ثلاثون عاما على كارثة أوسلو.. تقييم الاحتلال

في 13 سبتمبر الماضي، مر ثلاثون عاما على اتفاق أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير، والذي كان حدثا مفصليا في تاريخ الصراع، يقول مايكل ميلشتاين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه ديان: "أصبحت اتفاقات أوسلو حقيقة راسخة لا يمكن تغييرها. ففي العقود الثلاثة الماضية، حكمت إسرائيل أحزاب من اليمين أو الوسط، لكن لم يُسقط أي منها اتفاق عام 1993 الذي غيّر بشكل كبير الوضع الاستراتيجي لإسرائيل".

ومع ذلك، فقد تعددت الرؤى الإسرائيلية لأوسلو بين مؤيد ومعارض ومن يراها أحسن البدائل المتاحة حتى الأن، يقول جون هانا زميل المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي:

ـ "من المستحيل وصف أوسلو بالنجاح. فنحن بعيدون عن السلام والاستقرار. يمكن القول إن الأمور هي الآن أسوأ بكثير.

ـ لقد كسرت أوسلو المحرمات، إذ كان من المهم أن يقف رئيس منظمة التحرير أمام العالم ويعلن اعترافه بحق إسرائيل في الوجود في سلام وأمن.

ـ لا نعرف على وجه اليقين ما هي بدائل أوسلو؛ لكن بعضها بالتأكيد أسوأ منها بكثير".

الكارثة الأسوأ في تاريخ إسرائيل منذ قيامها

ترى مراكز بحثية إسرائيلية أن أوسلو هي الكارثة الأسوأ في تاريخ إسرائيل، والخطأ الاستراتيجي الأكثر وضوحا وكارثية في تاريخها!! ونكتفي هنا بعرض دراستين مهمتين يتناولان النتائج الكارثية لأوسلو:

ـ "كارثة أوسلو بعد ثلاثين عاما": بقلم إفرايم كارش بمركز بيجين السادات للدراسات الاستراتيجية.

ـ "كارثة أوسلو: ثلاثون عاما على الاتفاقيات التي غيرت إسرائيل": دراسة منتدى الدفاع والأمن الإسرائيلي، وقد أعدها عشرة من الضباط السابقين والباحثين في الشئون الأمنية والاستراتيجية.

الانتفاضة الأولى والذهاب إلى أوسلو     

كان للانتفاضة الأولى دور مهم في الوصول إلى أوسلو، يقول كارش: بعد سبع سنوات من تدمير البنية العسكرية لمنظمة التحرير في لبنان وطردها إلى تونس، حيث لم نعد تشكل تهديدا إرهابيا. وفي يناير 1989، وبعد عام من اندلاع الانتفاضة ، قال رئيس الأركان دان شومرون لمجلس الوزراء الذي شغل فيه رابين منصب وزير الدفاع: لا يوجد شيء اسمه القضاء على الانتفاضة، لأنها في جوهرها صراع قومي. إذن، فقد استبعد قائد الجيش فعليا فكرة النصر، وأصر على أنه بدلا من هزيمة الانتفاضة الشعبية، فإن على الجيش الإسرائيلي شراء الوقت للحكومة لإيجاد حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

أهداف مختلفة

كان الظاهر للعلن أن الفريقين قد سئما الحرب، ويريدان دخول عصر جديد من السلام؛ لكن في واقع الأمر، فقد كان لهما أهدافا أخرى من وراء هذه العملية:

ـ رابين: دخل رابين عملية أوسلو مدفوعا باعتقاده أن المجتمع الإسرائيلي فقد قدرته على التحمل والصمود في وجه صراع طال أمده، خصوصا أثناء الانتفاضة. لذا، كان تحقيق السلام ضروريا لإحباط التهديدات الوجودية. كما أراد رابين من أوسلو التخلص من عبء الإدارة اليومية لفلسطينيي الضفة والقطاع والتبعات الأمنية المترتبة على ذلك عبر خلق كيان أقل من دولة: إدارة فلسطينية تدير بشكل مستقل حياة الفلسطينيين الخاضعين لسيطرتها ضمن حدود أقل مساحة من حدود 1967، مع عدم التنازل عن القدس وغور الأردن ومستوطنات الضفة.

