بعد مرور حوالي ربع قرن على صدوره، عادت موضوعات كتاب الصحفية البريطانية فرانسيس ستونر سوندرز: "من الذي دفع للزمّار؟ الاستخبارات المركزية الأميركية والحرب الثقافية الباردة" (غرانتا بوكس، 1999) لتطرح نفسها مجددا على الساحة الفكرية الإيطالية، من خلال إصدارات حديثة لمراكز أبحاث مستقلة، وكذا دراسات نقدية وفنية ذات صلة.

وتبدو النقاشات المفتوحة في الصحافة والندوات العامة حول الكتاب دليلا على رهان تحقيق تاريخي ضخم، كشف للمرة الأولى عن خفايا صراع غير تقليدي شنّته وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية على الاتحاد السوفياتي خلال الحرب الباردة، باستخدام جنود لم يكونوا من العسكريين، بل من الكُتاب والمثقفين، وفي ساحة معركة ليست كأي ساحة، هي المسارح والجامعات وصفحات المجلات الأدبية.

حرب باردة ثانية هجينة

يأتي ذلك بالتزامن مع التحولات المتسارعة التي تشهدها حاليا الساحة العالمية وتزايد حدة الاستقطاب بين القوى الكبرى، وهو الوضع الذي لم يتردد المحلل "الجيوسياسي" الإيطالي إيمانويل بيتروبون في وصفه بحرب باردة ثانية، ضمن الملف رقم 42 (يوليو/تموز 2023)، من إصدارات مركز مكيافيللي للدراسات السياسية والإستراتيجية بفلورنسا، الذي أتي تحت عنوان "الحرب الإدراكيةـ التهديد الهجين الجديد"، وفيه يؤكد الباحث الإيطالي أن شكل الصراع الدولي الحالي "يشبه جبل الجليد، معظم ما يجري في داخله من أحداث لا يصل إلى السطح، ويبقى جُلّه متواريا عن الجماهير".

ويؤكد الباحث المختص في ما يعرف بـ"الحروب الهجينة" أن "بقاء الجزء الأكبر من الصراع مغمورا يؤدي إلى انخفاض مستوى الوعي الظرفي بالأحداث، ويجعل من غياب حرب تقليدية ملموسة مرادفا خاطئا للسلام".

المؤثرون والحرب الإدراكية

وهنا يميز بيتروبون بين أنواع النزاعات، حيث يشير إلى أن طبيعة الحروب الأكثر شيوعا مؤخرا أخذت أشكالا اقتصادية صرفة، إلا أن التنافس بين القوى العظمى يتجه نحو "الحروب الهجينة" أو المركّبة، أي دخول صراعات عن بُعد لا تخلّف وفيات، ولكنها تترك آثارا على الإدراك الجمْعي من شأنه زعزعة استقرار المجتمعات والعبث بنسيجها الاجتماعي.

وذكرت الدراسة أن المجنّدين في هذا النوع غير التقليدي من الحروب، هم حاليا المؤثرون على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذا الناشطون غير الحكوميين.

ويعيد الكاتب الإيطالي جذور هذا النوع من الحروب إلى فترة الحرب العالمية الثانية، ويقول، إنها امتدت طيلة الحرب الباردة، وسكّ بعدها "الجنرال" الأميركي ديفيد غولدفين مصطلح "الحرب الإدراكية" لأول مرة في 2017، في الحديث عن الحروب النفسية التي غدت شبكة الإنترنت ساحتها.

وباتت "الميمز"، وما يعرف باسم "التحديات"، والأخبار المضللة وغيرها من المواد المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي ذخيرة في الحروب الإدراكية التي تهدف -حسب الدراسة- إلى خلق تصدعات داخلية في المجتمعات، وهو ما يجعلها تشكّل أكبر تحدٍ أمني معاصر للدول.

وإذ تورد الدراسة الإيطالية ما تشير له نتائج تحقيقات متواترة لمراكز استخبارات خاصة بمواقع التواصل الاجتماعي إلى أن الخوارزميات على منصة "تيك توك" -على سبيل المثال- تصبّ كلها -ضمن أقاليم جغرافية محددة- في الترويج لمحتويات بعينها؛ كثقافة "الووك"، وتسليع الجسد، ومجتمع المثليين، بالإضافة إلى ما أطلقت التقارير عليه اسم "التحديات الغبية أو الخطيرة أو التي تحط من قيمة النفس".

ونقلت الدراسة عن إحصائية أميركية أجريت في فبراير/شباط 2022، أن ثلثي المراهقين الذين يعانون من الاكتئاب ذكروا أنهم يشعرون بالإدمان على "تيك توك"، وأن 68% منهم التقوا بمحتوى يشجع على الانتحار مرة واحدة على الأقل شهريا.

جوردان بيترسون

ويقول عالم النفس الكندي الشهير جوردان بيترسون الذي حلّ ضيفا على مركز الدراسات الإيطالي قبل أيام، إن المجتمعات الغربية تصنع حاليا جيلا من الذكور يعيش انهيارا نفسيا مَردّه الترويج لثقافة نسوية "ووك" معادية للرجال.

