حديقة النباتات العمانية.. مشروع علمي رائد في الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
ـ د. ليلى الحارثية: قاعدة بيانات ضخمة للنباتات المحلية واكتشاف 200 نوع جديد
يعد مشروع حديقة النباتات العُمانية، الأول من نوعه على مستوى الشرق الأوسط، مركزا علميا وبحثيا يوفر قاعدة بيانات للنباتات في البيئة العمانية.
بدأت الحديقة في مراحل التأسيس بوضع الخطط ومهمات العمل الميدانية لتجميع المواد النباتية الميدانية وسبر مكنونات نباتات عُمان، وتنوع غطائها النباتي، وتمكنت من تجميع أكثر من 70% من النباتات العُمانية، كمحصلة لأكثر من 1000 مهمة عمل ميدانية لجميع محافظات سلطنة عُمان، تم خلالها جمع 1100 نوع من اصل 1407 أنواع تزخر بها بيئة سلطنة عُمان بتنوع تضاريسها الجبلية والصحراوية والريفية والساحلية والسيوح والأودية والبراري.
وللحديقة دور محوري في حفظ وتوثيق إرث عُمان النباتي عبر رحلات ميدانية نفذتها فرق العمل، واستطاعت اكتشاف وإضافة 220 نوعا نباتيا جديدا إلى قائمة النباتات العُمانية، وإنقاذ آلاف الأشجار المعمرة من مناطق التوسع العمراني وشق الطرق.
«عُمان» زارت حديقة النباتات العُمانية واطلعت على حجم الجهود التي تبذل في مرافق الحديقة من قبل طواقم عمل المشروع، وقالت الدكتورة ليلى بنت سعيد الحارثية رئيسة مركز التنوع النباتي وصون الطبيعة: بدأت الرحلة بجمع عشرات الملايين من البذور وتوثيق كم هائل من البيانات عن النباتات العُمانية، ومن ثم حفظها وإكثارها عن طريق البذور والعقل، حيث أصبحت الحديقة مركزا يوفر كافة التفاصيل والمعلومات الخاصة بخصائص النبتات العُمانية. ويواصل العاملون بناء منظومة متكاملة للنباتات العُمانية، وقاعدة بيانات رقمية تحفظ أنواع النباتات، وتعرف بخصائصها وطرق نموها والبيئة المناسبة لنموها، بالإضافة إلى معلومات عن كميات المياه ودرجات الحرارة المناسبة لها ونوع التربة الملائمة، حيث حفظت كافة البيانات بدقة، ليسهل الوصول إليها لتكون مرجعا للباحثين والدراسات العلمية والبحثية.
وأضافت الحارثية: تضم الحديقة مرافق علمية متكاملة، يعمل بها طاقم عُماني متخصص، يمارس في هذه المرافق العديد من المهام، بداية من الرحلات الميدانية التي يتم من خلالها استكشاف وتوثيق النباتات العُمانية ومعرفة خصائصها ومقارنة تلك البيانات بالبيانات العالمية المتوفرة، كذلك تختص الرحلات الميدانية بتوثيق الإرث النباتي المرتبط بحياة العُمانيين، لذا يهتم فريق الحديقة باستقصاء المعلومات المختصة باستخدامات النباتات من المجتمع المحلي وخاصة كبار السن وتوثيقها ليتم حفظ كافة البيانات.
وأشارت إلى أن عمليات البحث والاستكشاف، مكّنت الفريق من توثيق مواسم النمو والتزهير والزراعة، وكل هذه الخصائص تم جمعها وحفظها وتوثيقها لأول مرة. وبالتالي، فإن البيانات المتوفرة لدى الحديقة استطاعت أن تجيب على جميع الأسئلة المتعلقة بأي نبات موجود في سلطنة عُمان، مؤكدة أن معرفة مكونات النبات توصلنا إلى معرفة فوائده ومضاره واستخداماته، ويشجع على استخراج منتجات متنوعة من هذه النباتات تدخل في العديد من الصناعات.
وتحدثت الدكتورة ليلى الحارثية عن فريق مركز التنوع النباتي، وقالت: يقوم الفريق بالعديد من المهام منها تجميع النباتات من مواقعها الأصلية، عبر جلب البذور أو العقل، ومن ثم وضعها في حافظات خاصة وأماكن حفظ مبردة، في بنك البذور الذي يحوي ملايين البذور وتصنيفها وحفظ بياناتها وتصنيفها تصنيفا علميا، في قاعدة بيانات خاصة.
وأكدت أن الحديقة تمكنت من تحقيق العديد من الأهداف العلمية والبحثية والوطنية، بينها إنشاء قاعدة بيانات متكاملة عن النباتات العُمانية في سلطنة عُمان، كما وضع المختصون في الحديقة عددا من البرتوكولات المبنية على أبحاث علمية لكل النباتات المسجلة في هذه القاعدة، تحوي معلومات لكيفية زراعته والعناية به من حيث التربة وكمية مياه الري التي يحتاجها والآفات الزراعية التي قد يتعرض لها وطرق الوقاية المتبعة، مؤكدة على أن الحديقة ستكون مصدرا لتوفير البيانات الخاصة بالنباتات، ومركزا للمعلومات العلمية الموثوقة، حيث شاركت، وتشارك الحديقة حاليا في العديد من الأبحاث العلمية مع مراكز بحثية عالمية إضافة إلى العديد من الإصدارات العلمية تقارب 100 إصدار في دوريات علمية.
