لجريدة عمان:
2025-07-11@03:46:03 GMT

نوافذ: المترجِم ودوره المهم

تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT

في عبارة ذكية توحي بأهمية دور المترجِم الذي يتعدى مجرد نقل فكرة أو نصّ من لغة إلى أخرى إلى ما هو أبعد من ذلك؛ يقول الروائي الإسباني الراحل خافيير مارياس: «المترجم كاتب يملك امتيازًا يمنحُه فرصة إعادة كتابة رائعة فنيّة بلغته». إن دور المترجم هنا ليس تاليًا لدور المؤلف، وإنما يقف معه في المكانة نفسها نِدًّا لنِدّ، إنه يكتب حياة جديدة لنصّ المؤلف في لغة أخرى.

وفي تاريخ الأدب رأينا غير مرة كيف أن المؤلِّف وكتابه يكونان مغمورَيْن ومُهمَلَيْن مئات السنين حتى في لغتهما الأم، إلى أن يأتي مترجِم فّذ فينفض عنهما الغبار في لغة أخرى، ينطلق بعدها الكتاب المُترجَم إلى آفاق جديدة، وينتشر في كل لغات العالَم بما فيها لغته الأصلية. حدث هذا لكتاب «ألف ليلة وليلة» الذي ترجمه أنطوان جالان إلى الفرنسية فانطلق منها إلى العالم، بل وعاد إلى لغته الأم بقوة. وحدث لـ«رباعيات الخيام» التي ترجمها إدوارد فيتزجرالد فلقيت شهرة واسعة، وقيل - كما ينقل عبدالسلام بنعبدالعالي في كتابه «انتعاشة اللغة» - إن فيتزجيرالد «أعطى عمر الخيام مكانًا خالدًا بين شعراء الإنجليزية العِظام» رغم أن شعره الأصلي مكتوب بالفارسية! الأمر ذاته ينطبق على ترجمة الفرنسي شارل بودلير لأشعار الأمريكي إدجر ألن بو التي تفوقت على الأصل حتى قيل من باب الطرافة إن لـ«ألن بو» ديوانَ شعرٍ عاديًّا عندما تقرأه باللغة الإنجليزية، ومذهلًا إذا ما قرأتَه بالفرنسية! وهو ما يذكّرنا بمقولة الشاعر اللبناني بسام حجّار (والمترجِم كما لا ينبغي أن ننسى) عن أن «ما يسعى إليه القارئ إذا كان قارئّ شِعرٍ شغفًا هو شعرُ الترجمة لا ترجمة الشعر».

للمترجم إذن دور كبير في تطوّر الحضارة الإنسانية، ومع ذلك فإنه ليس كل القراء يدركون أهمية هذا الدور، إذْ يذهب المديح في كثير من الأحيان إلى المؤلف الأصلي، ولا أحد ينتبه للمترجِم. ظلّ المتلقي - كما يخبرنا عيساني بلقاسم في كتابه «الفكر الترجمي» - يظن طويلًا «أن المترجِم يفكّر له الآخرون وهو ينقل تفكيرهم، وما علِمَ أنه نقل فكرهم بفكره، وأحضر وجودهم بحوله، ولولاه ما كانوا، وما كانت ما أنتجتْه قرائحهم»، ويُضيف أن «الترجمة لها قوة الاستجلاب، حين تُحيي عملًا له آلاف السنين، فكأنه كُتِب البارحة، فهي حياة المعرفة، مهما تباعدت بها الأصقاع وغارت في التاريخ، ذلك أن الترجمة تحرر الفئة التي تقرأ من ضيق الأفق، وتتيح لها حرية معتقد وطريقة حياة تمتح من عوالم تمتهن البطولة والصراعات وتقرير المصير، ليعلم ناس الحاضر كيف عاش وفكّر أناس الماضي، نافذة اطلاع لا ترقى الذات إلا بها».

