صحيفة التغيير السودانية:
2025-03-28@00:08:39 GMT

ما جدوى العقوبات الأميركية…؟

تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT

ما جدوى العقوبات الأميركية…؟

فيصل محمد صالح

أعلن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأميركية التابع لوزارة الخزانة الأميركية، والمعروف باسم «أوفاك» فرض عقوبات جديدة على شخص الأمين العام للحركة الإسلامية في السودان علي كرتي، وشركتين تتبعان قوات «الدعم السريع»، لدورهم في تقويض السلام والأمن والاستقرار في السودان. ويعد هذا هو القرار الثالث منذ بدء الحرب، إذ فُرضت عقوبات على شركات تتبع «الدعم السريع»، وفي مرة ثانية اتجهت العقوبات نحو الرجل الثاني في الدعم السريع الفريق عبد الرحيم دقلو نائب قائد قوات «الدعم السريع» وشقيق محمد حمدان دقلو «حميدتي».

في تبرير أسباب اتخاذ هذه العقوبات، قال التصريح الصحافي الصادر عن «أوفاك» إن كرتي «قاد الجهود الرامية لعرقلة تقدم السودان نحو التحول الديمقراطي الكامل، بما في ذلك من خلال تقويض الحكومة الانتقالية السابقة التي يقودها المدنيون وعملية الاتفاق الإطاري، الأمر الذي أسهم في اندلاع القتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات (الدعم السريع) في 15 أبريل (نيسان) 2023. ويعمل هو وغيره من الإسلاميين السودانيين المتشددين على عرقلة الجهود المبذولة للتوصل إلى وقف إطلاق النار لإنهاء الحرب الحالية بين القوات المسلحة السودانية وقوات (الدعم السريع) ومعارضة جهود المدنيين السودانيين المبذولة لاستعادة التحول الديمقراطي في السودان».

إذن، فقد صُنِّف كرتي لكونه مسؤولاً عن، أو متواطئاً، أو شارك أو حاول الانخراط بشكل مباشر أو غير مباشر في أعمال أو سياسات تهدد السلام أو الأمن أو الاستقرار في السودان. وقال البيان إن الكيانين المدرجين اليوم هما شركات تابعة لقوات «الدعم السريع» تدر إيرادات من الصراع في السودان وتسهم فيه… وقال وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، بريان إي. نيلسون، إن «إجراء اليوم يحاسب أولئك الذين أضعفوا الجهود المبذولة لإيجاد حل سلمي وديمقراطي في السودان». «سنواصل استهداف الجهات الفاعلة التي تديم هذا الصراع لتحقيق مكاسب شخصية.

أثارت الخطوة كعادتها عدداً من الأسئلة عن أسباب فرض العقوبات، وماذا تعنيه ومدى جدواها، خصوصاً أن السودان، دولة وحكومة وأشخاصاً، له تاريخ طويل مع العقوبات الأميركية.

عرف السودان العقوبات الأميركية على مراحل عدة، كان أولها في بداية التسعينات، حين ظهرت الميول الأصولية لنظام الترابي – البشير، في ذلك الوقت، واحتضانه رموز المتطرفين الإسلاميين من كل دول العالم، وفُرضت العقوبات تحت قوانين مكافحة الإرهاب، وشُددت العقوبات أكثر من مرة بعد عدد من العمليات الإرهابية.

وجاءت الحزمة الثانية من العقوبات بعد تصاعد القتال في دارفور، وتدهور الأوضاع الإنسانية، وازدياد الانتهاكات بحق السكان المدنيين. وشكلت هذه العقوبات المزدوجة على البلاد حصاراً محكماً، خصوصاً بعد أن فرض مجلس الأمن الدولي عقوبات مماثلة على الحكومة السودانية. تأثر الاقتصاد السوداني بهذه العقوبات بشكل كبير، وتعطلت بعض القطاعات الاقتصادية والصناعية والخدمية بسبب عدم توافر قطع الغيار، وانقطعت المساعدات الأجنبية المباشرة من الدول الغربية، كما تأثر القطاع المصرفي بشكل كبير بعد تعطل عمليات التجارة الخارجية وتحويلات البنوك الأجنبية.

ويعد علي كرتي من القيادات الفاعلة في المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، ولعب أدواراً سياسية واقتصادية وأمنية في نظام البشير، وتولى فترة وزارة الخارجية، وهو في الوقت نفسه من أغنى رجال الأعمال في السودان. وقد تولى قيادة التنظيم بعد سقوط النظام، وظل مختفياً فترة طويلة، ثم ظهر في أنشطة سياسية واجتماعية عديدة بعد انقلاب العسكر على الحكومة المدنية في أكتوبر (تشرين الأول) 2021. وتدعم العقوبات الأميركية على كرتي المعلومات التي تقول إنه على صلة قوية بالفريق البرهان، ويقود التيار الداعي لاستمرار الحرب ورفض التفاوض.