وأشارت الدكتورة إلى أن للحديقة إسهامات عديدة بالتعاون مع عدد من الجهات المحلية في صون البيئة والحفاظ عليها، بينها إنقاذ 2000 شجرة معمرة تعرضت للإزالة نتيجة شق الطرق، حيث قامت بجلب هذه الأشجار والحفاظ عليها في الحديقة.
وقالت الدكتورة: تهدف الحديقة إلى تعريف الزائر بالنباتات العُمانية، وتشجيع الناس على اقتناء النباتات العُمانية وزراعتها في منازلهم ومعرفة فوائدها وطرق استخدامها، مؤكدة أن للنباتات العُمانية فوائد عديدة حيث تدخل في العديد من الاستخدامات التي يمكن الاستفادة منها، مشيرة إلى أن الأجيال الحالية لم تصل لمستوى معرفة حجم العلاقة بين الأشجار العُمانية والإنسان العُماني، وحجم الترابط بينهما، حيث تضع الحديقة ضمن أهدافها رفع الوعي للأجيال الحالية والقادمة عبر زراعة الأشجار العُمانية في محيط الحديقة، بحيث يكون كل نبات في البيئة التي تناسبه عبر عرض نماذج للتنوع البيئي العُماني، وإقامة ما يشبه هذه البيئات وزراعة كل الأشجار التي تتناسب مع كل بيئة.
وأكدت الحارثية على أن حديقة النباتات العُمانية تتميز عن بقية الحدائق بما تضمه من إرث عُماني ثري، وبيانات مهمة تحفظ تاريخ النباتات العُمانية وكل ما يتعلق بها، حيث ستكون مرجعا يستفاد منه على مستويات عالمية.
وأكدت الدكتورة أن حديقة النباتات العُمانية ستكون مرجعا ومصدرا للمعلومات المختصة بالنباتات العُمانية، نتيجة للأعمال المتخصصة التي تقوم بها والبيانات التي تم توثيقها، وتساهم بذلك عن طريق إمداد الجهات ذات الاختصاص بالبيانات التي تساعد في التخطيط الاستراتيجي وخطط الصون والحماية للبيئات والموائل بشكل دقيق، ومثال على ذلك قامت الحديقة بدور في إعادة زراعة العديد من الأشجار في جبل شمس.
وبوصفها مركزًا علميًا وبحثيًا رائدًا، فإن حديقة النباتات العمانية ستقوم بدور حيوي في الحفاظ على تراث عُمان النباتي من خلال ما تم تحقيقه من جمع وتوثيق النباتات العمانية واكتشاف أنواع جديدة تمت إضافتها إلى قائمة النباتات العمانية.
ومع اكتمال الأعمال الإنشائية للمشروع التي بلغت مراحل إنجاز متقدمة ستمثل عند افتتاحها إضافة نوعية قيمة إلى المنجزات الوطنية المتجددة على مختلف الأصعدة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: قاعدة بیانات العدید من ع مانی
إقرأ أيضاً:
الإمارات.. مواقف صلبة تعزز استقرار المنطقة
شعبان بلال (أبوظبي، القاهرة)
أخبار ذات صلة 11 عاماً مأساوية على اليمن بسبب الانقلاب «الحوثي» انتهاكات «الحوثي» محاولة خبيثة لنشر الفوضىتبذل دولة الإمارات العربية المتحدة جهوداً كبيرة لتحقيق استقرار منطقة الشرق الأوسط، في ظل الصراعات الإقليمية التي تشهدها بمختلف أرجائها، عبر دعم مسارات الحوار والحلول السلمية، وإنهاء الصراعات المسلحة، بجانب دورها الرائد إنسانياً وإغاثياً، ودورها المحوري في تحقيق التنمية المستدامة من أجل رفاه الشعوب.
وأكد خبراء ومحللون سياسيون، ريادة الإمارات في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، موضحين أن الدولة تعمل كوسيط في العديد من النزاعات الإقليمية، مستندة إلى علاقاتها القوية مع مختلف الدول والأطراف، ودعمها لجهود المصالحة بين دول عدة.
وشدد أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن، نبيل ميخائيل، على أن الإمارات دولة محورية، مكانتها العالمية والإقليمية راسخة بانتهاجها سياسة التنمية المستدامة للبشرية، وتفعيل آليات كثيرة بالتدخل لحل الصراعات الدولية والإقليمية بأسلوب دبلوماسي وسلمي، لتجنب الحروب وويلاتها.
ووصف ميخائيل في تصريح لـ «الاتحاد»، الدبلوماسية الإماراتية بالناجحة، وأنها تسعى إلى إجماع عربي استراتيجي لمواجهة التحديات التي تواجه المنطقة، وتعمل على الحفاظ على أمن واستقرار الدول العربية، وتسوية وتصفية النزاعات، خاصة في ظل الصراعات التي شهدتها المنطقة مؤخراً.
