صحيفة تركية: لماذا على أنقرة مراقبة سياسات إيران الأفريقية عن كثب؟
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
تمتد علاقات إيران مع أفريقيا إلى سنوات الثورة الأولى، لكنها أصبحت أكثر وضوحا في العامين الماضيين، ومع أن سياساتها قائمة على خطاب مضاد للغرب، فإن السياسة الواقعية لطهران هي أيضا عامل حاسم في علاقتها مع الدول الأفريقية، بالإضافة إلى العامل الأيديولوجي.
وفي هذا الإطار، يشير مقال نشرته صحيفة "يني شفق" التركية إلى أن لإيران العديد من الأهداف في سياستها تجاه أفريقيا، مثل التخلص من عزلتها عن الغرب وكسر تأثيره، والوصول إلى اليورانيوم، وتعزيز اقتصادها، وزيادة عدد الأصوات المؤيدة لها في الأمم المتحدة.
وتقدم المؤسسات الإيرانية مثل "جهاد البناء" و"المستضعفون" و"المعرفة" مساعدات إنسانية لأفريقيا منذ عقود، وتشارك في تنفيذ هذه السياسات وزارات ومؤسسات وجامعات مختلفة. وبالتوازي مع هذه المساعدات، بدأت إيران زيادة وجودها العسكري في القارة تدريجيًا.
فبعد اغتيال قائد فيلق القدس بالحرس الثوري قاسم سليماني، أمر المرشد الأعلى علي خامنئي شخصيا خلفه إسماعيل قآني بتشجيع حركات المقاومة في أفريقيا بهدف توسيع النفوذ الإيراني من الشرق الأوسط نحو أفريقيا.
وتشكل السياسة النشطة في أفريقيا التي يقودها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي اليوم الجانب السياسي لهذه المساعي.
مساع سريةوذكر المقال أن هذه الأنشطة قوبلت بردود سلبية من بعض الدول الأفريقية التي عبّرت عن انزعاجها منها. فعلى سبيل المثال، قطع المغرب العلاقات الدبلوماسية مع إيران بسبب دعمها الانفصاليين، في حين تحاول نيجيريا عرقلة أنشطة رجل الدين الشيعي إبراهيم زكزكي من خلال الضغط عليه.
أما إثيوبيا، فقد نجحت قبل عامين في كشف شبكة استخباراتية إيرانية كانت تخطط لهجوم على سفارة الإمارات العربية المتحدة، وبدأت مراقبة جميع أنشطة إيران عن كثب.
وأضاف أن أنشطة إيران في منطقة القرن الأفريقي ومنها إلى الصحراء الغربية تمثل جزءًا من مساعيها السرية، ولكنها تُكشف بشكل متزايد في المصادر المفتوحة على مدى الخمس سنوات الماضية، وقد نُشرت العديد من التحليلات والتقارير حول هذا الموضوع بشكل خاص من قبل مؤسسات فكريّة متخصصة مقرها إسرائيل والولايات المتحدة.
في معظم الأحيان، تُقدم تركيا بوصفها منافسا وحيدا على القارة، وتُستخدم دائمًا كمعيار فيما يتعلق بالسياسات الأفريقية. كذلك تُقدم الأرقام باستمرار ويتم التأكيد في كل تحليل على أهمية أن تتقدم إيران في هذا السباق
وإلى جانب القوى العالمية مثل الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة والصين وروسيا، تنشط دول مثل تركيا والسعودية والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل أيضا في أفريقيا. ورغم هذا التنوع الكبير من الجهات الفاعلة، فإن وسائل الإعلام الإيرانية تركز بشكل كبير على سياسات وأنشطة تركيا في القارة.
وفي معظم الأحيان، تُقدم تركيا بوصفها منافسا وحيدا على القارة، وتُستخدم دائما كمعيار فيما يتعلق بالسياسات الأفريقية. كذلك تُقدم الأرقام باستمرار ويتم التأكيد في كل تحليل على أهمية أن تتقدم إيران في هذا السباق.
الدعاية السوداءوبغض النظر عن المنافسة التجارية، كما يشير المقال، فإن هذا الموضوع من الناحية الأمنيّة قد يمهّد الطريق لأحداث قد تكون ضد مصلحة تركيا. فعلى سبيل المثال، يمكن لإيران من خلال الشبكات التي أقامتها القيام بمختلف المناورات، من الدعاية السوداء إلى الهجمات الإرهابية، من أجل تحقيق مكاسب على الأرض ضد تركيا وتحويل المنافسة لصالحها.
