هل الحب والشجاعة توأمان؟
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
إسماعيل بن شهاب البلوشي
لا للأدب العربي الأصيل أن يكون في أجمل حلته إلا عندما يتوشح بسيرة الأبطال الذين أبدعوا في ملاحم الفخر والبطولة والفداء عن أوطانهم، الفرسان الذين اقتنوا أفضل الخيل وأمضى السيوف وكان يكفي حضورهم الجحفل لتحسم المعركة قبل أن تبدأ؛ وذلك لأنَّ صيتهم سبق وصولهم، وذلك ليس لأنهم شجعان فقط؛ بل إنهم حملوا صفة الترفع والالتزام والتصميم ولم يكن لديهم أطماع لا في مال ولا حتى في جاهٍ، ولم يكونوا على استعداد لأن تكون تضحياتهم بأنفسهم مقابل أي شيء، مهما علا شأنه، وهم لا يتصنعون؛ حيث كان الجَدُّ شعارهم، والكرامة صفة فيهم.
يقول أحدهم في مطلع قصيدة في الفخر والشجاعة:
إن سلت عن اسمي تراني شليويح
قرمٍ على قطع الخرايم عزومي
إن قلت الوزنة وربعي مشاويش
انترك الوزنة وعنها نشومي
ويقول عنتر بن شداد: "يخبركِ من شهد الوقيعة أنني أغشى الوغى وأعف عند المغنم".
الشجاعة والإقدام عند العربي الأصيل تسايرها حصانة من كثير من الجوانب فالشجاع يمنعه شموخه من الكذب أو السرقة أو البخل أو التأخر عن نجدة الملهوف أو الجائع أو المحتاج فلو أن أي صفة من الصفات السيئة كانت في من يحمل الشجاعة لما استحق أن يكون فارس قومه ودليلهم في ظلمات الليالي ومقدامهم يوم يغيب عن الخيل الحجل والعكس تمامًا وإن من يوصف بأي فعل لا تقبله الفطرة السوية فإنه لا يستطيع أن يكون بذلك الاستحقاق ويحمل صفة شجاع قومه.
أعتقد جازمًا أنني وحين أعطيت الشجاعة والحب عنوانا أن هناك من سيسأل ما هي العلاقة بين الأمرين، وفي الحقيقة أن ما بين الأمرين عالمًا من الحقيقة المطلقة، ولذلك كان لا بُد لي من توضيح ذلك وإيصاله إلى فكر الشباب والأجيال، خاصة في هذا الزمان الذي يذهلنا بحقائق الأمر الواقع، ومن كل حدب وصوب من خلال الإعلام الموجه من كل ثقافات العالم، والتي قد يكون أغلبها ليس بذلك المستوى الذي يناسب مجتمعاتنا. وكما أوضحت أن الشجاع والشجاعة صفة الكرام، فنعم إن الشجاع يحب ويهيم في الحب؛ بل إنه يرى فيمن يحب إلهامًا وسببًا لكل ما هو عظيم ومشرِّف، فهو عندما يريد أن يتراخى في مواقع الفداء لا يقبل خوفًا إن يتغير من يحب وهو لا يسرق ولا يكذب ولا يبخل أيضاً، مخافة أن يسمع من يحب عنه ذلك، ومع هذا كله فإني أصلُ إلى ما جعلني أكتب هذا المقال اليوم وهو أن من يحب لا يرضى بالخطأ أو الرذيلة والفاحشة، وإن فعل ذلك فإنما هو ممثل بارع ليس أكثر، وأن درجة الترفع والأخلاق والشرف هي تلك التوائم التي تربطه بالشجاعة والإقدام الحقيقي، ولا يمكن وبأي شكل من الأشكال أن يجتمع الخطأ والصواب.
