هانغجو (عدن الغد) وكالات:

في عدن، يحمل سعيد الخضر قوارير الغاز على كتفيه، وينقلها الى المنازل ليكسب قوت عائلته. في صنعاء، يعمل عبدالله فايع حارس أمن وقبلها سائقاً لتوصيل الطلبات الى المنازل. كلاهما يجمعهما شغف بالرياضة. ورغم عدم توافر الحد الأدنى من مقومات التدريب والتمويل، يشاركون مع يمنيين آخرين، في دورة الألعاب الآسيوية في هوانغجو الصينية ضمن وفد يمني موحّد.

 

نزاع

وتبدو البعثة اليمنية المشاركة في الآسياد وكأنها الوجه الوحيد للوحدة في البلاد، بحسب رئيسها عبد الستار الهمداني الذي قال لوكالة فرانس برس "لم يعد في اليمن إلا اللجنة الأولمبية التي تعمل بشكل وطني، وأكبر دليل الدخول بعلم موحّد في الافتتاح".

ويشير الهمداني، وهو رئيس اتحاد كرة السلة في بلاده، إلى أن الرياضة دفعت ثمن الحرب من خلال شحّ الدعم المادي، مع اقتصار المساعدات المحدودة على "اللجنة الأولمبية الدولية والمجلس الأولمبي الآسيوي".

 

"أوتو ستوب"

ويقول سعيد الخضر (19 عاماً) لفرانس برس إن "حبّ الرياضة يجري في عروقي. أعمل من الصباح حتى الثالثة عصرًا في توصيل قوارير الغاز إلى المنازل، ثم أذهب إلى المنزل، أستحم، وأذهب إلى تمارين الجودو على بعد 9 إلى 10 كيلومترات".

ويضيف الخضر وهو أب لطفل وحيد، "غالبًا ما أعاني في المواصلات، فأضطر أن أوقف سيارة متوجهة إلى المكان نفسه أوتو ستوب".

يضيف الشاب الفارع الطول "قبل شهرين، خصّص لي النادي حيث أتدرب، مبلغاً رمزيًا للمواصلات، لكنه ليس كافيًا، فأنا أدفع ثلاثة آلاف ريال يمني عملة عدن (دولاران أميركيان) يوميًا ذهاباً وإياباً".

وأنتجت الأزمة سعري صرف للدولار في البلاد، إذ يساوي كل دولار نحو 520 ريالاً في صنعاء (الطبعة الجديدة)، فيما يصل الريال القديم إلى ثلاثة أضعاف ذلك السعر للدولار الواحد في عدن، المقرّ الموقت للحكومة اليمنية.

ويؤكد سعيد أنه حاول ترك اللعبة بسبب صعوبة الاستمرار "منحت بدلة الجودو لشخص آخر، لأنني كلّ ما رأيتها في المنزل أتشوّق للعب. صمدت أربعة أو خمسة أشهر، ويومًا ما قادتني قدماي إلى النادي مجدداً، فاشتريت من جيبي الخاص بدلة جديدة بـ300 دولار".

وتضمّ بعثة اليمن في الآسياد 32 شخصًا (10 لاعبين و8 لاعبات)، كثيرون بينهم مثل الخضر أنهكتهم الحرب، لكنهم أصرّوا على تمثيل بلادهم في المحفل القاري.

 

شظايا

ويروي الخضر كيف نجا ثلاث مرات من الموت في عدن أثناء وجوده في سيارة محمّلة بالبضائع تسقط القذائف حولها "لولا دعاء الوالدين، لكنت لحقت بأصدقائي الذين قضوا في الحرب".

كذلك كاد زميله في البعثة لاعب الووشو يوسف اسكندر (25 عاماً)، يفقد حياته بالفعل. ويروي "في بداية الحرب، وبينما كنت خارجاً مع زملائي من صالة التدريبات في تعز، سقطت أمامنا قذيفة هاون، فاخترقت الشظايا قدميّ، وبُتِرت قدم أحد زملائي، واستُشهد آخر".

ويضيف "توقفت عن اللعب من 2015 إلى 2021. الإصابة أخّرتني كثيرًا، لكن رغم ذلك تجاوزتها، كي أتواجد في الصين وأرفع علم اليمن عاليًا".

ويقول يوسف الذي ينتظر مع زوجته مولودًا ثانيًا قريبًا، "الرياضة لا تكفي لإعالة أسرة، أنا أعمل في حمل وتفريغ حمولات من المخازن إلى الشاحنات، وأحيانًا أنقل الأحجار ومواد البناء من الأرض إلى الأدوار الأعلى".

