اقتنائها، ويعد أحد المبادرات التثقيفية التي تحرص عليها سدايا من أجل توعية المجتمع بأهمية هذه التقنيات وأبعادها المعرفية في ظل وجودنا في عالم رقميّ ذكي وأنماط حياة مختلفة.

ويتضمن الرادار عددًا من التقنيات التي أحدثت تغييرًا جذريًا في عالم التقنيات بالعالم، ونشأت منها كيانات ضخمة بدأت تتحكم في المشهد العالمي، وألقت هذه التقنيات بظلالها على أدق تفاصيل حياتنا اليومية، واصبح الرادار مرصدًا وطنيًا لمتابعة تطورات هذه التقنيات وحالات استخدامها.

اقرأ أيضاًالمنوعاتانطلاق معرض الرياض الدولي للكتاب 2023

ووصف المراقبون رادار البيانات والذكاء الاصطناعي بالمبادرة النوعية في هذا المجال من حيث تغطيته أحدث تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي بطريقة مصنفة وفقًا للنضج والفائدة المرجوة منها في خطوة تهدف فيها سدايا إلى رفع مستوى الوعي تجاه هذه التقنيات المتغيرة في أدواتها والمتطورة في تأثيرها والسريعة في انتشارها، لكن سدايا في ظل جهودها الحثيثة في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي تسير في نطاق واسع للتقدّم يشمل الجانبين الرقمي والإنساني في سبيل الوصول لتحقيق جودة الحياة التي يبقى محورها الأساسي الإنسان.

ويهدف الرادار إلى متابعة أحدث تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي، وعرضها في إطار منهجي يعتمد على مصادر معلومات موثوقة لرصد أحدث تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي بشكل يوضح مستوى نضجها وشيوع استخدامها على أربعة مستويات إرشادية هي: استخدم، وجرّب، وقيّم، وراقب، وتصنف هذه التقنيات بناءً على ثلاثة معايير رئيسة هي: النضوج، والتبني، والفائدة باستخدام أوزان مختلفة وإعطاء معيار النضوج الوزن الأعلى في التصنيف.

ويمكن الاستفادة من الرادار في دعم القرارات الإستراتيجية وتقييمها عند تبني تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي حيث يتضمن وصفًا مختصرًا لكل تقنية، وتوضيحًا لأبرز حالات الاستخدام علاوةً على أمثلة على مقدمي الحلول التقنية، ناهيك عن تميزه في كونه مرجعًا موثوقًا لمتخذي القرار والعاملين في هذا المجال وإثرائه المحتوى التقني باللغة العربية, كما يمكن الاطلاع على الرادار بنسخته التفاعلية عن طريق الرابط: https://sdaia.gov.sa/ar/MediaCenter/KnowledgeCenter/RadarChart/index.html.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية تقنیات البیانات والذکاء الاصطناعی هذه التقنیات

إقرأ أيضاً:

وقفات مع «اللغة العربية والذكاء الاصطناعي»

جاء شعار اليوم العالمي للغة الغربية لهذا العام بعنوان «اللغة العربية والذكاء الاصطناعي: الارتقاء بالابتكار مع الحفاظ على التراث الثقافي»، وهو عنوانٌ يحمل في طياته الكثير من الأبعاد الاستراتيجية، خصوصًا وأن هذا الاحتفاء يتزامن مع حلول الذكرى الخمسين لإعلان اللغة العربية لغةً رسميةً للأمم المتحدة، ويتطرق شعار هذا العام لأهم التحديات المرتبطة باللغة العربية؛ وهي الحاجة إلى توظيف الذكاء الاصطناعي لسد الفجوة الرقمية والتكنولوجية، وفي الوقت ذاته، أهمية إبراز دور اللغة العربية - التي تعد إحدى أقدم لغات العالم - في التأثير الإيجابي في السياقات الثقافية والإبداعية، ولكن السؤال الأهم هنا هو: كيف يمكن اكتساب القيمة من تقنيات الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي في التمكين الرقمي للغة العربية، ودعم دورها في قيادة الابتكار التكنولوجي، والبقاء على الخريطة المعرفية المستقبلية؟

