الجزيرة:
2025-03-11@18:43:10 GMT

ما الجديد في تحالف الانقلابيين في غرب أفريقيا؟

تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT

ما الجديد في تحالف الانقلابيين في غرب أفريقيا؟

يبدو أن التطورات الدراماتيكية في غربي أفريقيا لا تنتهي، فلم يستفق العالم على الانقلاب الأخير في النيجر، ومن قبله انقلاب مالي وبوركينا فاسو، حتى خرج زعماء الانقلاب في هذه الدول الثلاث ليعلنوا في السادس عشر من هذا الشهر ما يمكن أن نطلق عليه تحالف "الانقلابيين" في مواجهة أي قوة مسلحة تقف في وجوههم، سواء أكانت داخلية أم خارجية.

اتفق هؤلاء على تشكيل هذا التحالف العسكري الأمني الذي أطلقوا عليه اسم تحالف "الساحل"، أو تحالف إقليم ليبتاكو-غورما (Liptako Gourma Region)، وهو الاسم التاريخي للمنطقة الحدودية بين الدول الثلاث، والتي كانت مركزا للعديد من الأزمات خاصة في مواجهة الحركات الجهادية والحركات الراغبة في الانفصال مثل حركة تحرير أزواد منذ عام 2012، والتي دفعت فرنسا في العام التالي للتدخل العسكري المباشر من خلال عملية "سيرفال" في مالي، ثم دشنت بعدها بعام واحد عملية برخان، التي تضم إلى جانب باريس خمس دول هي تشاد ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وموريتانيا، وهدفها الرئيسي مواجهة هذه الجماعات المسلحة.

ويلاحظ أن هذا التحالف الأخير بين هذه الدول الثلاث ليس بجديد في فكرته، إذ تمتد جذوره التاريخية إلى عام 1970، عندما قررت هذه الدول الثلاث -بعد الاستقلال بفترة وجيزة- إنشاء هيئة التنمية المتكاملة "ليبتاكو-غورما"، والتي يشار إليها عادة باسم هيئة ليبتاكو غورما (LGA) لتعزيز التعاون الاقتصادي بين دول هذه المنطقة الحبيسة (غير الساحلية)، التي تزيد مساحتها عن نصف مليون كيلومتر مربع، وتعد الأفقر اقتصاديا رغم غناها بالموارد الطبيعية الهائلة.

وفي عام 2017، امتدت مهمة تطوير هذه الهيئة إلى القضايا الأمنية، على اعتبار أن تحقيق التنمية الاقتصادية رهن بالاستقرار السياسي. وبالطبع، كان هذا يتم بالتنسيق مع فرنسا، التي كانت تقود عملية برخان، وتنشر أكثر من 5 آلاف جندي في هذه الدول.

ملابسات تشكيل التحالف الجديد

ربما الجديد في هذا التحالف الأخير أنه جاء بعد موجة الانقلابات التي شهدتها الدول الثلاث ضد النفوذ الفرنسي، والتي بدأت بمالي حيث طالب قادتها برحيل القوات الفرنسية في أغسطس/آب 2022، ثم إعلان فرنسا بعدها بثلاثة أشهر فقط انتهاء عملية برخان، مرورا بطلب مماثل من سلطات الانقلاب في بوركينا فاسو حيث كان 400 جندي، وبالفعل حدث الانسحاب في فبراير/شباط الماضي، وصولا إلى انقلاب النيجر في أغسطس/آب الماضي، ومطالبة قادة الانقلاب برحيل القوات الفرنسية التي يبلغ عددها قرابة 1500 جندي، وكانت تعد بمثابة اليد الطولى لفرنسا في المنطقة.

التحالف الجديد موجه أيضا ضد كل من فرنسا التي باتت تفقد نفوذها في مستعمراتها القديمة، وكذلك ضد التجمع الاقتصادي لدول غرب أفريقيا "إيكواس"

ومعنى ذلك أن هذا التحالف يأتي بعد فشل فرنسا -من خلال عملية برخان- في القضاء على نفوذ الحركات الجهادية والحركات الانفصالية في المنطقة، وبالتالي ارتأى قادة الانقلاب في هذه الدول ضرورة الاعتماد على النفس في مواجهة هذه التحديات، بدلا من الركون إلى فرنسا التي تراجعت شعبيتها بعد الفشل في تحقيق الاستقرار المنشود لشعوب المنطقة.