المفكر الكندي البارز وأستاذ علم النفس في جامعة تورنتو، ذكر في حوار أجراه معه الصحفي فرانتشيسكو بورغونوفو لصالح يومية "لافيريتا" الإيطالية، أن تورط المثقفين الغربيين في الترويج لأيديولوجية "الووك" تعود أساسا لاعتناق كثير منهم فرعا من العقلانية المتطرفة في الفكر التنويري، وقيامهم بقراءات مغلوطة في فلسفة نيتشيه، ما صنع طبقة من المثقفين الماركسيين المهووسين بمفهوم السلطة.

بيترسون شدد -أيضا- على دور الجامعة في بث هذه الأفكار، ولم يتردد في وصف الأكاديميا الغربية بأنها فاسدة، بل ذهب للقول، إن السواد الأعظم من العاملين فيها "عُملاء لليسار"، أو على الأقل من "ذوي ميولات سياسية يسارية".

وواصل بيترسون مؤكدا أن المحافظين أو المثقفين الليبراليين بالمعنى الكلاسيكي للكلمة إن وُجدوا في الجامعة، فهم لا يعلنون عن أنفسهم خوفا من العداوة التي قد يجابَهون بها.

وأضاف الكاتب -الذي يواجه تهديد سحب ترخيصه المهني في كندا بسبب تصريحاته حول قضايا (الجِنْدر) على وسائل التواصل الاجتماعي- أن "أي انحراف عن معيارية (البروبغندا) المعتمدة في الجامعات حاليا ستنتج عنه إجراءات عقابية شديدة، خاصة أن السبب الوحيد الذي يجعل بعضهم محافظا على منصبه، هو قدرته على الالتزام بأجندة الحزب".

جوردان بيترسون لم يتردد في وصف الأكاديميا الغربية بأنها فاسدة وبروبغندا (من صفحته على يوتيوب)

خطاب بيترسون هذا وما يحيط به، يعيدنا إلى الوقائع التي سجلتها سوندرز في كتابها الذي هزّ الساحة الثقافية الغربية قبل أكثر من عقدين من الزمن، وفيه كشفت الصحفية البريطالية عن طبقة بارزة من المثقفين اليساريين صنعتها وكالة الاستخبارات المركزية إبان الحرب الباردة، وامتدت أذرعها في العديد من البلدان ووصلت إلى الدول العربية. وقد جرى تمويل عملياتها بسخاء في مجالات الأكاديميا، الفن والأدب وذلك للعمل على إسقاط النموذج الثقافي السوفياتي حينها.

وكان أستاذ التاريخ في جامعة أريزونا، ديفيد ن. غيبز، وفي سياق ردود الفعل التي أثارها كتاب سوندرز آنذاك، قد أكد في مقال تحت عنوان "أكاديميون وجواسيس: صمت يحتدم"، نُشر حينها في صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" أن عددا لا يستهان به من الأكاديميين لا يزال يعمل على نحو منتظم مع وكالة الاستخبارات المركزية، وأن الأمر برمّته لم ينتهِ بانتهاء الحرب الباردة، أو كما يعتقد بعض الناس سنوات السبيعنيات أعقاب حرب الفيتنام.

"أيديولجيا الووك"

وأشار الباحث الإيطالي إيمانويل بيتروبون في دراسته الحديثة إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تُعدّ أهم الفاعلين في الحروب الهجينة حاليا "بمسار بدأته في 1953، وطورت أدواتها فيه خلال العقدين الأخيرين، لا سيما في حقل العلوم العصبية، والسلوكية والاجتماعية".

وإلى جانب الصين وروسيا والولايات المتحدة الأميركية ذكر الباحث الإيطالي في دراسته -التي تناولت أهم الدول المنخرطة في الحروب الهجينة على الصعيد العالمي اليوم- إسرائيل وتركيا. وقد تركزت العمليات الإسرائيلية والتركية حسب الدراسة الإيطالية في مجالي الإنتاج السينمائي والدراما التلفزيونية.

في المقابل، تظهر الثقافة العربية في السنوات الأخيرة منفعلة بـ"أيديولوجيا الووك"، وهو ما لا يصنع منها قوة ناعمة مستقلة. وقد بينت دراسة للناقدة السينمائية الإيطالية سيمونا تشيللا نشرتها مجلة أرابسك الإيطالية (يونيو/حزيران 2021، منشورات بونتوأكابو) كيف أن جهات التمويل المرتبطة بمؤسسات أميركية خاصة وسفارات ومعاهد ثقافية أوروبية تفرض موضوعات محددة على المخرجين العرب المستقلين، قبل أن تصل أفلامهم إلى السجادات الحمراء في "المهرجانات" الأوروبية.

وتذكر تشيللا أن شركات الإنتاج الكبرى لا تخفي -كذلك- نياتها "الخارجة عن الفن" بخصوص إنتاج الأفلام والمسلسلات التلفزيونية الخاصة بالمنطقة العربية والأفريقية، لتصفها الناقدة بأنها ثقافيا: عمليات "اقتحامية".

