هل ستطبق فرنسا سيناريو “داعش” 2014 في غرب أفريقيا
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأسبوع الفائت، سحب سفير بلاده من النيجر ومغادرة القوات الفرنسية البالغ قوامها 1500 جندي المتمركزين في البلاد بحلول نهاية العام، وعلى نقيضه حذر وزير الجيوش الفرنسية سيباستيان لوكورنو مما وصفه بالانقلابات العسكرية التي شهدتها منطقة الساحل وجنوب الصحراء الأفريقية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر ستؤدي إلى “انهيار” منطقة الساحل الأفريقية في ظل تصاعد أنشطة الجماعات التكفيرية.
قبل 12 سنة، في منطقة الشرق الأوسط أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية سحب قواتها من العراق في ديسمبر 2011 في عهد الرئيس الديموقراطي الأسبق باراك أوباما، بعد أن احتلت البلاد لمدة سبع سنوات بذريعة “أسلحة الدمار الشامل” بسبب ضغط شعبي أمريكي طالب بالانسحاب من العراق بعد اكتشاف كذبة الأسلحة الكيميائية، بالإضافة ارتفاع فاتورة الاحتلال ماليا وبشريا، وكذلك انكشاف فضائع ارتكبها أمريكيون بحق العراقيين كفضيحة سجن أبو غريب.
وبعد ثلاث سنوات فقط من الانسحاب الأمريكي أفاق العلم على قيام دولة لـ”داعش” لتجتاح الجماعات التكفيرية محافظات ومساحات شاسعة من العراق وسوريا، حتى باتت على أبواب بغداد ودمشق، لتعود القوات الأمريكية مجددا إلى المنطقة وهذه المرة من بوابة محاربة “داعش”.
وفي منتصف يوليو 2014 أعلنت واشنطن بداية عملياته العسكرية وبتأييد دولي وداخلي أمريكي فقد رأى الجميع سكاكين “داعش” وهي تذبح مئات الآلاف أمام الكاميرات، علما أن “داعش” تحمل الفكر الوهابي وهو ذات الفكر الذي استخدمته الولايات المتحدة إبان حرب الاتحاد السوفيتي في أفغانستان ثمانينات القرن الماضي.
وعلى الرغم من الضربات الجوي والإعلان عن عمليات عسكرية لـ “التحالف الدولي” الذي تقوده أمريكا، إلا أن أوباما قال حينها أن بلاده تحتاج “30 عاما” لهزيمة “داعش”، وربما أكثر، فقد كان الوضع على الأرض مختلفا فالجماعات التكفيرية تواصل تمددها، وتشن هجماتها وتحصل على التمويل والسلاح بطرق سلسة وسهلة وبمساعدة “أجهزة استخبارات دولية”، باستثناء الإعلان عن مصرع قيادات لداعش، والذين تخرجوا من السجون الأمريكية، بغطاء إعلامي مكثف خلال فترات الانتخابات الأمريكية.
وبالعودة إلى النيجر، وبمقارنة الوضع في المنطقة العربية وفي غرب أفريقيا نجد تطابقا إلى حد كبير في كونهما مناطق غنية بالثروات المعدنية وكذلك حكوماتها وتحالفاتها موالية للغرب، غير أن أمريكا تهيمن على منطقة الشرق الأوسط كوريث لبريطانيا، فيما تهيمن فرنسا على غرب أفريقيا، وفقا لتقاسم قوى الغرب للعالم عقب الحرب العالمية الثانية.
ويرى محللون أن السيناريو الأمريكي في العراق وسوريا وانتشار الجماعات التكفيرية مرشحة بالعودة بقوة إلى غرب أفريقيا، كما ألمح وزير الدفاع الفرنسي اليوم، وبذلك سيتم إضعاف القوى الوطنية المناوئة للغرب وهز ثقة الشعوب الأفريقية بها، وكذلك وفتح الباب على مصراعيه لفرنسا وحلفاؤها للعودة إلى المنطقة بذريعة محاربة التكفيريين.
