تتجه الحكومة الفدرالية الأميركية إلى إغلاق من منتصف ليل السبت/الأحد؛ بسبب إخفاق في التوافق على ميزانية الحكومة للعام المالي الجديد الذي يبدأ في أكتوبر/تشرين الأول القادم.

يأتي هذا وسط مخاوف من انعكاس ذلك على مؤسسات الدولة والمواطنين، لا سيما بعد إخفاق المشرعين الديمقراطيين والجمهوريين  في تمرير مشروعات تمويل مؤقت تسمح للحكومة بالعمل إلى حين التوافق على الميزانية.

وإذا حدث الإغلاق الجديد سيكون الـ22 خلال نصف قرن، والرابع خلال عقد، والأول في عهد الرئيس جو بايدن.

من جهتها أخطرت مؤسسات الحكومة الفدرالية موظفيها باحتمال توقف التمويل مع حلول غد الأحد، الأول من أكتوبر/تشرين الأول.

والإغلاق لا يعني توقف أعمال الحكومة كليا، إذ ستواصل المؤسسات الرئيسة؛ مثل: الجيش والأمن والخارجية والصحة والمحاكم أغلب مهامها، وقد يكون دون دفع مرتبات أغلب موظفيها.

وسيُجبر الموظفون المدنيون وغير الأساسيين على أخذ إجازات غير مدفوعة، بينما ستتوقف خدمات هيئات غير أساسية؛ مثل: المتنزهات والحدائق والمتاحف.

وسيضع الإغلاق مئات الآلاف من الأسر في وضع مالي صعب، وسينعكس سلبا على الاقتصاد والتصنيف الائتماني للبلاد.

ويتوقع أن تكون للإغلاق الحكومي هذه المرة مضاعفات سياسية واقتصادية أكبر، فالبلد على مشارف معركة انتخابية، وسط انقسام واستقطاب حاد واقتصادها يعاني من التضخم.

وحذّرت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني قبل أيام من أن الإغلاق سيكون "سلبيا" على ديون الحكومة الأميركية السيادية، ما يهدد تصنيفها من الدرجة الأولى، ويزيد من احتمال ارتفاع تكاليف الاقتراض.

موظفون فدراليون خلال احتجاج على الإغلاق الحكومي مطلع 2019 (الفرنسية) 2.6 مليون موظف يتأثرون

في حال حدوث إغلاق فدرالي في الولايات المتحدة، يقدّر الاتحاد الأميركي لموظفي الحكومة أن يؤدي الإغلاق الكامل إلى حرمان نحو 1.8 مليون موظف فدرالي من رواتبهم طول مدته.

وسيجبر نحو 850 ألف موظف غير أساسي على أخذ إجازة دون راتب، حسب لجنة الميزانية العامة المسؤولة، وهي منظمة مستقلة.

وعند التوصل إلى اتفاق تمويل، ستُرفع هذه القيود وتُدفع الرواتب لجميع الموظفين بأثر رجعي، حسب الاتحاد.

توقف خدمات

في حال وقع الإغلاق فستستمر الخدمات المصنفة أساسية بالعمل، وتتوقف الخدمات الأخرى.

فخلال الإغلاقات السابقة، تواصل دفع "شيكات" المعونة الاجتماعية، وبقي مراقبو الحركة الجوية وحرس الحدود وموظفو المستشفيات على رأس عملهم.

لكن من المرجح أن تتأثر العديد من الخدمات، بينها الطلبات الجديدة للضمان الاجتماعي والرعاية الطبية وعمليات تفتيش المواقع الغذائية والبيئية، بالإضافة إلى المتنزهات الوطنية. وسيكون التأثير أكبر كلما طالت فترة الإغلاق.

تأثيره الاقتصادي

يقدّر خبراء اقتصاديون في "غولدمان ساكس" أن الإغلاق سيؤثر في النمو الاقتصادي في الربع الرابع بمقدار 0.2 نقطة مئوية لكل أسبوع يستمر فيه.

وقد يحتاج رفع الإغلاق إلى أسبوعين أو ثلاثة، بحسب مذكرة لاقتصاديي "غولدمان ساكس" استبعدوا فيها "أن يقدّم طرفا الحزبين الحاكمين تنازلات فورية".

وحسب المذكرة "ففي حين رُفعت انقطاعات للتمويل بشكل سريع، إلا أن البيئة السياسية التي تسبق الموعد النهائي (الراهن) تذكر أكثر بالوضع الذي سبق إغلاقات طويلة الأمد سابقة".

وبافتراض نهاية الإغلاق قبل نهاية العام الجاري، قدّر غولدمان ساكس أن معدل النمو بداية العام المقبل سيكون موازيا لما انخفض به في الربع الرابع، بينما رجّح الباحثون في "أوكسفورد إيكونوميكس" تعويض نصف الخسارة.

في حال وقع الإغلاق سيضطر  الاحتياطي الفدرالي لاتخاذ قرارات ذات تداعيات مؤثرة (رويترز)

وقدرت "أوكسفورد إيكونوميكس" أن خسارة إنتاج الموظفين الحكوميين ستكلف النمو الاقتصادي السنوي نحو 0.1 نقطة مئوية أسبوعيا بشكل لا يمكن تعويضه.