وتضيف تشيللا أن ألقابا كـ"أول مخرجة من البلد الفلاني"، أو "الفنانة النسوية"… المعتمَدة للترويج للأفلام العربية تصبّ في خدمة إستراتيجيات سوق وصفتها بالغامضة.

وتساءلت الناقدة في مقالها المعنون "خلف كواليس السينما العربية" عن جدوى الحصول على تمويل لأعمال سينمائية مستقلة يجد المخرج العربي نفسه فيها عالقا ضمن شبكة استشاريين "قاتمة"، تفرض نمط فكر أحادي وتقتل الصوت الحر للفنان. وتواصل الباحثة الإيطالية أن الأمر لا يتعلق بخطط تجارية لشركات كبرى فحسب، ولكن بـ"شيء تصعب الإحاطة به".

الترويج الثقافي

في السياق ذاته تحدث الصحفي والروائي الإيطالي فولفيو أباتي، وهو مثقف يساري بارز، عن شبكة نافذة تحتكر عمليات الترويج الثقافي، حوّلت -على حد قوله- الإنتاج السينمائي والأدبي الإيطالي في السنوات الأخيرة إلى فرع "بوب" لأيديولوجية يسارية وصفها ساخرا بـ"الوردية"، واتهم هذه الدوائر بتسطيح الثقافة الإيطالية المعاصرة.

وعلى غرار تشيللا وبيترسون أكد آباتي أن حرية التفكير هي الثمن الذي ينبغي لنا دفعه لدخول ما أسماه هذه "الدائرة المباركة". كان ذلك ضمن مؤلف أسال كثيرا من الحبر بعد صدوره إلكترونيا في شهر مايو/أيار الماضي، تحت عنوان "الصويحباتية".

وقد أيد طرحَ الروائي الإيطالي مثقفون بارزون على رأسهم ماسيميليانو بارينتي، وكذا وزراء ودبلوماسيون سابقون أعربوا عن قلقهم من نمطية مريبة باتت تعاني منها الثقافة الإيطالية. وذهبت وزيرة الأسرة في الحكومة الحالية، إيوجينيا روتشيللا، لاعتبار المناخ الذي يهيمن على الصالونات الأدبية اليوم "خانقا"، ودعت إلى التحرر منه.

وعلى صعيد متصل، ظهرت في السنوات الأخيرة موجة استشراق جديدة أخذت في تقديم قراءات "ووكية" لنتاجات أدبية عربية تستدعي توظيف مفردات "سياسات الهوية" بالمفهوم الذي طوّرته أقسام علم الاجتماع في الولايات المتحدة، متبنية أسلوبا يعمد إلى "لَيّ عنق" النصوص لدى تفسيرها على حد تعبير الصحفي الإيطال ـ الأميركي فيديريكو رامبيني في كتابه "شرقـ غرب، حشد وفرد" (إيناودي، 2020).

وهي مقاربة يقول رامبيني، إن مترجمين أوروبيين اعتمدوها أثناء نقل نصوص ولدت في بيئة شرقية، ولمنحها القبول أرفقوها بقراءات تتوافق مع خريطة المفاهيم الغربية.

وعلى الرغم من أن هذه المقاربة تبدو ظاهريا مناهضة للاستشراق التقليدي كونها لا تحوّل نظريا "الشرقي" إلى موضوع غرائبي، فإنها تنطوي على فكرة منح صكوك الإنسانية للنتاجات المتوافقة حصرا مع "أجندة الحزب" بتعبير جوردن بيترسون، أو المنسجمة مع أيديولوجية "الدائرة المباركة" بالتعبير الساخر لفولفيو أباتي.

لينتهي كل هذا بتسطيح الثقافة العربية وتحويلها إلى نتاج غير مُجدٍ فنيا، وأما إستراتيجيا فيعني ذلك خضوعها لتدجين فكري لا يخوّلها التحول إلى قوة ناعمة قائمة بذاتها.

يُذكر أن ملف "الحرب الإدراكيةـ التهديد الهجين الجديد" جرى تقديمه الأسبوع الماضي في قاعة الصحافة بمجلس النواب الإيطالي بروما. ونشّط الندوة إلى جانب الباحث إيمانويل بيتروبون، رئيس مركز مكيافيللي للدراسات الإستراتيجية والسياسية دانييلي سكاليا، ونائب رئيس أركان الدفاع الوطني الإيطالي الجنرال كارميني مازييلو.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الاستخبارات المرکزیة التواصل الاجتماعی الحرب الباردة

إقرأ أيضاً:

السودان (الجحيم الذي يسمي وطن)!!

