بدأها سمو الأمير: أربعة مواقف قطرية نبيلة في حب السودان وأهله
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
===========
هي مواقف مبدئية أخلاقية وإنسانية بالدرجة الأولي...من أهل قطر نحو السودان وأهله ..مواقف عظيمة لن تبارح الذاكرة علي مر الأيام...
أولها موقف سمو أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ...فقد جاء فيها، من صادق القول ، ما كان يريد قوله كل سوداني حزين علي بلده.
قال وعبر عن هواجس وأماني الفرد السوداني البسيط وخوفه علي مستقبل بلده ، وضياع أحلامه المشروعة في وجود حكومة مدنية كاملة الأركان ، تعبر عن تطلعات في الحرية والعدالة والسلام ...وجيش وطني قوي يحمي عرينه وتحقيق وحدته في ربوع أرضه المعطاه.
أما المواقف الإنسانية الرائعة...فقد جاءت عفو الخاطر...جاءت مم الشعب القطري النبيل..من تلك الوجوه النيرة والمشاعر الاخوية الصادقة والعبارات الدافئة وهي تحاول أن تخفف من مشاعرنا الحزينة نحو الوطن والمصائب التي حلت بأهلنا في السودان.
من هذه المشاعر..والمواقف النبيلة، فقد تصادف وجودي في صف احد الجمعيات الغذائية المشهورة بالدوحة ، لدفع فاتورة الشراء..وكان يقف خلفي مباشرة رجل قطري وقور..
وعندما حان دفع فاتورة الشراء، تفاجأت عندما سمعت الرجل الطيب يطلب من ( الكاشير)أن يضم قيمة مشترياتي إلي فاتورة مشترياته.وأنه سيدفع المبلغ كاملا.وأمام دهشتي ، أجاب : ما عليك..أرسل قيمة أغراضك ، مساهمة مني،إلي اؤلئك المحتاجين في معسكرات النزوح للهاربين من ويلات الحرب.
أما المفاجأة الثالثة ،فقد كانت مع هذا الموقف الإنساني الفريد..فقد خاطبني بالهاتف أحد الأصدقاء القطريين ليبلغني بأنهم كحال العائلات العريقة في قطر،يجتمعون نهار كل جمعة في بيت العائلة الكبير..وقد جمعوا هذه المرة مبلغا محترما من المال رغبة منهم في مساعدة المتضررين من آثار الحرب التي تجري في السودان ويطلبون مني توصيلها للمحتاجين المتضررين أينما وجدوا في السودان...وقد فعلت ما أمروا به وقلبي منفطر من الحزن علي بلدي..وبالفخر والاعزاز علي أهلي وبهذا الحب الذي لا زال مقدرا وموجودا في قلوب أهل قطر الطيبين نحو السودان وأهله.
وكانت المفاجأة الرابعة..عندما وجدت إشعارا من البنك بإيداع مبلغ كبير من المال في حسابي الخاص..وبمرجعة كشف الحساب وجدته محولا من حساب إحدي الزميلات الفضليات في العمل..فأعتقدت أن ذلك قد تم عن طريق الخطأ ولابد من إرجاع المال لأصحابه..فاتصلت بشقيقها ،الذي يعرفني ،فعلمت أنه علي علم بما حدث..وأن الأمر مقصودا كمساهمة من الوالدة لمساعدة أهلنا في السودان ، علها تخفف من ويلات تلك الحرب اللعينة..
(أهلنا في السودان)، قالها بتلك البساطة والعفوية والمحبة...كانت صادقة ومن القلب بتلك الروح الجياشة من الاحاسيس التي أخجلتني.
لله دركم يا أهل قطر..يا أهل الجود والكرم والمشاعر النبيلة.. هكذا ، دائما انتم،شعبا راقيا كريما.. وأميرا فارسا مقداما نبيلا.. وحكومة خيرة في الطليعة...
كنتم دائما ، أكثر الشعوب قربا منا..ودوما أكثر رأفة ورحمة ومودة وأحسانا ومراعاة لشعورنا..بل كنتم أكثر رحمة بنا من الميليشيات المسلحة ، وأمراء الحرب عندنا..
د.فراج الشيخ الفزاري
f.4U4f@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی السودان
إقرأ أيضاً:
هل أشعلت الحرب عقول الشباب السوداني؟
حدثنا البروفيسور شمس الدين زين العابدين عن الرئيس الهندي الأسبق أبوبكر عبد الكلام أنه خاطبهم في قاعة الشارقة بجامعة الخرطوم قائلا لهم: “لا تكتفوا بتدريس طلابكم، بل أشعلوا عقولهم”.
كتاب له مشهور عنوانه Ignited Minds إشعال العقول، عوّل فيه على إشعال العقول الشابة Igniting young minds حين بدأ التخطيط لفترة رئاسته. رأى أن يكون قائدًا ولا يفرض فكره على الآخرين.