ترى مراكز بحثية إسرائيلية أن أوسلو هي الكارثة الأسوأ في تاريخ إسرائيل، والخطأ الاستراتيجي الأكثر وضوحا وكارثية في تاريخهاـ أما عرفات: فقد نظر إلى أوسلو على أنها ممر لإقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع كخطوة أولى نحو التحرير الكامل لفلسطين طبقا للاستراتيجية المرحلية التي أقرتها المنظمة عام 1974. لذا قال عرفات لأحد معارضي الاتفاق: إنك تعارض أوسلو؛ لكن سيأتي اليوم الذي ترى فيه آلاف اليهود يفرون من فلسطين. وستساعد أوسلو على تحقيق ذلك.

دعاية بعيدة عن الواقع

قال أحمد الطيبي مستشار عرفات عند انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني عام 1996: "اليوم أُقيمت دولة فلسطين". وقال شيمون بيريز عند تلقيه نوبل مكافأة له على أوسلو: "إنها ليست نهاية فقط للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بل بداية لشرق أوسط بلا حروب، بلا أعداء، بدون صواريخ باليستية، بدون رؤوس حربية نووية. شرق أوسط يمكن فيه للرجال والسلع والخدمات التنقل بحرية دون الحاجة إلى التخليص الجمركي وتراخيص الشرطة ... شرق أوسط حيث مستويات المعيشة ليست بأي حال من الأحوال أدنى من تلك الموجودة في أكثر دول العالم تقدما".

خلاصة تقييم الدراستين لأوسلو

ترى الدراستان كما هو ظاهر من عنوانهما وما فيهما من تفاصيل أن أوسلو هو أسوأ كارثة أصابت الإسرائيليين منذ حرب عام 1948. أما لماذا؟ فهذا ما بينته الدراستان في النقاط التالية:

ـ كيانات إرهابية على أعتاب إسرائيل.
ـ الروح القتالية المتضائلة للجيش الإسرائيلي.
ـ حملة نزع الشرعية الدولية.
ـ تطرف عرب إسرائيل.
ـ زعزعة استقرار النظام السياسي والاجتماعي.
ـ عيوب خطيرة في صناعة القرار الإسرائيلي.
ـ الوقوع في الابتزاز الفلسطيني.

1 ـ الكيانات الإرهابية على أعتاب إسرائيل

شهدت الفترة بعد أوسلو ارتفاع أعمال المقاومة واحتدام المواجهات بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي بصورة غير مسبوقة قبل أوسلو:

ـ في عامين ونصف بعد توقيع إعلان المبادئ، قتل 210 إسرائيليين ـ ما يقرب من ثلاثة أضعاف متوسط عدد القتلى السنوي في السنوات ال 26 الماضية.

ـ في سبتمبر 1996، شن عرفات ما عرف باسم انتفاضة النفق ردا على فتح إسرائيل لنفق أثري تحت الحائط الغربي، وقد قُتل فيها 17 إسرائيليا وحوالي 80 فلسطينيا.

ـ كانت انتفاضة الأقصى في سبتمبر 2000 المواجهة الأكثر دموية وتدميرا منذ عام 1948، إذ قتل فيها 1028 إسرائيليا، أي بمعدل تسعة أضعاف عدد القتلى في فترة ما قبل أوسلو.

ـ بشكل عام، منذ توقيع اتفاق المبادئ، فهناك ما يقرب من ألفي قتيل وأكثر من تسعة آلاف جريح، وهو عدد يمثل أكثر من أربعة أضعاف متوسط عدد وفيات الصراع منذ عام 67.