عبدالله مكاوي

abdullahaliabdullah1424@gmail.com

بسم الله الرحمن الرحيم

هذه الدولة السودانية التي ساهمت في صناعتها صدف الجغرافية واطماع الخارج وقدر غير قليل من سوء الحظ، اصبحت كالام التي تتبرأ من مولودها غير المرغوب او نتاج زواج الاكراه. ومن ثمَّ لم تقدم لشعوبها الطيبة المنكودة إلا بئس العيش ومشقة الحياة وتردي الاحوال يوما بعد يوم، رغم ما تزخر به من موارد مهولة (كحال مسعود في حفنة تمر للطيب صالح).
اما مصدر المأساة فقد تجسد في استيلاء كيانات مسلحة علي السلطة بالقوة العسكرية. وعلي تعدد شعاراتها ودعاواها ومبرراتها، إلا انها تتفق جميعا في خدمة مصالحها الحقيقية او المتوهمة (العقائدية)، اعتمادا علي آليات الاستبداد والارهاب والفساد. اي توظيف العنف لاحتكار الامتيازات وفرض وصاية قهرية علي بقية مكونات الشعب المقموعة والمحرومة من كافة حقوقها، وهذا ناهيك عن التحكم في مصير البلاد وخيارات العباد بطريقة اقل ما يقال انها تحكمية اعتباطية (مصدرها فرد معتوه مستبد).
والحال كذلك منذ قيام الدولة (بالجبرية) تم التحكم فيها وادارتها بذات (الجبرية)، اي عبر منطق مصالح القوة وقوة المصالح. هذا ما جعلها ممتنعة عن رعاية المصلحة العامة، لعدم قدرة العامة علي امتلاك دولتهم. وعليه اصبح المواطن الاعزل مطرود من رحمة الدولة (خدماتها)، وهذا عندما لا تتسلط عليه بنيران اسلحتها ومعتقلاتها واذلالها وجباياتها.
من يصدق ان هنالك شعب وجد ليكتوي بنير هذه العلاقة الجائرة (الاسترقاق والسخرة للحكام الطغاة)، بل ويُجبر علي تجرع مرها صامتا، واحيانا متهللا مستبشرا تحت تاثير شعارات الزيف والضلال (هي لله للوطن للاخوة للانسانية للعدالة للحرية..الخ). وذلك علي امتداد تاريخ الدولة منذ بزوغها بشكلها الراهن في الثلث الاول من القرن التاسع عشر. ولو كان هنالك استثناء فهو للاجانب الذين حكموها (اتراك وانجليز) لوعيهم بدور السلطة ووظيفة الدولة. اي بغض النظر عن مآربهم إلا ان ما يحكمهم العقلانية والمعرفة بالكيفية التي بها يحكمون ويضعون مخططاتهم وينفذون مشاريعهم ويحققون اغراضهم. اما سمة الحكومات المسمي وطنية وفرضت نفسها عسكريا، فغير ذهولها عن الواقع وكذلك العصر واحواله واحتياجاته، إلا انها تمتلك قدر غير يسير من الجهل والغرور المفضيان للعنجهية الفارغة والانشغال بشعارات هلامية، وكذلك لامبالاة واستهتار وعناد وبلادة، تمخض عنها نوعية من السلطات المتسلطة علي رقاب الوطن والمواطنين. لم يجنِ كلاهما منها غير القسوة والمحنة والفشل والدمار.
فمنذ استيلاء المهديين الكذبة علي الحكم عبر القوة المسلحة وطوفان من الدماء، لم يتورعوا عن الولوغ في دماء الشعب وإذلاله وتجويعه وافقاره، وبكيفية طغيان كاركاتوري اثارة سخرية العالم حينها، ومن نوعية اهتمامات حكامهم وطموحاتهم (وياء لسوء حظ الملكة فكتوريا التي اضاعت فرصة الزيجة الطاهرة، وتاليا ضاع علي الانجليز وراثة التشرذم والحروب الاهلية والمعارك العدمية واحتمال استعادة الامبراطوية لامجادها بالسيطرة علي العالم بسيف الخليفة ود وتورشين او محايته وتعاويذه!!).
من يصدق ان شرذمة من الدجالين (المهدي وودتورشين والترابي) يرومون حكم العالم من خرابتهم المسمي دول! وبنموذجهم السلطوي الموغل في التخلف والعنف! وشعبهم يكدح ليل نهار من اجل لقمة العيش من غير طائل! والسؤال والحال كذلك ما هي العلاقة بين هذه الانظمة العقائدية الحربية الرجعية والطموحات الجنونية والمفارقة، للسيطرة علي العالم؟ اما عندما تتحول هذه الهذيانات الي برامج عمل، فعندها تدفع الشعوب ودولها الثمن غاليا! وعن هذا فأسال شعبنا الجائع البائس ووطنا الفاشل الطارد، بعد ان تحولنا لاعجاز نخل خاوية في بلاد كالعصف المأكول. وطالما وُجدنا في دولة علي هذه الدرجة من الهملة، وفي عُهدة سلطات علي هذه الدرجة من الاستهانة بشعبها، لماذا لا ياتي مغامر مجرم جاهل مثل حميدتي ليجرب حظه (اين انتي ايتها الزلابية حتي تهوني علينا بعد ان غطس حجرنا العسكر والكيزان والجنجويد)؟!
