رصد إسرائيلي لتصاعد الجبهات المتوترة داخل فلسطين وخارجها
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
تتواصل الأعياد اليهودية بالتزامن مع ما يعيشه أمن الاحتلال من الاستنفار واليقظة وسط تحذيرات من اندلاع جولات قتالية في واحدة من الجبهات المحيطة، وربما عدة جبهات في آن واحد معاً؛ ورغم أن مستوى الاحتكاك على الحدود اللبنانية منخفضا، لكن التوترات لا تزال قائمة، فيما يتم تعريف الضفة الغربية بأنها منطقة حساسة، حيث توجد تحذيرات قوية من وقوع هجمات مسلحة، وفي قطاع غزة لا يزال الهدوء تحت الاختبار، لكن التخوف في الجهاز الأمني يذهب باتجاه تطورات ميدانية في القدس قد تشعل النار في مناطق أخرى.
وقال المراسل العسكري لموقع "ويللا" العبري، أمير بوخبوط، إن "الأيام الأخيرة شهدت رفعاً من المنظومة الأمنية لحالة التأهب في كافة القطاعات على خلفية الأعياد اليهودية، ومن بين الجهود التي تحتل حاليا قمة أولويات قوات الاحتلال، أنشطة جمع المعلومات الاستخبارية، وإحباط النوايا لتنفيذ عمليات مسلحة في الضفة الغربية، خاصة في محيط المسجد الأقصى والقدس المحتلة وتخشى المؤسسة الأمنية أن يؤدي النشاط المحدود فيهما لإشعال النار في قطاعات إضافية".
وأضاف بوخبوط، في تقرير ترجمته "عربي21" أن "الجبهة الأولى تتمثل بالحدود اللبنانية، ورغم أن هناك انخفاضاً في مستوى الاحتكاك على السياج الحدودي مع عناصر حزب الله ومبعوثيهم، لكن لا يزال هناك توتر في الفضاء، فيما تشهد الجبهة الثانية السورية في الأسابيع الأخيرة، تنفيذا لضربات جوية إسرائيلية ضد بعض الأهداف في ضواحي دمشق، خاصة أنظمة الأسلحة الإيرانية".
وأوضح أن "الضفة الغربية تعتبر الجبهة الثالثة ستشهد في الأيام المقبلة قرارا إسرائيليا بتوسيع نطاق التعزيزات الكبيرة لمنطقة الضفة الغربية خلال فترة الأعياد، لأنها فترة رحلات للمستوطنين الإسرائيليين على خلفية التحذيرات الساخنة من عمليات إطلاق نار في نابلس ومراكز أخرى في الضفة الغربية، بما في ذلك النشاط بجامعة بيرزيت، وفي إطار العملية، تم اعتقال عشرات المشتبه بهم، وقتل أكثر من خمسة مقاومين".
ونقل عن مسؤول عسكري أن "هجمات إطلاق النار أصبحت التهديد رقم 1، وكل نشاطنا يهدف لإحباط هجمات مماثلة، واعتقال من أطلقوا النار على جنود ومستوطنين، لأن الجمع بين كمية كبيرة جدًا من الأسلحة والأموال في الضفة الغربية، يجعلها شديدة الانفجار، وذات احتمالية كبيرة لتنفيذ هجمات مميتة، وبذلك، أشار المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون لزيادة كبيرة في نشاط أجهزة الأمن الفلسطينية ضد مراكز المقاومة مع التركيز على حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية في الضفة الغربية".
وأكد أن "الجبهة الرابعة تتمثل في القدس والمسجد الأقصى حيث تحوزان على نقاشات لتقييم الوضع التي أجراها رؤساء الأجهزة الأمنية، وقد تم تحديدهما كمنطقة حساسة، بشكل خاص خلال الأعياد، في ظل رغبة المستوطنين اليهود باقتحام الأقصى، وستقوم المؤسسة الأمنية بتعزيز قواتها في المنطقة، وجمع المعلومات الاستخبارية ضد الاستفزازات، وإحباط نوايا تنفيذ هجمات ضد مستوطنين إسرائيليين".
