الاتحاد الأفريقي بين كبح الانقلابات والعجز المالي
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
أطلق الاتحاد الأفريقي مشروعات طموحة، منذ انطلاقته الجديدة في 2000، وصولا لـ"أجندة أفريقيا 2063″، وبدأ في وضع الخطط والمبادرات الكفيلة بإنجاح الإستراتيجية، باشرها بمبادرة إسكات البنادق، وإطلاق مشروع المنطقة الأفريقية الحرة، وغيرها من المشروعات الكبيرة.
لكن الرياح جرت بما لا تشتهي سفن الاتحاد الأفريقي، حيث اختلطت الأوراق نتيجة سلسلة من الاضطرابات والانقلابات في الفترة الأخيرة وأدّت إلى خلط الأوراق، التي تسببت في جملة من التداعيات والمتاعب المؤثرة والمعيقة لأداء الاتحاد، كان أبرزها التأثير في الأوضاع المالية.
وفي هذا التقرير تحاول الجزيرة نت الإجابة عن أبرز الأسئلة المتعلقة بتأثير الانقلابات العسكرية والاضطرابات السياسية على تمويل الاتحاد الأفريقي، ومن ثم قدرته على تنفيذه خططه التنموية.
كيف تؤثر الانقلابات وعدم الاستقرار في تعثر موارد الاتحاد المالية؟
درج الاتحاد على معاقبة الدول التي تحدث فيها الانقلابات في أفريقيا، ومن أبرز العقوبات تعليق عضوية الدول، وهو ما يعني حرمانها من المشاركة في نشاطاته وفعالياته، ومن ثم تخلف هذه الدول عن دفع إسهاماتها المالية الراتبة، فضلا عن التكاليف الأخرى التي تتسبب فيها؛ مثل: اللجان التي يكلفها قيادة الاتحاد لحل المشكلة، أو بعثات السلام المكلفة التي قد تكون نتيجة طبيعية إذا تطور الأمر إلى مستوى الاضطرابات الأمنية في دولة ما.
وفي ظل تكرار الانقلابات، فإن عدد الدول المجمدة يصل إلى نسبة تؤثر فعلا في مجمل الأوضاع، منها الموارد المالية للاتحاد واستدامتها.
ما السياسة التي يتبعها الاتحاد الأفريقي إزاء تخلف الدول عن السداد؟تشير تقارير عدة إلى أن تخلف الدول عن السداد يعدّ أكبر المشكلات التي يواجهها الاتحاد، مما يجعله عاجزا عن الوفاء بالتزاماته المختلفة، فعمِد إلى عقوبات متدرجة:
عقوبات تحذيرية: وهي منع الدولة من حق الحديث في اجتماعات الاتحاد. عقوبات متوسطة: إضافة إلى العقوبات التحذيرية، الحرمان من حق التصويت، والحرمان من استضافة قمم الاتحاد ومؤسساته، والحرمان من المشاركة في بعثات السلام ولجان مراقبة الانتخابات التي ينتدبها الاتحاد. عقوبات شاملة: العقوبات المتوسطة مضافا إليها الحرمان من المشاركة في اجتماعات الاتحاد.
هل تعدّ العقوبات رادعة للدول المتخلفة عن السداد؟
عندما تُنفّذ حُزمة العقوبات الثلاث، فإنها بلا شك تؤثر في سلوك الدول المخالفة ومصالحها، فتعمد إلى معالجة وضعها، ففي 2020 منع الاتحاد الأفريقي مسؤولين من دولة جنوب السودان حضور اجتماعات الاتحاد، ما دفع المسؤولين فيها لتخفيض المتأخرات بما يكفي لرفع العقوبات المفروضة عليها. وفي حالة أخرى أعرب وزير الخارجية التونسي عن أسفه لأول عقوبات على الإطلاق تُفرض على بلاده بسبب عدم السداد.
ما طبيعة التحديات التي تواجه الاتحاد في الجوانب المالية؟أصدرت لجنة فنية متخصصة في المالية والشؤون النقدية والتخطيط الاقتصادي -كُلّفت من الاتحاد الأفريقي- تقريرا حول أبرز التحديات التي يواجهها الاتحاد في الجوانب التمويلية بشكل دائم؛ ومن أبرزها:
تقلب مستوى الإيرادات مع عدم القدرة على التنبؤ بها. الاعتماد على الشركاء الخارجيين، إذ تتحدث تقارير عديدة أن الاتحاد يعتمد على 75% من ميزانيته على الدعم الخارجي. الاعتماد على عدد قليل من الدول الأعضاء، لضعف التزام عدد كبير من الدول الأفريقية في سداد التزاماتها. الميزانيات المتنامية بشكل دائم مع قلة الموارد.