وهكذا استمر الحال، وبدل ان يتحول الاستقلال الي نعمة تفيض خير علي الامة، تحول علي يد العسكر الي نقمة غطت بمحنتها كامل ارجاء الوطن. وحتي عندما تاتي ثورة بوعود تغيير الاحوال بعد تضحيات جسام، يجهضها العسكر بانقلاب غادر اكثر بؤسا وتدميرا! ويشجعهم علي ذلك اهدار الطبقة السياسية للفرصة تلو الفرصة، وهي منشغلة بصراعات السلطة عوض الانكباب علي بناء الدولة ومصالحتها مع شعبها الممكون حرقة واسي. وهذه الدائرة الشريرة لم تفعل اكثر من احتجازنا في مرحلة الطفولة السياسية، بل وحالة شلل الاطفال التي لا شفاء منها إلا باعجوبة. وهو ما يحتاج لتسليم هذه البلاد للامم المتحدة لتديرها لمدة مائة عام او ثلاثة اجيال مع التعليم والتدريب والتكرار الممل ثم التكرار الممل، لترسيخ ثقافة اصول الحكم الناضج وكيفية تداول السلطة وادارة الدولة، وهذا اذا ما كنا محظوظين وتبقت لنا دولة بعد هذه الحر ب الوحشية، او وافقت الامم المتحدة علي تحمل عبء يحاكي تحويل النيل عكس مجراه.
وبصورة عامة يبدو اننا ضحايا سيطرة الايدولوجيات العقائدية وسرديات المظلومية ووعي الثورة علي السياسيين والنشطاء والثوار، بدل ان يسيطروا هم عليها، ويحولوها لادوات نفعية تخدم قضايا المواطن والوطن. وهذا بدوره يبدو انه افرز ثقافة الخلاص التي تستسهل الحلول وتستهين بالتحديات وتستغرقها الآمال العراض وارتفاع سقف التوقعات. وهي تجهل ان العمل المثابر وفق قوانين الواقع، ومراعاة مرحلة التطور التاريخية وواقعية الاهداف وانجازها بتمهل ودون مصادمة للعقبات، فيه المنجاة علي المدي البعيد. وهذا بالطبع دون التذكير بالاستفادة من التجارب وتغيير التكتيكات والاستراتيجيات بما يناسب كل مرحلة. اي ليس ليس هنالك وسيلة او اسلوب واحد لحل كافة المشاكل وفي كل الاوقات ولكافة المجتمعات سواء كان الثورة او غيرها. اي لا قداسة لوسيلة مهما كان نبلها ونبل دعاتها. وتجاربنا دون غيرنا لهي كافية ووافية، إلا اذا فضلنا الانتحار، وللاسف هو نفسه لن يغير من الامر شيئا. وهذا حتي لا تتحول وسائل العلاج لواحدة من اسباب الشقاء والخراب والموت التي لا تنقص شعبنا التعيس.
والحال ان واحدة من آثار ثقافة الخلاص التي اوردتنا المهالك هي حرف الصراع عن وجهته الحقيقية نحو حقيقة مشتهاة (الاستفراد بالسلطة). والمقصود تحكم العسكر بالسلطة طوال مراحل تطور الدولة، هو انعكاس لعكسرة السلطة تاريخيا وليس دمقرطتها، اي طالما هنالك سلطة في الدولة فهي معسكرة حتما. اي وعي السلطة هو وعي القوة والتحكم والسيطرة، اكثر منه وعي المشاركة والمسؤولية والمبالاة تجاه المحكومين. ولذلك مهما حاولت الثورات الانفلات من هذا القانون الحاكم تم ردها بعنف لحقيقته. ومؤكد هذه السيطرة تولَّدت عنها مصالح وتصورات متضخمة عن رؤية المؤسسة العسكرية لدورها في الدولة (نزعة الوصاية). اي تحولت الدولة الي جهاز ملحق بالجيش، لتصبح دولة الجيش عوض عن جيش الدولة.
وهذه المعضلة ظلت الثورات علي الدوام تتغاضي عنها، وتتوهم بمجرد ازاحة قائد الجيش واركان النظام الداعم لسلطته، ان الامر انتهي والديمقراطية نهضت علي سوقها لتسر الناظرين! لتفاجأ صبيحة الانقلاب ان الامر اكثر تعقيد، وان حركة السلطة رجعت لمركز ثقلها (الجيش). والمفارقة رغم اعتراف الثورات ضمنيا بقدرات ودور الجيش في السلطة باللجوء اليه لانتزاعها من قائده ونظامه، إلا انها تأنف عن اشراكه في السلطة حتي لا يتلوث مظهر الديمقراطية الطاهر، وهي تتجاهل قدرته علي استلام السلطة بكاملها انَّ اراد! بمعني الجيش نفسه لم يتشبع بقيم الديمقراطية، بل هو آخر من يتشبع بها طالما تمس جوهر مصالحه الخاصة. وهذه المعضلة، يحتاج حلها لفتح حوار معمق مع الجيش والوصول معه لتفاهمات، تحافظ علي استقرار الدولة من جهة وتسمح ببناء النموذج الديمقراطي المتدرج من جهة، وهذا ما فشلت فيه الطبقة السياسية ولم يساعدها فيه الجيش.
