جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-30@00:10:52 GMT

في ذكرى مولد النبي محمد

تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT

في ذكرى مولد النبي محمد

 

سالم بن نجيم البادي

 

أعلم أنَّ قلمي تغشاه هيبة وخوف حين يهُم بالكتابة عن نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، لأنَّ رسولنا الحبيب أكبر وأجلّ وأكرم وأعظم من أن تُحيط الكلمات بوصفه وهو فوق كل الكلام.

لم يُخلق مثله حتى الآن في صفاته وشمائله وأخلاقه وإنسانيته ورحمته وجمال شخصيته، هو السمو الإنساني والمعلم الأوحد للقيم الإنسانية، إنَّ الله تعالى تولى تهذيبه وتعليمه الله الذي ليس كمثله شيء، رباه فأحسن تربيته وأرسله رحمة وهدى ونورًا للعالمين، وقد كثرت الكتب التي تتحدث عن سيرته، أؤمن بأنَّ سيرته تتسع لآلاف الكتب وملايين الكلمات، سيرته لا يمل منها ولا يشبع، كل من كتبوا عنه أضافوا جديدًا وكشفوا بعض النقاب عن شخصيته الفذة حتى الأعداء وغير المسلمين لا يسعهم أبدًا إلا أن يظهروا الإعجاب والدهشة من شخصيته صلى الله عليه وسلم.

أكتب هنا بمداد قلبي وعبرات عيني وعواطفي وأشواقي ودفء مشاعري؛ إذ يسوقني حب غامر وإعجاب يتملكني بشخصية النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فلا أملك غير السجود، شكرًا لله الذي جعلني من أتباع هذا الرجل الإنسان، أقول الإنسان ويتبادر إلى ذهني فورًا رجل بسيط متواضع على عظمته، لقد اختاره الله نبياً نبيلاً من نبلاء ذلك العصر ومن أسرة حاكمة بمفهوم هذا اليوم، ويُعد سيد الأخلاق والمثالية والنفس الشفافة والوسامة، إنسانيته في أسمى معانيها، إنسان يتزوج وينجب أطفالًا يحبهم حبًا عظيمًا يلاعبهم ويلاطفهم، وكذلك يفعل مع باقي أطفال زمانه، إنسان لا يكبت عواطفه، أحبَّ زوجته الأولى خديجة، وتزوج لدواعٍ إنسانية.

محمد صلى الله عليه وسلم بعثه الله رحمة للعالمين، رحمة وسلامًا وسلمًا وإصلاح ذات البين وإصلاح المجتمع بمحاربة ما يعكر صفو الحياة البشرية، وعلى الناس جميعاً أن يعيشوا بسلام ويحبوا بعضهم بعضا، ويتبعوا الطريق المستقيم في إشباع رغباتهم، ويبتعدوا عن القذارة المادية والمعنوية، والعلاقات خارج نطاق الزواج ممنوعة تمامًا، إنه لطريق سيئ ونهايته مأساوية، قتل وخيانة واختلاط أنساب وضياع بشر في مواخير الرذيلة وأمراض وثأر وحياة التعاسة واقتراب من حياة حيوانية لا ضوابط ولا حدود لها.

وحين نريد الصمود في مواجهة عقبات الحياة ومتطلباتها الكثيرة نعلم أن محمدًا صلى الله عليه وسلم ثبت تمامًا وقاوم وصبر، حين عذب وكُذب وتم تشويه سمعته، قالوا إنه ساحر ومجنون وكذاب وسفيه، يتلقى التوجيهات من بشر مثله، وهو الذي أصرَّ على فعل ما أمره الله به حتى طردوه، وهو يُحاول إنجاز المهمة بكل عزيمة وإصرار، وعند الرحيل من بلده اتّبع خططًا محكمة، وقد اتخذ صاحبًا أمينًا، وسلك طريقًا مُغايرًا للطريق المعتادة، واختار مخبأ لا يخطر على بال أحد، سار متواضعًا مكتفيًا بزاد قليل، لم يكن خائفًا ولا مكتئبًا؛ بل راضيًا وصبورًا ومطمئنًا وواثقًا بالله ثم بنفسه، لم يكن يحقد على من طردوه، ولم يكن يشتم ويلعن ولا يغضب.