وتظهر التقارير أن إيران تستخدم الصومال مركزا لنقل الأسلحة والمعدات إلى شركائها في اليمن وكينيا وجنوب السودان وتنزانيا وموزمبيق. بالإضافة إلى ذلك، هناك معلومات تفيد بأن طهران طوّرت علاقات مع شبكات الجريمة في الصومال ومع حركة الشباب المجاهدين، وأنها أقامت شبكة لتهريب النفط في الصومال وبيعه في جميع أنحاء أفريقيا بهذه الطريقة متجاوزة العقوبات النفطية المفروضة من الولايات المتحدة، وفقا لمصادر مفتوحة.
وختم المقال بأن إيران، كما يبدو، توسّع شبكة وكلائها في أفريقيا من خلال زيادة وجودها العسكري عبر الحرس الثوري الإيراني بالإضافة إلى أنشطتها "الإنسانية".
ومن اللافت للنظر أنها تتحدث عن تركيا بشكل خاص أمام الرأي العام الإيراني، كما لو أنه لا يوجد لاعبون مهمون آخرون في القارة. لذلك، من الضروري الحذر من احتمال محاولة طهران استخدام هذه الشبكات التي تتوسع يوما بعد يوم لردع وتقويض الأنشطة التركية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی أفریقیا
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تختبر تركيا: كيف تُدار معارك الإحماء في صراع الكبار؟
سنحت لي فرصة الحديث مع وزير الدفاع الوطني التركي يشار غولر قبيل اجتماعٍ ما، وكما هو متوقّع، ما إن طُرِق موضوع سوريا حتى سارعت إلى سؤاله عن آخر المستجدات، فقال: "الآلية التي أنشأناها لمكافحة تنظيم الدولة، والتي ناقشناها في اجتماع عُقد في الأردن، ستدخل حيز التنفيذ قريبًا. نحن عازمون على ذلك. ومن الأمور الأخرى ذات الأهمية بالنسبة لنا أن تُلقي المنظمة الإرهابية (في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني أو كيانات مشابهة) السلاح وتقوم بحلّ نفسها. غير أن إسرائيل ما فتئت تسعى لإثارة المشاكل في كل هذه المسائل، ولكن عبثًا، فنحن عازمون على تنفيذ قراراتنا".
وفي اللحظة التي كان يُكتب فيها هذا المقال، كانت الطائرات الحربية الإسرائيلية تحلّق فوق القنيطرة، بينما دخلت مجموعات درزية صغيرة، مدعومة بشكل غير مباشر من إسرائيل، في اشتباكات مع الجيش السوري هناك.
وفي الوقت نفسه، صرَّح الرئيس رجب طيب أردوغان، في تصريحات له على متن الطائرة أثناء عودته من إيطاليا، قائلًا: "هجمات إسرائيل محاولة لعرقلة الإدارة الجديدة في سوريا. وحدة الأراضي السورية بالنسبة لنا أمر لا يمكن التنازل عنه، ولن نسمح بفرض أمر واقع".
منذ اللحظة التي بدأت فيها إسرائيل ترى في الإدارة الجديدة في سوريا، وفي الوضع الجيوسياسي المتشكل هناك تهديدًا لها، لم تكفّ عن محاولات إثارة الفوضى داخل البلاد واختبار تركيا.
إعلانتنشر مراكز الفكر ووسائل الإعلام الإسرائيلية تقارير تتحدث عن النتائج المحتملة لصدام تركي- إسرائيلي، في محاولة للتعبير عن "جدية" الوضع. لكنها لا تكتفي بذلك، بل تمارس أيضًا حملات دعائية ضد تركيا في الإعلام البريطاني وبعض المنصات الناطقة بالعربية، مستغلة الملف السوري.
كل هذا يدل على أن الساحة السورية تُستخدم كميدان للإحماء ولاختبار احتمالات الصدام بين تركيا وإسرائيل. فإسرائيل تسعى من خلال هذه التجربة أن تكتشف مدى جدية تركيا، ومدى اعتبار الإدارة السورية الجديدة أمرًا لا غنى عنه بالنسبة لأنقرة، ومدى قدرة تركيا على التشدد في مواقفها تجاه إسرائيل.
في لقاء أجريته مع أحد القادة رفيعي المستوى في القوات المسلحة التركية، سألته عن المقارنة العسكرية بين تركيا وإسرائيل، فأجاب بأن هذه مقارنة "مضحكة"، مؤكدًا أن لا فرصة لإسرائيل في مواجهة الجيش التركي.
وأضاف بلهجة حازمة: "قاعدة الاشتباك لدينا واضحة: نرد على أي هجوم يُشنّ علينا بالمثل، بغض النظر عن الدولة التي تقف خلفه. أي هجوم على قواعدنا العسكرية يُعدّ سببًا للحرب".
