مصادر تجيب: لماذا تراجعت خطط البرهان بشأن “حكومة بورتسودان”؟
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
الخرطوم - سكاي نيوز عربية
كشفت مصادر مطلعة لموقع "سكاي نيوز عربية"، عن تراجع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان عن خطة تشكيل حكومة تسيير أعمال في الوقت الحالي، بسبب "عقبات لوجستية وسياسية وضغوط داخلية وخارجية".
لكن المصادر رجحت أن يتجه البرهان خلال الأيام المقبلة، إلى إجراء تغييرات واسعة في "السلطات الولائية"، وتعزيز النفوذ الأمني في ولايتي الجزيرة ونهر النيل المتاخمتين للخرطوم، حيث تسيطر قوات الدعم السريع على أكثر من 90 بالمئة من مناطق ومداخل العاصمة.
وأوضح ضابط رفيع في الجيش السوداني، فضل عدم الكشف عن اسمه، أن قيادات عسكرية ميدانية في الخرطوم أبلغت البرهان بخطورة تشكيل حكومة مقرها مدينة بورتسودان شرقي البلاد، حيث يقيم فيها البرهان منذ خروجه من مقر القيادة العامة في الخرطوم نهاية أغسطس الماضي، بعد حصار استمر أكثر من 4 أشهر.
وقال المصدر لموقع "سكاي نيوز عربية": "هنالك تخوف في أوساط قيادات الجيش من أن يدفع تشكيل حكومة في بورتسودان قوات الدعم السريع للتصعيد أكثر وعزل العاصمة تماما، وبالتالي تعقيد العمليات العسكرية خصوصا في ظل سيطرة الدعم السريع على معظم المقرات العسكرية والمدنية الاستراتيجية في الخرطوم".
وكان نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار قد صرح في منتصف سبتمبر الجاري، أن البرهان سيعلن عن تشكيل حكومة عقب عودته من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وأثارت تصريحات عقار ردود فعل واسعة، كان أبرزها تلك التي صدرت عن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، الذي قال في خطاب صوتي إنه سيرد بتكوين حكومة موازية عاصمتها الخرطوم، في حال أقدم قائد الجيش على الخطوة.
وحذرت قوي الحرية والتغيير - المجلس المركزي، التي تقود الجهود السياسية الحالية لإيقاف الحرب، في بيان، من أن أي خطوة قد يتخذها البرهان لإعلان حكومة تباشر مهامها من بورتسودان ستؤدي إلى تقسم البلاد.
إجراءات ومخاوف
منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من 5 أشهر، انتقل عدد من الوزارات وبنك السودان المركزي وهيئات حكومية مركزية أخرى إلى بورتسودان، عاصمة ولاية البحر الأحمر التي تطل على البحر وبها الميناء الرئيسي للسودان، لكنها تبعد نحو ألف كيلومتر عن الخرطوم.
تعاني بورتسودان أزمات كبيرة في إمدادات المياه والكهرباء، ويشتكي آلاف السودانيون الذين نزحوا إليها من العاصمة عقب اندلاع القتال، ارتفاعا كبيرا في تكاليف المعيشة وإيجار المنازل، فضلا عن نقص في الوحدات السكنية.
قبل نحو 3 أسابيع، نقلت وكالة أنباء السودان الرسمية (سونا) عن وكيل وزارة الخارجية دفع الله الحاج، قوله إن الوزارة حصلت على التصديقات اللازمة لإنشاء مقر لها ومبان رئاسية ومركز للمؤتمرات في المدينة الساحلية، مما أثار تكهنات أن الخطوة ربما تكون بداية لتحويل بورتسودان إلى عاصمة بديلة.
أثار تصريح الحاج في حينه ردود فعل كبيرة في الأوساط السودانية، حيث اعتبره البعض بمثابة إعلان عن تقسيم البلاد، مشيرين إلى أنه يعبر عن يأس من انتهاء الحرب ومقدمة لتشكيل حكومة جديدة.
إحباط
وقال الصحفي السوداني شوقي عبد العظيم لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن الأنباء عن تشكيل حكومة في بورتسودان أصابت الكثير من السودانيين بالإحباط، خصوصا أنها تأتي في ظل تزايد الدعوات الشعبية لوقف القتال والجلوس على طاولة المفاوضات.
