صحيفة التغيير السودانية:
2025-04-17@13:41:59 GMT

شعب ذو وجهين

تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT

شعب ذو وجهين

الجميل الفاضل

وجهانِ متناقضانِ، يتقافزان يعتركان الآن في الأذهان، ل”إنسان السودان”، وجهٌ مشرقٌ وضيءٌ باهر، صار مضربا للمثل قدمته “ثورة ديسمبر المجيدة”، ووجهٌ مُعِّرٌ مُظلمٌ وقميء، مثيرٌ للكُرهِ والإشمئزاز، أفرزته “حرب أبريل اللعينة”.

هذان الوجهان الشتيتان اللذان ينحو كلٌ منهما لمحو صورة نقيضه عن الذاكرة، لا زال يؤكد وجودهما معاً، أن التاريخ في أي زمان ومكان، يصنعه كذلك الأخيار والأشرار معا.

فمن سنن الله أن جعل في الأرض ثقلين.. إنسٌ وجان، خرج من كليهما مخرجين.. مخرجٌ صالح، ومخرجٌ طالح.
مخرج صالح، هم “أولياء الله”، ومخرج طالح، هم “أولياء الشيطان”.
نعم الشيطان.. ذلك الكائن الذي لا نراه رغم إنه موجود في عين المكان على الأرض مثلنا.. يتبادل هو واولياؤه الوحي، بعضا لبعض، يزخرفون القول غرورا، لينتج هذا التواصل الخبيث من بعد، زوجين من الشياطين.. نوع نسمعه، نراه ونكلمه، وصنف أخر من ورائه، يرانا ولا نراه.. هؤلاء “شياطين الإنس”، واولئك “شياطين الجن”.
المهم إنه كلما حل بأرضٍ أولياءُ الشيطان من الإنس، حلت بها كذلك شياطينُ الجنِ في وجودٍ متلازمٍ مُقترن.

إذ حيثما حلَّ بأرضٍ، الأفاكون، الآثمون، الكذابون، الخراصون، من الإنس.. حلت معهم شياطين الجن على تلك الأرض، نعلاً بنعلٍ، وكتفاً بكتف.. فقد قال تعالي: (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ، تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ، يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ).
فالتحالف الشيطاني بين الإنس والجن، قادر بغلبته لو انه تغَّلب، على شيطنةِ الأرض، ومحقها ونزع بركتها، وعلي جعلها مرتعا خالصا لشياطين الإنس والجن معا.
والعكس صحيح أيضا.. فإن أي أرض يحلُ بها “أولياء الله” تحل بها الملائكة، سواء الملائكة الطوافون، الذين يجدون في مراتع وحلق الذكر مبتغاهم، أو أولئك المبشرون، المكلفون بنقل البشارات، الي عباد الله الصالحين، الذين تتولاهم الملائكة بأمرٍ من الله، في الحياة الدنيا، وفي الآخرة، طبقا لقوله سبحانه وتعالي:
(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ).

وتبعا لإتساع دائرة وجود هؤلاء الذين قالوا بصدق ربنا الله ثم استقاموا، يتسع من ثَّم، نطاق تنزلات الملائكة، لتترحمن الأرض، بإستقامة المُقيمينَ، وبركةِ المُتنزلينَ.
فالإستقامة بطبيعة حالها هي عين الكرامة، التي صار اهل السودان بفضل التزامها حينا من الدهر، صندوقا لودائع الاخلاق البشرية النادرة، ومستودعا لأسمي الإنسانيات العليا، قبل ان تحل بهم جائحة ما جري في العقود الثلاث الماضيات، التي أفضت بهم اليوم لتذوق ثمارها المُرة “ويلات حرب”.

المهم فإن السودان الذي يصطرع الآن علي أرضه أعتي الأشرار، ظل طوال تاريخهِ بلدا مُتقَّلبُ الأطوار.. يصعب عند كل منعرج إدراك أو تصور على أي شقيه ينقلب.
كما إن شعبه لخصائص فطرية تتصل بجيناته الوراثية، وبجذور تكوينه الأولي.. ظل دائما شعب “صعب المراس” قادر علي صنع المفاجآت المربكة، وعلي قلب الموازين، بل وعلي قلب الطاولات علي رؤوس أمثال هؤلاء “البلابسة” و”الجغمويين” الذين سعوا ويسعون الي الآن، بكل ما أوتوا من قوة لإفساد الأرض، ولإراقة مزيد من الدماء.

