شقيق «حميدتي» في دارفور… وتحذير من تكريس الحروب والنزاعات القبلية
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
الخرطوم ـ «القدس العربي»: تجدد القتال، الجمعة، بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في عدة مناطق في الخرطوم، في حين أفادت هيئة محامي دارفور عن وصول القائد الثاني في «الدعم» عبد الرحيم دقلو إلى مدينة نيالا، في ولاية جنوب دارفور، بغرض توسيع العمليات القتالية، محذرة من أن ذلك سيؤدي إلى تكريس الحروب والمنازعات القبلية وتدمير المدينة.
وفي الخرطوم، قصفت مدفعية الجيش من وادي سيدنا شمال أمدرمان تجمعات لـ «الدعم» في أحياء أمدرمان القديمة ومواقع في السوق الشعبي. كما هاجمت مسيّرات تابعة للجيش ارتكازات أخرى في شرق النيل وأحياء شرق العاصمة.
في وقت ردت فيه قوات «الدعم» بالقصف المدفعي من أماكن تمركزها في الخرطوم بحري على قاعدة كرري العسكرية شمال أمدرمان.
وقال مواطنون لـ «القدس العربي» إن أعمدة الدخان ما زالت تتصاعد من نواحي القيادة العامة للجيش وسط الخرطوم مع سماع دوي انفجار وقصف مدفعي متقطع.
ودارت مساء الأربعاء مواجهات مباشرة وعنيفة بين طرفي النزاع في حي العمدة وسط أمدرمان استمرت لنحو ثلاث ساعات واستخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والخفيفة قبل أن تتراجع حدة الاشتباكات.
وحسب لجان المقاومة في المنطقة الجيش تصدى لمحاولة هجوم من قبل قوات «الدعم».
مجزرة في أمدرمان
وفي سياق متصل، اتهمت وزارة الخارجية قوات «الدعم» بـ»ارتكاب مجزرة بشرية في أمدرمان أمس الأول بعد قصفها لمحطة مواصلات عامة في ذروة ازدحامها في منطقة الجرافة شمال أمدرمان بالمدفعية الثقيلة.
وأشارت في بيان لها، أمس، الى أن «الحصيلة الأولية للقصف عشرة قتلى من بينهم أطفال في حين لا يزال عدد كبير من الجرحى يتلقون العلاج وبعضهم إصابته خطيرة، مما يرشح عدد الضحايا للارتفاع، إلى جانب تدمير مركبات ومحلات تجارية، مما يعني حرمان عشرات الأسر من مصادر دخلها».
مخطط «شرير»
واعتبر البيان أن «تلك الجريمة امتداداً للمخطط الشرير الإرهابي للميليشيا الرامي لإخلاء العاصمة من السكان بغرض الاستيلاء على منازلهم وممتلكاتهم وتحويل المناطق السكنية إلى ثكنات عسكرية».
وزاد: «ما يعضد ذلك خلو المنطقة المستهدفة من أي أهداف عسكرية إذ أنها منطقة سكنية وتجارية».
وفي الموازاة، كشف البيان عن تعرض فتاة في منطقة الفتيحاب وسط أمدرمان للاغتصاب من خمسة من أفراد «الدعم» مشيراً إلى تعرض متطوعة في مساعدة متضرري الحرب في الخرطوم بحري، في اليوم نفسه، للاغتصاب من أفراد الجهة نفسها».
ونددت الخارجية كذلك باستهداف الدعم بالقصف مبنى مفوضية العون الإنساني في الخرطوم، مبينة أن المفوضية هي الجهة المسؤولة عن تيسير وتقديم المساعدات الإنسانية في كل أنحاء البلاد.
«الحركة الإسلامية» تعتبر عقوبات أمريكا «قلادة شرف» على صدر أمينها العام
وقالت: إن «ارتكاب الميليشيا لهذه الجرائم الشنيعة في يوم واحد وحيز جغرافي محدود، لهو أكبر دليل على الطبيعة الإجرامية الإرهابية لهذه الميليشيا مما يحتم على المجتمع الدولي التعامل معها على ذلك الأساس».
