بينما فرّ نحو 100 ألف من السكان الأرمن من إقليم ناغورني قره باغ في أعقاب العملية العسكرية التي شنتها أذربيجان وانتهت باستسلام الانفصاليين، يلقي الكثير منهم اللوم على روسيا التي أخفقت في الحفاظ على السلام في المنطقة.

وبحلول وقت متأخر من الجمعة، وصل أكثر من 93 ألف أرمني من قره باغ إلى أرمينيا، أي أكثر من 77 بالمائة من سكان المنطقة، وفق صحيفة "واشنطن بوست".

وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي عبر منشور على منصة إكس، تويتر سابقا "الكثير جياع ومتعبون وفي حاجة إلى المساعدة الفورية".

Over 100,000 refugees have now arrived in Armenia from Karabakh.

Many are hungry, exhausted and need immediate assistance.

UNHCR and other humanitarian partners are stepping up their support to the Armenian authorities, but international help is very urgently required.

— Filippo Grandi (@FilippoGrandi) September 29, 2023

في غضون ذلك، تنفي موسكو مسؤوليتها عن الوضع وسط انتقادات متزايدة طالتها.

وأصر المتحدث باسم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ديمتري بيسكوف على أنه لا يمكن لوم روسيا.

مقابل ذلك، يعزو العديد من المحللين الفشل الروسي إلى انشغال الكرملين بحربه في أوكرانيا.

وأدى تركيز موسكو على أوكرانيا إلى تقويض سلطتها ونفوذها في جميع أنحاء جوارها الجيوسياسي، بما في ذلك منطقة القوقاز وآسيا الوسطى.

وتضاءل نفوذ موسكو أيضا عندما برزت تركيا، الداعم العسكري القوي لأذربيجان، باعتبارها وسيط القوة الإقليمي المنتصر في حرب 2020 التي استخدمتها باكو لاستعادة معظم أراضي قره باغ وغيرها من الأراضي الأذربيجانية التي استولت عليها أرمينيا في الحرب الأولى، في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات.

"خيانة" 

محللون آخرون يرون دوافع أكثر قتامة للوضع الحالي، أبرزها "خيانة" موسكو لأرمينيا، وهي التي قدمت لها منذ فترة طويلة ضمانات أمنية، لاستيعاب أذربيجان وتركيا. 

ويعتقد البعض أن بوتين كان يسعى إلى معاقبة رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان بسبب بحثه عن شركاء غربيين جدد، حيث تسعى يريفان إلى تقليل اعتمادها المستمر منذ عقود على روسيا.

وعندما فازت أرمينيا بالسيطرة على ناغورني قره باغ في أوائل التسعينيات، اضطر مئات الآلاف من الأذربيجانيين إلى الفرار. وتلا ذلك عقود من الحرب.

لكن في عام 2020، هاجمت أذربيجان، المدججة بأسلحة متقدمة من إسرائيل وتركيا، والتي تم شراؤها باستخدام ثروات النفط والغاز، جارتها الصغيرة ، وهزمتها.

وسمحت الهدنة التي توسطت فيها موسكو، للروس، بنشر قوات حفظ السلام وحرس الحدود والحفاظ على "مظهر دور الوسيط القوي الإقليمي".

لكنها تركت مصير جمهورية ناغورني قره باغ الانفصالية وعاصمتها ستيباناكيرت وسكانها الأرمن غير مؤكد.

ويحاول بوتين منذ أكثر من عقد إعادة إمبراطورية روسيا المفقودة والسيطرة على جيرانه من الجمهوريات السوفييتية السابقة.

"وعلى هذا فإن الفشل في حماية أرمينيا، حليفة روسيا منذ فترة طويلة، كان بمثابة تحول مذهل ضد مساعيه"، وفق الصحيفة.
 
وبالنسبة للدول الصغيرة الأخرى الواقعة على حدود روسيا، كانت الرسالة واضحة: من يستطيع أن يثق في روسيا بعد الآن؟

يقول لورانس برويرز، الخبير في شؤون القوقاز في معهد "تشاتام هاوس"، ومقره لندن "أعتقد أنها تتراجع" في إشارة إلى موسكو.

وأضاف أن روسيا ابتعدت بهدوء عن أرمينيا وتوجهت نحو العلاقة الإقليمية القوية بين تركيا وأذربيجان، بسبب أهمية أنقرة في حربها هي ضد كييف وفي طرق الطاقة والنقل الإقليمية في جنوب القوقاز.

من جانبها، قالت أوليسيا فارتانيان، المحللة في مجموعة الأزمات الدولية، إن دراسة لمهمة حفظ السلام الروسية أظهرت أنها أصبحت أقل فعالية بعد غزو أوكرانيا، حيث انسحبت أذربيجان من التعاون.