وقد يؤثر الإغلاق -أيضا- بشكل غير مباشر في الاقتصاد، حيث سيقلص العمال الفدراليون الذين لا يتلقون رواتبهم إنفاقهم.

وبدأ الإغلاق المحتمل بالتأثير في "وول ستريت"، مع تراجع مؤشرات الأسهم الرئيسة مع اقتراب الموعد النهائي.

ويتخوف الاقتصاديون أن يتسبب الإغلاق -كذلك- في وقف نشر بيانات الحكومة الفدرالية. ويشكل هذا مصدر قلق للاحتياطي الفدرالي الذي قال، إنه سيسترشد بهذه البيانات لإقرار التعديلات المحتملة على معدلات الفائدة. وعمِد الاحتياطي الفدرالي مؤخرا إلى إبطاء وتيرة رفع أسعار الفائدة خلال معالجته للتضخم.

وفي غياب بيانات جديدة، سيضطر المصرف المركزي لاتخاذ قرارات ذات تداعيات مؤثرة في الاقتصاد الأميركي، دون أن تكون لديه صورة واضحة عن الوضع.

وبينما سيكون تأثير الإغلاق لفترة قصيرة محدودا على المدى الطويل، إلا أنه قد يصبح مشكلة كبيرة حال إخفاق النواب في التوصل إلى اتفاق بسرعة.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

غير آمنة.. تأثيرات مدمرة على الأبنية المجاورة لأماكن الضربات الإسرائيلية

تتضرر الأبنية المجاورة لأماكن الاستهدافات الإسرائيلية بشكل متفاوت، وتصبح خطرة وغير آمنة للسكن، وفق مهندسين تحدث إليهم موقع "الحرة"، فيما تطرح تساؤلات عن تأثير الغارات والمخاطر المحدقة بهذه المباني.

ولا يقتصر الضرر فقط على الأهداف المباشرة للغارات الإسرائيلية، ويمتد ليشمل المباني والأماكن المجاورة. ومع اقتراب فصل الشتاء، تتزايد المخاوف حول صلاحية هذه المباني للسكن وسلامة قاطنيها.

تأثيرات مدمرة

ويرى الخبراء أن الأضرار الهيكلية الناتجة عن قوة الانفجارات، تؤدي إلى إضعاف الأساسات والجدران، ما يجعل المباني عرضة للانهيار الجزئي أو الكلي، فيما تظهر تشققات في الجدران والأسقف قد تكون خفية أو ظاهرة، مما يزيد من خطر الانهيار.

وتتعرض البنية التحتية أيضا للتأثير المدمر نتيجة الغارات، وتتضرر شبكات المياه والكهرباء والاتصالات والإنترنت والصرف الصحي، وقد يؤدي تسرب مياه الأمطار والرياح العاتية إلى تدهور حالة المباني المتضررة، خاصة مع وجود تشققات في الأسقف والجدران مما يضعف الأعمدة والأساسات ويعرضها لخطر الانهيار.

هل المباني صالحة للسكن؟

تختلف حالة المباني المتضررة، ويجب إجراء تقييم هندسي شامل لتحديد مدى الأمان، وفقا للخبراء، وإذا كانت الأضرار تشمل الأساسات أو الهياكل الحاملة، فإن المبنى يصبح غير صالح للسكن، ويجب إجراء مسح هندسي لجميع المباني المتضررة في المناطق المستهدفة.

وقال المهندس المدني والإنشائي، محمد كلّم، في حديثه لموقع "الحرة" إن تأثير الغارات على الأبنية المجاورة للمباني المستهدفة يتفاوت بين التدمير الجزئي والكلي.

وأوضح أن الأضرار عادة تصيب الهيكل الإنشائي كليا أو جزئيا، والتأثير يمكن أن يطال الأسقف والأعمدة والجسور والأساسات والجدران.

هدم

وفي حالة الدمار الكلي يتم التصنيف هدم، وعندها يجب إزالة الردم وإعادة البناء من جديد، وفي حالة الدمار الجزئي، يمكن اللجوء إلى التدعيم والترميم الإنشائي والتدعيم الكلي، وفقا لكلّم الذي شدد على خطورة السكن في الأبنية المتضررة.

وأشار إلى أنه في مرحلة إعادة الإعمار بعد انتهاء الحرب، يجب إجراء مسح شامل للمباني المدمرة كليا أو جزئيا، وتلك التي تحتاج إلى ترميم عادي أو إنشائي، للحفاظ على سلامة السكان وتفادي خطر الانهيارات والسقوط.

ولفت كلّم إلى أهمية دراسة تأثير القنابل على البيئة من تربة ومياه وهواء، وقال إن ذلك يتطلب فرقا فنية وهندسية متخصصة ومعدات متطورة، مشددا على ضرورة إجراء مسح شامل لتحديد المباني الممكن ترميمها والسكن فيها وما إذا كانت صالحة أم لا.

