حكاية الطرف الخفي الذي يعلم حقيقته الجميع
في إطار التطور المتسارع للأحداث في المشهد السوداني والتي باتت عصية على اللاحق طالعنا خبر فرض الولايات المتحدة عقوبات على الأمين العام للحركة الإسلامية في السودان علي كرتي الشهير بملك الأسمنت والتي تعتبر ضربة قوية للطرف الخفي وإشارة واضحة بأن الولايات المتحدة تقرأ الأوضاع في السودان بصورة جيدة وتعرف حقيقة أن الأطراف التي تتصارع في الخرطوم ليست سوى مخلب قط وواجهات للنظام البائد.

وكذلك نحن في الشارع السوداني نعي تماما ماهية الطرف الذي يسعى للاستثمار في هذه الحرب والاستفادة منها حتى آخر قطرة دم سوداني تراق دون أن تأخذهم فينا رأفة .أن العقوبات الأمريكية المعلنة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك التكهنات التي ذهبنا إليها من قبل والتي دعمتها مئات الشواهد بتورط الإسلاميين في هذا النزاع وانغماسهم في مستنقع الحرب المستعرة في السودان حتى أخمص أذنيهم .لقد تبنى الإسلاميون معركة الكرامة باعتبارها حصان طروادة الذي سيعيدهم إلى كرسي السلطة في السودان واتضح ذلك جليا في الشعارات المرفوعة والأهازيج المنشودة والهتافات المتداولة بالإضافة لملصقات وتعليقات حسابات الذباب الإلكتروني المنتشرة في الوسائط انتشار النار في الهشيم تبث المعلومات المغلوطة وتحور الحقائق وتخدر الشارع وتوجه الرأي العام في اتجاه الدفع بخيار الحرب للأمام. متخفية خلف حناجر صدئة مازالت تصدح ببأسطواناتمشروخة وأبواق ناعقة كغربان البين تنذر بالشؤم في كل بث حي تطلقه أمثال الانصرافي ومن يشابهونه في القول والمضمون .
إن من منع البرهان من زيارة السعودية في الفترة السابقة ويمتلك قرار إعطاء الضو الأخضر لوفد الجيش للرجوع إلى طاولة المفاوضات هو ذات الطرف الذي اتخذ قرار إطالة أمد هذه الحرب اللعينة وعمل على استنفار الشارع وتجنيد الشباب وفتح المعسكرات للنساء وأطلق على الكتائب المساندة للجيش أسماء من أدبيات وقواميس التيار الإسلامي المتداعي.إنه الطرف نفسه الذي اتخذ قرار إخراج البرهان من القيادة العامة وهو من لعب بورقة ذهاب البرهان لنيويورك واستثمار ذلك سياسيا بالمتاجرة بدون حياء في الحرب في وقت تتساقط فيه القذائف على رؤوس الأبرياء والأوضاع القتالية في الخرطوم ما زالت لا تبارح مكانها لتسفر عن منتصر .
إن الشارع السوداني يجد نفسه اليوم وفي هذه اللحظة وبدافع من خوفه على مستقبل دولته وحرصا منه على أن لا تتسلط عليه هذه الشرذمة مجددا يقف مع الإدارة الأمريكية في خندق واحد مطالبا المجتمع الدولي بإيقاع مزيد من العقوبات على قيادات هذه العصابة المتسلطة وكل من يعمل معها على توسيع رقعة الحرب في السودان .
yousufeissa79@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی السودان

إقرأ أيضاً:

خطاب السلطة السودانية: الكذبة التي يصدقها النظام وحقائق الصراع في سنجة

 

خطاب السلطة السودانية: الكذبة التي يصدقها النظام وحقائق الصراع في سنجة

عمار نجم الدين

تصريحات وزير الإعلام السوداني لقناة الجزيرة اليوم خالد الإعيسر تعكس بوضوح استراتيجية النظام في الخرطوم التي تعتمد على تكرار الكذبة حتى تصير حقيقةً في نظر مُطلقيها. عندما يصف الوزير الدعم السريع بـ”الخطأ التاريخي” ويزعم تمثيل السودانيين، فإنه يغفل حقائق دامغة عن طبيعة الصراع وأدوار الأطراف المختلفة فيه.

في خضم هذه الدعاية، يُظهر الواقع أن الانسحاب الأخير لقوات الدعم السريع من سنجة، تمامًا كما حدث  في انسحاب الجيش في مدني  وجبل أولياء وانسحاب الدعم السريع  من أمدرمان، ليس إلا فصلًا جديدًا من فصول التفاوض بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. هذه الانسحابات لم تكن وليدة “انتصار عسكري” كما يدّعي النظام، بل هي نتيجة مباشرة لمفاوضات سرية أُجريت بوساطات إقليمية، خاصة من دول مثل مصر وإثيوبيا وتشاد، وأسفرت عن اتفاق لتبادل السيطرة على مواقع استراتيجية وضمانات بعدم استهداف القوات المنسحبة.

