هل العقوبات الأميركية المحاولة الأخيرة في السودان؟
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
أعلنت الولايات المتحدة، الخميس، 28 سبتمبر/ أيلول الجاري، عقوباتٍ على شركة جديدة تتبع لقوات الدعم السريع، وعلى زعيم الحركة الإسلامية السودانية علي كرتي الذي تقلّد سابقاً وزارة الخارجية السودانية، ووصفته واشنطن بانه أحد من يعرقلون التوصل إلى عملية سلام بين الطرفين المتحاربين في السودان… وبهذا تكون العقوبات الأميركية قد طاولت القائد الثاني لقوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو، في 6 سبتمبر، وقبله عدة شركات تابعة لقواته، ويديرها شقيقه الأصغر القوني دقلو، ومؤسّسة المنظومات الدفاعية التابعة للجيش السوداني في الأول من يونيو/ حزيران الماضي، وقبلهم قوات الاحتياطي المركزي في مارس/ آذار 2022، بتهمة ارتكاب انتهاكاتٍ لحقوق الإنسان في مواجهة المظاهرات السلمية الرافضة للانقلاب العسكري.
هددت الولايات المتحدة، في الشهور الخمسة الماضية، أكثر من مرّة، بإعلان من يعيقون عملية سلام السودان، وتعقّبهم بالعقوبات. وفي الأثناء، أعلنت الموظّفة السابقة في البيت الأبيض جانيت إلجوت، في مقابلة، أن الأسماء التي ستطاولها العقوبات ستكون رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، ومستشاره السابق ياسر سعيد عرمان، والملياردير السوداني محمد إبراهيم (مو)! وهي أسماء لم يوجّه لها أي اتهام، إلا من فلول نظام عمر البشير وتنظيم الحركة الإسلامية الذي يقوده علي كرتي، وإعلامهم!
بإعلان عقوبات الخميس، تكون الإداراة الأميركية قد وجهت الاتهام إلى الجهات الثلاث المنخرطة في الحرب. الجيش السوداني، والدعم السريع، والحركة الإسلامية السودانية. وهي عقوباتٌ تخصّ عرقلة السلام، وتختلف عن اتهامات جرائم الحرب الموجّهة إلى قوات الدعم السريع نتيجة جرائمها في إقليم دارفور فقط، من دون النظر إلى ما ارتكبته من فظائع في الخرطوم. يتوقع محلّلون كثيرون أن أسماء أخرى ستُعلن واشنطن وقوعها تحت العقوبات قريباً، وربما تكون هذه المرّة من العسكريين في الطرفين، خصوصا مع ما يتردّد عن عدم اتحاد رؤية بعض قيادات الجيش حول عملية التفاوض ووقف الحرب. ولعل ذلك ما أوحى به قائد الجيش، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، في جولاته الخارجية، إذ زار دولا في الجوار ذات مصالح في السودان، لكنه تأخر عن زيارة السعودية، مخيّباً توقعات كثيرين أنه خرج من حصاره في قيادة قوات الجيش ليأخذ قرار السلام. لكنه يبقى قراراً خطراً إن لم تتّحد عليه قيادة الجيش، فالوضع الهشّ للبلاد، في حربها وسلمها، لا يحتمل أي شقاقٍ في القيادة العسكرية.
على الجانب الآخر، أظهرت قوات الدعم السريع ترحيبها بالعقوبات الأميركية على زعيم الحركة الإسلامية، وعدّت ذلك انتصاراً لسرديّتها أنها تحارب فلول نظام البشير والمتطرّفين الإسلاميين. لكن هذا تحليل يصعب الاتفاق معه، ولا يكاد يكون صحيحاً، فالعقوبات تعترف بدورٍ نافذٍ للحركة الإسلامية في حرب السودان، لكنها أحد أطراف ثلاثة، أحدهم “الدعم السريع” نفسه، تتصارع وتطيل أمد الحرب.
حتى كتابة هذا المقال، لم تعلّق الحكومة العسكرية في بورتسودان على هذه العقوبات. والتي يبدو ظاهرها مخالفاً لتأكيدات البرهان في مخاطباته الجماهيرية، وفي لقاءاته الخارجية، وفي الأمم المتحدة، عن عدم وجود أي دور أو نفوذ للحركة الإسلامية في الجيش، وهي تأكيداتٌ تكذّبها مجموعات المتطوّعين من الإسلاميين المحاربين في صفوف الجيش، وهم قواتٌ مدنيةٌ حسنة التدريب، وذات قيادة تابعة للحركة الإسلامية. وقد نعى زعيم الحركة علي كرتي أحد مقاتليها، الشاب محمد الفضل، الذي سقط في إحدى المعارك.