وعلى صعيد آخر، أعلنت هيئة محامي دارفور، عن وصول عبد الرحيم دقلو ـ قائد ثاني الدعم السريع ـ وشقيق قائدها، إلى نيالا في ولاية جنوب دارفور، خلال اليومين الماضيين بغرض توسيع نطاق العمليات القتالية في المدينة.
وأفادت الهيئة في بيان لها، أنها تحصلت على معلومات بوصول دقلو إلى نيالا وتعزيرات قدرات «الدعم السريع» القتالية بمعدات حربية.
واعتبرت الهيئة ذلك «اتجاهاً لتوطين العمليات القتالية في ولاية جنوب دارفور وعاصمتها مدينة نيالا» مؤكدة أن «هذه العمليات القتالية تؤدي إلى تكريس الحروب والمنازعات القبلية».
وأشارت إلى أن محلية كبم في ولاية جنوب دارفور تشهد قتالاً طاحناً بين عناصر من قبيلتي السلامات والبني هلبة تجاوز عدد ضحاياه الـ 200 قتيل.
وأكد محامو دارفور أن العمليات القتالية في مدينة نيالا أدت إلى نزوح غالبية السكان من الأحياء الوسطية وأحياء أخرى إلى مناطق داخل السودان وخارجه.
وطالبوا «الدعم السريع» بتجنيب مدينة نيالا المزيد من «أسباب الخراب والدمار والانقسامات المجتمعية».
وشددت الهيئة على ضرورة اللجوء الى الوسائل السلمية لأي مطالب، من دون السماح بإفلات كافة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
سياسيا، تباينت ردود الأفعال إزاء العقوبات التي فرضتها الخزانة الأمريكية، أول أمس الأربعاء، على رجل الحركة الإسلامية الأول في السودان، وزير الخارجية في النظام السابق علي كرتي، فضلا عن شركتين لهما صلة بـ»الدعم السريع».
واعتبرت الحركة الاسلامية في بيان لها، أن العقوبات على كرتي «استمرار في استصدار قرارات جائرة من قبل الولايات المتحدة التي تعاود الوقوف في الصف الخطأ في حقبة مهمة في تاريخ السودان» وفق تعبيرها.
وأكدت أن القرار الأمريكي «قلادة شرف على صدر أمينها العام الذي وقف بنفسه وماله في سبيل الله والوطن» مشيرة إلى أن «موقف الحركة الإسلامية وكرتي، منذ 11 أبريل/نيسان، كان الانحياز إلى صف المحافظة على سلامة البلاد واستقرارها».
لكن في المقابل، قال المتحدث الرسمي لتحالف قوى «الحرية والتغيير – المجلس المركزي» شهاب إبراهيم إن «العقوبات تحمل كل المسؤولية لقادة الحركة الإسلامية وتحاصر المسؤولين منهم مسؤولية الجرائم التي ارتكبت في دارفور، حتى لا يظنوا أنهم أفلتوا من العقاب، وبعد أن يستعيد السودانيون حياتهم الاعتيادية سيتم تسليمهم لمحكمة الجرائم الدولية ومحاكمة من أشعل الحرب».
وأضاف في تدوينة على صفحته في «فيسبوك»: «العقوبات تؤكد أن الحركة الإسلامية وجهاتها العسكرية هي من تنشط في المشاركة في المعارك بدعوة أنها حرب كرامة برغم كل المأسي التي تهدد حياة المواطنات والمواطنين السودانيين، ومن أجل عودتهم للمشهد السياسي، متناسين تكلفة فاتورة 30 عاما من التدمير والحرب والخراب الذي طال كل نواحي الحياة في السودان».
وفرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على كرتي، الأمين العام للحركة الإسلامية والقيادي في نظام البشير، إضافة إلى شركتين إحداهما مقرها روسيا بعد أن اتهمتهم بمفاقمة عدم الاستقرار في السودان.
