لجريدة عمان:
2025-03-05@01:45:51 GMT

السباق العسكري في عصر الذكاء الاصطناعي

تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT

يتبادر إلى أذهاننا المفهوم السائد أن العلم يقود البشرية إلى الازدهار، ويسهم في تطوير حضارتها، ويجعل البعض هذا المفهوم مسلّمة لا تزرع الشك بوجود أي جانب مظلم للطفرات العلمية غير المحكومة بقواعد الأخلاق؛ كون التطور العلمي يسهم في حل مشكلات كثيرة في حياتنا، ويمنحنا الأمل في حل ما صَعُبَ حله في ماضينا، إلا أن هذا المفهوم لم يعد مقبولا عند البعض بشكل مطلق؛ إذ يرى البعض أن العلم بطفراته المتنامية والسريعة -في بعض حالاته- يتحرك بتهور دون قيود وقواعد أخلاقية واضحة؛ فنجد العلم يتحرك وفق مصالح تجارية وسياسية تتجاوز في كثير من حالاتها المعايير الأخلاقية لصالح الأرباح المالية والهيمنة السياسية؛ فتحدّ من استقلالية العلم والعلماء وصرامة النظام الأخلاقي في المنهج العلمي؛ فبمجرد أن يفقد العلماء سلطتهم الأخلاقية فإنَّهم لا يملكون قرارتهم العلمية الأخلاقية التي يمكن لها أن توجّه العلم لمشروعاته الصميمة التي ترعى مصلحة الإنسان وقيمه؛ فيفقد العلم مفهومه السائد، ويكون أداة دمار شاملة كما سنرى في هذا المقال الذي سيتناول استعمالات الذكاء الاصطناعي في القطاعات العسكرية بشتّى أنواعها، وآثاره السلبية التي ينبغي الالتفات إليها وإدراك مخاطرها الوجودية قبل فوات الأوان.

سبق التطرق إلى بعض مخاطر الذكاء الاصطناعي -في مقال نشرته الأسبوع المنصرم- التي أصبحت واقعًا مقلقًا، وهذا النوع من المخاطر الذي تناولته الأسبوع الماضي كان فيما يخص تهديدات الأنظمة الذكية للخصوصية الفردية والأسس الأخلاقية للمجتمعات بعد انتشار تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تعمل على تزييف المقاطع المرئية والصوتية، ونتائجها السلبية على الأفراد والمجتمعات، وما يمكن أن تسببه من آثار نفسية ومجتمعية سلبية، أما المخاطر الحالية والمتصاعدة بسبب وجود نماذج الذكاء الاصطناعي في القطاع العسكري وتوابعه؛ فهي تهديدات تتجاوز العامل النفسي والاضطراب السياسي والمجتمعي؛ لتمتد في تهديد حياة الإنسان ووجوده، ويمكن تقسيم هذه المخاطر إلى 3 مجموعات؛ فهناك تهديدات تتمثل في تطوير أسلحة حربية مباشرة -مثل الأسلحة النووية والصورايخ والدبابات والطائرات بأنواعها- تعمل بواسطة الذكاء الاصطناعي، وتهديدات تتعلق بتمكين الذكاء الاصطناعي في صناعة أسلحة بيولوجية -تُستعمل سلاحا في حالة الحرب المباشرة أو غير المباشرة- فتّاكة، وتهديدات تتعلق بالأمن السيبراني وأمن المعلومات، وما يترتب عليه من تأثيرات اقتصادية وسياسية.