كتب في مقدمة الكتاب أن صدمة كبيرة أوصلته إلى هذه القناعة، عندما نجا من تحطم مروحية كانت تقله.
يبدو أن الحرب قد أشعلت عقول السودانيين، أو كما نقول بالدارجة: “فَتحَت راسهم”. وربما أصابهم ما يصيب الجسم بعد العلاج بالصدمة الكهربائية. صدمة مؤلمة لكنها فعالة.
ظهرت العشرات من العناوين التي ألفها السودانيون في فترة الحرب، ومئات المنصات الالكترونية العلمية ومنها منصات ذات محتوى رفيع لشباب واعد يقدم مشروعات في الزراعة والصناعة والطاقة وغيرها.
قد يقال إن هذه الكتب والمؤلفات والمنصات ليست سوى مظهر لـ “قلة الشَغَلة” بعد أن أوى اللاجئون إلى الشقق في مصر وتركيا والسعودية ولم يجدوا شيئًا يفعلونه غير صياغة المشروعات وتأليف الكتب.
وقد يقال إن هذه المنصات الالكترونية الرصينة ليس لها أثر، لأن المؤثرين الفعليين هم (اللايفاتية) بأصواتهم العالية ورؤوسهم الخاوية!
هل يصل إلى الناس مثلا ما يقوله البروفيسور سيد أحمد العقيد أو الدكتور عباس أحمد الحاج؟ أذكر هذين الاسمين من علمائنا المرموقين، من باب المثال لا الحصر. الأول أنشأ مجموعة إعادة قراءة ونشر تاريخ السودان القديم المنسي من أجل الوعي بالذات. هكذا سمى المجموعة وقال إنها مجموعة تهدف إلى إيقاظ الحس الوطني. أما عباس فهو يعرِّف نفسه بأنه إعلامي، لكني أراه ممتلئًا بالتاريخ آخذًا بزمامه.
في صباح هذا اليوم الذي أكتب فيه بعث إليَّ الدكتور عباس تسجيلا صوتيًا يرد فيه على من أراد التقليل من الحضارة السودانية. ويعجبك عباس حين يتكلم بعمق عن أمة السودان العظيمة وعن الدولة العادلة في السلطنة الزرقاء وعن الكتلة التاريخية التي نشأت بتحالف عمارة دنقس وعبد الله جماع. ومن الجديد الذي سمعته منه أن نظام فصل السلطات أخذه الأمريكيون من السلطنة الزرقاء فقد زار أحد الآباء المؤسسين لأمريكا سنار وهو توماس جيفرسون، واحد ممن كتبوا الدستور الأمريكي. ويمضي دكتور عباس في القول بأن الحضارة السودانية سبقت بعلم الفلك وأن السودان موطن اللغة العربية، ففيه كان مبعث سيدنا إدريس عليه السلام أول من قرأ وأول من كتب في الرمل وأول من تطبب وأول من خاط الملابس.
أنشأ عباس مع آخرين مركز بحوث التاريخ والحضارة السودانية، ليضم أكثر من 180 عالما في التاريخ والثقافة. وجاء في تعريفه: مجموعة لإعادة قراءة تاريخ السودان بما يكشف جوانب المجد والسمو لهذا البلد العظيم.
إيه حكاية إعادة قراءة التاريخ؟
على طريقة السودانيين ترك البعض جوهر القضية وانغمسوا في حوار جانبي: هل الصحيح أن نقول إعادة قراءة التاريخ أم إعادة كتابة التاريخ؟ وكاد المتحاورون أن يتفرقوا إلى حزبين متشاكسين: حزب إعادة القراءة وحزب إعادة الكتابة!
يقول الكاتب المغربي محمد عابد الجابري: “مهمة المؤرخ إعادة بناء الماضي عقليًا”.
ليتفق المتحاورون إذن أن الكتابة والقراءة كلتيهما دراسة، فلتكن مهمة المجموعتين: إعادة دراسة التاريخ.
والمهم في إطلاق هذه المبادرات العلمية والأدبية أن تساعد في تنمية الوعي بأوضاع بلادنا التي تجتاز منعطفًا أساسيًا في تاريخه. معرفة الماضي تكشف الأسباب والعوامل التي قادت إلى ما نحن فيه الآن، والفهم الصحيح للماضي يساعد على فهم الحاضر واستشراف المستقبل.
يا ليت حركة التأليف والنشر لا تنتهي إلى مجرد إنتاج فكري متراكم، أو إلى بحوث توضع في أرفف المكتبات، وإلا فما أكثر الإنتاج البحثي في جامعاتنا التي لا تصل إلى الناس. المطلوب مشروع فكري يقود الحركة السياسية وتنفعل به حركة المجتمع، ولتكن هذه الصحوة الفكرية هي أساس صحوة وطنية شاملة.
بالله عليكم انبذوا مشعلي الإثارة والتهييج والعنف، وشجعوا مُشعلِي العقول الذين ينيرون طريق المستقبل المنشود.
بقلم: د. عثمان أبوزيد
صحيفة البلد