فيما أوضح مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع للخزانة الامريكية أن «كرتي» اتخذ ضمن جهات فاعلة أخرى خطوات لتقويض جهود السودان في إقامة حكم مدني ديمقراطي، وأعاق الجهود المبذولة للتوصل لوقف إطلاق النار لإنهاء الصراع الحالي بين الجيش والدعم السريع، فضلا عن الجهود المدنية السودانية لاستئناف التحول الديمقراطي المتوقف في السودان.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی ولایة جنوب دارفور العملیات القتالیة الحرکة الإسلامیة الدعم السریع مدینة نیالا فی الخرطوم فی السودان
إقرأ أيضاً:
كيف كافحت لاجئة سودانية على أمل انتهاء الحرب في بلادها وعودة السلام؟
منتدى الإعلام السوداني: غرفة التحرير المشتركة
إعداد وتحرير: صحيفة التغيير
تقرير: فتح الرحمن حمودة
كمبالا 25 نوفمبر 2024 – في صباح الخامس عشر من أبريل 2023، استيقظ السودانيون على أصوات لم يعهدوها في مدينة أمدرمان، وكانت “مرام” وأسرتها بين جدران منزلهم يشاهدون بداية قصة لم يتوقعوا أن تسيطر على حياتهم، وتغرقهم في فصول من الخوف والترقب.
ومع دوي الأسلحة الثقيلة وأصوات الطائرات الحربية دخلت الفتاة وأسرتها في حالة من الذعر مثل آلاف العائلات في المنطقة التي وجدت نفسها فجأة وسط حرب غير متوقعة.
ومنذ اندلاع الحرب شهدت العاصمة الخرطوم بمناطقها الثلاث معارك عسكرية دامية أودت بحياة مئات المدنيين، وخلفت العديد من الجرحى إلى جانب آلاف الأسر التي اضطرت للنزوح هربا من الأوضاع المأساوية كما أسفرت هذه العمليات عن تدمير واسع في البنية التحتية.
قصة “مرام” التي ولدت وترعرعت في أمدرمان، وتخرجت في كلية الآداب بجامعة النيلين مثل قصص آلاف الأسر الناجين من الموت.
تحدثت إلى “التغيير” عن تجربتها قائلة إن حياتها بدأت تتغير مع اشتداد المواجهات العسكرية وتفاقم الأوضاع الإنسانية ومع توسع النزاع في أنحاء السودان، إذ وجدت نفسها تواجه واقعا جديدا لم يخطر ببالها.
وتقول إنها في الساعات الأولى من الحرب كانت نائمة، واستيقظت فزعة على أصوات الأسلحة الثقيلة والطائرات الحربية، وكانت تلك الأصوات بداية لكابوس طويل لم تكن تتوقع استمراره.
ومع تصاعد القتال قضت أسابيع في المنزل مع والدتها وأخواتها. وبعد مرور شهر على الحرب اتخذت قرارا صعبا بالرحيل بعدما أصبح البحث عن مكان آمن ضرورة لحماية أسرتها.
غادرت مرام مدينتها إلى ولاية النيل الأبيض، وروت لـ”التغيير” كيف عاشت أياما كانت تتأرجح فيها بين ألم الغربة والحزن على وطنها، ثم بعد معاناة طويلة بدأت تفكر في خطوة جلبت لها الأمان، إذ قررت الهجرة إلى بلد آخر رغم الصعوبات الكبيرة.
وتقول بعد مشاورات عائلية حصلت على دعم من منظمة إنسانية تساعد المدافعين عن حقوق الإنسان، وبدأت رحلتها عبر طرق وعرة وصول إلى منطقة “جودا” الحدودية، ومنها إلى “الرنك” ثم إلى منطقة “السلك” حيث قضت أياما طويلة وسط الخوف مشدودة بين الخوف من المجهول والأمل في الوصول بسلام.