"لا تحزن إن الله معنا".. قالها لصديقه الوفي أبي بكر الصديق. وقبل ذلك، عاش محمد صلى الله عليه وسلم طفلًا هادئًا عاقلًا، غير أنه لم يكن مُعقدًا ولا مضطرب النفس بسبب موت أبيه ثم أمه وجده الذي رباه، ولا عاش حزينًا دائم البكاء والحزن والاكتئاب، إنها السكينة والهدوء النفسي والتميز عن سائر الأقران في مثل عمره، وكان الناس يحبون أن يتقربوا من هذا الطفل الوسيم الواثق من نفسه وتهواه قلوب كل المُحيطين به.

هو لا يشعر بالغرور ولا الكبر لأنه من قريش ومن بني هاشم أصحاب التاريخ العريق في الكرم والشجاعة والرئاسة وإغاثة الملهوف ونصرة المظلوم، وحين بلغ سن الرشد كان رزينًا مبتعدًا عن كل ما يُشين مُلتزمًا بالأخلاق الفاضلة والسُّمو والرقي ينمو فتنمو معه بشريته الفذة.

والصادق الأمين لا يرتكب الحماقات والصدق من أعظم الصفات الحميدة، والكذب ذميم، والخيانة صفة وقحة في كل العصور والأوقات ولكل البشر.

هو المخلص في عمله في التجارة ورعي الغنم والعمل الشريف مهما كان وضيعًا في نظر أصحاب النفوس الضعيفة والمظاهر الخادعة.

والصادق الأمين يلجأ إليه الناس الضعفاء لطلب النصرة واسترجاع الحقوق ورفع الظلم وحفظ الأمانات، ولجوء الخائفين من سطوة أصحاب النفوذ الصادق الأمين يقصد لإيجاد الحلول للمعضلات الكبيرة، ولمنع نشوب الصراعات والاقتتال وقد انضم صلى الله عليه وسلم إلى حلف الفضول، لتحقيق العدالة ومكافحة الظلم وردع المعتدين وقطاع الطرق واللصوص المنتفعين بغير حق على حساب الآخرين الأقل حظًا في السلطة والنفوذ والمال.

يُعلِّمُنا النبي صلى الله عليه وسلم كيف نكون أقوياء في شخصيتنا، ندير أوقاتنا بعيدًا عن الضياع ونتجنب طرقًا عديدة قد لا توصلنا إلى شيء في النهاية، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وقبيل نزول الوحي عليه يفر من حياة الصخب إلى التأمل وانتظار التغيير الذي يأمله ثورة تصلح أوضاع المجتمع المعوجة، مثل الغلبة للأقوى، والعبودية والحروب العبثية من أجل توسيع النفوذ ومن أجل المال والقوة، وسيطرة المُعتقدات الزائفة على النفوس؛ لأنها موروث الآباء والأجداد رغم قسوتها وشذوذها عن سياق المنطق والعقل.

لم يكن يأمل في تغيير كل شيء بسرعة؛ بل يُريد ترسيخ أمور توافق إنسانيته مثل الكرم والنخوة والشجاعة والاستعداد للذهاب بعيدًا من أجل نصرة المظلوم وإغاثة الملهوف والحرية والكرامة لجميع البشر.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

في ذكرى ميلاده.. نور الشريف “الأستاذ” الذي كتب اسمه في تاريخ الفن بحروف من نور (تقرير)

 

 

يحل اليوم الإثنين، 28 أبريل، ذكرى ميلاد الفنان الكبير نور الشريف (1946 – 2015)، أحد أهم أعمدة السينما والدراما المصرية والعربية، الذي ترك وراءه إرثًا فنيًا يزيد عن 250 عملًا بين أفلام ومسلسلات ومسرحيات.

 


وُلد محمد جابر عبد الله (الاسم الحقيقي لنور الشريف) في حي السيدة زينب بالقاهرة، وعشق الفن منذ صغره، حتى التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، حيث تخرج بتقدير امتياز، ليبدأ مشواره الفني بدور صغير في مسرحية “الشوارع الخلفية”.