ولتجنب هذا السناريو على دول وشعوب أفريقيا الثائرة بداية التوحد في مواجهة الخطر التكفيري، والاستفادة من تجربة العراق وسوريا ومتابعة تمويل وتسليح الجماعات التكفيرية وضرب معاقلها، وليكون لها عبرة في الحشد الشعبي العراقي المحلي من أبناء العراق وبدعم من دولة إيران الجارة استطاع هزيمة داعش في ثلاث سنوات بعد أن كانت واشنطن وحلفاؤها طلبوا 30 سنة، وعلى الرغم أيضا من الغارات التي شنت عليها لصالح داعش، وكذلك في اليمن حيث استطاعت الحكومة في صنعاء المناهضة لأمريكا من القضاع على “داعش” و”القاعدة”، بإمكاناتها المحلية في حين تنتشر تلك الجماعات في مناطق الاحتلال جنوب وشرق البلاد الخاضع للهيمنة الأمريكية وحلفاؤها.
ونتذكر كيف تخبط قادة أمريكيا بعد هزيمة “داعش” في إيجاد عنوان بديل لتبرير وجود قوات بلادهم في المنطقة، فقد قال الرئيس الجمهوري الأسبق دونالد ترامب صراحة أن التواجد هو لحماية آبار النفط، قبل أن يعود عنوان محاربة “الإرهاب” مع مجيء الرئيس الديموقراطي الحالي جون بايدن في ظل تقارير إعلامية واستخباراتية تتحدث عن محاولات أمريكية لتدوير الجماعات التكفيرية، التي لا تظهر ولا تحارب إلا في أماكن الثروة في العالم وفي الأماكن الاستراتيجية التي تريد قوى الغرب أن تضع يدها عليها.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الجماعات التکفیریة غرب أفریقیا
إقرأ أيضاً:
الجماعات التكفيرية توغل في الجرائم الطائفية بالساحل السوري
يمانيون/ تقارير منذ توجيه الجماعات التكفيرية بوصلتها باتجاه الأراضي السورية قبل أكثر من عشر سنوات، كان الهدف واضحا؛ فقد تجلت العمليات الاجرامية لهذه الجماعات على امتداد جغرافيا الأحداث التي شهدتها الأراضي السورية، منذ ما بعد 2011م؛ فكان الهدف جليا كما كان واضحا مَن يقف خلفه ويموله ويوجهه.
عقب سقوط النظام السوري بدا واضحًا أيضًا أن اللانظام الجديد لم يأت لبناء دولة ولا حتى دويلة، بل جاء لتمزيق البلد وتمهيد الطريق للعدو الصهيوني أن يمد خراطيمه في المنطقة، بدءا من تسليمه خرائط مخازن الأسلحة والمواقع العسكرية للجيش السوري وصولا إلى استهداف ما تبقى من مقومات هذا الجيش، وصولا إلى توغل العدو الإسرائيلي في عمق الأراضي السورية، ولم يمكن آخر ذلك هو سعى الجماعات التكفيرية لتمزيق النسيج الاجتماعي السوري بتعميق النزعة الطائفية من خلال استهدافها الإجرامي للطائفة العلوية وارتكاب أكثر من خمسين مجزرة خلال أقل من أسبوع،وذهب ضحيتها حتى الآن أكثر من 1300 شخص جلهم من الطائفة العلوية.
سرعان ما انكشفت الأقنعة، بعد أن ظهر الوجه القبيح للانظام الجديد، وهذا الذي خططت له المخابرات الأمريكية والصهيونية بهدف زعزعة استقرار المنطقة بأسرها.
وبالتالي يخطئ مَن يظن أن التحدي الإرهابي التكفيري محصور على الساحل السوري، فالمشروع الذي نسجوا خيوطه في واشنطن ولندن وأنقرة وتل أبيب والرياض والدوحة، أوسع وأشمل وأكبر من الجغرافيا السورية.
ولعل ما تقوم به العصابات التكفيرية في هذا المفصل الزمني الحساس، يتقاطع ويتكامل بشكل ملفت، مع مخططات العدوِ الصهيوني، وهو ما أكدته صحيفة “يديعوت أحرونوت” من أن مخطط تفتيت سورية يشغل الحكومات الصهيونية المتعاقبة منذ العام 1967، وأن “إيغال آلون” أحد العسكريين والسياسيين المخضرمين في الكيان الصهيوني، كان يردد دائماً أن بوابة تفتيت سوريا وتمزيق وحدتها لا تتمّ إلا من الجنوب، وأنه يجب الاستفادة من تجاور دروز الجولان المحتل مع أبناء طائفتهم في القنيطرة وصولاً إلى السويداء، وها هي تمنيات إيغال آلون تتحقق بعد 45 سنة على رحيله.
وهنا تشير الأدلة إلى أن الانتهاكات الجسيمة، في ضوء سيادة خطاب التكفير لدى الجماعات التكفيرية وتهديدها بالانتقام من الأقليات الدينية، ولا سيما الطائفة العلوية، ستسهم في تعزيز الحضور الصهيوني في سوريا، والذي ينتعش الآن بذريعة حماية بعض الأقليات، مضافاً إلى عناوين أمنية.
ومع اشتعال الأحداث في مناطق الساحل السوري انتشرت مؤخراً مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، تُظهر عمليات تعذيب جماعي للمدنيين، على يد العصابات التكفيرية التابعة للجولاني، وشهادات حية تؤكد استهدافًا ممنهجًا للعلويين والأقليات الأخرى، وسط محاولات لطمس الجرائم عبر مقابر جماعية وحرق الجثث.
حيث تبقى الصورة شاهدًا على الفصول المروعة للإبادة الجماعية التي ترتكبها عصابات الجولاني، وفي هذا نشر الناشط عمر رحمون على منصة “إكس” فيديوا صادمًا من قرية الصنوبر بريف جبلة، يظهر جثث العديد من المدنيين العلويين الذين قتلوا على يد هيئة تحرير الشام.
وكتب رحمون: “يظهر في الفيديو الكثير من الشهداء العلويين المدنيين الذين قتلوا على أيدي هيئة تحرير الشام، ويقومون بتحضير مقابر جماعية قريبًا من الطريق العام، لكي يتم إخفاؤهم عن الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات العالمية.”
ويكشف هذا الفيديو نية واضحة لإخفاء الأدلة، فيما يشير إلى حجم الجريمة التي تتجاوز مجرد أعمال عنف عشوائية.
وفي هذا، كشفت مصادر مطلعة النقاب، عن أن الجماعات التكفيرية في سوريا أنشأت 11 مقبرة جماعية لضحايا مجازر الإعدامات التي ارتكبتها في مدن وقرى الساحل السوري خلال الأسبوع الماضي.
وقالت المصادر في حديث لموقع “المعلومة” الإخباري أمس الأربعاء، إن عناصر الدفاع والأمن الخاضعة للجامعات التكفيرية تستنفر منذ 72 ساعة من أجل جمع المئات من جثث الضحايا من الطائفة العلوية، ممن تم إعدامهم في أكثر من 30 مجزرة نفذتها العصابات الإرهابية في مدن وقرى وقصبات الساحل السوري.
وأضافت أن “تسع مقابر جماعية تم إنشاؤها في محاولة لطمس معالم تلك الجرائم التي وثّقتها منظمات دولية عبر مئات الفيديوهات والصور، والتي تُعدّ شاهدًا على فظائع مروعة ارتكبت بحق العلويين”.
وأوضحت أن “أكثر من 20 فيديو تم تسريبه خلال الساعات الـ72 الماضية، يوثّق بعض مواقع تلك المقابر الجماعية، حيث تحاول عصابات الجولاني إخفاء معالم جرائمها”، لافتةً إلى أن “بعض هذه المقابر تم تحديد مواقعها، إلا أن العدد الأكبر لا يزال مجهولًا، وسط انتظار رد فعل من المنظمات الدولية للضغط على تلك العصابات لكشف مواقع المقابر ومصير مئات الجثث من الضحايا”.