وختم بوخبوط، بالقول إن "الجبهة المتوترة الخامسة هي قطاع غزة، حيث تزايدت خلال الأسبوع الماضي أحداث العنف على طول حدوده، وتخلّلتها إطلاق نار، وتفجير بالونات حارقة، وإلقاء قنابل رش وزجاجات حارقة، وبعد ضغوط مصرية، تقرر فتح معبر بيت حانون أمام دخول العمال الفلسطينيين في ظل التزام مصري بالتهدئة على طول الحدود، وفي الوقت نفسه، يتم الحفاظ على مستوى يقظة فرقة غزة بقيادة الجنرال آفي روزنفيلد، على خلفية المخاوف من أحداث المسج الأقصى التي قد تؤدي لإشعال النار في جميع القطاعات".
من جهته، يقول الخبير العسكري بصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، رون بن يشاي، إن "جيش الاحتلال يخوض الآن عدة مواجهات في عدة ميادين بنفس الوقت، أولها محاولة وقف تقدم إيران نحو الطاقة النووية، وثانيها المعركة بين الحروب، وثالثها القتال في الضفة الغربية، ورابعها الساحة الحزبية الداخلية، والدعوات بعدم الوصول للخدمة العسكرية، وخامسها التحديات المعقدة المتمثلة بالتعامل مع الجرائم القومية اليهودية، وسادسها الانتفاضة المتوقعة المتركزة شمال الضفة الغربية، وهي لا تنحسر فحسب، بل تزداد، ومؤخرا أودت بحياة عدد من القتلى اليهود".
وأضاف بن يشاي، في مقال ترجمته "عربي21" أن "الآونة الأخيرة شهدت تضاعف عدد الهجمات المسلحة التي قُتل فيها يهود أكثر من الضعف، ورغم أن معظمها عبوات ناسفة صغيرة ومرتجلة، فإن جودتها تتحسن كما قوتها، بدليل ما شهده مخيم جنين بالعبوات الناسفة، ومحاولات إطلاق صواريخ بدائية، وشهدت الآونة الأخيرة تغييرا في أنماط هذه العمليات مع تجدد مشاكل الجيش مع إطلاق النار على الطرق السريعة من السيارات المتحركة، أو إطلاق النار بالأسلحة النارية من مواقع ثابتة، بجانب إلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة الروتينية".
تجدر الإشارة إلى أن هذه القراءات الإسرائيلية، تكشف أن الأجهزة الأمنية تتعامل حالياً مع التخوف من إقامة مختبرات إنتاج متفجرات بدائية، ومحاولات تهريب متفجرات عادية، وموضوع الصواريخ، ومن أجل إحباط هذه التهديدات، يعمل الجيش بعدّة مسارات، أولها عمليات الاعتقال الكبيرة للحصول على معلومات استخباراتية: كمية ونوعية، وثانيها تكثيف المداهمات المستمرة في الأماكن التي سيحصل فيها الشاباك وأمان على معلومات مستهدفة، وثالثها إرسال أكثر من 25 كتيبة من المشاة لتنفيذ الإجراءات المضادة والاعتقالات.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة الأعياد اليهودية الحدود اللبنانية الضفة الغربية قطاع غزة القدس المسجد الأقصى القدس قطاع غزة الضفة الغربية المسجد الأقصى الحدود اللبنانية صحافة صحافة صحافة تغطيات سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الضفة الغربیة
إقرأ أيضاً:
تحويل الضفة الغربية إلى غزة.. أزمة متفاقمة في الأراضي الفلسطينية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق نيويورك تايمز: الوضع فى الضفة الغربية سابقة خطيرة للمستقبل ويُقوّض أسس آمال الفلسطينيين والإسرائيليين فى السلام الاحتلال يشرد العائلاتٍ وينشر القتل والدمار ويخلف أطفالًا مُحطّمى المستقبل وشعورًا مُتصاعدًا باليأس
الكاتب نيكولاس كريستوف
يُسلّط الكاتب نيكولاس كريستوف من طولكرم الضوء على واقع العمليات العسكرية الإسرائيلية فى قلب الضفة الغربية، حيث اكتسب مخيم طولكرم للاجئين لقب "غزة الصغيرة" وتعكس هذه المنطقة التى مزقتها المعارك دمار غزة، بمبانيها المهدمة وطرقها الممزقة ونزوحها الواسع.