في البدء لا بد من الإشارة إلى أنه على الرغم من أن اللغة العربية هي لغة حيوية وديناميكية، وقد أثبتت قدرتها على استيعاب مختلف التخصصات العلمية بجانب غناها بأدوات الكتابة الأدبية الإبداعية، إلا أن استحواذ اللغات الأجنبية بالنصيب الأكبر في محور نشر ومشاركة البحوث العلمية الأكاديمية منها والتطبيقية، وكذلك كلغات رسمية في الأوساط المهنية قد قوَّض استخدام اللغة العربية الفصحى في البيئات التعليمية المتقدمة، وهذا ما أسهم بشكل كبير في انخفاض المحتوى الرقمي العربي، ولذلك فإن النشر العلمي باللغة العربية لم يعد مجرد نشاط أكاديمي محدود يقوم به العلماء والمفكرون بشكل موجه للمستفيدين من الناطقين بهذه اللغة، ولكنه مسؤولية حضارية من أجل توسيع تأثير اللغة العربية في الأوساط الأكاديمية والتكنولوجية، وخلق مسارات للمعرفة والابتكار والإبداع، واستكشاف أشكال جديدة لوظائف اللغة العربية في تعزيز بناء المعارف الإنسانية في العصر الرقمي.

وهذا يقودنا إلى أهم مجالات توظيف الذكاء الاصطناعي وهي الترجمة، والتحدي الأكبر الذي يواجه هذا المحور هو عدم الإلمام بالفرص الاستراتيجية الكامنة في الترجمة من وإلى العربية، فمع تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي أصبحت المعرفة متاحة للمتلقي بما يسهم في تحقيق المواكبة العلمية، ولكن هذا ليس كل شيء، إن إطلاق الإمكانات المعرفية للغة العربية لا يجب أن تقتصر على الترجمة الحرفية للمعارف التي يتم إنتاجها ونشرها باللغات الأجنبية، ولكن يجب إعادة تشكيل صناعة المعرفة على ضوء الأدوات اللغوية المتاحة، وترسيخ الفهم المعرفي لدى المتلقي العربي بلغته، خصوصًا وأن تعلم العلوم والرياضيات والهندسة وغيرها من المجالات المعرفية باللغة الأجنبية قد يضع حواجز افتراضية في إعادة فهمها باللغة العربية، وهذا يستوجب وقفة لتشجيع العلماء والمفكرين والباحثين والمبتكرين الذين ينشرون نتاجاتهم العلمية والتكنولوجية باللغة الأجنبية من أجل المبادرة بتقديم المعرفة باللغة العربية أيضًا، والاستفادة من توظيف الأدوات الرقمية المتطورة لتقنيات الذكاء الاصطناعي في المعالجة الحسابية والبرمجية للغة العربية، وإنشاء ثقافة تعريب مصطلحات ومفاهيم العلوم والتكنولوجيا، وتشجيع نشرها ومشاركتها وإدماجها في الابتكارات العلمية والتكنولوجية.

ولا يقتصر الأمر عند الترجمة من وإلى اللغة العربية، وإنما يستوجب واقع الحال بناء منظومة لغوية متكاملة لدعم الجهود البحثية والابتكارية، فقد تغيرت معالم الخريطة المعرفية العالمية في الآونة الأخيرة، فمنذ عقود مضت، تربعت اللغة الإنجليزية على قائمة اللغات الأساسية للعلوم والتكنولوجيا، وهي لا تزال ضمن اللغات المتصدرة في هذه المجالات، ولكن ظهر العديد من المنافسين على مستوى البحث العلمي والتطوير التكنولوجي في أقاليم تلتزم بعضها بتعليم العلوم بلغتها الأصلية وليس باللغة الإنجليزية، والأمثلة كثيرة في بعض دول شرق آسيا وأمريكا اللاتينية وغيرها، فالابتكارات والمعارف التخصصية التي تنتجها هذه الأقاليم لا يتم توثيقها جميعها في المنشورات العلمية على الدوريات المحكمة باللغة الإنجليزية، وبذلك فإن الوسيلة الوحيدة للاطلاع على هذه المعارف هو بترجمتها من لغتها الأصلية إلى اللغة العربية، وهنا وقفة أخرى تستوجب الانفتاح على الفرص المعرفية الكامنة في اللغات الأخرى، مع الأخذ في الحسبان أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي لوحده في الترجمة غير كافٍ، وإنما يجب تعزيزها بالذكاء البشري المتمكن في ترجمة المعارف وفق الإمكانات اللغوية الصحيحة، وهذا لا يأتي سوى بالتركيز على بناء الجيل القادم من المترجمين والكتاب، وتشجيع ثقافة تعلم اللغات الأخرى باعتبارها إحدى أبرز مهارات المستقبل، وبذلك يمكن إثراء المحتوى الرقمي العربي بمعارف متنوعة وعالية القيمة، وإتاحة الفرصة للمبتكرين الناشئين للتعرف إلى نماذج التفكير المختلفة، واستيعابها واستنباط ما يمكنه تلبية فضولهم العلمي من جهة، وتحفيزهم على فتح آفاق للتعاون، والحوار، والعمل المشترك.

