لماذا تسعى الصين لبناء محطة فضائية في كهوف القمر؟
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
في يونيو/حزيران 2022 أعلن علماء متعاونون مع وكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) اكتشافهم لموقع مظلل داخل إحدى الفوهات القمرية يحتوي على كهوف ذات درجة حرارة معتدلة تبلغ 17 مئوية، في سابقة تفتح الباب لتطبيقات مستقبلية واعدة.
وللتوصل إلى تلك النتائج، التي نشرت في دورية "جيوفيزيكال ريسيرش ليترز"، استخدم الفريق البحثي كاميرا مركبة الاستطلاع المداري القمرية التابعة لناسا لتصوير منطقة "ماريوس هيلز" القمرية 3 مرات، ودراسة البيانات الصادرة عنها.
وتتراوح درجات الحرارة على القمر بشكل عام بين حوالي 127 درجة مئوية خلال النهار وتبرد إلى سالب 173 درجة مئوية في الليل، ما يجعل هذه الكهوف القمرية فرصة كبرى بالنسبة للدول التي تخطط لبناء محطات على القمر.
والصين من هذه الدول، حيث أعلنت مؤخرا أن وكالتها الفضائية تعمل على دراسة بعض الكهوف القمرية في منطقتي بحر الهدوء وبحر الخصوبة، من أجل بناء محطات ما بين جنبات الصخور في الكهوف القابعة بالفوهات القمرية.
هذه الكهوف هي أنابيب تصريف جرت فيها الحمم البركانية القمرية قبل مليارات السنين، وبمجرد أن يخمد البركان تماما يترك تلك الأنابيب فارغة ومجوفة وممتدة على مسافة مئات الأمتار، وقد يصل عرض هذه الأنابيب إلى 500 متر.
يعطي ذلك فرصة ممتازة بالنسبة للمهندسين الذين يصممون المحطات المتوقع أن تبنى على القمر، فالأمر لا يتوقف فقط على درجات الحرارة المعتدلة، وإنما تحمي تلك الفوهات من الرياح الشمسية حيث لا يوجد للقمر (مثل الأرض) مجال مغناطيسي يحمي منها، وكذلك الضربات النيزكية.
وفي مؤتمر عقد في عام 2022 في الصين، قدم تشانغ تشونغ فنغ من أكاديمية شنغهاي لتكنولوجيا رحلات الفضاء دراسة عن تركيب أنابيب الحمم البركانية تبين إمكانية استخدامها لأغراض بناء محطات القمر المستقبلية.
وفي أبريل/نيسان الماضي ذكرت وسائل إعلام صينية أن البلاد تريد البدء في بناء قاعدة قمرية خلال 5 سنوات، وتعتزم الحصول على موارد من تربة القمر لتوفر تكاليف نقلها من الأرض.
وهناك أكثر من 100 عالم وباحث ومقاول فضاء صيني يجهزون حاليا روبوتا هدفه بناء قوالب الطوب من التربة القمرية، وسيتم إطلاقه خلال مهمة "تشانغ آه-8" الصينية في عام 2028، لاختبار قدراته على العمل، وكانت الصين قد استعادت سابقا عينات من تربة القمر في مهمتها "تشانغ آه 5" في عام 2020.
وبدأ البرنامج الصيني لاستكشاف القمر المعروف أيضا باسم مشروع "تشانغ آه" في عام 2007 بإطلاق المهمة "تشانغ آه 1″، ويتضمن هيكل البرنامج بناء تدريجيا للخبرة بالقمر، بداية من المهمات المدارية التي نجحت بالفعل، ومن ثم تطوير مركبات الهبوط على القمر والمركبات الجوالة.
تلت ذلك عمليات ناجحة لجمع العينات القمرية، ثم حاليا دخل البرنامج في مرحلة جديدة وهي تطوير الروبوتات التي ستعمل على القمر من أجل المساعدة في بناء المحطة القمرية الثابتة، وإتمام ذلك ربما بحلول عام 2035.