وأضاف عبد العظيم: "كان لخبر احتمال انتقال الخارجية إلى هناك مردود سيئ لدى الكثيرين، إذ يشير إلى أن الحرب ستطول وإلى بداية تقسيم البلاد على غرار دول أخرى شهدت حروبا مماثلة".
ومنذ الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 يعيش السودان فراغا إداريا كبيرا، حيث لم يتمكن البرهان بعد إطاحة حكومة عبد الله حمدوك في ذلك التاريخ من تشكيل حكومة جديدة، في ظل رفض من المجتمع الدولي والإقليمي أي خطوة أحادية يتخذها الجيش من دون الاتفاق مع القوى السياسية الفاعلة في البلاد.
وكان الاتفاق الإطاري الموقع في الخامس من ديسمبر 2022 ينص على نقل السلطة للمدنيين، لكن اندلاع الحرب في منتصف أبريل ألغى كل تلك الخطط وعطل كافة مؤسسات الخدمة المدنية والإدارية.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: سکای نیوز عربیة الدعم السریع تشکیل حکومة
إقرأ أيضاً:
طرح تشكيل حكومة طوارئ في العراق.. هل تنهي واشنطن هيمنة طهران؟
في الوقت الذي ينتظر مشروع قانون "تحرير العراق من هيمنة إيران" إقراره في الكونغرس الأمريكي، يطرح البعض تأجيل الانتخابات العراقية، وتشكيل حكومة طوارئ برئاسة رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، وذلك لمواجهة "العاصفة السياسية القادمة".
وتضمن مشروع القانون الأمريكي الذي قدّمه السيناتور الجمهوري، جو ويلسون للكونغرس، بنودا لتقليص نفوذ إيران في العراق، منها ما يهدف إلى حلّ الفصائل المسلحة والحشد الشعبي وتصنيفها "منظمات إرهابية"، فضلا عن محاكمة شخصيات سياسية عراقية كبيرة.
وعقب ذلك، دعا الكاتب العراقي أياد السماوي- المقرب من رئيس الحكومة العراقية-، إلى تأجيل الانتخابات المقررة في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، وتشكيل حكومة طوارئ برئاسة محمد شياع السوداني، وذلك لأن العراق في قلب عاصفة هوجاء تتقدم بسرعة.
"تغيير محتمل"
وعن مدى إقرار الكونغرس للقانون الأمريكي، قال الخبير الأمني والاستراتيجي العراقي، أحمد الشريفي لـ"عربي21"، إن "الولايات المتحدة تمتلك تفويضا من مجلس الأمن والأمم المتحدة منذ عام 2003 في الإشراف على المسار السياسي بالعراق، والدخول كفاعل مباشر فيه إذا تطلب الأمر".
وأوضح الشريفي أن "الكثير من مفاصل الديمقراطية في العراق بدأت تغيب عن المشهد، منها قضية الانتخابات وقناعات الشعب فيها بوصفه مصدر للسلطات، وكذلك آليات التداول السلمي للسلطة، فقد لاحظنا في عام 2022 اقتتالا داخل المنطقة الخضراء معقل صنع القرار السياسي في البلاد، وانسحبت الكتلة الفائزة انتخابيا وتولت الأقلية السياسية الحكم".
وأكد الخبير العراقي، أنه "إذا صوت الكونغرس على مشروع القانون، فسيكون على رئيس الولايات المتحدة تنفيذه، خصوصا أن هناك إجماع من الحزبين الجمهوري والديمقراطي على تمريره، وهذه مفارقة غريبة أنهما يجتمعان في موقف موحد تجاه ما يجري في العراق".
في المقابل، رأى المتحدث السابق باسم الإطار التنسيقي، عائد الهلالي، أن "هناك حالة من التهويل الكبير جدا عن استخدام قانون لتحرير العراق من الهيمنة الإيرانية، لأن الحكومة العراقية واضحة في هذا الصدد فهي تريد أن تكون لها استقلالية في القرارات السياسية والاقتصادية والأمنية".
وأوضح الهلالي لـ"عربي21" أن "رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، هو أول من استخدم شعار العراق أولا، وأن هدفه الأساسي هو بناء الدولة العراقية، وعلى هذا الأساس مضت هذه الحكومة الحالية منذ تشكيلها في عام 2022".
واستبعد السياسي العراقي أن "يمرر مثل هذا القانون في الكونغرس الأمريكي، بالصيغة التي يتحدث عنها البعض، بأن يتحرر العراق كما حصل في مرحلة احتلاله عام 2003، لأن الدولة العراقية حاليا مستقرة، وحكومة منتخبة وتداول سلمي للسلطة".