لا تبدو مساحة الحركة واسعة أمام المجتمع الدولي لمزيد من الضغوط الناعمة، خصوصا بعدما وصلت المواجهات بين السودان والمجتمع الدولي إلى مراحل متقدّمة، فاضطرّ مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة فولكر بيرتس لتقديم استقالته، بعد رفض الجيش التعامل معه، ووجّهت الحكومة العسكرية تهديدات للاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيغاد بالانسحاب منهما. كما أن الخطر على الإقليم يتزايد مع تزايد أعداد النازحين، ومع انخراط مزيد من القبائل في الصراع مؤيدين للجيش أو متحالفين مع “الدعم السريع” في غرب السودان. لذلك قد تكون العقوبات آخر المحاولات الناعمة لاجبار أطراف الصراع على الجلوس للتفاوض في جدّة، فإن فشلت فسيكون السودانيون أمام خياراتٍ شديدة الخطورة.
العربي الجديد
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع الحرکة الإسلامیة
إقرأ أيضاً:
عشرات القتلى في ود عشيب السودانية.. واتهامات لـالدعم السريع بالوقوف وراءها
اتهمت تقارير سودانية، الأربعاء، قوات الدعم السريع بارتكاب "مجزرة" بحق المواطنين في قرية "ود عشيب" بولاية الجزيرة وسط السودان، مما أسفر عن مقتل 42 شخصا وإصابة العشرات.
وقال بيان لـ"مؤتمر الجزيرة"، وهو كيان مدني تشكل بعد سيطرة قوات الدعم على ولاية الجزيرة في ديسمبر الماضي، إن الأخيرة ارتكبت "مجزرة مروعة بحق المواطنين"، الثلاثاء.
وأضاف البيان أن أهالي القرية يعانون من "حصار" قوات الدعم السريع ومن "تعدياتها المستمرة التي تسببت في كارثة إنسانية لا تقل أبداً عن تلك التي تسببت بها في مدينة الهلالية، وراح ضحيتها 26 مواطنا جراء الجوع والمرض".
وتواصلت "الحرة" مع متحدث باسم قوات الدعم السريع للحصول على تعليق، الذي لم يرد حتى موعد نشر الخبر.
اتهامات جديدة لـ"الدعم السريع" بقتل مدنيين في الجزيرة السودانية كشفت تقارير سودانية محلية، السبت، مقتل 23 مواطنا بإحدى قرى ولاية الجزيرة على يد قوات الدعم السريع، في استمرار للاتهامات التي تواجهها المجموعة التي دخلت في حرب مع الجيش منذ أبريل 2023.وطالما تنفي قوات الدعم السريع استهداف المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها، وتقول إنها تستهدف "مجموعات مسلحة موالية للجيش".
يذكر أن رئيس مجلس السيادة الانتقالي، قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، وافق، الإثنين، على مقترحات قدمها المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو، بشأن الأزمة، وذلك خلال لقاء جرى بينهما في بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة للحكومة السودانية.
من جانبه، عبّر المبعوث الأميركي الخاص للسودان عن سعادته بزيارة السودان، مبيناً أنها (الزيارة) "تحمل رسالة واضحة من الولايات المتحدة بأنها تقف بجانب الشعب السوداني، مثلما كان يحدث دائماً خلال العقود الماضية".
البرهان يوافق على مقترحات المبعوث الأميركي لحل الأزمة السودانية وافق رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، على مقترحات قدمها المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو، بشأن الأزمة السودانية، خلال لقاء جرى بينهما، الإثنين في بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة للحكومة السودانية.وأوضح أنه عقد اجتماعات "مثمرة" مع البرهان، وقادة المجتمع المدني وفريق الأمم المتحدة الإنساني.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد دان في الأول من نوفمبر الجاري، الهجمات الأخيرة التي شنتها قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة، داعيا إلى وقف إطلاق النار لحماية المدنيين.
وأصدر غوتيريش بيانا، أعرب فيه عن استيائه الشديد بشأن التقارير التي أفادت بأن "أعدادا كبيرة من المدنيين قُتلوا واحتجزوا وشُردوا، وبأن أعمال العنف الجنسي ارتكبت ضد النساء والفتيات، كما نُهبت المنازل والأسواق وأُحرقت المزارع".