عربي21:
2024-11-19@18:32:33 GMT

خرج وقد لا يعود

تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT

قبل نحو شهر، خرج عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني، من قمقم القيادة العامة للجيش في الخرطوم، حيث كان محاصرا من خصومه في قوات الدعم السريع، وطفق يزور كل عاصمة تبدي ترحابا به، وكان آخر محطة زارها هي نيويورك، حيث خاطب الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الحرب الدائرة في السودان منذ أكثر من خمسة أشهر، وشكى وبكى من ظلم ذوي القربى، الذين هم قوات الدعم السريع، التي تولى هو تغذيتها وكسوتها ورعايتها، ثم انقلبت عليه، أي "لّما اشتد ساعِدُها رَمَته"، ويغلب الظن أن البرهان لا يدري أن تلك الجمعية العامة، التي توسل إليها بأن تصِم الدعم السريع بالإرهاب، لا تملك حق إصدار قرارات ملزمة لأي طرف، ولو كانت تملك ذلك الحق لكانت الدولة الفلسطينية المستقلة قائمة منذ نصف قرن.



زار البرهان خلال الأسابيع الأربعة الماضية خمس دول، كما زار ثلاث حاميات عسكرية بعيدة عن مناطق الاشتباك داخل السودان، ولكن لم يعن له، وهو قائد الجيش أن يزور حاميات تتعرض للهجوم والحصار منذ أربعة اشهر في إقليم دارفور، بل لم يسبق له أن زار جنوده على خط النار الملتهب جداً داخل العاصمة السودانية، ولم يعن له أن يواسي قبيلة المساليت في دارفور، والتي تتعرض لعمليات تقتيل منهجية منذ أربعة اشهر على أيدي جنجويد الدعم السريع، وحلفائهم من وسط وغرب إفريقيا، ولكن لم يفت عليه مواساة ضحايا السيول في درنة الليبية والزلزال في المغرب..

اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ليست أكثر من منبر خطابي، ويحرص بعض قادة الدول على المشاركة فيها في غالب الأحوال، للالتقاء برصفائهم لبحث قضايا معينة مهمة، بينما يؤمها قادة بعض الدول التي لا تهش ولا تنش، فقط من باب إثبات الوجود، ولم يحظ البرهان بفرصة لقاء رئيس أي دولة، حتى التقى بالرئيس الأوكراني زيلينسكي في مطار شانون في أيرلندا، وهو في طريق عودته إلى بلاده، وأبدى تعاطفه مع أوكرانيا في حربها مع روسيا.

بخروجه من الخرطوم خرج البرهان من لعبتي الحرب والسلم، فهو لم يعد محاربا ـ دعك من أن يكون قائدا للمحاربين ـ ومن ثم فهو ليس صاحب قرار وقف الحرب والجنوح للسلم، ولن يكون مفاجئا أن نطالع في الوسائط الإعلامية عن قريب، إعلانا من فئة "خرج ولم يعدومن المؤكد أن البرهان شكر زيلينسكي على غارات بطائرات الدرون نفذها ـ على ذمة شبكة سي أن أن ـ جهاز الاستخبارات الاوكراني على مواقع لمرتزقة فاغنر الروس وقوات الدعم السريع في أطراف مدينة أم درمان خلال الأسبوع الأول من أيلول/ سبتمبر الجاري، وربما كان هذا من باب رد الجميل للبرهان، لأن مصادر استخباراتية غربية سبق أن كشفت النقاب قبل نحو ثلاثة أشهر عن بيع السودان لقذائف دبابات لأوكرانيا، بحكم أن معظم الدبابات السودانية أوكرانية أو روسية الصنع، وربما لم يعن للبرهان أن هناك من سيقارن بين حاله وحال زيلينسكي، فالأخير موجود بين قواته، وهي تواجه واحدة من أقوى جيوش العالم عددا وعتادا، ويتفقد بانتظام أحوال المدنيين الذين يتعرضون للقذائف الروسية، بينما هو ـ البرهان ـ خارج أرض المعركة تماما، ولم يتكلم قط خلال لقاءاته التلفزيونية المتكررة عن العودة إلى عاصمة بلاده حيث المعركة الرئيسة، وحيث الخصم ـ الدعم السريع ـ يسيطر على معظم المرافق والطرق والجسور ويحاصر معسكرات الجيش..

بعد فراغه من إلقاء خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة صار البرهان ضيفا على عدد من القنوات التلفزيونية، وقال في كل واحدة منها كلاما يناقض ما قاله في الأخرى بشأن وقف الحرب، فهنا "لن تقف الحرب إلا بعد سحق قوات الدعم السريع تماما"، وهناك "لا مانع من الجلوس مع حميدتي قائد تلك القوات لبحث وقف القتال"، ولا يفوت عليه أن يشيد على نحو خاص بما يسمى بمنبر جدة، الذي ترعى فيه الرياض وواشنطن مباحثات بين الطرفين المتحاربين في السودان، للتوصل إلى وقف دائم للقتال، ثم يكرّ مرة أخرى ويرفع لاءات الخرطوم الجديدة: لا تفاوض ولا سلام ولا استسلام، والتي هي صدى للاءات القديمة، والتي ثبت أنها من العنتريات التي ما قتلت ذبابة.