 فنان بلا ألقاب.. والإبداع هو العنوان

كان نور الشريف يرى أن الألقاب الفنية ليست سوى بدعة تجارية لا تصنع فنانًا حقيقيًا، ففي لقاء تلفزيوني شهير في التسعينيات، صرّح قائلًا: “الإبداع وحده هو الذي يخلد الفنان، وليس الألقاب المصطنعة”، وكان يضرب المثل بسيدة الغناء العربي أم كلثوم، التي أطلق عليها الجمهور لقب “كوكب الشرق”، بعكس بعض الفنانين الذين يسعون وراء ألقاب تسويقية بلا مضمون حقيقي.

أسرة نور الشريفمحطات سينمائية مضيئة

منذ بدايته السينمائية، استطاع نور الشريف أن يحفر لنفسه مكانة رفيعة بين كبار النجوم، فشارك في أعمال خالدة مثل “الكرنك”، “سواق الأتوبيس”، “أهل القمة”، و”حدوتة مصرية”، وهي أفلام دخلت قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، وتميّز الشريف بجرأته في اختيار موضوعات أعماله، فغاص في قضايا الوطن والمجتمع دون تردد.

 

النجم التلفزيوني الذي أحبته كل البيوت
 

في الدراما التلفزيونية، قدّم نور الشريف شخصيات لا تُنسى، لعل أبرزها شخصية “الحاج عبدالغفور البرعي” في المسلسل الشهير “لن أعيش في جلباب أبي”، والتي أصبحت رمزًا للكفاح وتحقيق الذات، كما أبدع في مسلسلات تاريخية ودينية مثل “عمر بن عبدالعزيز” و”هارون الرشيد”، وأعمال اجتماعية كـ”الرجل الآخر” و”العطار والسبع بنات”.

 


منتج مثقف ومغامر بالفن الهادف

لم يكتفِ نور الشريف بالتمثيل فقط، بل أسس مع زوجته الفنانة بوسي شركة إنتاج قدم من خلالها أعمالًا ذات طابع جريء ومختلف، أبرزها فيلم “ناجي العلي”، الذي تناول السيرة الذاتية للرسام الفلسطيني، وكاد الفيلم أن يُكلّفه اعتزاله الفن بسبب الهجوم الإعلامي الذي تعرض له.

 


ثقافة واسعة و”أستاذ الكتب”


عُرف نور الشريف بثقافته الموسوعية، وكان قارئًا نهمًا في الأدب والفلسفة والسياسة، ما جعله محل تقدير زملائه الذين لقبوه بـ”أستاذ الكتب”، هذه الثقافة الواسعة انعكست على اختياراته الفنية العميقة، التي كانت دائمًا تحمل رسالة وموقفًا.

 


وداع فارس الشاشة


في 11 أغسطس 2015، رحل نور الشريف عن عمر ناهز 69 عامًا بعد صراع مع المرض، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا غنيًا يُدرس في معاهد وكليات الفنون، وكان آخر ظهور سينمائي له من خلال فيلم “بتوقيت القاهرة” عام 2015، الذي لاقى إشادة نقدية واسعة، وأكد أن الفنان الحقيقي يظل قادرًا على الإبداع حتى آخر لحظة في حياته.

مقالات مشابهة

  • حملات سورية تدعو للحكمة بعد التسجيل صوتي مسيء للنبي محمد
  • هل ثبت عن النبي الدعاء بعد التشهد الأخير في الصلاة؟.. الإفتاء توضح
  • تسجيل صوتي مسيء لمقام النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) يُفجّر اشتباكات مسلحة بـ”جرمانا” السورية
  • في ذكرى ميلاده.. نور الشريف “الأستاذ” الذي كتب اسمه في تاريخ الفن بحروف من نور (تقرير)
  • خالد الجندي يشكر الرئيس السيسي: دعا لعودة المساجد لما كانت عليه في زمن النبي
  • لا تتعجل.. 3 بشائر أخبر عنها النبي في حالة عدم إجابة الدعاء
  • وصايا الرسول قبل موته.. أمور مهمة أوصى بها النبي فاغتنمها
  • حكم الصلاة على النبي لطلب الشفاء من الأمراض.. الإفتاء توضح
  • علي جمعة: تعدد أسماء النبي في القرآن دليل على عظمة مكانته
  • هل يجوز إضافة لفظ سيدنا عند ترديد الصلاة على النبي؟.. الإفتاء تجيب