مهند أبو فلاح
الحرب شر لا بد منه يلجأ إليها صانع القرار السياسي و العسكري مجبرا في نهاية المطاف احيانا عندما تكون الظروف الموضوعية دافعة بقوة لاتخاذ قرار كهذا في مواجهة خطر وجودي لا يمكن غض الطرف عنه تماما كما كان عليه الحال في أيلول / سبتمبر ١٩٨٠ عندما اتخذت القيادة العراقية قرارا جريئا شجاعا بالرد على الاعتداءات الإيرانية المتكررة على الأراضي و الأجواء العراقية .
من المؤسف حقا أنه لحد وقتنا الحاضر مازال هنالك من يتوهم أن القيادة العراقية قد بادرت إلى شن هذه الحرب طمعا في التنصل من التزاماتها المنصوص عليها في اتفاق الجزائر الذي ابرمته مع إيران الشاه في آذار / مارس من العام ١٩٧٥ بينما أن الحقيقة هي خلاف ذلك تماما .
مقالات ذات صلة تعددت الأحزاب وعمّ الخراب 2023/09/30لقد تعرض العراق لسلسلة من الاعتداءات الإيرانية السافرة منذ صيف العام ١٩٧٩ و حتى اندلاع الحرب فعليا في الرابع من ايلول سبتمبر عام ١٩٨٠ و تدلل على ذلك العشرات بل المئات من مذكرات الاحتجاج العراقية المقدمة للأمم المتحدة ضد الانتهاكات الإيرانية السافرة للسيادة العراقية و التي طالت العديد من القصبات و المواقع المدنية كما المخافر الحدودية العراقية الأمامية كما حصل في زين القوس و سيف سعد و مندلي و زرباطية و غيرها على امتداد سنة و نصف في انتهاك واضح و صريح لاتفاقية الجزائر من قبل نظام ولاية الفقيه الحاكم في طهران في وقت مارس فيه العراق أقصى درجات ضبط النفس و لجأ إلى كافة الأساليب الدبلوماسية السلمية لحل الأزمة مع طهران بلغة الحوار بعيدا عن فوهات البنادق و المدافع دونما جدوى و هو الأمر الذي أكده الرئيس الإيراني الأسبق ابو الحسن بني صدر في مقابلة تلفزيونية أجرته معه قناة روسيا اليوم قبل بضع سنوات .
إن الحقيقة التي لا يجب أن نغفل عنها لحظة واحدة في معرض تحديد المسؤولية عن اندلاع الحرب بين العراق و ايران تتمثل في أن القيادة العراقية المؤمنة بعروبتها و قيمها الأصيلة الراسخة قدمت الملاذ الآمن لعرّاب ولاية الفقيه اي الخميني شخصيا على مدار أكثر من عقد من الزمن منذ استلام حزب البعث السلطة في بغداد في أعقاب ثورة ١٧ / ٣٠ تموز المجيدة و عوضا أن يرد الخميني هذا الجميل للعراق العظيم بالاحسان قابل هذا الموقف الأخلاقي النبيل بالجحود و النكران محرضا و مألبا العملاء الصغار ضد السلطات العراقية كما حدث في نيسان ابريل من العام ١٩٨٠ عندما أقدم عملاء الأجهزة الإيرانية على محاولة اغتيال الاستاذ طارق عزيز نائب رئيس الوزراء العراقي في حينها عند مدخل الجامعة المستنصرية .
مما لا شك فيه أن هنالك جهات سياسية و دوائر استخباراتية غربية متصهينة أسهمت إلى أقصى الحدود و أبعدها في إيصال الخميني إلى سدة الحكم في طهران مكرسة وسائل إعلامها لتلميعه و رفع أسهمه و شعبيته بين أبناء الشعوب الإيرانية ليس ذلك فحسب بل إنها أكثر من ذلك ضالعة في تصفية خصومه و منافسيه المحتملين و على رأسهم يبرز المفكر التقدمي المستنير علي شريعتي الذي لقى حتفه فجأة و دون مقدمات في ظروف و ملابسات غامضة في ١٨ حزيران / يونيو من العام ١٩٧٧ في مدينة ساوثهامبتون إلى الجنوب من العاصمة البريطانية لندن .