ويتابع حامل فضية البطولة العربية في بيروت 2014 "أفرّغ نفسي من ساعة إلى ساعة ونصف فقط يوميًا للرياضة. صنعت كيسًا للملاكمة، وأتدرّب عليه في البيت".

واستعدادًا للدورة الآسيوية، خصّصت وزارة الشباب والرياضة بحسب يوسف، مكافأة شهرية للمواصلات بقيمة 20 ألف ريال يمني بعملة صنعاء (نحو 35 دولاراً أميركياً).

يجزم صاحب الوجه البشوش أن تداعيات الحرب حالت دون توفير بيئة مناسبة للتدريب والاستعداد للألعاب الآسيوية، ويقول "الصين تستعد منذ سنة ونصف تقريبًا، فيما نحن استعدّينا لمدة شهر في الصين فقط".

 

حارس أمن.. ساع للهجرة

وفيما يؤكد يوسف أن فرصاً عدة أتيحت له للخروج من اليمن "مع عقود للتجنيس، لكنني رفضت"، يسعى زميله في لعبة الجودو عبد الله فايع (29 عاماً) إلى فرصة لمغادرة اليمن.

ويقول فايع "أسعى للهجرة إلى فرنسا التي تهتم كثيرًا بالجودو، ويمكن للمرء أن يتدرب ويعمل ويعيل أسرته، لكن ليس لدي المال الكافي".

كان عبد الله يتمنى أن يعود بميدالية إلى صنعاء، لكن على غرار آخرين، لم يتفرّغ إلى الرياضة. ويقوم بعمل شاق بدوام طويل. "أعمل حارس أمن، وقبلها عملت سائقًا على دراجة نارية لتوصيل الطلبات".

ويتابع متحسّرًا "بعد العمل، أذهب إلى التدريبات، وأنا متعب ومرهق. الظروف لا تساعد على الاستعداد لبطولات كبيرة".

وفيما يخلو رصيد اليمن، المطوّق بالظروف الصعبة والذي حصد تاريخيًا برونزيتين في التايكواندو والووشو في دورتي 2002 و2006، من أي ميدالية مع انتصاف الدورة تقريباً، يؤكد الهمداني أن بلاده ستتمثل في أولمبياد باريس 2024 بعدد أقل من الرياضيين.

ويقول "لن نتواجد في الألعاب الجماعية لصعوبة خوض التصفيات، لكن لدينا بطاقات بيضاء (دعوة) في السباحة، ألعاب القوى، والملاكمة"، متوقعًا أن يتراوح عدد البعثة بين 8 و10 رياضيين.

المصدر: عدن الغد

إقرأ أيضاً:

الإسلاميون وراء تغذية النزاع بين كيكل والحركات

صلاح شعيب

•بعد ثورة ديسمبر طالب المكون المدني بدمج الدعم السريع والحركات المسلحة في الجيش عبر ترتيبات عسكرية معينة. وكان هدف الثوار الديسمبريين أن تبدأ البلاد عهداً جديداً يعيد الاعتبار للمهنية المنضبطة داخل المؤسسات النظامية، وكذلك مؤسسات الخدمة المدنية، وتحريرها من القبضة الأيديولوجية الإسلاموية التي أضرت بها، وأفقدتها الفاعلية. ولكن كان المكون العسكري يحرص باستمرار على عرقلة هذه الخطوات الضرورية للإصلاح داخل بنية مؤسسات الدولة. بل كان يحاول استخدام الدعم السريع، والحركات المسلحة، لتعويق عمل الحكومة المدنية بقيادة د. عبدالله حمدوك حتى أثمر التآمر عن انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر 2025.
وبعد عامين من الحرب انتهى الجيش الذي يسيطر عليه المؤتمر الوطني إلى تفريخ أكثر من دستة من المليشيات، وضمها إليه لتعمل تحت قيادة البرهان – علي كرتي.
•الآن بدت بوادر حرب كلامية بين قوات درع الوطن التي يقودها أبو عاقلة كيكل وحركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، وتساهم في تأجيج الفتنة بينهما منصات إعلامية منحازة لهذا الطرف، أو ذاك. فضلاً عن ذلك فإن هذا التنازع له منحازون من أطراف أخرى تؤيد استمرار الحرب، ولديها انتماءات إسلاموية، ومناطقية، وعسكرية.
الحقيقة أن المليشيات الداعمة للجيش لم تخض الحرب بدافع القناعة بمصطلح، ومضمون، “حرب الكرامة” وإنما خاضت فيها لتعزز أهدافها المتصلة بالأيديولوجيا، والقبلية، والمناطقية والانتهازية. ولهذا السبب وجد البرهان فرصته كقائد ظاهر للجيش ليراوغ بها من أجل الوصول إلى أهدافه في الحفاظ على حكم البلاد بعون مؤيديه من الإسلاميين.
•ولكن تأسياً بالتاريخ القريب فإن تعدد الأجندات وسط هذه المليشيات سوف يخلق صراعات أعمق مما نشاهد بوادرها الآن كلما غاصت الحرب في التصعيد، أو فقد الدعم السريع مناطق سيطرته نتيجة للدعم اللوجستي الذي يتلقاه الجيش من مصر، وإيران، وتركيا، وقطر، وروسيا.
•محللون سياسيون، وخبراء عسكريون، أشاروا إلى أن تكرار الجيش أخطاء تبني المليشيات الجاهزة في ظل ضعف تجنيده للمقاتلين سوف يعيد في كل مرة التجربة الماثلة أمامنا: حرب الدعم السريع على القوات المسلحة.
•ولكن مخاطر تكثيف الجيش لمليشياته بعد انتهاء شهر العسل بينه وبين الدعم السريع سيولد في المستقبل أكثر من حرب بين الجيش وهذه المليشيات التي يحتضنها بكل ما لديها من أهداف ليس من بينها وضع السلاح أرضاً في حال انتهاء الحرب بأي كيفية. فبعض قادة المليشيات الداعمين للحرب ينتظر أن تكون المكافأة اقتسام السلطة، والثروة، والنفوذ، وبعض منها ينتظر التخلص من البرهان نفسه، وهناك بعض آخر ربما يفكر في التخلص من البرهان، ومليشياته جميعها ليتسنى له حيازة كامل الدولة.
•إذا عدنا إلى رؤية الديسمبريين بقطاعاتهم كافة فهي كانت الأنسب للقوات المسلحة حتى تضطلع بمهام الدفاع من بعد تسريح، ودمج. ولكن البرهان، ومن خلفه المؤتمر الوطني، كانوا يفضلون مصالحهم على مصالح الوطن، ولذلك تآمروا على فكرة دمج الدعم السريع حتى وقعت الطامة الكبرى التي تمثلت في أن الأخير شب عن الطوق، وخرج عن سيطرة الجيش. وهذا ما كان ليحدث لولا أن القائد الأعلى للجيش نفسه سحب المادة “5” التي خلقت من الدعم السريع جهة اعتبارية مستقلة بذاتها.
•باختصار: الحرب أولها كلام. فالنزاع المكبوت حتى الآن بين درع الوطن والحركات المسلحة المساندة للحرب علامة على مستقبل قاتم ينتظر السودانيين بسبب الجهة التي أشعلت الحرب: المؤتمر الوطني المنحل. بل إننا نتوقع أنه إذا سارت الأمور على هذا المنوال فإن الحرب ستتحول إلى حروب فرعية تستقطب المزيد من الداعمين من المكونات العرقية، وعندئذ سيكون أغلب الإسلاميين قد نجحوا تماماً في تفريق دم إجرامهم على قبائل السودان جميعها. أولم يعترف البرهان أنهم صنعوا كيكل قبل الحرب؟!

الوسومصلاح شعيب

مقالات مشابهة

  • غارات أمريكية على 4 محافظات يمنية
  • ما تبعات نقل مراكز بنوك يمنية من صنعاء إلى عدن؟
  • هل دخل السودان عصر الميليشيات؟
  • صنعاء تدعو الانتربول الدولي لوقف بيع أثار يمنية في مزاد liveauctioneers
  • حماس توافق على مقترح الوسطاء وإسرائيل تصف الخطوة بالحرب النفسية
  • السفير الحارث: الحرب لن تتوقف إلا حين توقِف الإمارات دعمها لمليشيا الدعم السريع
  • هدوء حذر في العاصمة السودانية بعد تضييق الخناق على الدعم السريع وسط الخرطوم
  • الإسلاميون وراء تغذية النزاع بين كيكل والحركات
  • جهاز الرياضة للقوات المسلحة يوقع بروتوكول تعاون مع وزارة الشباب
  • خبير أرصاد يتوقع هطول أمطار متفرقة على عدة محافظات يمنية