ولفت إلى أن "الولايات المتحدة الأمريكية حاليا ليس لديها القدرة على أن تقوم بعملية غزو كما حصل في عام 2003، وتأتي بجيوشها إلى العراق من أجل أن تخرج فصيلا أو مجموعة فصائل لأنها تنتمي أو ترتبط بإيران".
الأمر الآخر، يرى الهلالي، أن "إيران غير مهيمنة على القرار العراقي، رغم أن هناك تأثير لها- وهذا أمر طبيعي جدا- كما هو الحال مع التأثيرات السعودية والقطرية والتركية وحتى الأمريكية، لكنها لم تسلب الدولة العراقية إرادتها وسيادتها".
وبحسب الهلالي، فإنه "حتى إذا مرر القانون في الكونغرس الأمريكي، فإنه لن يكون بالصيغة الحالية، وإنما ربما يقرّ بصيغة أخرى، منها قطع العلاقات الاقتصادية، أو الضغط على العراق من أجل رسم علاقة جديدة مع إيران، أو حل الفصائل وما شاكل".
"حكومة الطوارئ"
وبخصوص الدعوة لتأجيل الانتخابات وتشكيل حكومة طوارئ، قال الهلالي، إنه "في عام 2014 احتل تنظيم الدولة ثلث مساحة العراق، وأجريت الانتخابات بشكل طبيعي جدا، والآن لا توجد ظروف قاهرة حتى يجري تأجيلها وتكون هناك حكومة طوارئ".
وأضاف: "كل الإجراءات الآن ماضية باتجاه إجراء الانتخابات، وأن الحكومة الحالية بكل مؤسساتها مستنفرة بهذا الصدد، وبناء على ذلك أعتقد أنه لا توجد هناك أي نية لتأجيل العملية الانتخابية".
من جهته، قال الخبير أحمد الشريفي، إن "الحديث عن حكومة طوارئ في العراق، هو رد فعل من الإطار التنسيقي، ورغبة من حكومة محمد شياع السوداني، كونها نتائج الإطار، وأن الأخير يرى أن مسألة التغيير في البلاد ليست من صالحهم".
وأشار إلى أن "الإطار التنسيقي بجميع مكوناته يعانون من عزلة اجتماعية، بمعنى لم يعودوا يمتلكون رصيدا انتخابيا يؤمل لهم مستو من الاطمئنان أنهم إذا خاضوا الانتخابات سيخرجون برصيد جماهيري يؤمل لهم تحقق القناعات سواء كانت شعبيا أو قناعة دولية".
وتابع: "لذلك، تذهب قوى الإطار باتجاه تبني خيار حكومة الطوارئ للرهان على الوقت والرغبة في لملمة شتاتها، ولهذا أعتقد أن هذه الحكومة لن تكتب لها الحياة حتى لو جرى تبنيها كخيار، لأنها لا تمثل الوحدة الوطنية".
تساءل الشريفي، قائلا: "هل حكومة الطوارئ ستمثل قناعات الأطراف الثلاث التي تشكل الجسد الوطني في العراق (السنة، الشيعة، والأكراد)، وحتى في داخل المكون الشيعي، هل ستحتوي التيار الصدري، الذي يرى أن مثل هذه الخيارات لا تصب في مشروعه الإصلاحي والوطني. لذلك لا أعتقد أنها فكرة قابلة للتطبيق".
وأكد الخبير العراقي، أن "السوداني لا يمتلك تفويضا دستوريا حتى يذهب باتجاه حكومة طوارئ، لأنه لابد من العودة للبرلمان في مثل هذه الأمور، لأن النظام العراقي الحالي جهوري- برلماني، فكيف سيحقق إجماعا برلمانيا، والذي لم يحصل لإقرار قوانين بسيطة، لأن إعلان الطوارئ يعني ضمنيا تعطيل الدستور وحل البرلمان".
وخلص الشريفي إلى أن "مسألة التغيير في العراق باتت مطلبا جماهيريا، وأن الشعب بوصفه مصدرا للسلطات عجز في إجراء هذا التغيير، لذلك فإن إصرار القوى السياسية الحالية على التشبث بالسلطة سيدفع الإرادة الدولية باتجاه التدخل وإحداث فعل التغيير إدراكا منها أن المسار السياسي غير صحيح".