ما المساعي المبذولة لتجاوز عقبات التمويل؟
من أبرز المساعي في هذا الصدد، كانت القرارات التي اتخذتها قمة كيغالي عاصمة رواندا في 2016، وبنهاية العام طُبّقت تلك القرارات بدرجات متفاوتة من طرف 25 دولة، تمثل حوالي 45% من أعضاء الاتحاد الأفريقي. ووضع الاتحاد معايير تساعد في تصنيف الدول الأعضاء لتحديد مدى جديتها في تنفيذ القرار:
أن تكون الدولة قد أعربت عن عزمها تنفيذ قرار كيغالي بشأن تمويل الاتحاد الأفريقي. تطبيق ضريبة قدرها 0.02% على السلع الواردة إلى القارة تنفذها الدول منفردة. الاختيار بين سلة خيارات غير ملزمة لمصادر التمويل البديلة تتماشى مع الضرورات الوطنية. فتح حساب في البنوك المركزية باسم الاتحاد الأفريقي لدى البنوك المركزية لكل دولة عضو لتوريد متحصلات الضريبة.
ما طموحات الاتحاد الأفريقي في تحقيق الاستقرار المالي؟
في قمة الاتحاد الأفريقي 2015 المنعقدة في جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا، اتفق القادة على تحقيق أهداف محددة وهي: تحقيق 100% من الميزانية التشغيلية، و75% من الميزانية البرامجية، و25% من ميزانية عمليات دعم السلام اعتمادا على الموارد الذاتية.
وفي 2018 اعتمد الاتحاد الأفريقي ما أطلق عليه "القواعد الذهبية للإدارة المالية"، وهي 9 قواعد، 6 منها أصبحت فاعلة بالكامل، حسب تقرير لجنة فنية متخصصة تتبع الاتحاد الأفريقي؛ ومن أهمها: أن تغطي إسهامات الدول الأعضاء الحد الأدنى من الميزانية، وأن تكون هناك سقوف للإنفاق، كما يجب أن تكون الموازنة ذات مصداقية تضع حدا معينا للإنفاق، وأن تكون تدفقات الموارد والمعاملات موثقة وفعالة من أجل الاستدامة المالية، وتفعيل البرامج المختلفة للاتحاد.
على الرغم من التقدم الذي أحرزه الاتحاد الأفريقي من أجل تحقيق الاستدامة المالية، منذ 2016 وقراراته بشأن تمويل الاتحاد، فإن تقارير عديدة تشير إلى أن إسهامات الدول الأعضاء لا تزال ضئيلة، حيث ما يقرب من 75% من ميزانية الاتحاد تأتي من شركاء خارجيين؛ مثل: الاتحاد الأروربي، وبعض الدول المانحة.
كما تشير تقارير أخرى للاتحاد أنه وخلال العقدين الماضيين، فإن 40% فقط من الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي، ظلت تدفع بالفعل إسهاماتها.
