أمام أعين العالم.. 23 عاماً على استشهاد محمد الدرة بجانب والده في غزة
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
منذ 23 عاماً، وتحديداً في يوم 30 سبتمبر من عام 2000، كان الطفل محمد الدرة مع والده في شارع صلاح الدين، بين «نتساريم» ومدينة غزة، وفجأة وقع إطلاق نار عشوائي، ليسارع الأب والابن للاختباء خلف أحد البراميل، ليعلو صراخهما الذي أخمدته طلقات الاحتلال الإسرائيلي، والتي أنهت حياة الطفل، وتسببت في إصابات بالغة للأب.
ونقلت شاشات التلفاز واقعة مقتل الطفل محمد الدرة في بث مباشر، إذ لم تشفع صرخات الأب وابنه لهما لإنقاذهما من رصاص الجنود الإسرائيليين، ليرتقي الابن شهيداً وهو في الثانية عشرة فقط من عمره.
ففي صباح يوم 30 سبتمبر توجه الطفل مع والده من منزله بمخيم البريج، بقطاع غزة، إلى مزاد للسيارات حيث يقتني واحدة، قبل أن يجد نفسه محاصرًا تحت نيران جنود الاحتلال التي استمرت لمدة 45 دقيقة مستمرة.
وحاول الوالد حماية طفله محمد الدرة حيث قال في أحد اللقاءات: «كنت أحاول حماية محمد من الرصاص بجسدي، حتى أنني كنت أرفع كف يدي لتلقي الرصاص الذي أصاب ركبة محمد، وكانت تلك الطلقة الأولى التي تصيبه، لكنه ظل متماسكا، قبل أن أجد رأسه على قدمي اليمنى وفي ظهره فتحة كبيرة بعد إصابته في البطن الذي اخترقته عدة رصاصات.
بعد استشهاد محمد الدرة، رزقت أسرته بطفل أخر فأطلقوا عليه اسم محمد أيضا تيمنًا بشقيقة الشهيد.
معلومات عن الطفل محمد الدرةمحمد الدرة من مواليد نوفمبر 1988، وهو العام الذي تلي الانتفاضة الفلسطينية الأولي، وقد درس حتى الصف الخامس الابتدائي، ويعمل والده نجاراً، ووالدته ربة منزل.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: محمد الدرة فلسطين قوات الاحتلال الانتفاضة الفلسطينية محمد الدرة
إقرأ أيضاً:
"جبر بخاطره".. حكاية إنسانية خلف صورة شيخ الأزهر وتلميذ معهد الأقصر
في صباح هادئ مليء بالترقب والحماس، وقف التلاميذ في معهد محمد عطيتو النموذجي لغات بالأقصر، ينتظرون وصول الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف. كان اليوم مشحونًا بالمراسم الرسمية والكلمات الترحيبية، والكل يحاول الظهور بأفضل صورة أمام هذه الشخصية التي تحمل في ملامحها هيبة العلم ووقار المكانة.
من بين الحضور، كان هناك طفل صغير في ثوب أزهري ناصع البياض، يقف في زاوية منزوٍ بها، يحمل بين يديه ورقة صغيرة، مكتوبة عليها قصيدة شعرية. هذا الطفل لم ينم جيدًا الليلة الماضية، فقد كان يحفظ أبياته ويرددها مرارًا وتكرارًا أمام المرآة، يحلم بلحظة وقوفه أمام شيخ الأزهر ليُسمعه صوته الذي كان ينبض بحب واحترام لأهل الصعيد وكرامتهم.
لكن الوقت كان ضيقًا، والإجراءات البروتوكولية كانت كثيرة. أُلغيت فقرة الطفل، وأُعلن أن الوقت لم يعد يسمح بإلقاء القصيدة. عندها، انكمشت ملامح الطفل، واغرورقت عيناه بالدموع التي حاول إخفاءها خلف الورقة التي كانت أمس مصدر فخره، واليوم أصبحت مجرد ذكرى مؤلمة.
اللحظة الفارقةكان الإمام الأكبر شيخ الأزهر يُنهي كلمته حين لمح عيون الطفل الباكية ووقفته التي امتلأت بالحزن. التفت الإمام نحو الطفل، وسأل أحد المرافقين: "لماذا يبكي هذا الصغير؟" جاءه الرد سريعًا: "كانت له فقرة لإلقاء قصيدة، لكن الوقت لم يسمح يا مولانا".
في تلك اللحظة، أشار الإمام الأكبر بيده لوقف المراسم الرسمية، والتفت إلى الطفل قائلًا: "تعال يا بني، أريد أن أسمع قصيدتك".
تقدم الطفل بخطوات مترددة، ثم وقف أمام شيخ الأزهر، وبدأ في إلقاء قصيدته عن أدب أهل الصعيد وشهامتهم. كانت كلماته نقية وصوته يرتجف قليلًا من رهبة الموقف، لكن عيناه كانتا تتألقان بالفخر والسعادة.
ابتسامة ولقطة خالدةبعد أن انتهى الطفل من إلقاء قصيدته، ابتسم شيخ الأزهر وربّت على كتفه قائلًا: "أحسنت يا بني، صوتك جميل وكلماتك أروع. استمر وتعلم أكثر." ثم دعا شيخ الأزهر المصور لالتقاط صورة تذكارية معه، صورة تحمل في تفاصيلها لحظة إنسانية لن تُنسى.
رسالة مهمة من الإمام الأكبرفي كلماته الختامية، شدد الدكتور أحمد الطيب على أمر هام أمام جميع القيادات والمسؤولين قائلًا: "لا تستهينوا أبدًا بمشاعر التلاميذ، هؤلاء الأطفال هم المستقبل. كل طفل يمتلك موهبة تستحق الاهتمام والتشجيع. امنحوهم الفرصة دائمًا للتعبير عن أنفسهم، فهم أمانة في أعناقنا."
عاد الطفل إلى مكانه وسط تصفيق حار من الجميع، بينما كان يحتضن ورقته الصغيرة بفخر، وكأنها أصبحت كنزًا ثمينًا يحمل معه ذكرى لن تُنسى.
إنسانية تتجاوز البروتوكولهذا الموقف لم يكن مجرد لحظة عابرة، بل كان درسًا في الإنسانية والقيادة الحقيقية. ففي وقت كانت فيه المراسم الرسمية تضغط على الجميع للالتزام بالجدول الزمني، أصر شيخ الأزهر على منح طفل صغير لحظة ستظل محفورة في ذاكرته مدى الحياة.
إنه مشهد يُذكرنا بأن القيادة ليست مجرد أوامر وتوجيهات، بل هي لمسة إنسانية تجعل القلوب تتفتح والأرواح تزدهر.