جريدة الوطن:
2024-09-19@13:57:15 GMT

ابنتي … أنا أهتم بك ولا أتسلط عليك

تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT

ابنتي … أنا أهتم بك ولا أتسلط عليك

ابنتي.. آهٍ لو تعْلَمِين ماذا تعنين لي؟ أنتِ امتداد لعمري، كُلُّ شيء تفعلينه يبهجني، ضحكتك تطربني كأروع معزوفة أسمعها فتسعدني وتهزُّ قلبي، صوتك الذي ينعش البيت وحتَّى صراخك وغضبك، أحاديثك قفزاتك اللطيفة تملأ البيت سعادةً وبهجة. نكتك وتعليقاتك الظريفة التي تجعلنا نضحك حتَّى تدمع أعْيُننا.
ابنتي… أنتِ إضافة جميلة في حياتنا، فبَيْتنا يمتلئ سعادةً وحياة بوجودك وحتَّى وجود صديقاتك اللاتي أحببتهنَّ لِحبُّك لهنَّ، بتُّ أفرح بزيارتهنَّ لك، فتملأنَ البيت حيويَّةً ومرحًا بروحكنَّ الشَّبابيَّة الجميلة المَرِحة، بل إنَّني أُحبُّ كُلَّ فتاة في سنِّك ألقاها في أيِّ مكان: ألقاها في طريقي أو في المُجمَّع التجاري أو في المطعم، فتجدينني أُلاطفهنَّ وأتجاذبُ معهنَّ الحديث؛ لأنهنَّ يذكِّرنَني بِك، فأنا أرى في وجْهِ كُلِّ فتاة في عمرك صورةَ وجْهِك الجميل.


نعم أنتِ أثمن شيء وهبَه الله لي، وأكبر نعمة أنعمها الله عليَّ. وبدافع هذا الحُب الكبير، فمن الطبيعي أن أحافظَ عَلَيْكِ وأحميكِ، بقدر حُبِّي لك… أنا أحميك، بقدر حُبِّي لك… أنا أدافع عَنْكِ، بقدر حُبِّي لك، أخافُ عَلَيْكِ حتَّى من نَفْسِك، أخافُ عَلَيْكِ من عذاب الله ومن نار الآخرة، ومن غضبه عزَّ وجلَّ، فأريدكِ ملتزمة بتعاليم دِينِك، أخافُ عَلَيْكِ من المرض، فأريدك أن تعتني بصحَّتكِ، وأخافُ عَلَيْكِ من الفقر، ومن أن تكُونُي آخر الرَّكب في المُجتمع، فأريدك متفوِّقة في دراستكِ وفي عملكِ، وأخافُ على سمعتكِ بَيْنَ النَّاس، فأريدك أن تعرفي كيف تحْمِين نَفْسَكِ.
فما بالكِ تفسرين هذا الخوف النابع عن حُبِّي لكِ بأنَّه تسلُّط، ابنتي أنا أهتمُّ بِك، بكُلِّ شؤونك، لكنَّني لا أتسلَّط عَلَيْكِ، فما أنا إلَّا جندي مخلِص يرافقكِ أيْنَما أنتِ لِيذودَ عَنْكِ، فلماذا تفسِّرينَ حمايتي لكِ بأنَّها تسلُّط، فأنتِ أميرتي الغالية.
ابنتي… أنا أحبُّكِ ولا أتسلَّط عَلَيْكِ، فعِنْدما أمنعُكِ بكُلِّ السُّبل من الإفراط في تناول رقائق البطاطس، والشكولاتة، والباستا، والهامبرجر؛ لأنَّني أخشى عَلَيْكِ من السّمنة، ومن الآثار السلبيَّة على صحَّتك بسبب تناول هذه المأكولات غير الصحيَّة، فأنا لا أتسلَّط عَلَيْكِ وأتحكَّم في اختيارك لنَوْعِ الطَّعام الذي تأكلينه، بل أنا أخافُ عَلَيْكِ وأحثُّك على اختيار الطعام الصحِّي.
عِنْدما أسأل عَنْكِ عِنْد خروجك من المنزل، فأنهال عَلَيْكِ بالأسئلة، أين ذهبتِ؟ مع مَن أنتِ ؟ ومتى تعودين؟ فأنا لا أتسلُّط عَلَيْكِ، ولا أراقبك، بل أنا العَيْنُ الحارسة الحامية لكِ، أنا البال الذي يُشغلُ بِك منذُ خروجكِ من المنزل وحتَّى تَعُودي سالمةً. أخافُ عَلَيْكِ من حوادث السيَّارات، أخشى عَلَيْكِ من غدر أشرار البَشَر، وأخافُ عَلَيْكِ مِن كُلِّ شيءٍ حتَّى من الذي لا يخطر ببال أحد، كم أخشى أن أُشغلَ عَنْكِ فتقعينَ في مُشْكلة فلا تجدين مَن يُعينُك، فأظلُّ متأهبة جاهزة لمساعدتكِ حتَّى عودتكِ، بل إنَّ جنبي يجفى مضجعي، حتَّى أطمئنَّ بأنَّكِ في غرفتكِ وقَدْ أغلقتِ الباب عَلَيْكِ فأتنفَّسُ الصعداء، وأتصالح مع مضجعي.
عِنْدما أطلبُ مِنْكِ أن تحتشمي في لبسِكِ، وأن تقتصدي في زينتِكِ، فأنا لا أتسلَّط عَلَيْكِ، بل أنا أحميكِ من عيون الطامعين، فأغلق أبواب الشرور عَنْكِ لأحميَكِ من وحوش البَشَر.. فقديمًا قالوا «الوقاية خير من العلاج». فبخبرتي في الحياة أدركُ عواقب تلك الأخطاء في تصرُّفاتك وسلوكيَّاتكِ. لذا أوجهكِ للطريق الصحيح الذي لا يجرُّكِ للهاوية. أبَعدَ كُلِّ هذا الحُب الذي يسكُنُ أحشائي؟! أبَعدَ كُلِّ هذا الخوف عَلَيْكِ؟! أبَعدَ كُلِّ هذه الجهود التي أبذلها لحمايتك؟! أجدُكِ تضعينَني في قفص الاتِّهام؟ أنا اليوم أواجه تهمة التسلُّط عَلَيْكِ، وسلبي لحُريَّتكِ، وخنقي لسعادتك. أنا لستُ حزينة؛ كوني مكلَّفة بإعداد الحجج للردِّ على تلك الاتِّهامات، ولكن ما يؤلِمني ويُدمي قَلْبي أنَّكِ لَمْ تفهمي رسائل الحُب والرعاية التي كنتُ أرسلها لكِ عَبْرَ السِّنين، ولأنَّك لَمْ تسعدي بالحماية والرعاية التي كنتُ أحفُّكِ بها كما يحفُّ الطير صغاره؟! نعم… أعترف بأنَّني صدمتُ؛ لأنَّكِ لَمْ تقدِّري كُلَّ هذا الحُب والحنان والرعاية، كما يُقدِّر صغار الطيور آباءهم الذين يرعونهم ويحمونهم، وكما تُقدِّر صغيرة قطَّتنا رعاية أُمِّها وحنانها، يا لهْفَ نَفْسِي، أيكُونُ إحساس وتقدير الطيور والحيوانات لآبائهم أكثر من إحساس وتقدير البَشَر لآبائهم؟!!
نعم، أنا فرضتُ عَلَيْكِ حمايتي؛ لأنَّني أنا التي سأتحمَّل تبعات أيَّة أخطاء في تصرُّفاتكِ، وأنا التي سأتحمَّل معالجة الخسائر الناتجة عن أخطائكِ. نعم، أنا أمنعكِ من الخطأ كي لا تقعي فيه؛ لأنَّني أجنبُكِ وأجنِّبُ نَفْسي تبعات معالجة تلك الأخطاء، وثقي بأنَّني سأتألَّم وأُعاني أكثر مِنْكِ عِنْدما تقعين في مُشْكلة لا قدَّر الله.
ابنتي… يا أثمن حُبٍّ سكَنَ فؤادي!!! ثقي بأنَّني سأدافع عن نَفْسي لأخرجَ من قفص الاتِّهام، وسأرفع عَنْكِ حمايتي ورعايتي، ولكن عاهديني ألَّا تطلبي عوني إذا ما وقعتِ في مُشْكلة، وتحمَّلي أنتِ تبعات جميع تصرُّفاتكِ. ابنتي ها قَدْ غيَّرت منزلتكِ في قَلْبِي من ابنة حبَّها قَلْبي كُلُّه، إلى صديقة أُحبُّها وأتواصل معها، فأبحري في لجج الحياة بلا طوق نجاة، وقوِّي ساعدَيْكِ لِتواجهي عتيد أمواج المياه، أمَّا أنا فقد ألْقَيْتُ الحبل على القارب وجلستُ في استراحة محارب، استراحة بلا نهاية.