تصريحات المسؤولين الأتراك كافة تسير في هذا الاتجاه. وإسرائيل تقرأ هذه الرسائل جيدًا. لكن السؤال هو: إلى أي مدى يمكن لتركيا أن ترد على إسرائيل، خاصة، وهي تتلقى دعمًا أميركيًا كاملًا؟ هذا ما تسعى إسرائيل لاختباره.
تركيا، دون شك، سترد على أي تطور ميداني سلبي تواجهه، لكن الرد قد لا يكون بأساليب عسكرية تقليدية. فالأمر يتوقف إلى حد بعيد على أساليب التحرش التي تنتهجها إسرائيل.
لا أحد يتوقع من إسرائيل أن تُقدم على خطوة مباشرة تؤدي إلى صدام، لكن من الواضح أنها لم تعد تخفي رغبتها في إضعاف الإدارة السورية الجديدة، بل إنها مستعدة للقيام بكل ما يلزم لتحقيق ذلك. ولهذا السبب، يُختبر في الميدان من هو الأقوى عزمًا وبأسًا.
إعلان واختبار صراع أميركي-صيني في كشميروعلى بعد آلاف الأميال من سوريا، هناك اختبار آخر للإرادة. لقد ألفنا التوتر القائم منذ سنوات بين الهند وباكستان، خاصة في قضايا مثل كشمير والمياه والمهاجرين وأمن الحدود.
ولكن الأحداث الأخيرة اكتسبت ديناميكية مغايرة ومتصاعدة بشكل غير متوقع. لعل تفاصيل الاشتباكات التي قُتل فيها 25 شخصًا في كشمير لم تعد بحاجة إلى سرد. ما يغير المعادلة هذه المرّة هو التموضع الجديد لكل من الصين والولايات المتحدة في هذا الصراع.
فبينما كثفت الولايات المتحدة من علاقاتها مع الهند، بلغت علاقات الصين مع باكستان ذروتها. وأعلن وزير الدفاع الباكستاني أن روسيا والصين ستشاركان في التحقيق في أحداث كشمير. كما أعلنت الصين، ردًا على تعليق الهند لاتفاقيات المياه، أنها قد تقدم على قطع المياه المتدفقة من أراضيها نحو الهند، في ردٍ على ما اعتبرته موقفًا عدوانيًا تجاه باكستان.
وفي حين تواصل الولايات المتحدة دعواتها الظاهرية لخفض التوتر، فإنها، في الخفاء، لا تتوانى عن تأكيد دعمها الكامل للهند.
هل تصبح هذه الساحة اختبارًا للقوة بين أميركا والصين؟
من الواضح أن الحرب التجارية التي شنتها الولايات المتحدة بهدف كبح نمو الصين وزيادة تأثيرها العالمي، لم تحقق النتائج المرجوة. فكثيرًا ما تراجع ترامب عن تصريحاته النارية.
ومع ذلك، تدرك الولايات المتحدة أنه لا بدّ من اتخاذ خطوة حاسمة قبل الموعد الذي حددته كآخر فرصة لوقف التمدد الصيني. ويبدو أنّ التوتر بين الهند وباكستان يُرى اليوم كفرصة لاختبار القوى في منطقة مجاورة مباشرة للصين.
في مشهد معقد تشارك فيه بنغلاديش وأفغانستان وروسيا، قد ترغب الولايات المتحدة في معرفة موقف الصين في حال اندلاع صراع مسلح: إلى أي مدى يمكن أن تُستنزف، وكم من مواردها يمكن أن تستهلك؟ ومن المؤكد أن واشنطن ترى أن إجراء هذا الاختبار على بعد 13 ألف كيلومتر من أراضيها أمر آمن.
إعلانوكما فعلت في الحروب التجارية، فإن صبر الصين الإستراتيجي الشهير سيتصدر المشهد في هذه الأزمة، وستسعى للخروج منها برباطة جأش محققةً أكبر قدر ممكن من المكاسب.
لكن ما فاجأني هو استعداد الصين، ولأول مرة، لأن تأخذ جانبًا واضحًا في صراع مباشر. ويبدو لي أن نهاية هذه الأزمة ستشهد على الأرجح مزيدًا من التوغل الصيني داخل باكستان، فضلًا عن تعزيز نفوذها في بنغلاديش وأفغانستان والدول المماثلة، من خلال إظهار الخطر الذي يشكله التحالف الهندي- الأميركي.
وأحسب أن الولايات المتحدة تضغط على كل الأزرار في حالة من الهلع من أجل عرقلة الصين واحتوائها وإيقافها. لكن، وكما في الأزمات السابقة، تخرج الصين أقوى في كل مرة، بينما تتراجع الولايات المتحدة خطوة إلى الوراء.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline