الصحفي محمد محمد خير في آخر تسجيل له تكلم عن لقاء جمعه بقيادي كبير في قحت، وذكر له القيادي القحتي أن هذه الحرب تديرها بالكامل دولة الأمارات والهدف الأساسي منها هو تقسيم السودان إلى ثلاثة دويلات: دولة في الشرق تضم أقاليم الشرق والوسط الشمال، دولة في جنوب كردفان، ودولة في دارفور. والهدف هو خدمة أجندة إسرائيل.

الكلام عن مخططات تقسيم السودان إلى دويلات ليس جديداً وهو شائع وتردد كثيراً، ومن المؤكد أنه ليس تقسيما يهدف إلى حل مشكلات الدولة السودانية ومن أجل سواد عيون الشعب السوداني، ولكنها مخططات عدوانية تخص الدول التي تضعها لخدمة مصالحها هي ولا علاقة لها برغبات بعض للحمقى من الإنفصاليين في أقاليم السودان المختلفة.

الجيش يتصدى لهذه الحرب إنطلاقا من موقعه كمؤسسة دولة مهمتها الحفاظ على وحدتها وتماسكها واستقرارها، وهو يقوم بهذه المهمة كجيش قومي بطبيعة الحال، لا كجيش يتبع لجهة معينة. وهذا هو مفتاح نجاحه في التصدي لمخططات تقسيم البلد وانتصاره في الحرب.
المليشيات كأجسام هشة بدون أي وعي سياسي ومشبوهة وعرضة للإختراقات الإستخبارية، ليس مستغرباً أن تعمل على توجيه الحرب في منحى جهوي عنصري؛ ذلك يتماشى مع أهداف تقسيم وتفكيك الدولة.

ولكن عندما تتصدى الدولة بواسطة الجيش لهذه الحرب، فهي لا تستطيع أن تجابه سلوك المليشيات وتجاريها بنفس الأساليب الجهوية والعنصرية. وذلك لعدة أسباب، أهمها أن انسياق الجيش في هذا الاتجاه يعني تفككه على أسس عنصرية ومن ثم انهياره كمؤسسة، ما يعني نجاح مخطط بشكل تلقائي. إن ما يجسد وحدة السودان كدولة اليوم بعد هذه الحرب هو مؤسسة الجيش نفسها أكثر من أي شيء آخر. وحدة السودان اليوم تتجسد في الجيش أولاً، وبدرجة أقل في بقية مؤسسات الدولة. والدولة لا تستطيع أن تخوض حرباً على أسس جهوية باسم إقليم أو جهة معينة، هذا مستحيل.

فإذا كانت المليشيات المتمردة التي حاربت الدولة طوال تاريخها تقوم على أسس جهوية وقبلية وتستمد وجودها وقوتها من التكوين الجهوي القبلي، فإن الدولة كانت على العكس تستمد قوتها من كونها النقيض للمليشيات، وأنها تمثل الكل وهذا هو مصدر قوتها، وأيضاً مصدر ضعف المليشيات القبلية. ففي النهاية لا يمكن أن تنتصر مليشيا قبلية على الدولة.

فكرة أن رباط العرق أقوى من رباط الأيديوجيا، وبالذات أيديوجيا الدولة هي فكرة كسولة وساذجة قائمة على ملاحظات إنتقائية تافهة لا قيمة لها في ميزان القوى المحركة للصراع وبالذات في الحرب الحالية وبالتالي ليست حاسمة أو حتى مؤثرة في تحديد نتيجة الحرب. فكرة رابطة العصبية العرقية بقدر ما تبدو لضيقي الأفق كرابطة قوية على المستوى الضيق، إلا أنها تعمل ضمن حدود ضيقة للغاية. في الفيزياء هناك تشبيه ذو دلالة في هذا السياق؛ عندما نقارن القوة النووية التي تربط عناصر الذرات ببعضها نجد أنها أقوى بكثير من الجاذبية، ولكن في المقابل فإن قوة الجاذبية تعمل على نطاقات واسعة في الكون على مستوى المجرات وهي التي تتحكم في النهاية. نفس الفكرة رابطة الدم قوية بلاشك، ولكنها تعمل ضمن حدود ضيقة؛ تعمل على مستوى القبائل ولكن ليس على مستوى الدول؛ يمكن أن تكسب بها حرب قبلية ولكن ليس حرب ضد دولة.