بدأت مؤخرا تخرج للعلن العديد من المشروعات العسكرية التي تتبنى صناعة أسلحة حربية تعمل وفق خوارزميات الذكاء الاصطناعي -وما خفي أكثر مما أعلن عنه-، ودخل بعض هذه الأسلحة حيّز التطبيق العملي رغم أن وجود أنظمة الذكاء الاصطناعي في الأسلحة ليس حدثًا جديدا يتزامن مع صعود الذكاء الاصطناعي وانتشاره، بل سبق للولايات المتحدة الأميركية تطوير صواريخ حربية موجهة بواسطة الذكاء الاصطناعي، واستعملتها في هجومها على العراق فترة حرب الخليج الثانية -عملية عاصفة الصحراء- في بداية تسعينات القرن العشرين كما ذكر «ستيوارت راسِل» في كتابه «ذكاء اصطناعي متوافق مع البشر»؛ فحينها -مع بدء استعمال الذكاء الاصطناعي داخل المؤسسات العسكرية- لم تكن تطبيقات الذكاء الاصطناعي محصورة داخل مراكز الأبحاث سواء السرية أو العلنية، بل كانت المؤسسات العسكرية والأمنية -في الدول الكبرى- تسعى للبحث عن سبل التطبيق لهذه الأنظمة في مجالاتها العسكرية. نأتي إلى حاضرنا -الذي لم يعد من السهل إخفاء كل التطويرات العسكرية في ظل عالم تتسارع فيه وتيرة انتقال المعلومة- الذي يشهد تطويرات عسكرية مخيفة تعمل بواسطة الذكاء الاصطناعي مثل الطائرات بدون طيّار «الدرون» التي يمكن لبعضها أن يحلّق لمسافات وساعات طويلة، ويحمل صواريخ، ويشنّ هجوما على أهداف أرضية، وتعمل خوارزمية الذكاء الاصطناعي على توجيه الطائرة وتحديد الأهداف المطلوبة عبر تقنيات تحليل الصور أثناء المسح الجوي المباشر أو عبر البيانات التي يتلقاها من الأقمار الصناعية، وكذلك عبر القدرة العالية في تمييز الأهداف وانتقائها وفق معايير محددة مسبقا أثناء مرحلة التدرب على البيانات. تأتي كذلك الصورايخ الموجّهة -وأخطرها القادرة على حمل الروؤس النووية- بواسطة الذكاء الاصطناعي الأكثر تطورا من النسخ السابقة التي استعملت في نهايات القرن الماضي. أُعلنَ كذلك قبل فترة عن اقتراب تدشين دبابات ذاتية القيادة والهجوم تعمل عبر الذكاء الاصطناعي، وجنود آليين يعتمدون على أنظمة الذكاء الاصطناعي، ويعملون محاربين بديلا عن الجنود البشر؛ لتقليل الخسائر البشرية للجيوش التقليدية (البشرية) التي تتكبدها المؤسسات العسكرية، وكذلك وجود نوع آخر من الجنود الذي يُمثّل التوأمة بين الإنسان والذكاء الاصطناعي؛ حيث يكون الجندي -البشر- مزودا بأنظمة ذكية لمضاعفة قدراته في التحليل والمناورة العسكرية يشمل التحفيز الذهني والنفسي عبر ربط الدماغ بأنظمة ذكية توفر له هذه القدرات، وسبق الحديث في مقال سابق عن مشروع توأمة الإنسان والذكاء الاصطناعي. يشكّل هذا النوع من الأسلحة مخاطر تتجاوز حدود عملها العسكري؛ إذ من الممكن أن تتطور خوارزمياتها لتتجاوز المعايير الأخلاقية؛ فتكون الأهداف المدنية بجانب الأهداف العسكرية أهدافا أيضا لهذه الأسلحة الذكية التي تعمل على الإبادة البشرية -خصوصا الأنواع الفتّاكة مثل الأسلحة النووية- دون أيّ هوادة وخيارات بشرية تصل بأيّ مبادئ أخلاقية.

لا تقتصر الوسائل العسكرية والأسلحة في جانبها الآلي والناري بل تشمل الأسلحة البيولوجية التي استعملت من قبل بعض الجيوش والدول في حروب سابقة، وبوجود الذكاء الاصطناعي وقدراته الفائقة بوجود أنظمة حاسوبية ورقمية متقدمة مثل الحوسبة الكمومية التي تضاعف من قدرات الذكاء الاصطناعي التحليلية فإن القدرة والسرعة على ابتكار أسلحة بيولوجية خطيرة ستكون عالية مثل استحداث أوبئة فتّاكة سريعة الانتشار. ومن الوسائل العسكرية الأخرى التي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعمل فيها أنظمة الأمن السيبراني التي يمكن أن تعمل وفق استراتيجية الهجوم والدفاع معا؛ فيستطيع الذكاء الاصطناعي شنّ هجوم سيبراني على أنظمة حاسوبية ورقمية مهمة -حتى مع وجود أنظمة تشفير قوية-؛ مما يؤدي إلى تعطيل أنظمة عسكرية حساسة، وأنظمة مالية وبنكية تشلّ اقتصاد الدول ونظامها المالي، وفي المقابل يمكن استعمال الذكاء الاصطناعي في توفير الحماية السيبرانية العالية عبر أنظمة البحث المستمرة عن أي ثغرات مخفية، ورفع كفاءات التشفير وتحديثه المستمر. يحمل المستقبل بشأن الصناعات العسكرية مفاجآته المخيفة بتضاعف شراسة الأسلحة، ومع بلوغ الذكاء الاصطناعي مرحلته العامة «الخارقة»، وتوفّر الأنظمة الحاسوبية الحاضنة مثل الحوسبة الكوانتمية؛ فإن هذه الطفرات الرقمية إن لم تجد لها حوكمة صارمة؛ ستقود البشرية إلى دمار غير معهود، وهذا ما حذّر منه علماء وخبراء في مجال الذكاء الاصطناعي والأمين العام للأمم المتحدة قبل عدة أشهر.

د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: بواسطة الذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی فی التی یمکن

إقرأ أيضاً:

سامسونج تطلق Galaxy A56 مع دعم ميزات الذكاء الاصطناعي

طرحت شركة سامسونج، هاتفها الجديد Galaxy A56 الذي يأتي مع دعم الشحن السلكي بقدرة 45 وات، بعد أربع سنوات من اعتماد الشركة لهذه السرعة لأول مرة، تشمل الميزات الجديدة أيضا دعم ميزات الذكاء الاصطناعي، ومعالج قوي وشاشة أكبر بقياس مع حواف أصغر من جميع الجهات.