الوسومالجميل الفاضل

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

إقرأ أيضاً:

مسؤول يدعو إلى معاقبة الموظفين الذين يتسببون في صدور أحكام ضد الدولة بسبب قراراتهم التعسفية

دعا محمد بنعليلو، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها إلى إقرار جزاءات على المسؤولين الذين يتمادون في إصدار قرارات تعسفية أدت إلى نزاعات إدارية قال القضاء كلمته فيها، وكبدت الدولة أموالا باهضة.

وانتقد بنعليلو خلال المناظرة الوطنية التي نظمتها الوكالة القضائية للمملكة حول « تدبير منازعات الدولة وفق مقاربة قائمة على المشروعية وحماية الحقوق » المنظمة اليوم بالرباط، ممارسات إدارية آخذة في الانتشار تجعل من « المصلحة الإدارية » أحد المبررات الجاهزة للعديد من القرارات، حينما تمنح الإدارة لنفسها صلاحية تقدير هذه « المصلحة » خارج القانون، بل أصبح الأمر علنيا ويتم تبنيه بشكل رسمي بلغة « معك الحق ولكن … ». واعتبر أن هذا السلوك يُعتبر أحد الأسباب الجوهرية لخلق المنازعات الإدارية.

واعتبر أن التقديرات والاجتهادات الشخصية خارج الإطار القانوني لا يمكن أن تعتبر إلا تجاوزا للسلطة وخرقا لمبدأ الشرعية ومسا بمبدأ الحياد الارتفاقي، بل وإضعافا لثقافة المسؤولية والمحاسبة داخل الإدارة، لأن السماح بهذا النوع من السلوك في مستويات معينة يُضعف الرقابة الداخلية ويشجع على انتشار الارتجال الإداري. بل اعتبر أن ذلك يشكل مسا بالمصلحة العامة نفسها التي يفترض أن يؤطرها القانون « لا تقديرات أشخاص تكبد الدولة خسائر مالية وتضعف الثقة في أدائها ».

من جهة اخرى اعتبر أن السياسات الحديثة لتدبير منازعات الدولة تعتمد على الوقاية بدل المواجهة، والوساطة بدل التصعيد، والتبسيط بدل التعقيد، والشفافية بدل الغموض.

واعتبر أن هذا النهج يساهم في تقليل النزاعات، وتجعل العلاقة بين المواطن والإدارة، أكثر كفاءة وعدالة.

كما دعا الى تعزيز آليات الشفافية والمساءلة داخل الإدارة، من قبيل إلزام الإدارات بنشر قراراتها المبدئية وسياساتها المهيكلة بشكل علني. وإحداث آليات مستقلة لمراقبة أداء الإدارات لضمان عدم تعسفها في استعمال السلطة، وربط المسؤولية بالمحاسبة

كلمات دلالية الدولة الرشوة المنازعات محمد بنعليلو

مقالات مشابهة

  • "المالية" تسدد 3 مليارات جنيه الأسبوع المقبل باقي مستحقات المزارعين الذين وردوا محصول القطن
  • الدولة ليست “ملائكة” والإخوان ليسوا “شياطين” !!!
  • لماذا يزيد معدل الأطفال الذين لديهم إصابة بالتوحد في أمريكا؟
  • البابا فرنسيس يشكر الأطباء الذين أنقذوا حياته
  • المجرمون في سلة فاسدة وسيبقى السودان امنا موحدا مستقرأ بحول الله
  • فليخسأ الذين يزايدون علي موقف الجيش السوداني من الموقف في الفاشر
  • مسؤول يدعو إلى معاقبة الموظفين الذين يتسببون في صدور أحكام ضد الدولة بسبب قراراتهم التعسفية
  • دموع في عيون وقحة!
  • حكم قطع صلة الرحم مع الأقارب الذين يكثرون من الإساءة إلي ولأسرتي؟.. الأزهر يجيب
  • في أسبوع الآلام.. صلوات الرحمة والبركة تعمّ العالم وتتضمن الدعاء لمصر والعالم