وتواصل “مرام” روايتها مشيرة إلى لحظة مغادرتها إلى “المبان” حيث اضطرت للبقاء هناك فترة بسبب مشاكل الطيران، حتى تمكنت من الوصول إلى “جوبا” في جنوب السودان بمساعدة إحدى صديقاتها، ولكن جوبا لم تكن كما توقعت، فقد كانت الحياة باهظة التكاليف؛ مما دفعها لاتخاذ قرار بالسفر إلى أوغندا.
محطات شاقةوتحت وطأة الحرب المستعرة اختار العديد من الفارين من ويلات النزاع دولتي جنوب السودان وأوغندا كوجهتين رئيسيتين للنجاة، إلا أن الرحلة إلى هاتين الوجهتين لم تكن سهلة، فقد مر الفارون بمحطات شاقة مليئة بالتحديات والصعوبات حتى وصولهم إلى بر الأمان حيث واجهوا عقبات جسيمة على طول الطريق قبل بلوغهم الملاذ الأخير.
ووصفت “مرام” رحلة دخول أوغندا بالمغامرة حيث عبرت الحدود دون أي أوراق رسمية تاركة كل ما تملك خلفها في أمدرمان، إلا أنها اصطدمت بواقع صعب وجدت فيه تحديات جديدة، لكنها أصرت على مواجهة هذه الصعوبات على أمل توفير حياة أفضل لعائلتها.
في منطقة ديالى قالت إنها بدأت في تنفيذ فكرة مشروع صغير يجمعها بأبناء بلدها. فتحت مقهى متواضعا ومع مرور الوقت أصبح مكانا للقاء السودانيين اللاجئين، حيث يتبادلون الأحاديث، ويعبرون عن أحزانهم وآمالهم كما أصبح هذا المكان مساحة للفرح البسيط وملاذا نفسيا وملتقى للذكريات.
وتمضي في حديثها بأنه لم يكن نجاح المشروع سهلا بالنسبة لها، فقد واجهت تحديات عديدة أهمها صعوبة التواصل مع أهل البلد، لكنها واجهت كل خطوة بإصرار أكبر، وشعرت بألفة وسط اللاجئين السودانيين الذين احتضنوها.
وبالرغم من ضيق الحال كان المقهى يوفر لها ولأسرتها دخلا بسيطا، إلا أن الشعور الدائم بالأسى لم يفارقها وكأنها تخوض معركة جديدة كل يوم، وتصف كيف تستيقظ كل صباح محملة بالهموم تفكر في مستقبل غامض وقلق دائم على عائلتها في السودان.
وأحيانا – تقول “مرام” – تجد نفسها تحلم بالعودة إلى السودان، رغم معرفتها بأن العودة تعني مزيدا من المخاطر، لكنها تستمر في الأمل، وتتساءل في كل يوم: هل سيأتي يوم نعود فيه؟ هل سنعيش مرة أخرى تلك الحياة التي افتقدناها؟
وتسترجع “مرام” بذاكرتها الأيام الأولى للحرب، وكيف كانت تبكي عند سماع أخبار الفقدان، حتى تبلد الحزن بداخلها، وتختتم قصتها بأنها اليوم تعيش على أمل انتهاء الحرب وشيوع السلام، متمنية أن ترجع يوما إلى شوارع أمدرمان، وتستعيد ذكرياتها العزيزة، إذ أصبحت حياتها في المنفى رمزا للصمود واستعدادا ليوم العودة.
في منطقة بيالي يعيش الآلاف من اللاجئين السودانيين في ظروف إنسانية بالغة السوء نتيجة لضعف الخدمات داخل المعسكرات؛ مما دفعهم إلى تأسيس مشاريع صغيرة في محاولة لتسيير حياتهم وتلبية احتياجات أسرهم الأساسية.
منتدى الإعلام السودانيينشر هذا التقرير بالتزامن في منصات المؤسسات والمنظمات الإعلامية والصحفية الأعضاء بمنتدى الإعلام السوداني
الوسوماللاجئات السودانيات حرب الجيش والدعم السريع حرب السودان