فبقدر ما أن الجيش هو عنصر تماسك الدولة، العكس أيضاً صحيح؛ الجيش قوي لأنه يجسد تنوع وتعدد المكونات المختلفة. وحينما يفقد هذه الخاصية يتحول إلى مليشيا جهوية عنصرية. فالجيش السوداني يستمد قوته من القومية السودانية بقدر ما يعزز هذه القومية كإنعكاس وكتجسيد لها في الوقت نفسه، في علاقة جدلية.

فإذا كانت الحرب الحالية تحمل أجندة عنصرية، فهذه الأجندة يجب أن تُقرأ في سياق أوسع، سياق المؤامرة على وحدة البلد. وعليه فإن التصدي للعنصرية لا يكون بعنصرية مضادة حمقاء تخدم في نفس الاتجاه التفكيكي، ولكن بالترياق المضاد للعنصرية الذي يعزل دعاتها سياسياً وعسكرياً واجتماعياً ومن ثم يسهل هزيمهم.
وفي النهاية السودان منتصر بإذن الله.

حليم عباس

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: هذه الحرب

إقرأ أيضاً:

وسم السيسي يعتلي منصات التواصل الاجتماعي .. وهذه حقيقة المظاهرات التي تطالب برحيله

سرايا - خاص - تصدر وسم" السيسي" منصات التواصل الاجتماعي؛ عقب انتشار مقاطع فيديو لمظاهرات قام بها البعض في مصر يطالبون فيها برحيل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.



وأظهرت مقاطع الفيديو، الشعارات التي قام البعض بالهتاف بها أثناء التظاهرات، مثل: "الشعب يريد إسقاط النظام" و"وارحل يا سيسي"، كما أظهرت قيام البعض الآخر بتمزق صور الرئيس السيسي.


وأوضح المغردون على منصات التواصل الاجتماعي أن هذه الفيديوهات، هي فيديوهات مضللة وقديمة وتعود إلى عامي (2019 و2020)،  مؤكدين أن الهدف من نشرها؛ هو زعزعة استقرار البلاد وإثارة الفتن وزعزعة الأمن في الشارع المصري.


وأكد المغردون، عن دعمهم الثابت للرئيس السيسي والجيش العظيم والشعب المصري، وأنهم سيقومون بالوقوف ضد المؤامرات التي تهدف إلى إضعاف الدولة.

 

إقرأ أيضاً : تركيا تعلن عودة أكثر من 25 ألف سوري منذ سقوط نظام الأسدإقرأ أيضاً : قتلى وجرحى بانفجار مصنع شمال غرب تركياإقرأ أيضاً : مسؤول بالكونغرس .. ترامب قد ينفذ صفقة القرن للسيطرة على "تيك توك"

 

 





تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا


طباعة المشاهدات: 1192  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 24-12-2024 12:16 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
"رد بطريقة قاسية على ابن عمه .. ماذا تريد؟" .. إيلون ماسك يتجاهل عائلته البريطانية صور مروعة لرجل أشعل امرأة داخل المترو .. ووقف يشاهد ببرودة يريدها ترامب .. قصة غرينلاند التي يقطنها عربي وحيد القبض على قاتل خطير في ليبيا .. والدته إحدى ضحاياه "الله لا يرحمك" .. تعليق على فيسبوك يودي... استياء بعد قبول تسوية لأحد رجالات الأسد .. متهم... الأردن .. السجن 7 سنوات لصاحب نادي ليلي بسبب قاصرَتين الأردن يكشف عن الفئات المسموح لها بالمغادرة والدخول... الأمانة تعفي المواطنين من غرامات المستقفات 100% عند... تركيا تعلن عودة أكثر من 25 ألف سوري منذ سقوط نظام...قتلى وجرحى بانفجار مصنع شمال غرب تركيامسؤول بالكونغرس .. ترامب قد ينفذ صفقة القرن...تعرف على الاشخاص الذين رافقوا بشار الأسد برحلته تحت...مفقودون في حادثة غرق سفينة شحن روسية في البحر المتوسطالمعارضة في كوريا الجنوبية تعتزم اتخاذ إجراءات لعزل...رجالات الأسد في لبنان؟… خطف عقيد من الفرقة الرابعةإصابة 20 إسرائيليا بسبب التدافع على الملاجئصفارات الإنذار تدوي في "تل أبيب" إثر...مصدر إسرائيلي: لا يوجد تقدم حقيقي في مفاوضات الأسرى سلاف فواخرجي أفضل ممثلة في "أيام قرطاج... ممثلة لبنانية تتعرّض للسرقة وفيديو يوثّق ما حصل أعمال تخريب في مدرسة راغب علامة ببيروت - فيديو إيمي وحسن يعودان في رمضان: “عقبال عندكم” تعرض لنصرالله .. راغب علامة ينفي اتصالًا مزيفًا... جدل في إيطاليا .. "التحية الفاشية" تطغى على الهدف الأول لحفيد موسوليني صلاح يلمح للرحيل مجدداً وينفي شائعات التجديد كارثة جديدة تهدد موسم برشلونة فيفا يتبنى "إطارا مؤقتا" بشأن الانتقالات على خلفية قضية ديارا أنشيلوتي هادئ مع نهاية العام .. فالفيردي يشير إلى مزايا مبابي القيادية جديد صادم عن داهس الألمان .. الطبيب السعودي توعد منذ 2013 البرازيل .. قوانين قديمة تحظر تناول البطيخ وبيعه "رد بطريقة قاسية على ابن عمه .. ماذا تريد؟" .. إيلون ماسك يتجاهل عائلته البريطانية في صعيد مصر .. ماتت أمه فأحرق المستشفى كيف تعيد الموسيقى صياغة الماضي إلى أذهاننا؟ دراسة حديثة تجيب عمره 500 عام .. اكتشاف أول قبقاب من خشب البتولا في هولندا الطهي 5 أيام دون توقف يُدخل طاهية إيفوارية موسوعة غينيس اليابان تدرس جعل الحياة على القمر حقيقة عالم مصريات ألماني يكشف أسرار مقبرة عمرها 4000 عام .. اكتشفها فريقه بأسيوط "تمائم وحرباء حية" .. توقيف رجلين بتهمة السحر ضد رئيس دولة إفريقية

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • عماد الدين حسين: إسرائيل العدو الأساسي للمنطقة العربية
  • عماد الدين حسين: إسرائيل هي العدو الأساسي لعدم تقدم المنطقة
  • عماد الدين حسين: العدو الأساسي لعدم تقدم المنطقة هو وجود إسرائيل
  • تقسيم الوطن : حول ضرورة تطوير شعار الثورة ومناهضة الحرب
  • الجيش السوداني يعلن مقتل العشرات من «قوات الدعم السريع»
  • وسم السيسي يعتلي منصات التواصل الاجتماعي .. وهذه حقيقة المظاهرات التي تطالب برحيله
  • واتساب يحدد 2025 موعدا لوقف دعم الأجهزة التي تعمل بـ«Android KitKat»
  • من يدعم بقاء السودان موحدا هو من يدعم بقاء الدولة
  • ترامب متصالحاً.. ولكن؟!
  • رجاء في بريد اللجان الموقرة التي تعمل على موضوع تغيير العُملة