لكن التساؤل الملح لدى كثير من المتابعين هو ما جدوى هذه العقوبات، وهل تخلق تأثيراً كبيراً على مجريات الأوضاع السياسية في السودان.

الواضح أن التأثير الكبير لهذه القرارات يقع في الجانب السياسي أكثر منه في الاقتصادي، فمن المؤكد أن علي كرتي وبحكم معرفته السياسية، ليست له علاقات أو ارتباطات اقتصادية بمصارف ومصالح اقتصادية أميركية، وبالتالي لن تتأثر مصالحه الاقتصادية والتجارية كثيراً، لكن الرسالة السياسية وراء العقوبات هي المهمة.

الموقف الأميركي هنا يدعم الاتجاه الذي يحمّل الحركة الإسلامية مسؤولية تسميم الأجواء خلال الفترة الانتقالية وتهيئتها لوضع الحرب، ثم تبني الاتجاه الداعي لاستمرار الحرب، وعرقلة كل جهود التفاوض للوصول لحلول سلمية. وإذا كانت مفاوضات منبر جدة في وضع الانطلاق فإن هذه الرسالة تحمل تحذيراً واضحاً للطرف الذي يمكن أن يضع العقبات أمام التفاوض، أو يمارس ضغوطاً على الطرف الحكومي ليمتنع عن المشاركة، وربما يتعدى الأمر ليوصل للطرف الحكومي رسالة تدعو لفض التحالف مع مجموعة كرتي قبل أن تطول العقوبات الجميع.

نقلاً عن الشرق الأوسط

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: العقوبات الأمیرکیة الدعم السریع هذه العقوبات فی السودان

إقرأ أيضاً:

تاريخ السودان في مهب الريح.. الدعم السريع تدمر متحف القصر الجمهوري

في قلب العاصمة السودانية الخرطوم شهد متحف القصر الجمهوري مأساة تاريخية غير مسبوقة، إذ حوّلت المعارك هذا الصرح الوطني إلى أطلال مدمرة، وجعلت من أرشيفه النادر رمادا وأثرا بعد عين.

ووثق مراسل الجزيرة هيثم أويت حجم الدمار الذي لحق بالمتحف، إذ تعرضت مقتنياته النفسية للنهب والتخريب بعد سيطرة قوات الدعم السريع عليه منذ اندلاع الحرب في أبريل/نيسان 2023.

وكان المتحف يتضمن مجموعة فريدة من الوثائق التاريخية التي غطت مراحل حاسمة في مسار الدولة السودانية، بما في ذلك وثائق ثورة اللواء الأبيض، وجمعية الاتحاد السوداني، والثورة المهدية، لكن هذه الشواهد الثمينة باتت الآن مجرد رماد وخراب.

كما احتوى المتحف على سيارات الرؤساء التاريخية التي شهدت تعاقب القيادات على حكم السودان منذ الاستقلال، والتي أصبحت هي الأخرى شاهدا صامتا على الدمار.

وكانت المكتبة الأرشيفية تضم مئات الكتب المهداة لزعماء السودان، ونسخا نادرة من الصحف السودانية القديمة، والتي تحولت جميعها إلى كومة من الرماد.

ويعد هذا التدمير انتهاكا صارخا للتراث الوطني وضربة قاسية للذاكرة التاريخية السودانية، إذ فقدت البلاد جزءا لا يعوض من إرثها الثقافي والتاريخي بعد سيطرة قوات الدعم السريع على هذا المتحف التاريخي وتدميرها له.

إعلان

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يعلن تطهير آخر جيوب مليشيا الدعم السريع في محلية الخرطوم
  • جدوى تبني “برادايم” جديد لحل الأزمة
  • االجيش السوداني يقصف أم درمان لإخراج قوات الدعم السريع من محيط العاصمة
  • قوات الدعم السريع في أصعب لحظاتها العسكرية.. أسئلة المصير تتزايد
  • البرهان في مطار الخرطوم.. و”الدعم السريع” تغادر العاصمة
  • هروب جماعي للدعم السريع من الخرطوم وفرح بانتصارات الجيش في السودان
  • "الدعم السريع" تضيق الخناق على مساعدات السودان مع تفشي المجاعة
  • زار القصر ودحض شائعة اغتياله.. العطا يتوعد الدعم السريع بالموت أين ما هرب
  • تاريخ السودان في مهب الريح.. الدعم السريع تدمر متحف القصر الجمهوري
  • جدوى تبني “برادايم” جديد لحل الأزمة