ـ تمكنت إسرائيل من تدمير البنية التحتية للمقاومة في الضفة بدءا من عملية الدرع الواقي؛ لكن حماس تمكنت من الحفاظ على بنيتها التحتية في غزة سليمة إلى حد كبير، وعادت إلى شن هجمات واسعة النطاق.

ـ عندما انسحبت إسرائيل من غزة عام 2005، اُعتبرت هذه الخطوة انتصارا لحماس، حيث حصلت على أغلبية مقاعد البرلمان في يناير 2006؛ أما حركة فتح فقد هزمت هزيمة ساحقة.

ـ في عام 2007، بعد سيطرة حماس على القطاع، ارتفع إطلاق الصواريخ والقذائف بنسبة 430٪.

ـ شنت إسرائيل عملية الرصاص المصبوب في كانون الأول/ديسمبر 2008؛ لكنها فشلت في كبح القوة العسكرية لحماس وطموحاتها السياسية. ثم خاضت ضدها ثلاث حروب أخرى غير حاسمة: عمود الدفاع والجرف الصامد وحراس الجدار، بالإضافة إلى مواجهتين مع الجهاد الإسلامي في آب/أغسطس 2022 وأيار/مايو 2023.

2 ـ الروح القتالية المتضائلة للجيش الإسرائيلي

سببت الانتفاضة الأولى إرهاقا متزايدا للمجتمع الإسرائيلي وتوقا إلى الهدوء والحياة الطبيعية. وبدا رابين مقتنعا بمحدودية القوة العسكرية الإسرائيلية. لذا، كان إصراره العنيد على السلام بالرغم من كرهه لعرفات وعدم ثقته فيه. وبعد أسبوعين من أوسلو، تمت عملية تغيير كبيرة للجيش:

جيش باراك الصغير الذكي

أعطت أوسلو فترة راحة لإسرائيل لإعادة بناء الجيش. فتم تخفيض القوات البرية مع الاعتماد الساحق على القوة الجوية والأسلحة المتطورة. كان الدافع هو أن العرب فقدوا قدرتهم على شن حرب، كما أن حصول طهران على سلاح نووي هو تهديد وجودي لا يمكن إحباطه إلا من خلال حملة جوية ضخمة.

تغير المفاهيم

أدى تحول الصراع إلى حرب منخفضة الكثافة إلى تخلي الجيش عن سعيه الدائم لتحقيق نصر سريع لصالح استراتيجية احتواء المنظمات وإنهاكها: ليس فقط لأنه لا يمكن هزيمتها بقوة السلاح، ولكن لأن مكافحة الإرهاب يحتاج فقط إلى الاتجاه الإيجابي للحوار السياسي.

ضعف الروح القتالية

ساعد الهروب المهين من لبنان عام 2006 على إقناع عرفات أن إسرائيل لم تعد لديها الجرأة على خوض صراع طويل الأمد، فهي لم تستطع تحمل 20-25 قتيلا سنويا  في قتالها مع حزب الله، وهو عدد أقل من عشر عدد القتلى في طرقها، فمن المؤكد أن الإسرائيليين لن يكونوا قادرين على تحمل عدد القتلى الأثقل بكثير على يد حملة مقاومة فلسطينية طويلة الأمد.

فقدان السيطرة العسكرية على الأرض

واجه الجيش وجهاز الأمن تحديات كبيرة في مكافحة الإرهاب بسبب افتقارهما إلى وجود وسيطرة على الأرض إلا في العمليات العسكرية المكثفة فقط، رغم أن هناك فرصة لتفكيك البنية التحتية العسكرية للمقاومة بشكل كبير، وتعطيل القيادة العليا، وتحييد القيادة الميدانية الذين يشكلون جوهر قوة العدو.

3 ـ حملة نزع الشرعية الدولية

كان الافتراض المركزي لعملية أوسلو والانسحاب أحادي الجانب من غزة، هو تعزيز مكانة إسرائيل الدولية وتعزيز قدرتها على محاربة التهديدات الأمنية التي تواجهها. ولكن فشل هذه الافتراض فشلا ذريعا:

ـ لم تحصل إسرائيل على أي تقدير. وكلما ردت بقوة على المقاومة، توافدت جحافل المتظاهرين إلى شوارع المدن الغربية وجميع أنحاء العالم لحماية الفسطينيين.