وقالت فارتانيان إن قوات حفظ السلام الروسية قامت بدوريات في المناطق المتوترة، لكن "بغض النظر عن عدد المرات التي سافروا فيها، وعدد المرات التي قاموا فيها بدوريات في المناطق، لم يكن لذلك أي تأثير".

ويخشى أنصار باشينيان من أن تستخدم موسكو المعارضة المؤيدة للكرملين في أرمينيا لتنظيم احتجاجات في محاولة للإطاحة به، وجر يريفان مرة أخرى إلى حظيرة موسكو.

ومع النزوح من ناغورني قره باغ، لن يكون لقوات حفظ السلام الروسية أي مهمة قريبا. 

"مع ذلك، فإن الثقة المكسورة يمكن أن يتردد صداها لسنوات" تؤكد واشنطن بوست.

"لقد كذب علينا الروس"

مستخدما كلمات بذيئة باللغة الأرمينية، شتم مواطن يدعى يوريك إيساخانيان (70 عاما) الروس والأتراك على حد سواء.

وقال في حديث للصحيفة "لقد كذب علينا الروس وخدعونا.. أخبرونا أن قوات حفظ السلام ستكون هناك وأنه لن تكون هناك حرب أخرى، ثم، ليلا، بدأوا القصف بالمدفعية والصواريخ والطائرات المسيرة"، في إشارة إلى القوات الأذربيجانية.

ومثل إيساخانيان ألقى أرتور بابايان (26 عاما)، باللوم على القادة الروس، وقال"إما أنهم فشلوا في إعطاء الأوامر الصحيحة أو أنهم لم يرغبوا في القيام بذلك". 

سقوط ناغورني قره باغ.. انهيار "الحلم الجميل" للأرمن المشتتين حول العالم  أصاب السقوط السريع لجيب ناغورنو قره باغ في أيدي القوات الآذرية، والنزوح الجماعي لغالبية سكانه، الجالية الأرمينية الكبيرة في أنحاء العالم، بالذهول والصدمة بعد أن كان يمثل أحد "أحلامهم الوردية".

مضيفا "لا يمكن لأي حكومة في جميع أنحاء العالم أن توفر لنا أي أمان.. لا توجد دولة في العالم مستعدة لاتخاذ خطوات فعلية ضد تركيا وأذربيجان".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: ناغورنی قره باغ حفظ السلام

إقرأ أيضاً:

في ظل تزايد العنف في هاييتي.. روسيا والصين تعارضان تحويل جنود كينيا وغيرها إلى قوة أممية لحفظ السلام

هي الآن قوة متعددة الجنسيات تقودها كينيا في هايتي.. وتريدي الولايات المتحدة تحويلها إلى مهمة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة.. ولكن روسيا والصين تقفان حجر عثرة أمام تلبية الرغبة الأمريكية.

اعلان

يتصاعد فيه العنف في هايتي، نتيجة لهجمات العصابات المتزايدة، والتي بلغت ذروتها بإطلاق النار على أربع طائرات في العاصمة بورت-أو-برنس، ومهاجمة حي بيتو فيل الراقي.

في تطور جديد يعكس الاختلاف العالمي حول بعض الشؤون الدولية: أعلنت روسيا والصين رفضهما التام للحملة التي تقودها الولايات المتحدة بهدف تحويل القوة العاملة في هايتي من صفة "متعددة الأطراف" إلى عملية حفظ سلام تحت رعاية الأمم المتحدة، كوسيلة لتأمين التمويل المنتظم للقوة متعددة الجنسيات المدعومة من الأمم المتحدة. حيث تواجه القوة مشكلة تمويلية حادة، إذ أن الصندوق الذي يمولها يعتمد على التبرعات الطوعية. وقد تم تحديد مبلغ 96.8 مليون دولار لتمويل القوة، لكن الصندوق لم يتلقَّ سوى 85.3 مليون دولار حتى الأسبوع الماضي.

مقيم يحمل إطارات لإضافتها إلى حاجز ناري لصد العصابات في العاصمةOdelyn Joseph

وفي جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي يوم الأربعاء، دافع ممثلا روسيا والصين عن موقفهما، مؤكدين أن الظروف في هايتي لا تسمح بنشر قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة. وقال نائب السفير الصيني لدى الأمم المتحدة، غينغ شوانغ، إنه لا يوجد "سلام" في هايتي في الوقت الراهن، مشددًا على أن نشر قوة لحفظ السلام الآن سيضع القوات في مواجهة مباشرة مع العصابات، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني.