وبحسب ما ذكره موقع “gsmarena” التقني، يعد Galaxy A56 أول هاتف يحمل معالج ميدياتك Exynos 1580، وهو يعد ترقية كبيرة مقارنة بسابقه، مما يمنح الهاتف أداء كبير مقارنة بـ A55. 

إطلاق Galaxy M16 و Galaxy M06.. أرخص هواتف سامسونجببطارية عملاقة وأداء خارق.. سامسونج تغزو الأسواق بسلسلة هواتف جديدة

ويحتوي المعالج على وحدة معالجة مركزية CPU بسرعة 2.9 جيجاهرتز، وحدة معالجة رسومات GPU قائمة على AMD، ووحدة معالجة الشبكات العصبية NPU بسرعة 14.7 TOPS، مما يعني أن الأداء سيكون أعلى بنسبة 37% مقارنة بالعام الماضي، يحتوي الهاتف على 8 جيجابايت من ذاكرة الوصول العشوائي رامم.

تم تحسين الشاشة أيضا، حيث أصبحت شاشة HBM أكثر سطوعا، مع 1200 شمعة في السطوع العادي و1900 شمعة في السطوع الأقصى، كما تحافظ الشاشة على دقة Full HD+ وحماية Gorilla Glass Victus+. 

فيما يخص المتانة، فإن Galaxy A56 يحتوي أيضا على Victus+ في الجهة الخلفية مع إطار من الألمنيوم، كما أن الهاتف أصبح أنحف من سابقه بملف بسمك 7.4 مم ويتميز بجزيرة كاميرا معاد تصميمها.

Galaxy A56

يحتوي هاتف Galaxy A56، على كاميرا خلفية رئيسية 50 ميجابكسل، مصحوبة بكاميرا بدقة 12 ميجابكسل بزاوية واسعة، وعدسة بدقة 5 ميجابكسل ماكرو، بالإضافة إلى كاميرا أمامية بدقة 12 ميجابكسل لالتقاط صور السيلفي، يدعم نظام الكامير بعض ميزات الذكاء الاصطناعي.

يشمل الهاتف أيضا تحسينات في التصوير مثل تعزيز الصور السياقي، وتحسين الصور والفيديوهات في الإضاءة المنخفضة باستخدام وضع الحد من الضوضاء، وزيادة سرعة التصوير المستمر، تم تحسين التبديل بين الكاميرا الرئيسية والكاميرا الواسعة الزاوية ليصبح أسرع بمرتين.

وعدت سامسونج بتقديم 6 سنوات من التحديثات الأمنية و6 تحديثات لنظام التشغيل، مما يعد المستخدمين بعمر أطول للهاتف، سيتم إطلاق الهاتف بنظام Android 15 وواجهة One UI 7.0، التي تأتي مع تصميم جديد للواجهة وخيارات تخصيص أكثر.

يأتي الهاتف أيضا مع ميزة Circle to Search، التي تتيح للمستخدمين البحث عن أي شيء على شاشتهم من خلال حركة واحدة فورية.

وتعج هذه هي المرة الأولى التي يحصل فيها هاتف من سلسلة Galaxy A على دعم الشحن السريع بقدرة 45 وات، وهي ميزة كانت مقتصرة سابقا على هواتف Galaxy S الرائدة. 

تسمى سامسونج هذه الميزة Super Fast Charge 2.0، ومن المفترض أن يشحن الهاتف 65% من بطاريته التي تبلغ 5000 مللي أمبير في 30 دقيقة، بينما سيستغرق الشحن من 0 إلى 100% حوالي 68 دقيقة.

Galaxy A56


يتوفر Samsung Galaxy A56 بأربعة ألوان  هي: الرمادي الغامق، الرمادي الفاتح، الزيتوني، والوردي، مقابل سعر يبدأ من 479 دولار للإصدار بسعة 128 جيجابايت.

مقالات مشابهة

  • هل تستطيع أوروبا تعويض كييف عن المعدات العسكرية التي أوقفتها واشنطن؟.. خبراء يجيبون
  • هل تستطيع أوروبا تعويض كييف المعدات العسكرية التي أوقفتها واشنطن.. خبراء يجيبون
  • الخبرات النادرة والمعادلة الجديدة في الذكاء الاصطناعي
  • عندما يلتقي الذكاء الاصطناعي والعاطفي
  • الخوارزمية الأولى: أساطير الذكاء الاصطناعي
  • الدماغ البشري يتفوّق على الذكاء الاصطناعي في حالات عدّة
  • حَوكمة الذكاء الاصطناعي: بين الابتكار والمسؤولية
  • الجزائر في طليعة تبني الذكاء الاصطناعي في إفريقيا
  • سامسونج تطلق Galaxy A56 مع دعم ميزات الذكاء الاصطناعي
  • عضو بالبرلمان الأوكراني: 30% من الأسلحة التي تستخدمها أوكرانيا يتم إنتاجها محليًا