إن محور الاحتفاء باللغة العربية في هذا العام والمتعلق بتسخير الذكاء الاصطناعي هو في حد ذاته قيمة حقيقية ورمزية لإبراز ديناميكية اللغة العربية، ومرونتها في التفاعل والتكيف بسلاسة مع التقنيات المتطورة، وقدرتها على الاستدامة كأداة لدعم الابتكار التكنولوجي، ويعد هذا اليوم فرصة للتأمل في دور اللغة العربية كلغة داعمة للتعبير والتوثيق واستيعاب معارف اللغات الأخرى، وتلبية احتياجات الأجيال القادمة من الباحثين والمبتكرين، وهذا يضع المسؤولية على المجتمع العلمي في دعم مسارات عاجلة لتطوير نماذج لغوية متقدمة بالذكاء الاصطناعي، بحيث تكون قادرة على أداء مهام معقدة في الترجمة وتوليد الأفكار، بما يسهم في تعزيز الحراك العلمي والمعرفي بإتاحة تجارب مختلف من مجتمعات الممارسات الأكاديمية والمهنية على اختلاف اللغات التي تستخدمها، وبنفس الأهمية فإن حفظ استدامة اللغة العربية يتطلب التركيز على استحداث فلسفة وأدوات تعليمية مبتكرة للأطفال لتعلم اللغة العربية، ورفع جاذبية هذه اللغة في المجالات العلمية والتكنولوجية، وتشجيع النشر العلمي الموجه لمختلف الفئات المجتمعية، وكسر الحواجز الافتراضية النمطية التي حددت اللغة العربية بالإبداع الأدبي والفني، إذ لا بد من رفع التوعية بالأدوار المستقبلية لهذه اللغة الثرية بمفرداتها في العلوم والتكنولوجيا، ووضع مسارات عمل متوازية تستهدف الجهات المنتجة للمعرفة وبقية الشرائح المجتمعية، وتعريف الأولويات الاستراتيجية حسب تأثيرها، وتأتي في مقدمتها محاور إثراء المحتوى الرقمي العربي، وتعزيز الباحثين والمبتكرين على النشر العلمي باللغة العربية.

مقالات مشابهة

  • تقنيات حديثة في الصواريخ اليمنية
  • مدير عام بلدية رأس الخيمة لـ«الاتحاد»: تقنيات حديثة لدعم استراتيجيات التكيف مع المناخ
  • “التأثير ما بين الإنسان والذكاء الاصطناعي.. من يقود المستقبل” جلسة حوارية في ملتقى صُنّاع التأثير
  • وزير الإعلام ورئيس “سدايا” يشهدان إطلاق برنامج معسكر الابتكار بالتعاون بين المنتدى السعودي للإعلام و”سدايا”
  • وزير الإعلام ورئيس “سدايا” يشهدان إطلاق برنامج معسكر الابتكار
  • "سدايا" ترسم مستقبل البيانات والذكاء الاصطناعي المدعوم بالعربية
  • مبادرات من “سدايا” لتشكيل الذكاء الاصطناعي بلغة الضاد
  • “هيئة تنمية المجتمع” و”دبي للبيانات والإحصاء” تطلقان المسح الاجتماعي الثامن لإمارة دبي
  • وقفات مع «اللغة العربية والذكاء الاصطناعي»
  • منصور بن زايد: الإمارات حريصة على تبني أفضل التقنيات في توظيف البيانات والإحصاءات