ويصف كريستوف كيف أن استخدام إسرائيل المتزايد للتكتيكات العسكرية - كالغارات الجوية والدبابات والتدمير الشامل - بدأ يُحوّل الضفة الغربية إلى "غزة"، مُشرّدًا نحو ٤٠ ألف فلسطينى منذ يناير/كانون الثاني. ووفقًا لمنظمات حقوق الإنسان مثل بتسيلم، فقد أدت هذه الاستراتيجية إلى ما يُطلق عليه الكثيرون "غزة" الضفة الغربية، مُخلّفةً عائلاتٍ مُشرّدة، وأطفالًا مُحطّمى المستقبل، وشعورًا مُتصاعدًا باليأس. والعنصر الأكثر مأساوية فى هذا التصعيد هو عدد الضحايا المدنيين. ومن بين هؤلاء الضحايا سندس شلبي، وهى امرأة حامل تبلغ من العمر ٢٣ عامًا، قُتلت على يد القوات الإسرائيلية أثناء حملها بطفلها الأول. يُعدّ موتها واحدًا من بين العديد من الوفيات التى تُبرز تكلفة التكتيكات العسكرية الإسرائيلية فى المنطقة. فرغم أن هذه الإجراءات ربما تكون قد خفّفت مؤقتًا من النشاط العسكري، إلا أن التكلفة فى الأرواح والنسيج الاجتماعى لا تُحصى.
كما أصبح أطفالٌ مثل محمد عبد الجليل، البالغ من العمر ١٢ عامًا، رموزًا مأساوية لهذا الصراع المستمر حيث هدمت القوات الإسرائيلية منزل محمد، وأُغلقت مدرسته بسبب استمرار احتلاله المخيم. وتحدث محمد بجرأةٍ مُقلقة عن رغبته فى أن يكبر ليصبح مقاتلًا فى صفوف حماس، موضحًا أنه يتمنى "الاستشهاد". يُعد رده مؤشرًا مؤلمًا على البراءة المفقودة والأحلام المحطمة التى تُخلفها الحرب.
من جانبه لخّص فيصل سلامة، المسئول المحلى فى السلطة الفلسطينية، حلقة العنف المأساوية قائلًا: "لماذا لا يُحب هؤلاء الأطفال الحياة؟ لأنهم طُردوا من منازلهم ومدارسهم وفقدوا كل حياة طبيعية". بالنسبة لهؤلاء الأطفال، قد يبدو الاستشهاد هو الخلاص الوحيد من حياةٍ مليئةٍ بالمعاناة.
مسار تدميري
مع إحكام الجيش الإسرائيلى قبضته على مخيمات اللاجئين، يُبرر أفعاله بزعم الحاجة إلى القضاء على الإرهاب. وصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الهجمات العسكرية بأنها ضرورية لتطهير المنطقة من "الإرهابيين". ومع ذلك، وكما يشير كريستوف، فإن التكلفة البشرية لهذه الاستراتيجية باهظة. فالمدنيون الأبرياء، بمن فيهم النساء والأطفال، يقعون فى مرمى النيران. فتوحد سهى معين، وهى أم فى منتصف العمر، فقدت منزلها على يد القوات الإسرائيلية، وهى الآن تنام مع أطفالها فى مقبرة. بالنسبة للكثيرين، هذا هو واقعهم اليومى - يُجبرون على ترك منازلهم دون مأوى.
أشار وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إلى أن الجيش سيبقى فى هذه المخيمات للاجئين طوال العام، مانعًا السكان من العودة فى محاولة لقمع ما يعتبره إرهابًا متزايدًا. لكن هذه الاستراتيجية، وفقًا لكريستوف، قد تُعمّق دائرة العنف، وتزيد من الاستياء والغضب بين السكان الفلسطينيين.