تحالف ضد فرنسا والإيكواس

لكن الإشكالية أن هذا التحالف الجديد موجه أيضا ضد كل من فرنسا التي باتت تفقد نفوذها في مستعمراتها الثلاث، وكذلك ضد التجمع الاقتصادي لدول غرب أفريقيا "إيكواس". فهو يرفض أي تدخل أو تحرك فرنسي لإعادة نظام الرئيس محمد بازوم في النيجر، بل أصر قادة انقلاب النيجر على ضرورة مغادرة القوات الفرنسية وكذلك السفير الفرنسي للبلاد في أقرب فرصة، ولم يقتصر الأمر على ذلك، إذ أعلن قادة مالي وبوركينا فاسو مساندتهم لقادة الانقلاب في النيجر ضد أي تدخل محتمل من قبل فرنسا أو إيكواس لإعادة بازوم.

ثم طورت الفكرة بموجب الاتفاق الأخير لتنطوي على حماية بعضهم بعضا ضد أي اعتداء خارجي أو داخلي، حيث يعد الاعتداء على أي من الدول الثلاث بمثابة اعتداء على البقية، مما يستلزم تدخلا فرديا أو جماعيا لوقف هذا العدوان، وهذا ما يعرف باسم نظام الأمن الجماعي (collective security)، الذي لا يقتصر على أن يكون الاعتداء داخل أي من هذه الدول الثلاث، وإنما قد يقع الاعتداء على قوات أي منها خارج حدودها. أي أنه تم توسيع نطاق هذا الأمن الجماعي، بحيث لم يعد قاصرا على مواجهة الحركات الجهادية، وإنما يشمل الانفصاليين أيضا.

تداعيات التحالف على المنطقة

وهذا مفهوم مطاط قد يتم تفسيره لتبرير استخدام القوة المسلحة ضد أي قوة سياسية أو مسلحة ترغب في عودة النظم الديمقراطية المخلوعة في هذه الدول الثلاث، كما أن هذا التحالف سيتم تفعيله في مواجهة إيكواس، التي قد تسعى بموجب بروتوكول الحكم الرشيد 2001 للتدخل العسكري لمواجهة الانقلابات وإعادة النظم الديمقراطية للحكم، وبالتالي سيكون لها هذا التحالف بالمرصاد. ولعل الجديد في هذا التحالف هو الاتفاق على وضع الهياكل التأسيسية لتنفيذه على أرض الواقع بعدما ظل تحالفا شكليا منذ ست سنوات.

التحالف الجديد يدق مسمارا أخيرا في نعش إيكواس التي عجزت حتى الآن عن التدخل في مواجهة الانقلابات في غرب أفريقيا

ومعنى هذا أن هذا التحالف الجديد يشكل نظام أمن جماعي مواز للأمن الجماعي الخاص بإيكواس، بل إنه يحدث حالة من الانقسام الداخلي بها، خاصة بعد تعليق إيكواس عضوية هذه الدول الثلاث بسبب الانقلابات العسكرية بها، وفي المقابل إبداء هذه النظم الرغبة في الانسحاب منها.

كما تكمن الخطورة في أن هذا التحالف الجديد دعا باقي دول الإقليم للانضمام إليه، وهي خطوة من شأنها تعزيز فكرة الانقلابات العسكرية، في ظل وجود ظهير عسكري قوي لقادة هذه الانقلابات. كما أنه يدق مسمارا أخيرا في نعش إيكواس التي عجزت حتى الآن عن التدخل في مواجهة الانقلابات في هذه الدول الثلاث، بل إن هذا التحالف في مثل هذا التوقيت يجعل تهديدات إيكواس بشأن إمكانية التدخل في النيجر بمثابة تهديدات جوفاء تفتقد إلى الجدية العملية، خاصة وأن أية قرارات قد تتطلب قدرا من التوافق أو الأغلبية التي بات تحقيقها صعب المنال.

وهكذا يصيب فيروس "الانقسامات" منظمة إيكواس كما أصاب المجموعة الاقتصادية لوسط أفريقيا "إيكاس" من قبل، ليعلن قرب انتهاء الفاعلية الأمنية والعسكرية لها، وليدشن مرحلة جديدة من الانقلابات في هذا الحزام الانقلابي الذي تشهده منطقة الساحل منذ سنوات.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: التحالف الجدید فی هذه الدول غرب أفریقیا عملیة برخان الانقلاب فی فی النیجر فی مواجهة

إقرأ أيضاً:

الوزير الشيباني: نرحب بدعم دول الجوار لسوريا في مواجهة التحديات التي تتعرض لها

عمان – سانا

أعرب وزير الخارجية والمغتربين السيد أسعد الشيباني عن الترحيب بوقوف جميع الدول المشاركة في اجتماع سوريا ودول الجوار إلى جانب سوريا في مواجهة التحديات التي تتعرض لها اليوم واحترامهم لوحدة واستقلال الأراضي السورية، ورفضهم المشترك للتهديدات الإسرائيلية، وتبني رفع العقوبات الجائرة عن الشعب السوري.