كذلك نقلت قناة “المحور” على تيليجرام لقاءً صحفيًا مع رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي كشف عن تفاصيل مروعة، أودت بحياة آلاف المدنيين.
وأكد أن “ما يحدث مجازر صارخة وانتهاكات بحق الطائفة العلوية، ولدينا توثيق بالأسماء والصور والفيديوهات لآلاف الشهداء المدنيين الذين قتلهم المجرمون التكفيريون، ولا يمكننا السكوت.”
في زوايا المشهد، ما تزال الأرقام تتضارب حول عدد الذين طالتهم الإعدامات الميدانية وعمليات التطهير الطائفية، إلا أن معظمها يتحدث عن آلاف الضحايا.
ونقل موقع “المحور” عن خبراء دوليين تقديرات صادمة تشير إلى أن عدد شهداء المذابح بحق العلويين قد يصل إلى 30 ألفًا.
وبحسب الخبراء فإن هذا الرقم، إذا تأكد، سيضع هذه الجرائم في مصاف أكبر المجازر في التاريخ الحديث، مما يؤكد أن ما يحدث ليس مجرد صراع داخلي، بل عملية إبادة جماعية تهدف إلى تطهير ديني وعرقي.
وفي هذا الإطار، وتحت عنوان “إعدامات ميدانية” من قوات موالية لعناصر الامن والدفاع و”جثث في الشوارع”.. قالت شبكة “CNN” الأميركية في مشاهدات وشهادات جمعتها من مكان الحدث إن رجالًا مسلحين موالين للجولاني نفذوا عمليات إعدام ميدانية و”تطهير البلاد” مستندة إلى شهود عيان ومقاطع فيديو، توفر صورة مروّعة عن حملة قمع ضدّ ما سُمي بـ”فلول نظام الأسد”، وفقًا لزعمهم، والتي تحولت إلى عمليات قتل جماعية.
كما أكدَّت الشبكة الأميركية أنّ ما شهدته سورية هو: “أسوأ موجة من العنف منذ الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد في أواخر العام الماضي”.
ونقلت عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن ما تعرف حاليا بالقوات الحكومية ارتكبت “إعدامات ميدانية واسعة النطاق”.
وأمس الأربعاء أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن مناطق الساحل، شهدت واحدة من أكثر حملات القتل الجماعي دموية، جراء الجرائم التي ترتكبها الجماعات التكفيرية في سوريا حيث ارتُكبت 50 مجزرة منذ السادس من مارس الجاري، راح ضحيتها 1383 مدنيًا، بينهم أعداد كبيرة من النساء والأطفال.
وبحسب بيان للمرصد، أمس الأربعاء، فقد استشهد هؤلاء في عمليات إعدام على يد عناصر الدفاع والأمن الخاضعة للجامعات التكفيرية والجماعات المتحالفة معها في غرب البلاد ووسطها، حيث تركزت هذه العمليات يومي 7 و8 مارس الجاري.
وقال المرصد، إن ثلاث مجازر جديدة ارتكبت أمس الاربعاء في كل من طرطوس واللاذقية وحماة، راح ضحيتها 158 شخصاً. ففي طرطوس استشهد 49 شخصاً، بينما في اللاذقية 25 شخصاً وفي حماة 84 شخصاً.
وفي السياق ذاته، حذّر المرصد السوري لحقوق الإنسان من الآلية التي يتم من خلالها دفن الضحايا في مقابر جماعية في الساحل السوري بعد توثيق المرصد لاستشهاد نحو 1300 مدني من أبناء الطائفة العلوية.
ولفت المرصد إلى ارتكاب عناصر الدفاع والأمن الخاضعة للجامعات التكفيرية، عمليات إعدام ميداني، وتهجير قسري، وحرق منازل، مع غياب أيّ رادعٍ قانوني.