الشواهد و القرائن التي تؤكد ضلوع الإمبريالية الغربية في صناعة النظام الشعوبي الطائفي في إيران أكثر من أن تعد أو تحصى بيد أن التحليل المنطقي الموضوعي يقتضي منا الإشارة بوضوح إلى أن الدور الوظيفي لنظام الشاه الحاكم في طهران قد انتهى عمليا في أعقاب اتفاق الجزائر و توقفه عن دعم الحركات الانفصالية الكردية في شمالي بلاد الرافدين التي كانت تؤدي دورا فعالا في استنزاف مقدرات العراق و موارده البشرية و المالية لمنعه من الاضطلاع بدوره القومي الريادي في مواجهة الكيان الصهيوني.
تمكن عراق البعث الشرعي الاصيل بعد إبرام اتفاقية الجزائر من إنهاء العصيان المسلح في شماله و التفرغ لدعم الثورة الفلسطينية المعاصرة لاسيما في لبنان اولا في مواجهة القوى اليمينية الانعزالية ثم ثانيا في مواجهة التدخل العسكري السوري الاسدي في العام ١٩٧٦ ثم ثالثا في مواجهة الاجتياح الصهيوني الاول لجنوبي بلاد الارز في آذار/ مارس من العام ١٩٧٨ ز هو الأمر الذي دفع الدوائر الغربية الى التسريع من إحلال نظام ولاية الفقيه محل نظام الشاه في سدة الحكم في إيران خلال فترة زمنية قصيرة قياسية و هو أمر لا يمكن إنكاره من قبل من يدعون أنهم من أنصار المقاومة و الممانعة ضد الورم السرطاني الخبيث المزروع في قلب الوطن العربي و المسمى بإسرائيل و الذي مازالون يمارسون الخداع و التضليل بحق الجماهير العربية عبر محاولة إنحاء اللائمة على العراق في حربه الضروس ضد إيران ولاية الفقيه .
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: فی مواجهة من العام
إقرأ أيضاً:
773 ألف مسافر على متن الخطوط الجوية العراقية خلال الربع الأول من 2025
أبريل 20, 2025آخر تحديث: أبريل 20, 2025
المستقلة/- في مؤشر واضح على تعافي قطاع النقل الجوي العراقي وتطوره، أعلنت وزارة النقل تسجيل أكثر من 773 ألف مسافر على متن طائرات الخطوط الجوية العراقية خلال الربع الأول من العام الحالي 2025، وهو ما يُعد رقماً قياسياً جديداً يعكس تنامي الطلب وثقة المسافرين بالخدمات المقدمة من الناقل الوطني.
وأكد مدير المكتب الإعلامي للوزارة، ميثم الصافي، في تصريح لصحيفة الصباح، أن الخطوط الجوية العراقية نجحت في تسجيل هذا الرقم نتيجة تطبيق خطط تشغيلية وتطويرية محكمة، تستهدف تحسين جودة الخدمات وتوسيع شبكة الرحلات الجوية، لتواكب الطلب المتزايد على السفر جواً داخل وخارج العراق.
وأوضح الصافي أن إجمالي عدد المسافرين بلغ 773,140 مسافراً خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام، مبيناً أن هذا النمو تحقق بفضل تحديث الأسطول الجوي، وتكثيف الرحلات إلى وجهات متنوعة، إضافة إلى تحسين إجراءات السفر والخدمات الأرضية والجوية.
خطة تشغيلية جديدة لعام 2025وأشار الصافي إلى أن العام 2025 شهد انطلاق خطة تشغيلية جديدة للناقل الوطني، ترتكز على رفع كفاءة الأداء والخدمات، وتقديم تجربة سفر متكاملة تواكب المعايير الدولية، مع الالتزام بالجداول الزمنية وتعزيز السلامة الجوية.
شراكة استراتيجية مع القوة الجويةوفي خطوة لافتة تعزز من قدرات قطاع الطيران العراقي، أعلن الصافي عن توقيع اتفاق مشترك بين الخطوط الجوية العراقية وقيادة القوة الجوية العراقية، يهدف إلى تعزيز التكامل والتعاون الفني والتقني في قطاع الطيران، ما يسهم في تطوير القدرات الوطنية ورفع كفاءة الصيانة والتشغيل.
مؤشرات إيجابية لمستقبل النقل الجويتعكس هذه الأرقام والمشاريع المتواصلة، أن العراق يسير بخطى واثقة نحو نقلة نوعية في مجال النقل الجوي، مدفوعةً بخطط مدروسة وشراكات استراتيجية. كما تبشّر المؤشرات الحالية بزيادة أكبر في أعداد المسافرين خلال الفصول المقبلة، خصوصاً مع دخول موسم السفر الصيفي.