دور حماس والسلطة الفلسطينية
يزداد الوضع فى الضفة الغربية تعقيدًا بسبب دور السلطة الفلسطينية، التى شنّت حملتها الخاصة على المسلحين فى هذه المخيمات. ومع ذلك، ينظر كثير من الفلسطينيين إلى السلطة الفلسطينية على أنها عاجزة وفاسدة، مما يزيد الوضع تقلبًا. ورغم جهود السلطة الفلسطينية للظهور كشريك موثوق لإسرائيل والولايات المتحدة، فإن تزايد فقدان شعبية السلطة بين الفلسطينيين لا يزيد الوضع إلا تأجيجًا. وقد أدى ذلك إلى تحول فى المشاعر: إذ تشير استطلاعات الرأى إلى أن حماس، وهى جماعة مسلحة، تحظى الآن بشعبية أكبر فى الضفة الغربية، لا سيما وأنها ترمز إلى مقاومة إسرائيل.
وبدلًا من القضاء على حماس، قد تُغذى العمليات العسكرية الإسرائيلية، عن غير قصد، الظروف التى تُغذى نموها. ويؤكد كريستوف أن الهجوم العسكرى على الضفة الغربية قد يُعزز عزيمة جماعات مثل حماس، التى تزدهر على مقاومة العدوان الإسرائيلي.
الضم
هناك سؤالٌ مُلحّ حول ما إذا كانت إسرائيل ستمضى قدمًا فى ضم الضفة الغربية، وهى خطوةٌ يدعمها بعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة. فنجد ان رئيس الوزراء السابق إيهود باراك حذر من أن الضم الكامل ستكون له عواقب وخيمة على هوية إسرائيل كدولة يهودية. فإذا تم دمج الفلسطينيين بالكامل دون منحهم حقوق التصويت أو ملكية الأراضي، فلن يعود بإمكان إسرائيل ادعاء أنها دولة ديمقراطية. وحذّر باراك من أن هذا من شأنه إما أن يُحوّل إسرائيل إلى دولة غير يهودية أو أن يُقوّض أسسها الديمقراطية.
وتشير استطلاعات الرأى إلى أن العديد من الفلسطينيين فى الضفة الغربية يشعرون وكأنهم يعيشون بالفعل فى ظل شكل من أشكال الضم الفعلي. قد يكونون أقل قلقًا بشأن التسمية الرسمية للضم وأكثر تركيزًا على بقائهم اليومى فى بيئةٍ معاديةٍ بشكل متزايد.
المنظورات الدولية ودور الولايات المتحدة
يُسلّط كريستوف الضوء على البعد الدولى للقضية، مُشيرًا إلى دور الولايات المتحدة فى تمكين الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية. فى ظل إدارة ترامب، أضعفت الولايات المتحدة موقفها من المستوطنات وغيرها من الإجراءات التى تُفاقم التوترات بين إسرائيل وفلسطين. وبينما كانت الإدارات الأمريكية السابقة بمثابة كبح لليمين الإسرائيلي، كانت الحكومة الأمريكية الحالية أقل ميلًا للتدخل، مما زاد من جرأة الإجراءات الإسرائيلية فى الضفة الغربية.
وقد أدى هذا الدعم إلى استمرار حلقة القمع فى الضفة الغربية، مع بروز أمل ضئيل فى تحقيق السلام. وكما يحذر كريستوف، فإن هذا الوضع قد يكون مدمرًا لإسرائيل كما هو الحال للفلسطينيين، مما يهدد المبادئ التى قامت عليها دولة إسرائيل.
سابقة خطيرة للمستقبل
وعلى الرغم من أن العنف فى الضفة الغربية يحظى باهتمام دولى أقل من الصراع فى غزة، إلا أنه يُمثل أزمة متنامية قد تكون لها آثار دائمة على المنطقة. ويجادل كريستوف بأن استراتيجية إسرائيل الحالية المتمثلة فى الهجمات العسكرية والتهجير لن تحقق سلامًا دائمًا، بل ستواصل تأجيج العنف وعدم الاستقرار. يُهدد التدمير المستمر لمنازل الفلسطينيين ومجتمعاتهم فى الضفة الغربية بتقويض آفاق حل الدولتين، وقد يؤدى إلى مزيد من التطرف بين الشباب الفلسطيني.
وكما يُشير كريستوف، يُمثل الوضع فى الضفة الغربية سابقةً خطيرةً للمستقبل، قد تُقوّض أسس آمال الفلسطينيين والإسرائيليين فى السلام.