لعلنا ندرك أن خيار الترفع هو ذلك الخط الفاصل ما بين النجوم والقاع، والأقرب إلى دونية الرؤية أو الشموخ بالفكر، معزة وفخرًا، أما ما يقابل ذلك فهو أن تكون رؤية الشباب بعيدة عن منطق احترام الذات والآخرين، ومطابقة ما يسيء بحجج كلمات الحب التي لا تعدو أن تكون حيلة للضرر بأبناء الناس وهي نفسها التي تطيح به من ترفعه وعزته.
رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
هل يكون ضمن منتخب الساجدين؟!!
منذ الأمس وحتى نهاية مارس القادم منتخبنا الوطني الأول لكرة القدم سيخوض العديد من المشاركات الرياضية ويتطلب منه الهمة في تحقيق الفوز والتأهل، حيث البداية المشاركة في بطولة كأس الخليج التي انطلقت أمس السبت في دولة الكويت بنسختها السادسة والعشرين، وتستمر من السبت 21 ديسمبر 2024 وحتى 3 يناير 2025، وكذا منافسات الدور الثالث النهائي من ملحق التصفيات النهائية الآسيوية 2027، والتي ستنطلق في شهر مارس المقبل 2025، والمؤهلة لنهائيات كأس آسيا 2027 في السعودية.
منتخبا الشباب والناشئين الملقبان بمنتخبا الساجدين، كان لاعبوهما كلما تمكنوا من تسجيل هدف انطلقوا إلى إحدى زوايا الملعب للسجود وهي عادة وأسلوب رائع اعتادوا عليه تعبيرا منهم عن الحمد والشكر لله على التوفيق في تحقق حلم اللاعبين في تسجيل الأهداف والفوز والنجاح والطموح للانتقال للدور التالي، كم كان هذا الأسلوب يثلج صدري والجمهور الرياضي اليمني معجبين بهؤلاء الأبطال الساجدين، وما أحلى العبارات التي يصدح بها المعلقون الرياضيون مدحا بسجود اللاعبين.
المنتخب الوطني الأول يبدأ اليوم منافسات بطولة الخليج العربي حيث يخوض اليوم الأحد مباراته الأولى أمام نظيره المنتخب العراقي، فهل سيكون من الساجدين كما يفعلها منتخبا الشباب والناشئين، عن نفسي أتمنى أن يخوض اللاعبون معركة المنافسة بشجاعة وأقدام ويحققوا نتائج مشرفة ومختلفة عن كل المشاركات السابقة للمنتخب في بطولة الخليج والموسومة دوما بالهزائم، وأن يعبروا عن فرحتهم بالسجود بعد كل هدف عسى أن يذهب عنهم النحس، وحتى تكتمل الصورة وتكتمل التسمية بمنتخب الساجدين.
ظل منتخبنا الوطني الأول لكرة القدم لسنوات ومنذ دخوله بطولة الخليج العربي وهو يسمى بمنتخب أبو نقطة وأبو هدف وحيد في البطولة وحتى هذه اللحظة، ومشاركة المنتخب الأول هذه المرة، يجب أن تكون مختلفة، ويحاول أن يغير تلك النظرة السوداوية والتي ظلت لصيقة وقائمة تلاحقه اينما شارك ونافس في البطولات، نتمنى أن يتجاوز منتخبنا الأول اليوم وفي مواجهاته كل الصعاب ويثبت قدرته وقوته ويتوج بالفوز، وتبتعد عنه كل الأخطاء والنقاط السود طوال مراحله السابقة، وتكون مشاركته في هذه الدورة إيجابية وبمثابة هدية للجميع.
فهل يفعلها المنتخب الوطني الأول وتكون سابقة في تاريخه وهدية أولى نتمنى ذلك، وبالمناسبة أيضا أملنا والجمهور الرياضي اليمني أن تتكرم إحدى القنوات الفضائية اليمنية بنقل مباريات المنتخب الوطني، والأمل كبير بصحوة ضمير المهنة الإعلامية لدى المسؤولين في قنواتنا المحلية الكثيرة ولقلة برامجها وغيابها عن جمهور كبير كالجمهور الرياضي فهل تفعلها هذه القنوات، نتمنى ذلك أيضا.