وإذ نستذكر - بمناسبة احتفال العالم باليوم العالمي للترجمة الذي يوافق الثلاثين من سبتمبر من كل عام - هذا الدور المهم للمترجِم فإنه يحدونا الأمل أن نرى في سلطنة عُمان ذات يوم مركزًا وطنيًّا كبيرًا للترجمة، يجمع شتات المترجِمين، ويعمل على تدريبهم وتنظيم عملهم، ويضطلع بنشر الكثير مما كتب عن عُمان في لغات العالم، علاوة على دوره في نقل ثقافات وآداب العالم إلينا.

سليمان المعمري كاتب وروائي عماني

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

مختصون يكشفون عن 4 خطوات تُمكنك من فتح صفحة جديدة بعد تجربة صعبة

أميرة خالد

كشف مختصون عن أربعة خطوات تساعد الأشخاص في فتح صفحة جديدة بعد تجربة صعبة سواء كان انفصال عن شريك الحياة، أو الخلافات العائلية، أو ترك العمل، وغيره من المواقف الصعبة.

‎ووفقًا لما نشره موقع BetterUp هناك أربع خطوات عملية تساعدك على تجاوز العقبات وإعادة ترتيب حياتك:

‎التركيز على نوعية الأفكار
‎للتعامل مع الخسارة أيا كان نوعها ووقف عواقبها المظلمة، من المهم البدء بوقف الأفكار السلبية، والاعتماد على الأفكار الملهمة من خلال متابعة للتجارب ونماذج سابقة تعلمت من الخسارة وكانت دافعا كبيرا لهم، والسماح بقبول مشاعر الحزن والغضب ولكن دون استمرارهم لكثير من الوقت.
‎تحديد نوعية الصفات المكتسبة

‎تؤدي طبيعة التجارب الصعبة إلى اكتساب أصحابها لصفات جديدة وفقد أخرى، ومن المهم التمسك بالصفات الإيجابية التي تزيد من المرونة والتعامل بقوة، والتعلم من الأخطاء.

‎تحديد أهداف جديدة
‎من أجل التعافي من الخسارة من المهم العناية بتحديد أهداف جديدة وطموحة قابلة للتحقيق، مع اتباع الروتين الصحي من عادات تناول الطعام المتوازن والنوم الكافي، والاهتمام بالصحة النفسية، والالتزام بهذه الأهداف للحماية من الاستسلام والانخراط في الأفكار السلبية.

‎الاهتمام بالتواجد في بيئة إيجابية
‎تعمل البيئة والمحيطين على زيادة الاستسلام للمشكلات والانخراط في الأفكار السلبية، أو العكس بالاتجاه إلى التعامل معها والتغلب على آثارها، والإحاطة بداعمين من الأصدقاء والعائلة يساعد على اكتساب  طاقة وتشجيع يدفع للتقدم.

 

مقالات مشابهة

  • الخوذة التي تقرأ المستقبل.. الإمارات تُطلق أول جهاز توليدي بالذكاء الاصطناعي
  • دعاء لمن بلغ سن الـ40 ورد فى سورة الأحقاف.. من المهم ترديده
  • هيئة الكتاب تصدر «الإدارة الاستراتيجية لمنظمات الأعمال المعاصرة»
  • “على حِسب الريح”.. خليل المصري يوثّق سيرة فردية تتقاطع مع تحولات وطن
  • ترمب: لا يهم إن كان الاجتماع سريًا.. المهم النتائج
  • مختصون يكشفون عن 4 خطوات تُمكنك من فتح صفحة جديدة بعد تجربة صعبة
  • الداخلية تكشف ملابسات جلوس أطفال على نوافذ سيارة حال سيرها بالجيزة| فيديو
  • الداخلية تكشف ملابسات فيديو خروج أطفال من نوافذ سيارة بالجيزة
  • مبروكة: أنا حريصة على تطوير المشهد الثقافي في ليبيا
  • رداً على السوداني.. واشنطن لشفق نيوز: العراق مسؤول عن أمنه ودوره مهم في المنطقة