وقال وزير الخارجية في مؤتمر صحفي خلال مشاركته في الاجتماع المقام في الأردن والذي جمع وفود من الأردن وتركيا ولبنان والعراق:” أشكر الأردن وجميع الوفود المشاركة التي تعكس بوضوح حرصهم على التعاون والتنسيق لمواجهة التحديات المشتركة وترسيخ الأمن في المنطقة”.

كما أعرب الوزير الشيباني عن شكره لدعم الجوار للشعب السوري خلال السنوات الماضية واستضافة السوريين رغم التحديات الضخمة، وهذا سيترك في الذاكرة السورية أواصر اجتماعية وأخلاقية مع الدول المستضيفة.

وشدد الوزير الشيباني على أهمية تعزيز التعاون المشترك الاستثماري والاقتصادي بين سوريا ودول الجوار في المجالات الحيوية، مؤكداً الاستعداد للاستمرار بهذه الروح الإيجابية التي سادت لقاء اليوم والتي ستسود اللقاءات القادمة والبناء على ما يتم إنجازه وتعزيز العمل المشترك من أجل مستقبل أفضل للمنطقة والعالم.

الشيباني 2025-03-09Hassan Nasrسابق الملك الأردني يلتقي المشاركين في اجتماع دول جوار سوريا ويؤكد أهمية التنسيق للتصدي للتحديات المشتركة انظر ايضاً الوزير الشيباني: الشعب السوري أظهر وعياً فريداً وحساً وطنياً بتكاتفه وحمايته للمصالح الوطنية

دمشق-سانا أكد وزير الخارجية السيد أسعد الشيباني أن الشعب السوري أظهر وعياً فريداً وحساً وطنياً …

آخر الأخبار 2025-03-09الوزير الشيباني: نرحب بدعم دول الجوار لسوريا في مواجهة التحديات التي تتعرض لها 2025-03-09الملك الأردني يلتقي المشاركين في اجتماع دول جوار سوريا ويؤكد أهمية التنسيق للتصدي للتحديات المشتركة 2025-03-09تشييع 8 شهداء من أبناء حماة ارتقوا خلال معارك مع فلول النظام البائد في الساحل 2025-03-09الصحة تبحث مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سبل تعزيز التعاون المشترك 2025-03-09قرار رئاسي بتشكيل لجنة وطنية مستقلة للتحقيق في أحداث الساحل السوري 2025-03-09سوريا ترحب بتخفيف العقوبات عنها وتجميد الأصول المرتبطة ببشار الأسد من قبل السلطات السويسرية 2025-03-09بدء أعمال اجتماع دول جوار سوريا في عمان لبحث آليات التعاون في مواجهة التحديات المشتركة 2025-03-09عودة خدمات الاتصالات الخارجية والإنترنت لمحافظتي درعا والسويداء 2025-03-09الهيئة الناظمة للاتصالات: منع حيازة طائرات الدرون والنت الفضائي قبل ‏الحصول على إذن مسبق ‏ 2025-03-09محافظ طرطوس: المحافظة تشهد عودة تدريجية للحياة العامة بعد دحر فلول النظام البائد

صور من سورية منوعات تيك توك تستأنف خدماتها في الولايات المتحدة بفضل ترامب 2025-01-20 الصين تطلق مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية إلى الفضاء 2024-12-05فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • فاينانشال تايمز ترصد الاقتصادات الصاعدة التي ولدت خلال الأزمة المالية
  • تحالف جديد للمعارضة بكوت ديفوار استعدادا لرئاسيات 2025
  • بالفيديو.. خبير صحة عالمية: التلوث البيئي يزداد في الدول التي تعاني من الحروب
  • “التحالف الإسلامي” يعقد ورشة عمل حول تعزيز الصمود المجتمعي ضد التطرف
  • لبنان في مركز مُتقدّم.. إليكم ترتيب الدول العربية التي لديها نساء متعلمات أكثر من رجالها
  • تشكيل منتخب مصر للمحليين فى مواجهة جنوب أفريقيا
  • الوزير الشيباني: نرحب بدعم دول الجوار لسوريا في مواجهة التحديات التي تتعرض لها
  • غزل المحلة يدعم صميدة قبل مواجهة منتخب المحليين أمام جنوب أفريقيا
  • غزل المحلة يدعم صميدة قبل مواجهة جنوب أفريقيا اليوم مع منتخب المحليين
  • جنوب أفريقيا تواصل العداء ضد الوحدة الترابية للمغرب بتعيين سفير لدى بوليساريو