وما زاد الطين بلة ليس افتقار الجيش للمشروعية والمهارة للتعاطي مع السلطة والدولة وما يستتبع ذلك من خلط الحابل بالنابل فحسب، وانما خضوع الجيش نفسه لقائد انقلابي لا يصدف انه من اقل الضباط انضباطا وكفاءةً واكثرهم نزقا وتهورا. ومن ثمَّ ارتهان مصير البلاد وشعبها لهوي شخص موتور لا يطول به المكوث في السلطة حتي ينتابه جنون الارتياب وتغشاه غاشية جنون العظمة، ليدفع بالبلاد واهلها الي اهوال لا قبل لهما بها. بل كل ما توغل في مصيبة يعالجها بمصيبة اكبر منها حتي يتم هلاكه بعد ان اهلك ما لا يمكن حصره من الانفس البريئة، وخرب ما لا يمكن اصلاحه إلا اذا ما توافر صبر ايوب وعمر نوح واموال قارون كما يقولون.
وفي الجانب الآخر، تستطيب كثير من القوي السياسية التحالف مع العسكر لجني المكاسب الآنية، ولو كان ثمنها تبجيل ومدح العسكر والخضوع لارادتهم وتمرير جهلهم ومباركة غطرستهم. ورغما عن ذلك عاجلا او آجلا ينتهي شهر العسل بينهما، اما بطرد القوي السياسية المتحالفة او تدجينها بصورة مذلة لتصبح تحت طوع وبنان العسكر المالك لكل شئ، أي ترتضي ان تصبح مجرد ديكور لتزيين عرش الجنرال العظيم. اما من يدفع ثمن تسلط العسكر وعجز الطبقة السياسية او العاب النار الصبيانية هذه، فهو المواطن المغلوب علي امره، والذي يحرم من ابسط حقوقه في الطعام والعلاج والتعليم وهذا اذا ما كان محظوظا، اما اذا لازمه سوء الحظ وهو الامر المعتاد، فسيكون اما وقود او ضحية لحرب عبثية، كتب لها الا تتوقف في هذه البلاد الملعونة.
المهم صراع السلطة كان محسوما دوما لصالح العسكر، الذين حولوا امتياز السلاح لامتياز شامل يحتكر الدولة ويستعبد اهلها، وهو ما قاد كما سلف لحالة من عدم الاستقرار السياسي والحروب الاهلية المتطاولة، والتي نجم عنها مغادرة الجنوب مغاضبا، ليعقبه اشتعال دارفور، بعد الاندفاع لمعالجة قضاياها عسكريا، ويؤدي سوء التعامل معها الي اشتعال كامل البلاد في آخر المطاف، ولكن هذه المرة من خلال حرب مدمرة طاولت كل البلاد ولم تبقِ ولم تذر شيئا باقٍ علي شئ، وكأنها من شدة وحشيتها وتدميرها خلاصة كل الحروب التي شهدتها البلاد علي طول تاريخها الحديث (وهوما يذكر باختلاف الاطفال علي اللعبة، فتدفع الثمن الكرة المسكينة).
المهم، بعد ان فهم الترابي بذكاءه الاجرامي اصول اللعبة، حدث تحول في طبيعة السلطة. أي نوع من التحالف الوثيق الصلة بين الجبهة الاسلاموية والجيش عبر آصرة المصالح والمصاهرة والايديولوجيا. وهذا التحالف الشيطاني تولد عنه نموذج من السلطة الارهابية المتغولة علي كل فضاء الدولة، وبما في ذلك الانشطة الاجتماعية البعيدة كل البعد عن السياسة ككرة القدم والفنون والجمعيات الاهلية، وذلك عبر فرية اسلمة الحياة، والمقصود التحكم في سكنات وحركات كل البشر علي الارض السودانية. وهذا التغلغل الشامل في كل مفاصل الحياة ليس المقصود منه خدمة المؤمنين، بقدر ما يقصد منه الاحتراز من تصديهم او تمردهم علي النظام. أي شئ من المرواحة بين التدجين والزجر، وهو ما دعا دكتور حيدر لوصفها بالحيونة. ولكن ما حدث فعليا ليس قمع الاحتياجات الحضارية لو جاز التعبير (النمو الروحي والانساني وترقية الحس الجمالي..الخ) ولكن للاسف الحرمان من اهم ضروريات الحياة. أي حالة ما قبل الحيونة نفسها، من خلال القتال الضاري علي الفتات، والتعايش مع بيئة فساد تأنفها الحيوانات نفسها. ليقدم الاسلامويون اسوأ نموذج للحكم مر علي تاريخ السودان الحديث، خاصة علي مستوي القهر والاذلال والحرمان، ولتتحقق نبوءة الشهيد محمود في اذاقتهم للشعب الامرين دون ان يطرف لهم جفن، بل بصفاقة وجلافة تحير الحليم.