ـ عندما شن عرفات حربه الشاملة في سبتمبر 2000، ألقت وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم باللوم على شارون. وفشلت أمريكا في منع صدور بيان من مجلس الأمن يدين إسرائيل.

ـ انتقد الاتحاد الأوروبي إسرائيل في كل منعطف، وزاد المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية.

ـ أدانت محكمة العدل الدولية، بناء الجدار العازل مع الضفة واعتبرته مخالفة للقانون الدولي.

ـ تعرضت إسرائيل لانتقادات دولية مكثفة في أعقاب حربي الرصاص المصهور والجدار الصامد، بما في ذلك تقريران لتقصي الحقائق وسلسلة لوائح الاتهام من المنظمات الدولية.

ـ اتهمت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بفلسطين إسرائيل بتحويل الأرض الفلسطينية بأكملها إلى سجن في الهواء الطلق، حيث يتم احتجاز الفلسطينيين ومراقبتهم وتأديبهم باستمرار.

ـ تعرضت إسرائيل لهجوم متزايد على وجودها ذاته، وصُورت على أنها مجتمع فصل عنصري استعماري استيطاني. وفاقم من ذلك أيضا حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) التي تتزايد بسرعة.

4 ـ تطرف عرب إسرائيل

بعد أوسلو، شرع عرفات في تلقين الفلسطينيين كراهية إسرائيل. ولم تتأخر ثمار هذا التحريض بين عرب إسرائيل:

ـ عرّف أكثر من 66% منهم أنفسهم كفلسطينيين؛ و80% منهم أنكروا حق إسرائيل في الوجود.

ـ تنبأ النائب بالكنيست جمال زحالقة بزوال إسرائيل الفصل العنصري. كما تنبأ الشيخ رائد صلاح باختفاء إسرائيل في غضون عقدين من الزمن إذا لم تغير موقفها من الأقلية العربية. وأصدرت لجنة المتابعة العربية العليا وثيقة ترفض فيها استمرار وجود إسرائيل كدولة يهودية، وتطالب بنظام يضمن الحقوق القومية والتاريخية والمدنية لعرب إسرائيل. 

ـ تكريس إحياء يوم النكبة الذي يتم الاحتفال في نفس يوم استقلال إسرائيل، مع الدعوة إلى حق العودة، وهو الشعار العربي لتدمير إسرائيل من خلال التخريب الديموغرافي.

ـ شارك عرب إسرائيل في دعم الضفة والقطاع. فاندلعت أعمال شغب واسعة عقب مذبحة المسجد الإبراهيمي عام 1994. وتكرر ذلك في انتفاضة النفق وانتفاضة الأقصى.

ـ أصبح العنف العربي الجماعي سمة للمشهد ردا على حملات إسرائيل مثل عملية الدرع الواقي عام 2002. وفي حرب حراس الجدار. لقد كان الرد البركاني للداخل تمردا قوميا  إسلاميا لدعم حماس.

5 ـ زعزعة استقرار النظام السياسي والاجتماعي

من بين أخطر كوارث أوسلو: زعزعة استقرار النظام السياسي وتعميق الانقسامات الاجتماعية والسياسية مما يعرض الديمقراطية الإسرائيلية للخطر، إن لم يكن وجود إسرائيل ذاتها:

ـ أكملت حكومتان فقط فترة ولايتهما من بين 13 حكومة منتخبة خلال تلك المدة. وتعاني الحكومة الأخيرة من عصيان مدني منظم بأبعاد غير مسبوقة تهدد بتمزيق المجتمع الإسرائيلي.

ـ انخفض متوسط عمر البرلمان إلى ثلاث سنوات مع خضوع إسرائيل لخمس انتخابات برلمانية في غضون ثلاث سنوات ونصف من أبريل 2019 - نوفمبر 2022.