بخروجه من الخرطوم خرج البرهان من لعبتي الحرب والسلم، فهو لم يعد محاربا ـ دعك من أن يكون قائدا للمحاربين ـ ومن ثم فهو ليس صاحب قرار وقف الحرب والجنوح للسلم، ولن يكون مفاجئا أن نطالع في الوسائط الإعلامية عن قريب، إعلانا من فئة "خرج ولم يعد؛ أوصافه كالتالي: طويل وعريض، أسمر اللون، يرتدي الزي الإفرنجي كاملا أحيانا، وأحيانا أخرى الزي العسكري الموشى بالنياشين والأوسمة، شوهد مؤخرا في القاهرة وجوبا وأسمرا والدوحة ونيويورك، ويشاع أنه يبحث عن مسكن ومقر في ميناء بورتسودان على البحر الأحمر"..

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه عبد الفتاح البرهان السوداني السودان سياسة رأي مصير عبد الفتاح البرهان مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجمعیة العامة الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

بنك السودان المركزي يقرر تجميد حسابات قوات الدعم السريع والشركات التابعة لها

طالب البنك، المصارف بتقديم تقارير يومية تتضمن الأسماء والمستندات الخاصة بالأشخاص المرتبطين بهذه القوات، وذلك عبر بريد إلكتروني محدد لضمان تنفيذ القرار بشكل فعال..

التغيير: الخرطوم

أصدر بنك السودان المركزي قرارًا بتجميد الحسابات الخاصة بقوات الدعم السريع المنحلة والشركات التابعة لها في جميع المصارف السودانية، بالإضافة إلى تجميد حسابات القادة وأفراد قوات الدعم السريع.

وطالب البنك، الاثنين المصارف بتقديم تقارير يومية تتضمن الأسماء والمستندات الخاصة بالأشخاص المرتبطين بهذه القوات، وذلك عبر بريد إلكتروني محدد لضمان تنفيذ القرار بشكل فعال.

يأتي هذا القرار بناء على توجيهات اللجنة الوطنية المعنية بإجراءات الحرب وإنهاءها، في إطار الإجراءات الحكومية لمكافحة الأنشطة المالية المرتبطة بالجماعات المسلحة التي تشارك في النزاع الدائر في البلاد.

وتعرضت المصارف السودانية والبنوك لعمليات نهب كبيرة مع بداية الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في شهر أبريل 2023.

كما انتشرت كميات كبيرة من العملات مجهولة المصدر و غير مطابقة للمواصفات الفنية من فئتي الألف جنيه والخمسمائة جنيه الأمر الذي أدى إلى زيادة مستوى السيولة النقدية بشكل واضح.

وجاء القرار  بعد فترة قصيرة من قرار الحكومة السودانية تغيير العملة، الذي استهدف تقليص قدرة الجماعات المسلحة على استخدام الأموال غير المشروعة من خلال النظام المالي التقليدي.

ووصفت قوات الدعم السريع خطوة بنك السودان المركزي، بطرح عملة نقدية جديدة، بأنه يأتي في سياق مخطط تقسيم السودان وفصل أقاليمه ودعت المواطنين إلى عدم الاستجابة لقرارات الحكومة .

ويشهد السودان منذ 15 أبريل 2023 قتالاً عنيفاً بين الجيش وقوات الدعم السريع، بدأ في الخرطوم، وامتد إلى مناطق واسعة من دارفور وكردفان والجزيرة وسنار، وأدى إلى أزمات إنسانية كارثية.

وحذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية “أوتشا” من مغبة انكماش الاقتصاد السوداني إلى 12% جراء تدمير الحرب للرأس مال البشري في البلاد.

وتوقعت دراسات بحثية ارتفاع مؤشر الفقر في السودان، الذي يعتبر قبل الحرب أحد أفقر دول العالم إلى أكثر من 90% مع تداعيات فقدان مصادر الدخل الشخصي والوظائف وتوقف صرف المرتبات وتحويل الميزانية للحرب. الوسومالدعم السريع بنك السودان المركزي حرب الجيش والدعم السريع

مقالات مشابهة

  • البرهان يشيد بـ«الفيتو» الروسي… ويتمسك بمحاربة «الدعم»
  • البرهان يهدد المؤتمر الوطني المحلول ويحدد شروط وقف الحرب ويرد على قرار بريطانيا في مجلس الامن ويرسل رسائل..للدعم السريع وداعميه والتحالفات مع الدول
  • المبعوث الأميركي يلتقي البرهان في أول زيارة للسودان
  • بنك السودان المركزي يقرر تجميد حسابات قوات الدعم السريع والشركات التابعة لها
  • الدعم السريع يتهم مصر ويهاجم «البرهان» و«كيكل »بشأن انتهاكات «شرق الجزيرة»
  • الدعم السريع يتهم مصر ويهاجم «البرهان »و «كيكل »بشأن انتهاكات «شرق الجزيرة»
  • سلاح إماراتي وضربات مصرية.. تعليق جديد من الدعم السريع في السودان
  • قوات الدعم السريع السودانية تنفي ارتكاب انتهاكات وتلقي دعم إماراتي  
  • أجانب يواجهون أهوال الحرب في معتقلات الدعم السريع بالخرطوم
  • البرهان يزور نازحي شرق الجزيرة بعد تعرضهم لإنتهاكات من الدعم السريع ويصدر توجيهات عاجلة