وما بين الاضطرابات السياسية والانقلابات المتكررة، وتداعيات التنافس الدولي، فإن معاناة الاتحاد الأفريقي في حل مشكلة الاستدامة المالية لن يتحقق، إلا إذا غيّر نهجه في التعامل مع التحديات المالية، على عدد من المسارات؛ وهي: حجم الميزانية، ومشكلة الاعتماد على الجهات المانحة، وثقافة الإجماع التي تكبل الاتحاد، حسب خبراء في شأن الاتحاد الأفريقي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الاتحاد الأفریقی الدول الأعضاء أن تکون
إقرأ أيضاً:
عقوبات الاتحاد الأوروبي على عثمان عمليات وكرشوم: كوميديا سياسية في مسرح الأزمات السودانية
*“عقوبات الاتحاد الأوروبي على عثمان عمليات وكرشوم: كوميديا سياسية في مسرح الأزمات السودانية”* بقلم: لنا مهدي هل سمعتم بالملهاة الجديدة التي أطلقها مجلس الاتحاد الأوروبي عندما قرر أن يعاقب أبرياء الدعم السريع ظنًا منه أن العقوبات المضحكة هذه ستُحدث أي تأثير يذكر اللواء عثمان محمد حامد عثمان قائد عمليات الدعم السريع أصبح فجأة المسؤول الأول عن كل ما جرى وكأن الساحة السياسية والعسكرية في السودان تخلو من أي تعقيد أو تشابك في المصالح والولاءات هذا الرجل الذي يُفترض أنه قائد عمليات ميدانية صار بين ليلة وضحاها عراب كل انتهاكات حقوق الإنسان التي يمكنكم تخيلها وكأن هناك فوضى حقوقية تحصل بضغطة زر من مكتبه السحري ثم جاء الدور على التجاني كرشوم رئيس الإدارة المدنية بولاية غرب دارفور الرجل الذي يقال إنه جنّد المليشيات وكأنه فتح مكتب توظيف علني للانتهاكات وماذا كان عقاب الاتحاد الأوروبي يا ترى تجميد الأصول وكأن هؤلاء يعيشون على حسابات مصرفية في بنوك باريس أو فيينا حظر الأموال والأصول يبدو وكأنه عقاب على شاكلة من يحظر الهواء على سكان القمر ثم تأتي القنبلة الكبرى وهي حظر السفر إلى الاتحاد الأوروبي وكأن هذه الشخصيات كانت تخطط لقضاء عطلات نهاية الأسبوع في الريفيرا الفرنسية أو التسوق في ميلانو تذكّرنا هذه العقوبات بالمسرحيات الساخرة التي تُكتب للضحك فقط لكنها للأسف تفتقر إلى أي حبكة درامية فاعلة أو حتى خيال مبتكر العقوبات صارت أداة كوميدية جديدة يُضاف إليها شعور الأوروبيين بأنهم يلعبون دورًا بطوليًا وهم في الحقيقة يضحكون علينا وعلينا فقط. و مع هذه العقوبات العبقرية التي يبدو أنها وُضعت في لحظة من الإلهام الكوميدي الخالص تخيّل أن مجلس الاتحاد الأوروبي، ذلك المجلس الذي يضم عباقرة السياسة الدولية، قرر أن يُعلمنا درسًا في “فن العقوبات بلا جدوى” فبدلًا من أن يعاقب المجرمين الحقيقيين الذين يديرون اللعبة من وراء الكواليس أو حتى أن يتعامل بجدية مع الواقع المعقد في السودان قرروا أن يُظهروا لنا براعتهم في صنع عقوبات لا تمس إلا الهواء الفارغ والآن لنقف للحظة ونتأمل عقوباتهم الجميلة، تجميد الأصول أولًا هل خطر ببال أحد هؤلاء العباقرة أن هؤلاء القادة ليس لديهم حسابات مصرفية في أوروبا أصلًا أم أنهم يتخيلون أن اللواء عثمان حامد مثلًا كان يُخبئ ثروته في بنك سويسري استعدادًا لشراء فيلا على بحيرة جنيف ثم يأتي الحظر المالي وكأن قوات الدعم السريع كانت تعتمد في تمويلها على بطاقات الائتمان الأوروبية أو تتلقى حوالات من بنوك برلين أو روما ثم حظر السفر، يا لهذه الضربة القاصمة! يبدو أن مجلس الاتحاد الأوروبي يعتقد أن هؤلاء القادة كانوا يخططون لحضور عروض الأوبرا في فيينا أو زيارة متاحف مدريد ولكن للأسف حُرموا من هذا الحلم بسبب العقوبات إذا كانت هذه العقوبات تهدف إلى بث الخوف أو تغيير موازين القوى في السودان فإنها بلا شك أضاعت طريقها تمامًا في الحقيقة، هي ليست سوى رسالة ساخرة موجهة للعالم تقول فيها أوروبا إنها لا تفهم شيئًا مما يحدث لكنها تحب أن تبدو مشغولة جدًا بملفات حقوق الإنسان والقانون الدولي إنها أشبه بمن يحاول إطفاء حريق هائل بنفخ الشموع معتقدًا أن رمزيته ستصنع الفرق
لنا مهدي
lanamahdi1st@gmail.com