#فقر_التعلم..وجهة نظر
الأستاذ الدكتور #يحيا_سلامه_خريسات
انتشرت في الفترة الأخيرة ظاهرة ضعف مهارات القراءة والفهم لدى شريحة كبيرة من الأطفال وبالذات من هم دون العاشرة وهو ما يسمى بفقر التعلم.
هذه الظاهرة كانت موجودة قبل جائحة كورونا ولكن بنسب أقل، ولكن مع ظهور وتفشي الفيروس ارتفعت النسبة إلى نسب أعلى في دول العالم العربي وشمال أفريقيا ووصلت حسب دراسة أعدها ونشرها البنك الدولي إلى ٥٩% للإناث وترتفع النسبة قليلا للذكور.
قد يستطيع بعض الأطفال قراءة النص باللغة العربية ولكن يعاني الكثيرون منهم من مشكلة فهم ما يقرأون، فكيف لمن يقرأ ولا يفهم ان يستطيع أن يقرأ العلوم الأخرى ويفهمها اذا فقد أساسيات التعلم وادواته وهي التعلم والفهم.
وهنالك أسباب كثيرة حسب اعتقادي أدت إلى ظهور هذه الظاهرة أبرزها:
١. انتشار التعلم الإلكتروني واحلاله محل التعليم الوجاهي خلال الجائحة وبعد الجائحة من خلال اعتماده منهجا للتعليم بصدور نظام ادماج التعلم الإلكتروني في مؤسسات التعليم العالي وبنسب عالية.
٢. لعب التطور التكنولوجي وانتشار الانترنت دورا سلبيا في إعاقة موضوع القراءة والفهم باللغة، لأن سهلة توفر وسائل الاتصال وتطبيقاته جعل من الأطفال صيدا سهلا لتلك التكنولوجيا ووسائل الترفيه المرتبطة بها، وجعل قلوبهم وعقولهم معلقة بها وبشكل مستمر.
٣. إن انشغال الأهالي وعدم تفرغهم لمتابعة تعليم أطفالهم، ألقى بظلالة على قدرات أبنائهم ومهارات القراءة والفهم لديهم.
٤. يعتبر اكتظاظ صفوف المدارس الحكومية وزيادة عدد الطلبة في الشعب من العوامل السلبية التي أثرت ومازالت تؤثر في مستوى تحصيل الأطفال وقدراتهم على الفهم والاستيعاب.
٥. قد يكون تدني مستوى الأجور لبعض المدرسين والمدربين في المدارس الخاصة من أسباب هذه الظاهرة.
٦. عدم توفر القدوة وانشغال المدرسين بأعمال التدريس خارج اوقات الدوام المدرسي، قد يكون أحد أسباب تفشي هذه الظاهرة.
وفي الختام لابد من الاهتمام بالتعليم وتقليل الفاقد التعليمي ورفع كفاءة المدرسين ومراجعة المناهج المثقلة بالمعلومات الزائدة وزيادة أجور المدرسين، للتقليل من هذه الظاهرة الخطيرة والتي تؤرق الجميع، لأن فشل نظام التعليم – لا سمح الله- يعني فشل جميع الأنظمة الأخرى المرتبطة بمخرجات العملية التعليمية.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: هذه الظاهرة
إقرأ أيضاً:
القراءة والمطالعة ونهضة الشعوب
عبدالعزيز بن حمدان الاسماعيلي
a.azizhh@hotmail.com
فارق كبير بين القراءة والمطالعة؛ فالقراءة هي وسيلة للربط بين صوت حروف اللغة وشكل كتابتها وبِنية الكلمات صرفيًا، ونطقها مضبوطة بالشكل وفق قواعد النحو. أما المُطالعة فهي القدرة على الربط بين الألفاظ داخل القاموس ومعانيها داخل السياقات التعبيرية.
وتتم عملية تربية وإنماء المطالعة داخل الأسرة والعائلة النووية الصغيرة والتي تتوسع بالاحتكاك بالمجتمع الأكبر وفي هذه المرحلة يبدأ الإنسان في طفولته بناء قاموسه اللغويّ الخاص، وامتصاص المعاني والمعارف وربطها بالألفاظ من خلال التقليد والمُحاكاة.
ثم يأتي دور المؤسسات الدينية المتمثلة في المساجد ودور العبادة في تهيئة الطفل ومساعدته على الربط بين اللغة والدين من خلال مطالعة الكتب المقدسة وشروحاتها المبسطة وفي هذه المرحلة تتسع قدرة الطفل على توظيف اللغة والربط بين اللغة وعقيدته الدينية. وإذا كان الطفل مسلماً وأتمّ حفظ القرآن يكون قد تحصّل على 12 مليون كلمة غنية، تقف أمامها اللغات الأخرى وخاصة الإنجليزية عاجزة عن منافستها؛ فالمتداول من الإنجليزية، منذ نشأتها لا يتخطى حاجز الـ 2 مليون كلمة. وهي اللغة الأوسع انتشارا فرضها التفوق الاقتصادي والاستعماريّ
ثم تبدأ في النظام المدرسيّ من خلال المطارحات والمناقشات تهيئة اليافعين وصولا إلى التحوّل والانتقال إلى مرحلة أكثر اتساعًا في توظيف اللغة من خلال المطالعة؛ والتي معها تتحول اللغة إلى (أداة للتفكير) و(وعاء للفكر) وهذه المرحلة يسميها علماء التربية والنفس بمرحلة (التفكير باللغة) و(رسوخ الوعي).
وبناء على ما تقدّم فإنَّ المجتمعات لا ترقى ولا تدخل ميدان الإنتاج المعرفيّ إلا بتوظيف المؤسسات الدينية والتعليمية وإتاحة المعرفة الحرة والمطالعة في سائر العلوم باللغة الأمّ.
ولن يستطيع أي مجتمع النهوض من خلال إنكاره للغته والارتكان إلى اللغات الدخيلة أو التعلّم بلغة دخيلة. وإن فعل سيظل تابعًا ومستعمرا فكرياً للأمة التي يدرس بلغتها، وسيكون عاجزًا عن زرع فضيلة الانتماء والتمسك بجذوره الوطنية والعمل على استنهاض أمته من رقدتها إلا بمطالعة تراثها والتفكير بلغتها ولنا في اليابان والصين أنموذج فتعلّم الإنجليزية يكون في المرحلة الجامعية ويكون مقتصرا على نقل التكنولوجيا والمعارف المتقدمة ثم إعادة تسميتها بلغته الأم.