نجوى عبداللطيف جناحي
كاتبة وباحثة اجتماعية بحرينية
متخصصة في التطوع والوقف الخيري
najanahi@gmail.com
Najwa.janahi@

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: ع ن دما

إقرأ أيضاً:

دوري أبطال آسيا 2…الوحدات يفوز على سباهان أصفهان الإيراني

#سواليف

استهل نادي #الوحدات الأردني مشواره في بطولة #دوري_أبطال_آسيا 2 بالفوز على ضيفه #سباهان_أصفهان الإيراني بنتيجة ( 2 – 1 ) في المباراة التي اقيمت مساء اليوم على ستاد عمان الدولي لحساب الجولة الأولى من لقاءات المجموعة الثالثة والتي تضم إلى جانبهما الشارقة الإماراتي واستقلال دوشنبيه الطاجيكي.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل وإعلان بدء حقبة جديدة بالحرب بعد هجمات البيجر واللاسلكي ضد حزب الله بلبنان.. ملخص سريع لما عليك معرفته
  • لماذا يجب عليك إضافة الخيار إلى نظامك الغذائي؟
  • حسن إسماعيل: هذا هو السبب الذي اشعل الحرب في السودان(….)
  • لماذا عليك زيارة أردبيل الإيرانية خلال الصيف؟
  • وزير الخارجية المصري: حماس تؤكد لنا التزامها الكامل باقتراح وقف إطلاق النار الذي توصلنا إليه في 27 مايو والتعديلات التي أجريت عليه في 2 يوليو
  • انفجارات البيجر.. مدى خطورة إصابة سفير إيران وتعهد حزب الله بالانتقام.. ما عليك معرفته العملية الاستخباراتية العسكرية
  • دوري أبطال آسيا 2…الوحدات يفوز على سباهان أصفهان الإيراني
  • برج الدلو حظك اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024: حبيبك يحاول الضغط عليك
  • برج الدلو.. حظك اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر: يحاول حبيبك الضغط عليك اليوم
  • والد الناشطة الأمريكية التركية: ابنتي كانت متمردة ضد الظلم