الجميل الفاضل
وجهانِ متناقضانِ، يتقافزان يعتركان الآن في الأذهان، ل”إنسان السودان”، وجهٌ مشرقٌ وضيءٌ باهر، صار مضربا للمثل قدمته “ثورة ديسمبر المجيدة”، ووجهٌ مُعِّرٌ مُظلمٌ وقميء، مثيرٌ للكُرهِ والإشمئزاز، أفرزته “حرب أبريل اللعينة”.
هذان الوجهان الشتيتان اللذان ينحو كلٌ منهما لمحو صورة نقيضه عن الذاكرة، لا زال يؤكد وجودهما معاً، أن التاريخ في أي زمان ومكان، يصنعه كذلك الأخيار والأشرار معا.
فمن سنن الله أن جعل في الأرض ثقلين.. إنسٌ وجان، خرج من كليهما مخرجين.. مخرجٌ صالح، ومخرجٌ طالح.
مخرج صالح، هم “أولياء الله”، ومخرج طالح، هم “أولياء الشيطان”.
نعم الشيطان.. ذلك الكائن الذي لا نراه رغم إنه موجود في عين المكان على الأرض مثلنا.. يتبادل هو واولياؤه الوحي، بعضا لبعض، يزخرفون القول غرورا، لينتج هذا التواصل الخبيث من بعد، زوجين من الشياطين.. نوع نسمعه، نراه ونكلمه، وصنف أخر من ورائه، يرانا ولا نراه.. هؤلاء “شياطين الإنس”، واولئك “شياطين الجن”.
المهم إنه كلما حل بأرضٍ أولياءُ الشيطان من الإنس، حلت بها كذلك شياطينُ الجنِ في وجودٍ متلازمٍ مُقترن.
إذ حيثما حلَّ بأرضٍ، الأفاكون، الآثمون، الكذابون، الخراصون، من الإنس.. حلت معهم شياطين الجن على تلك الأرض، نعلاً بنعلٍ، وكتفاً بكتف.. فقد قال تعالي: (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ، تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ، يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ).
فالتحالف الشيطاني بين الإنس والجن، قادر بغلبته لو انه تغَّلب، على شيطنةِ الأرض، ومحقها ونزع بركتها، وعلي جعلها مرتعا خالصا لشياطين الإنس والجن معا.
والعكس صحيح أيضا.. فإن أي أرض يحلُ بها “أولياء الله” تحل بها الملائكة، سواء الملائكة الطوافون، الذين يجدون في مراتع وحلق الذكر مبتغاهم، أو أولئك المبشرون، المكلفون بنقل البشارات، الي عباد الله الصالحين، الذين تتولاهم الملائكة بأمرٍ من الله، في الحياة الدنيا، وفي الآخرة، طبقا لقوله سبحانه وتعالي:
(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ).
وتبعا لإتساع دائرة وجود هؤلاء الذين قالوا بصدق ربنا الله ثم استقاموا، يتسع من ثَّم، نطاق تنزلات الملائكة، لتترحمن الأرض، بإستقامة المُقيمينَ، وبركةِ المُتنزلينَ.
فالإستقامة بطبيعة حالها هي عين الكرامة، التي صار اهل السودان بفضل التزامها حينا من الدهر، صندوقا لودائع الاخلاق البشرية النادرة، ومستودعا لأسمي الإنسانيات العليا، قبل ان تحل بهم جائحة ما جري في العقود الثلاث الماضيات، التي أفضت بهم اليوم لتذوق ثمارها المُرة “ويلات حرب”.
المهم فإن السودان الذي يصطرع الآن علي أرضه أعتي الأشرار، ظل طوال تاريخهِ بلدا مُتقَّلبُ الأطوار.. يصعب عند كل منعرج إدراك أو تصور على أي شقيه ينقلب.
كما إن شعبه لخصائص فطرية تتصل بجيناته الوراثية، وبجذور تكوينه الأولي.. ظل دائما شعب “صعب المراس” قادر علي صنع المفاجآت المربكة، وعلي قلب الموازين، بل وعلي قلب الطاولات علي رؤوس أمثال هؤلاء “البلابسة” و”الجغمويين” الذين سعوا ويسعون الي الآن، بكل ما أوتوا من قوة لإفساد الأرض، ولإراقة مزيد من الدماء.
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
إقرأ أيضاً:
رابطة المصارف الخاصة العراقية تستجيب لدعوة السوداني وتقيم تمثالا للشاعرة نازك الملائكة
الاقتصاد نيوز - بغداد
افتتحت رابطة المصارف الخاصة العراقية، بالتنسيق مع مكتب رئيس مجلس الوزراء ووزارة الثقافة وامانة بغداد ومحافظة بغداد، تمثال الشاعرة العراقية نازك الملائكة في شارع السراي بعد إعادة تأهيله ضمن مبادرة نبض بغداد برعاية رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني وبإشراف رابطة المصارف الخاصة وامانة بغداد. واستجاب صندوق المبادرات المجتمعية "تمكين" الممول من المصارف الخاصة وبإشراف رابطة المصارف الخاصة، لدعوة رئيس الوزراء، لإقامة تمثال الشاعرة نازك الملائكة، وكلف بإنجازه النحات العراقي فاضل مسير. وقال رئيس رابطة المصارف الخاصة العراقية، وديع الحنظل، انه استجابة لدعوة دولة رئيس مجلس الوزراء، السيد محمد شياع السوداني، التي أطلقها في 25 أيار 2023، مول صندوق تمكين تحت اشراف رابطة المصارف الخاصة العراقية، الفنان المبدع النحات فاضل مسير لإنشاء تمثال يخلّد ذكرى هذه الشاعرة الكبيرة بمناسبة الذكرى المئوية لميلادها. واليوم، نفتتح هذا النصب المميز في شارع السراي، الذي أعيد تأهيله ضمن مبادرة نبض بغداد. وأشار الى أن إقامة هذا التمثال لا يعتبر تكريما فقط لنازك الملائكة كشاعرة بارزة، بل يحمل رسالة عميقة تعكس اهتمام العراق بمبدعيه وحرصه على الاحتفاء بتاريخهم الثقافي من جهة أخرى، قال المستشار الثقافي لرئيس الوزراء ومدير عام دائرة الشؤون الثقافية عارف الساعدي، إن المناسبة تعد ارتباطاً جديداً للثقافة العراقية بالإبداع، لافتاً الى ان هذا الصرح يعد أول تمثال لشاعرة عراقية وهي أول امرأة تحصل على هذا التكريم.