ـ أوصلت كارثة أوسلو حزب العمل إلى حافة الانقراض السياسي حتى انخفض تمثيله في تشرين الثاني/نوفمبر 2022 إلى أربعة مقاعد فقط وهي عتبة دخول الكنيست.

من بين أخطر كوارث أوسلو: زعزعة استقرار النظام السياسي وتعميق الانقسامات الاجتماعية والسياسية مما يعرض الديمقراطية الإسرائيلية للخطر، إن لم يكن وجود إسرائيل ذاتها..ـ مع فقدان "عملية السلام" لزخمها ، استخدمت حكومتا رابين وباراك أسلوب الرشى السياسية مع أحزاب الأقلية في محاولة لبقائهما وتمرير تنازلاتهما في المحادثات والاتفاقيات التي تلت أوسلو.

ـ الانتشار غير المسبوق لظاهرة "الأحزاب الهوائية"، وهي أحزاب تفوز بمقاعد في الكنيست، ثم لا تلبث أن تختفي. وقد أدت إلى عدم استقرار الحياة السياسية وتشكيل ائتلافات سياسية بأحزاب أقلية. وقد صاحب هذه الظاهرة: الشخصنة الكاملة للسياسة الإسرائيلية، الانتهازية التي تخدم المصالح الذاتية، خداع الناخبين، سرعة تبديل البرامج، والإخلال بالوعود.

6 ـ عيوب خطيرة في صناعة القرار الإسرائيلي

كشفت عملية أوسلو وما تلاها من أحداث عن أمرين خطيرين يشوبان عملية صناعة القرار في إسرائيل، ويؤثران تأثيرا كبيرا على نتائجه:

عدم الاستعانة بالأجهزة الاستخباراتية

 في عملية أوسلو، لم يشرك رابين فيلق الاستخبارات في عملية التفاوض، وأبقاهم خارج الحلقة. وحتى عندما قدّم الجيش والمخابرات تقييمهما فيما يتعلق بأوسلو، فقد تم رفض رأيهما. وكان الرفض ترجمة لتفكير رابين وبيريز القائم على الأمنيات التي أراداها من الاتفاق.

العمى البصرى

وقعت المستويات السياسية والأمنية الإسرائيلية في عمى بصري متكرر، ورفضت إدراك الواقع الماثل أمامها بشكل صحيح، مما أدى إلى تردي الحالة الأمنية. وقد كبار المسؤولين العرب من وثوق إسرائيل بعرفات وجلبه من الخارج بدلا من الاعتماد على القيادات المحلية الفلسطينية. ولم توقف أي من المؤشرات المنبهة الحكومة الإسرائيلية عن الاستمرار في أوسلو وشروعها في كارثة فرضتها على نفسها.

7 ـ الوقوع في الابتزاز الفلسطيني

كان أساس نهج إسحاق رابين هو أنه ينبغي النظر إلى اتفاقات أوسلو على أنها عملية بين إسرائيل والفلسطينيين تجري مع توقع مكافآت متبادلة. لكن على الجانب الفلسطيني، سواء في السلطة الفلسطينية أو في حماس، ترسخ لديهم تدريجيا إدراك قوة الابتزاز التي يمتلكونها باقتدار: فكلما أصبح من الملح أن تنسحب دولة إسرائيل من الارتباط كمسألة مصلحة وطنية، كلما كان الفلسطينيون في وضع أفضل لفرض ثمن باهظ أكثر من أي وقت مضى.

الخلاصة

هذه هي أوسلو بما لها من آثار كارثية على إسرائيل كما قرأها الإسرائيليون. فهل يعيد العرب قراءة المشهد مرة آخرى، وأن يدرك الجميع أن دعم الشعب الفلسطيني هو أحد الآليات الأساسية لتغيير وجه المنطقة وحمايتها من أطماع القوى الإقليمية والدولية؟

المصدر: عربي21