أضرار جانبية

من جانبه يؤكد المهندس المعماري، يزن الغنيمي، أن المخاطر كبيرة فيما يتعلق بالأضرار الجانبية الناتجة عن الغارات الجوية العنيفة.

ويقول في حديثه لموقع "الحرة" إن "نتيجة الحرب هناك أضرار مباشرة وأخرى جانبية، وتصيب في الغالب أهدافا مدنية وسكانا مدنيين والبنية التحتية، ناهيك عن الأضرار النفسية على السكان وخاصة على الأطفال".

وتقول إسرائيل إنها تستهدف مباني ومواقع عسكرية لحزب الله في لبنان ولحركة حماس في غزة، وإنهما يتخذان من المدنيين دروعا بشرية، ويقيمان هذه المنشآت داخل مناطق مكتظة بالسكان، فيما تظهر غالبية الفيديوهات أن الأماكن المستهدفة هي منشآت مدنية ومنها المباني والأبراج والأحياء السكنية.

وأضاف الغنيمي أن "الغارات ينتج عنها تأثيرات سلبية على الاقتصاد والبيئة أيضا، ومنها ما يستهدف منشآت حيوية، وبنى تحتية، مثل الطرق والجسور، وأعمدة الكهرباء والاتصالات وغيرها".

وأوضح أن التأثيرات البيئية السلبية واضحة "بسبب الغازات المنبعثة عن الغارات والقنابل والصواريخ، والمخلفات التي عادة ما تبقى في الأماكن العامة وتشكل خطرا خفيا".

العوامل الجوية

وفيما يخص العوامل الجوية الأخرى، يرى الغنيمي أن الرياح والعواصف والأمطار والأعاصير في المناطق الساحلية يمكن أن تؤثر سلبا على المباني الغير مستقرة بشكل كامل.

ويضيف أن الكوارث الطبيعية الأخرى مثل الزلازل قد تفاقم المشكلة، بمعنى أن الخطر يزداد مع وجود العديد من الأبنية المتضررة والآيلة للسقوط.

وشدد المهندس المعماري على ضرورة قيام فرق مختصة بالكشف على المباني المتضررة لمعرفة حالة الأساسات وحديد التسليح والمصاعد والأدراج وغيرها من المرافق.

خسائر فادحة

وتكبد لبنان خسائر اقتصادية فادحة بأكثر من خمسة مليارات دولار خلال أكثر من عام من القصف المتبادل بين حزب الله وإسرائيل والذي تصاعد أواخر سبتمبر الماضي إلى حرب مفتوحة، بحسب ما أعلن البنك الدولي قبل أيام، مع تواصل الغارات الدامية على مناطق عدة.

كما أكد البنك الدولي في تقرير أنه منذ الثامن من أكتوبر 2023 "تسبب النزاع في تضرر ما يقدر بـ99209 وحدات سكنية" مقدرا هذه الأضرار بـ3,4 مليارات دولار.

وفي سبتمبر الماضي، قالت الأمم المتحدة إن ثلثي المباني في قطاع غزة دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023.

وفي تحديث لتقييم الأضرار، قال مركز الأقمار الاصطناعية التابع للأمم المتحدة (يونوسات) إن الصور عالية الدقة التي تم جمعها يومي 3 و6 سبتمبر أظهرت تدهورا واضحا.

وقال مركز يونوسات: "يظهر هذا التحليل أن ثلثي إجمالي المباني في قطاع غزة لحقت بها أضرار. تمثل هذه الـ 66 في المئة من المباني المتضررة في قطاع غزة 163778 مبنى في المجموع".

وقدر التقييم الأخير، استنادا إلى صور تعود إلى أوائل يوليو، أن 63 في المئة من المباني في القطاع تضررت.

وقدر المركز أن الأضرار تشمل الآن "52564 مبنى مدمر؛ و18913 مبنى متضرر بشدة؛ و35591 مبنى بهياكل متضررة؛ و56710 مباني لحقت بها أضرار متوسطة".

ولحقت أضرار جسيمة بمدينة غزة حيث دُمر 36611 مبنى.

مقالات مشابهة

  • الديون الأميركية أكبر خطر على الاستقرار المالي.. هذا ما توصل إليه الفدرالي
  • انخفاض طفيف بأسعار الدولار في بغداد و اربيل مع الإغلاق ببداية الاسبوع
  • غير آمنة.. تأثيرات مدمرة على الأبنية المجاورة لأماكن الضربات الإسرائيلية
  • الحكومة المنتهية تشارك في فعاليات منتدى إسطنبول الأول للطاقة
  • الطريقة الصحيحة لحفظ الخبز في الثلاجة
  • بايدن وماكرون يبحثان جهود وقف إطلاق النار في لبنان
  • الفدرالية الوطنية لمستخدمي المقاهي والمطاعم تسلم الحكومة مطالبها
  • التخطيط: اعلان النتائج الاولية للتعداد العام في العراق سيكون الأسبوع المقبل
  • الإطار الصفوي:العراق سيكون الخط الدفاعي الأول عن إيران
  • كيف يؤثر الطقس البارد على صحتنا؟ 6 تأثيرات غير متوقعة