من جانبها، أكدت ممثلة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، دوروثي شيا، أن الوقت قد حان لمجلس الأمن لاتخاذ الخطوات الأولية لتحويل القوة إلى مهمة حفظ سلام دولية، مشيرة إلى أن هذا التحول سيسهم في تسهيل عمليات القوة ويضمن استدامة التمويل من خلال الهياكل اللوجستية والمالية للأمم المتحدة.

Relatedبعد تجدد العنف في هايتي.. مقتل ما لا يقل عن 10 أشخاصأعمال عنف تضرب عاصمة هايتي بورت أو برنس مع تعيين رئيس وزراء مؤقترضع ونساء بين الضحايا.. ارتفاع حصيلة أكبر "مذبحة" في تاريخ هايتي

في هذا السياق، أعربت رئيسة الأمن الوطني الكيني، مونيكا جُوما، عن دعم بلادها لطلب حكومة هايتي المتمثل في تحويل القوة إلى مهمة لحفظ السلام، وأكدت على ضرورة زيادة عمليات نشر القوات وتوفير المعدات والدعم اللوجستي في أقرب وقت ممكن.

وفي خضم هذا الجدل الدولي حول مستقبل التدخل العسكري في هايتي، أشار الدكتور بيل بابي، الذي يعمل في مجال مكافحة الأمراض في تلك الدولة: إلى أن الشرطة الهايتية والقوة المتعددة الجنسيات تواجهان صعوبات كبيرة في مكافحة العصابات المسلحة بسبب قلة العدد والعتاد. وحث أعضاء المجلس على ضرورة اتخاذ خطوة جادة لاستعادة الأمن في البلاد، مشيرًا إلى أن هايتي بحاجة ماسة للمساعدة الدولية.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية هجوم جديد للعصابات في هايتي يسفر عن مقتل 28 مشتبهاً بهم تصاعد عنف العصابات في هايتي يجبر السكان على النزوح الجماعي من سولينو أعمال عنف تضرب عاصمة هايتي بورت أو برنس مع تعيين رئيس وزراء مؤقت حفظ السلامهايتيروسياالأمم المتحدةكينيااعلاناخترنا لك يعرض الآن Next زلزال سياسي: المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال في حق نتنياهو وغالانت يعرض الآن Next مباشر. قصف إسرائيلي في شمال غزة يسفر عن عشرات القتلى بينهم نساء وأطفال وتصاعد الاشتباكات على جبهة لبنان يعرض الآن Next روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ بداية الحرب يعرض الآن Next في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 38 شخصا من الطائفة الشيعية في باكستان يعرض الآن Next رشوة بملايين الدولارات.. ماذا تكشف الاتهامات الأمريكية ضد مجموعة أداني؟ اعلانالاكثر قراءة حدث "هام" في منطقة الأناضول.. العثور على قلادة مرسوم عليها صورة النبي سليمان سحابة من الضباب الدخاني السام تغلف نيودلهي: توقف البناء وإغلاق المدارس أسعار زيت الزيتون ستنخفض إلى النصف في الأسواق العالمية اليابان ترفع السن القانوني لممارسة الجنس من 13 إلى 16 عاما حب وجنس في فيلم" لوف" اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومكوب 29روسياالحرب في أوكرانيا قطاع غزةوفاةضحاياإسرائيلقتلالصراع الإسرائيلي الفلسطيني بنيامين نتنياهوفولوديمير زيلينسكيعاصفةالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesJob offers from AmplyAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

مقالات مشابهة

  • 50 بنكا روسيا في مرمى عقوبات أميركية جديدة على موسكو
  • زيلينسكي يعلق على الضربة التي شنتها روسيا بصواريخ "أوريشنيك"
  • بوتين: موسكو لا تستبعد ضرب الدول التي تستخدم أوكرانيا أسلحتها
  • بوتين يحذر الدول التي تزود أوكرانيا بالسلاح ضد روسيا
  • في ظل تزايد العنف في هاييتي.. روسيا والصين تعارضان تحويل جنود كينيا وغيرها إلى قوة أممية لحفظ السلام
  • مسؤول غربي ينفي إطلاق موسكو صاروخا على أوكرانيا.. وعقوبات أمريكية جديدة ضد روسيا
  • عيدروس الزبيدي يستبعد تحقيق سلام في المنطقة بسبب الحوثيين ويلتقي مسئولين من روسيا وأسبانيا
  • مبعوث نتنياهو بين موسكو وواشنطن: هل تتخلّى روسيا عن إيران؟
  • مقارنة بالأرقام والبيانات.. منظمة السلام الأخضر تؤكد: روسيا تتفوق على الناتو فى المجال النووي
  • روسيا تتهم واشنطن بتهديد السلام العالمي واستخدام "الفيتو" لدعم الحرب في غزة