والنشاط البحثي المتعلق بالكهوف القمرية في أوجه حاليا، في خضم سباق تتنافس فيه كل من الصين والولايات المتحدة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: بناء محطات على القمر فی عام
إقرأ أيضاً:
لماذا تخشى الصين اندلاع مواجهة بين الهند وباكستان؟
تولي الصين أهمية بالغة لمعالجة الأزمة المتصاعدة بين الجارتين النوويتين باكستان والهند، إذ تخشى بكين أن يؤدي التصعيد العسكري بين البلدين إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي، خاصة أن كليهما يرتبط بحدود مباشرة أو مصالح إستراتيجية معها.
وفي مؤتمر صحفي عُقد في بكين، جدد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية دعوة بلاده إلى ضبط النفس وتغليب الحوار، مؤكدا ضرورة حل الخلافات الثنائية بالطرق السلمية من خلال التشاور المباشر بين نيودلهي وإسلام آباد.
ويأتي هذا الموقف في وقت يتصاعد فيه التوتر بين البلدين عقب هجوم في الجزء التابع للهند من إقليم كشمير يوم 22 أبريل/نيسان الجاري أدى لمقتل 26 شخصًا، واتهمت فيه الهند باكستان، وهو ما دفعها إلى تعليق العمل بمعاهدة مياه نهر السند وطرد دبلوماسيين باكستانيين، وردت إسلام آباد بإجراءات مضادة ووصفت التصعيد بـ"الحملة المضللة".
قلق بالغ
وبحسب مراسلة الجزيرة في الصين شيماء جو إي إي، فإن بكين تنظر بقلق بالغ إلى أي مواجهة محتملة، إذ إن الهند وباكستان تمثلان جارتين مباشرتين لها، وتمتلكان قدرات نووية، مما يجعل أي صدام بينهما تهديدا للأمن الإقليمي بأسره.
وأوضحت شيماء أن الخارجية الصينية أعادت تأكيد موقفها الداعم للحوار بين الطرفين في ضوء التوتر المستمر منذ هجوم كشمير، وما تبعه من خطوات تصعيدية متبادلة، فقد شددت الصين على ضرورة فتح تحقيق مستقل وتجنب خطوات أحادية تُفاقم الأزمة.
إعلانوتسعى بكين، وفقا لمراسلة الجزيرة، إلى إمساك العصا من المنتصف، فهي تحتفظ بعلاقات إستراتيجية وثيقة مع إسلام آباد، لكنها تدرك في الوقت ذاته أن استمرار التوتر مع نيودلهي قد يفتح جبهات معقدة على حدودها الشرقية، خاصة في ظل النزاع الحدودي التاريخي الذي يمتد على أكثر من 3500 كيلومتر.
وفي هذا السياق، كشفت وزارة الخارجية الصينية عن مكالمة هاتفية جرت قبل يومين بين وزير الخارجية الصيني وانغ يي ونظيره الباكستاني، دعا فيها وانغ الطرفين إلى التهدئة، وشدد على ضرورة وقف أي اشتباك مسلح في كشمير والانخراط في حوار مباشر يحول دون الانزلاق إلى مواجهة أوسع.
تعقيد إقليميوترى الصين أن التصعيد العسكري بين الهند وباكستان لا يهدد فقط جنوب آسيا، بل يُعقّد الحسابات الأمنية على المستوى الإقليمي، في وقت تُحاول فيه بكين الحفاظ على توازن دقيق في علاقاتها الثنائية مع كلتا العاصمتين.
وإزاء هذه المعادلة الدقيقة، تسعى الصين إلى ترسيخ دورها كوسيط دبلوماسي يحافظ على الاستقرار، مع تأكيدها في كل مناسبة على ضرورة الاحترام المتبادل وعدم اتخاذ خطوات من شأنها أن تجر المنطقة إلى مواجهات يصعب احتواؤها لاحقًا.
وفي الوقت الذي ترفض فيه الهند أي وساطة خارجية في شؤونها مع باكستان، تتمسك الصين بموقفها الداعي للحوار باعتباره السبيل الوحيد لتفادي انفجار عسكري قد يخلط أوراق المنطقة ويجلب تداعيات دولية لا تحمد عقباها.