ما حدث في سنجة هو نتيجة لتفاهمات وُقعت في أواخر أكتوبر 2024 في أديس أبابا تحت ضغط إقليمي ودولي. الاتفاق، الذي حضرته أطراف إقليمية بارزة، مثل ممثل رئيس جنوب السودان ووزير خارجية تشاد، شمل التزامات متبادلة، من بينها انسحاب الدعم السريع من مواقع محددة مثل سنجة ومدني، مقابل:

ضمانات بعدم استهداف القوات المنسحبة أثناء تحركها من المواقع المتفق عليها. تبادل السيطرة على مناطق استراتيجية، حيث التزم الجيش السوداني بانسحاب تدريجي من مناطق مثل الفاشر، مع الإبقاء على وحدات رمزية لحماية المدنيين. التزام بوقف الهجمات لفترة محددة في المناطق المتفق عليها لتسهيل التحركات الميدانية وإعادة توزيع القوات.

انسحاب الجيش السوداني من الفاشر سوف يكون تدريجيًا، يُظهر أن الطرفين يعيدان ترتيب أوراقهما ميدانيًا وفق التفاهمات السرية، لا على أساس أي انتصارات عسكرية كما يدّعي النظام.

النظام في الخرطوم، كعادته، يسعى إلى تصوير هذه التطورات الميدانية كإنجازات عسكرية، معتمدًا على خطاب تضليلي يخفي حقيقة أن ما يحدث هو نتيجة لاتفاقات سياسية تخدم مصالح الطرفين أكثر مما تحقق أي مكاسب للشعب السوداني.

ادعاء الوزير بأن النظام يمثل السودانيين، في مقابل القوى المدنية التي “تتحدث من الخارج”، هو محاولة أخرى لإقصاء الأصوات الحقيقية التي تمثل السودان المتنوع. هذه المركزية السياسية، التي لطالما كرست التهميش ضد الأغلبية العظمى من السودانيين، تعيد إنتاج نفسها اليوم بخطاب مكرر يفتقر لأي مصداقية.

الحديث عن السلام وفق “شروط المركز” هو استمرار لنهج الإقصاء، حيث يرفض النظام الاعتراف بالمظالم التاريخية، ويمضي في فرض حلول تخدم مصالحه السياسية دون النظر إلى جذور الأزمة. السلام الحقيقي لا يتحقق بشروط مفروضة من الأعلى، بل بإعادة بناء الدولة السودانية على أسس جديدة تضمن العدالة والمساواة.

خطاب النظام حول “الانتصارات العسكرية” و”مواجهة المؤامرات الدولية” ليس سوى وسيلة لتبرير القمع الداخلي وتحريف الحقائق. الحقيقة الواضحة هي أن الانسحاب من سنجة وستتبعها الفاشر وغيرها من المناطق تم نتيجة مفاوضات سياسية بوساطة إقليمية، وليس نتيجة “نصر عسكري” كما يزعم النظام. هذه الممارسات تفضح زيف الرواية الرسمية وتؤكد أن الأزمة الراهنة ليست صراعًا بين دولة ومليشيا، بل هي امتداد لصراع مركزي يهدف إلى تكريس الهيمنة والإقصاء.

إذا كان النظام السوداني يسعى حقًا لإنهاء الحرب وبناء السلام، فعليه أولًا التوقف عن الكذب والاعتراف بمسؤولياته في خلق هذه الأزمة. السودان اليوم أمام مفترق طرق حاسم، والاختيار بين الحقيقة أو الكذبة سيحدد مصير البلاد لسنوات قادمة.

 

الوسومالفاشر حرب السودان سنجة

مقالات مشابهة

  • الرجل الاسكندنافي يذكّر البرهان وأنصار الحرب بمعاناة السودانيين !!
  • تداعيات الفيتو الروسي وأسبابه
  • بيان من الحركة الشعبية لتحرير السودان التيار الثورى الديمقراطى
  • البرهان يعلق على أنباء التسوية مع الدعم السريع
  • سفارة السودان في القاهرة تعلن عن إعادة فتح مدرسة الصداقة السودانية
  • حرب الكيزان – مليشيات الكيزان: المشهد الختامي لنهاية الحركة الإسلامية في السودان 
  • حوار مع صديقي ال ChatGPT الحلقة (51)
  • سحب الترخيص والإغلاق النهائي .. سفارة السودان بالقاهرة تحذر المدارس السودانية
  • عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
  • خطاب السلطة السودانية: الكذبة التي يصدقها النظام وحقائق الصراع في سنجة