وفي السياق ذاته، ذكر الباحث في العلوم السياسية، الدكتور هيثم عمران، أن الإمارات تعمل كوسيط نزيه في العديد من النزاعات الإقليمية، مستفيدة من شبكة علاقاتها القوية مع مختلف الأطراف، مثال ذلك دعمها لجهود المصالحة في السودان وليبيا، وسعيها لتعزيز الاستقرار في اليمن عبر دعم الحل السياسي تحت مظلة الأمم المتحدة.
وأوضح الباحث في العلوم السياسية أن الإمارات نجحت في بناء توافق دولي ضد الأعمال العدائية لجماعة الحوثي، ما أدى إلى تصنيفها جماعة إرهابية، وفرض ضغط عالمي لإعادة الحوثيين إلى طاولة المفاوضات، وأنه إلى جانب الجهود السياسية، تلعب الإمارات دوراً كبيراً في تقديم الدعم الإنساني للدول المتضررة من النزاعات، ففي اليمن، قدمت الإمارات مليارات الدولارات لدعم البنية التحتية، والتعليم، والرعاية الصحية، ما ساهم في تخفيف معاناة اليمنيين المتأثرين بحرب الحوثي.
وذكر عمران أن دولة الإمارات تعمل من جانب آخر على استقرار المنطقة، بما تمتلك من رؤية واضحة في مكافحة الإرهاب، حيث تبنت استراتيجيات فعّالة لمواجهة تمويل التنظيمات المتطرفة مثل «القاعدة» و«داعش»، كما أنها تدعم الجهود الإقليمية والدولية لنشر قيم التسامح والاعتدال.
ونجحت سياسة الإمارات للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي في المنطقة، وتتوافق كذلك مع تحذيرات منظمة التجارة العالمية من مخاطر تعطل التجارة بسبب التوتر الجيوسياسي وتفاقم أزمات الشرق الأوسط، حيث أدت هجمات جماعة الحوثي على سفن تجارية في البحر الأحمر إلى تغيير مسار التجارة بين أوروبا وآسيا.
ومن الولايات المتحدة، أكدت الباحثة في الشؤون الدولية إيرينا تسوكرمان، أن الإمارات تبذل جهوداً مخلصة لتعزيز الاستقرار، والقيام بدور إيجابي تجاه الحد من الصراعات الإقليمية، ولعبت دوراً حيوياً في استجابة التحالف العربي لمواجهة الحوثيين في اليمن، وكانت أول دولة تنضم إلى إطار «اتفاقيات إبراهيم»، وعملت مع الرباعية على مكافحة الإرهاب.
وأوضحت تسوكرمان في تصريح لـ «الاتحاد»، أن دور الإمارات كان متزناً تجاه الأزمات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، بداية من حرب غزة ولبنان والوضع في سوريا، والانخراط مع مختلف الأطراف، والسعي إلى التوسط في المفاوضات والمباحثات حول وقف إطلاق النار، ودعم الانتقال السلمي في سوريا.
وفي هذا السياق، شدد الخبير العسكري والاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، على أن دولة الإمارات تؤكد دائماً التزامها بموقفها في استقرار المنطقة، بما لها من ثقل استراتيجي ونزاهة في إدارة الصراعات الإقليمية، وتبذل جهوداً مقدرة في دعم الاستقرار والسلم في الشرق الأوسط.
وأضاف اللواء فرج في تصريح لـ «الاتحاد»، أن جهود الإمارات الدبلوماسية في الكثير من الملفات مثل غزة ولبنان واليمن وسوريا ساعدت على تخفيف حدة الصراعات، بالإضافة إلى الدعم الإنساني والإغاثي الذي يؤكد ريادة الإمارات عالمياً في هذا المجال، ويشهد به الجميع، وفي مقدمتهم المنظمات الأممية.
الالتزام بالقانون الدولي
تتمسك دولة الإمارات بالطرق الدبلوماسية والالتزام بالقانون الدولي، من منطلق إيمانها الثابت بحل الخلافات من خلال آليات الحوار السلمي والقنوات السياسية، وسيادة القانون واحترام ميثاق الأمم المتحدة، ومطالبة مجلس الأمن بالاضطلاع بمسؤولياته.
ويأتي هذا الالتزام من رؤية الإمارات القائمة على اعتبار الصراعات المسلحة في منطقة الشرق الأوسط، خطراً جسيماً يهدد الاستقرار الإقليمي، وقد يتدحرج لمستويات وأبعاد مختلفة اقتصادية وسياسية ومجتمعية.
وتبذل دولة الإمارات جهوداً دبلوماسية مكثفة، وتتبنى سياسة إعادة الاستقرار إلى منطقة الشرق الأوسط، عبر التعاون مع المؤسسات والمنظمات الدولية، والتفاهم والتعاون الإقليمي، لتجنيب المنطقة مخاطر النزاعات والصدامات المسلحة، ومن ثم الدفع في اتجاه سبل بناء بيئة جيوسياسية ترتكز على السلام والاستقرار والازدهار.