والاسوأ من ذلك، هو حرصهم المرضي علي بقاء النظام باي ثمن! وكأن الغاية من السلطة هي الحكم والتحكم، أي خليط من اشباع لذة السيطرة ونزعة الانتقام، مما يثبت انحدار مرجعيتهم التربوية والقيمية وتواضع منابتهم الاجتماعية. وطبيعي مع افلاس النظام علي كافة المستويات تزداد هواجس بقائه، وبدل مراجعة الاخطاء ومعالجة جذور الاخفاق. يدفعهم الهاجس الامني والتركيبة الحربية والانكار للحقائق، لزيادة الانفاق علي حماية النظام. ولكن مع حدوث تصدعات في تماسك بنية النظام الصلبة (اجهزة الحماية). تعرضت البلاد لاكبر محنة تهدد امنها القومي، خاصة بعد ان حدث نوع من التنافس المكتوم، ما بين حرص البشيرعلي البقاء في منصبه، وتطلع مدير جهاز الامن لوراثة عرشه. وليصب كل ذلك في مصلحة متربص آخر من خارج صندوق الاسلامويين هذه المرة (قائد الجنجويد). الذي تم احضاره ورعايته وتقويته (اعلافه وتسمينه) ليخدم قادة الاجنحة المتصارعة، وعلي راسها البشير الذي يود البقاء في منصبه. وعندما اندلعت الثورة اتت الفرصة للخلاص من البشير، وليلعب توازن القوي لصالح حميدتي بعد تآمره مع البرهان علي التخلص ليس من البشير فحسب، ولكن من قوش وكبار ضباط الجيش الكيزان. اما نتيجة التآمر والتآمر المضاد، خاصة بعد دخول الايادي الخارجية علي الخط، فهي فقدان السيطرة والدخول في هذه المعمعة الكارثية.
وما يهم منذ صعود نجم جهاز الامن، ثم اعقب ذلك صعود نجم مليشيا الجنجويد علي حساب ادوار وامكانات الجيش، دخلت اللعبة المنطقة الحرام او منطقة الخطر. لانه لاول مرة يجد الجيش من ينازعه سطوته بقوة السلاح. اما الطامة الكبري لهذا التحول الوجودي هذه المرة وليس السلطوي فحسب، ان الكارثة تستهدف بقاء الدولة ذاتها، قبل ان تستسهل قتل المواطن واقتلاعه من جذوره وتجريده من كافة ممتلكاته.
وبما ان الصراع في اصله يتغيَّا المحافظة علي السلطة التاريخية وامتيازاتها المحتكرة للجيش ومن يتحالف معه سياسيا، والتي تحاول مليشيا الجنجويد ازاحة الجيش والحلول محله، ولكن هذه المرة برافعة خارجية بما يشبه الاحتلال، وبسلوكيات همجية ارتدت بنا لحروب القرون الوسطي! إلا ان الحرب تجاهلت ببرود غريب ما يتعرض له المواطنون من انتهاكات فظيعة وما تتعرض له البنية التحتية من دمار رهيب وكأن اطراف الحرب مصرون علي تحويل البلاد الي خرابة غير قابلة للحياة.
وهذا السلوك المستهين بحياة المواطنين ومصير البلاد، لا يمكن فصم عراه عن الفصل الحاسم بين السلطة المتألهة والمواطن المخلوق من الروث! أي المواطن مخلوق ليكون تحت رحمة وفي خدمة السلطة. وهكذا سلطة مطلقة لها الحق والقدرة علي فعل كل شئ وباي كيفية، تعبر قبل كل شئ عن مزاج وهوي وشذوذ وانحراف ومصالح من يتحكم بها، أي مجرد عسكري نفر، وهذا بالضبط مصدر التاله! ولكن ان تكون آلهتنا من صنف ود التعايشي والنميري والبشير والبرهان وحميدتي، أي اجتماع الجهل والغرور مع اللامبالة والاستهتار والقسوة والبرود، فطبيعي ان يُحكم علينا بالشقاء والعذاب السرمدي وعلي دولتنا بالخراب المستعجل.
وما يهم، وبعد ان التف اغلب الشعب حول الجيش بعد ان استباحته المليشيا بفظائعها وارتزاقها. كان المأمول ان يرد الجيش التحية بأفضل منها. باجراء مراجعة جذرية لتاريخه ومسيرته وعلي راسها علاقته بشعبه. اقلاه من باب المصلحة المشتركة في التخلص من المليشيا الهمجية. ولكن ان تمارس القوات المتحالفة معه ذات فظائع المليشيا الهمجية، وبذات الطريقة الاستعراضية المقززة. فكيف يكون المخرج والي اين المفر بالنسبة للمواطن الاعزل الذي وقع ضحية تقصير الجيش عن حمايته؟ والاهم ما قيمة القوانين والاعراف والشرائع السماوية التي يتبجحون بها؟! وصحيح ان المليشيا الهمجية ومنذ ظهورها في الساحة بعد اعدادها لاداء الادوار القذرة، استدخلت ثقافة جديدة لم تعهدها الحروب الاهلية السابقة (السلب والنهب والتخريب الممنهج، والاغتصاب والسبي واحتلال البيوت والقتل الاستعراضي والتمثيل بالضحايا ودفنهم احياء)، مهدت الارضية لردات فعل من ذات النوعية. إلا ان الاشكال يكمن في ان جرائم المليشيا جزء من تكوينها وتركيبة المنتمين اليها كمنبتي الجذور (لا تقيدهم قوانين او اعراف مجتمعية). ولكن ما بال اقوام يفترض ان لهم مكتسبات اجتماعية بل ويزايدون علي الآخرين بالمكتسبات الدينية والوطنية لم تعصمهم من الذهاب الي هذا المنحدر المرعب؟ أهي رواسب الوحشية الكامنة في النفوس من بقايا عصر الهمجية؟ ام ان الغضب من فظائع الجنجويد يعمي البصر والبصيرة ويحولهم الي ثيران في مستودع الخزف، لا يميزون بين مجرم وبرئ، او الفارق بين احترام القانون والشرائع والهمبتة؟ اما ما يبدو مثبت من هذه الوقائع، ان هذه واحدة من كوارث الحرب التي لا تجري تغييرات مدمرة علي احوال البلاد، ولكن قبل ذلك علي نفوس العباد. لتنتج كائنات مشوهة هي نفسها تستغرب تصرفاتها، وكأنها تلبستها روح شيطانية؟ لكل ذلك دون ذهاب الطبقة الحربية من المشهد، سنظل في سعة من العذاب وطريق مفروش الي الجحيم.
وبعد الفظائع التي أُرتكبت بعد دخول الجيش مدني، والتي ردت عليها المليشيا العدمية باستهداف البنية التحتية من سدود ومحطات كهرباء، يبدو ان الحرب دخلت منعطف خطير، يرفع من حجم الخسائر ويزيد المعاناة التي يكابدها المدنيون الي ما لا يمكن احتماله او تخيله. أي بدل ان يتعظ المتحاربون والمخربون من تجربة الحرب المدمرة في الفترة الماضية، ازداد جنون الحرب وتفاقمت كلفتها الي المدي الذي ينذر بتحول البلاد لاكبر منطقة كوارث يشهدها العالم.
وعموما لا يبدو ان هنالك عذاب يكابده هذه الشعب الشقي، يفوق عذاب غموض اهداف هذه الحرب القذرة! والدليل لماذا سُلمت ولاية الجزيرة ولاي اهداف؟ وهل الثمن المدفوع يبرر هذه الاهداف؟ وذلك قبل الحديث عن كلفة تحريرها؟! وما قيل في ولاية الجزيرة هو عينة من ممارسات غير مفهومة رافقت هذه الحرب، لدرجة يمكن ان توصف بانها حرب الكمائن من كثرتها، وجلها لصالح المليشيا! وهذا التساؤل يمتد للفترة لما قبل الحرب، أي منذ اليوم الذي سمح فيه للمليشيا ببناء قدرات موازية للجيش، واحتلال المناطق الحيوية في العاصمة، وتكوين صلات خارجية مستقلة، وكل ذلك برعاية قادة الجيش وصمت المؤسسة العسكرية؟!!
واخيرا
وطالما الجيش وصي علي البلاد منذ تاسيسها، فهو مسؤول مسؤولية كاملة عما اصابها من خراب وما تعرض له المواطنون من عذاب، حتي وصلنا مرحلة هذه الحرب المهلكة، التي تستهدف وجود الدولة وتجريد المواطنين من كافة حقوقهم او لكي تصبح مجرد منجم للامارات او حديقة خلفية لمصر، اما البقية فهي اشياء غير ضرورية.
ودون اعتراف الجيش بالمسؤولية وتحرره من عبء الوصاية المصطنع، وغير المؤهل له اصلا، وتسليم البلاد لاهلها، وعلي راسها الاستجابة لرؤية الطبقة السياسية والمجتمع المدني والادارات الاهلية وكل الشرائح المجتمعية، سواء في امر هذه الحرب او ما يترتب عليها في المرحلة القادمة. فسنظل في نفس المسار السابق أي مسار الحروب والدمار الشامل، وتحميل المواطنين عبء كل هذه الكوارث. اما الكيفية فهي محكومة بصدق النوايا وقوة الارادة ومراعاة المصلحة العامة، وكل ذلك يبدأ كما سلف بذهاب هذه الطبقة العسكرية وقادة الطبقة السياسية غير ماسوف عليهم. ودمتم في رعاية الله.

   

مقالات مشابهة

  • غدا.. وزارة الثقافة تناقش القوة الناعمة وبناء الإنسان بملتقى الهناجر
  • جامعة الأزهر: نبحث إمكانية دراسة العلوم الطبية باللغة العربية 
  • غدًا.. وزارة الثقافة تناقش «القوة الناعمة وبناء الإنسان» بملتقى الهناجر الثقافي
  • دراسة جديدة تثير الدهشة بسبب أطوال الرجال.. النساء بـ«تكش» بمرور الزمن
  • مؤلفات إيطالية على أنغام الهارمونيكا والأكورديون في معهد الموسيقى العربية
  • ما الذي تحقق من أهداف نتنياهو بعد 15 شهرا من الحرب؟
  • دراسة جديدة: فحص العين يكشف خطر السكتة الدماغية مبكرًا
  • مؤلفات إيطالية على أنغام الهارمونيكا والأكورديون فى معهد الموسيقى العربية
  • السودان (الجحيم الذي يسمي وطن)!!
  • حماس تؤكد أن غزة ستنهض من جديد رغم الدمار الذي خلفته الحرب الصهيونية